بين الرفع والتثبيت.. تباين آراء الخبراء حول مصير أسعار الفائدة

فى اجتماع لجنة السياسة النقدية اليوم

بين الرفع والتثبيت.. تباين آراء الخبراء حول مصير أسعار الفائدة
‫محمود الصباغ‬‎

‫محمود الصباغ‬‎

6:45 ص, الخميس, 18 أغسطس 22

تباينت آراء مصرفيين ومحللى بنوك الاستثمار حول قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى بشأن أسعار الفائدة اليوم ما بين الإبقاء على مستوياتها الحالية دون تغيير أو رفعها بمعدل 100 نقطة.

وتجتمع لجنة السياسة النقدية اليوم الخميس لبحث أسعار الفائدة على الجنيه المصرى والإيداع والإقراض.

ويستند الخبراء الذين يرجحون التثبيت إلى أن «المركزى» سيكون لديه نوع من التروى قبل اتخاذ أى قرار من شأنه أن يعمل على تحريك أسعار الفائدة، وذلك لعدم التأثير على الموازنة العامة وتقليل تكلفة الدين العام، لاسيما أن التضخم سيتخذ مسار التراجع بعد 3 أشهر تقريبًا.

بينما يرى الاتجاه الآخر أن «المركزى» سيرفع أسعار الفائدة لزيادة الاستثمار على العملة المحلية مقارنة بالدولار، والحفاظ على العملة الأجنبية وتحجيم مستويات التضخم التى شهدتها السوق فى الفترة الأخيرة.

وقررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزى المصـرى فى اجتماعها خلال يونيو 2022 الإبقاء على سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى عند مستوى %11.25، %12.25 و%11.75 على الترتيب، كما تم الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوى %11.75.

فيما قررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزى المصرى فى اجتماعها بمايو الماضى رفع سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى %11.25، %12.25 و%11.75 على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى %11.75.

وأعلن البنك المركزى المصرى ارتفاع المعدل السنوى للتضخم الأساسى إلى مستوى %15.6 فى يوليو الماضى، مقارنة مع %14.6 فى الشهر السابق له.

وسجل معدل التضخم السنوى فى المدن ارتفاعا إلى %13.6 خلال شهر يوليو من %13.2 فى يونيو، وذلك بسبب زيادة أسعار البنزين والسولار خلال الشهر الماضى، كما ارتفعت بعض السلع والخدمات، غير أن استقرار أسعار بعض السلع والخضراوات والدواجن خفف من معدل صعود التضخم.

وبحسب بيان الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ الرقم القياسى العام لأسعار المستهلكين لإجمالى الجمهورية 131 نقطة لشهر يوليو، مسجلًا بذلك ارتفاعًا قدره %0.9 عن شهر يونيو، وأرجع أسباب هذه الزيادة إلى ارتفاع أسعار مجموعة خدمات النقل بنسبة %6.4، كما ارتفعت أسعار السلع الأساسية حيث زادت مجموعة الحبوب والخبز بنسبة %1، مجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة %5.2، مجموعة الفاكهة بنسبة %7.5، وكذلك مجموعة الدخان بنسبة %3.3.

توقع محمد الإتربى، رئيس بنك مصر ورئيس اتحاد بنوك مصر، لـ«المال» أن تبقى لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماعها اليوم.

وترى رضوى السويفى، رئيس قسم البحوث بشركة الأهلى فاروس لتداول الأوراق المالية، أن لجنة السياسة النقدية ستتجه إلى تثبيت العائد على الجنيه فى اجتماع اليوم.

واستندت السويفى فى رأيها إلى أن التضخم سيسجل أعلى قراءة له فى شهر أغسطس وبعدها سيبدأ مرحلة الاستقرار لمدة شهرين، ثم يعقبها تراجع فى مستوياته مخدومًا بسنة الأساس، مشيرة إلى ان أسعار السلع العالمية تشهد فى الوقت الراهن هدوءًا نسبيًا ما يحسن النظرة المستقبلية للتضخم فى العالم وأيضًا داخل السوق المحلية.

وأضافت أن رفع أسعار الفائدة حاليًا لا ينتج عنه جذب لاستثمارات أجنبية فى محافظ الاستثمار، لاسيما أنه سيؤثر سلبًا على عجز الموازنة وتكاليف الإنتاج وعجلة النمو بصورة عامة.

وتابعت قائلة: «لتلك الأسباب ستتروى لجنة السياسة النقدية فى اجتماعها المقبل من خلال تثبيت أسعار الفائدة».

وفى يوليو الماضى رفع بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، للمرة الثانية على التوالى.

وفى مؤتمر صحفى، أقر رئيس مجلس الاحتياطى الفيدرالى، جيروم باول، بأن قطاعات من الاقتصاد تتباطأ. لكنه قال إن من المرجح أن يواصل البنك رفع أسعار الفائدة فى الأشهر المقبلة على الرغم من المخاطر، مشيرا إلى أن التضخم الذى وصل إلى أعلى مستوى فى 40 عاما.

ويتوقع محمد البيه، الخبير المصرى، أن تقوم اللجنة خلال الاجتماع بتثبيت أسعار الفائدة للايداع والإقراض عند %11.25 و%12.25 على الترتيب.

ويأتى هذا التوقع على خلفية احتواء الضغوط التضخمية إلى الآن، حيث انعكس التغيير فى أسعار الخضراوات والفاكهة إيجابيا على مستويات التضخم العام خلال يوليو، كما أن تغيرات معدل التضخم فى المدن ظلت حول متوسط %13 فى الشهور الثلاثة الأخيرة، بينما ارتفعت العوائد على أذون الخزانة إلى مستوى %16 وهو ما يتيح للبنك المركزى مساحة لتأجيل قرار زيادة معدلات الفائدة لمتابعة منحنى التضخم وآثار التغيرات الاقتصادية العالمية على الاقتصاد المصرى.

وفى هذا السياق أيضا، فقد بدأت أسعار البترول فى الانخفاض جزئيا استجابة لمخاوف الطلب، فضلا عن أسعار المواد الغذائية العالمية، كما ورد فى مؤشر أسعار الغذاء لمنظمة الفاو وذلك بعد الاتفاق على إلغاء الحظر على الموانئ الأوكرانية من أجل تصدير القمح الأوكرانى.

وأشار البيه إلى أن رفع أسعار الفائدة من شأنه أن يضع ضغطا تصاعديًا إضافيا على مدفوعات فوائد الديون بالموازنة العامة للدولة، وسيؤدى إلى الضغط على سوق رأس المال مما قد يعيق تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية ووثيقة سياسة ملكية الدولة.

وفيما يتعلق بزيادة معدل الفوائد من قبل الاحتياطى الفيدرالى خلال اجتماعه الأخير بنسبة %0.75 ليصل إلى نطاق 2.25 إلى %2.50 لمواجهة معدلات التضخم المرتفعة والتى وصلت إلى أعلى مستوياتها فى أكثر من 40 عاما عند %9.1 فى يونيو مقابل %8.8 فى مايو الماضى.

قال البيه إن تلك الزيادة مرتبطة بالتزام الفيدرالى الأمريكى بخفض معدلات التضخم فى الولايات المتحدة الى نطاق %2، وبالتالى، فليس من المتوقع أن تتحول شهية المستثمرين الأجانب فى الوقت الحالى للاستثمار فى الأسواق الناشئة – ومن بينها مصر – حتى فى حالة زيادة أسعار الفائدة بها.

وفى إطار سعى البنك المركزى المصرى الى الحفاظ على معدلات النمو الاقتصادى وخفض معدلات البطالة خاصة وسط الضغوط الاقتصادية العالمية، يتوقع البيه أن يتم الإبقاء على سعر الفائدة الحالى عند معدلاته حيث أن رفع أسعار الفائدة قد يؤدى إلى تباطؤ النمو ويؤثر على معدلات البطالة.

ويرى أن رفع أسعار الفائدة لمرتين متتاليتين قد ساهم فى خفض وتيرة التضخم وفقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.

وفى هذا الإطار، رجح أن تبقى أسعار الفائدة الحالية دون تغيير مع مراقبة تحركات أسواق المال العالمية، إلى جانب متابعة انتهاء مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولى للحصول على تمويل إضافى، بجانب متابعة تدفق الاستثمارات الخليجية التى أعلن عنها خلال الفترة الماضية، وهى العوامل الرئيسية التى تؤثر على أسعار العملات الأجنبية وتدفقها.

وقالت منى بدير، الخبيرة الاقتصادية، إن المركزى سيرفع الفائدة على الإيداع والإقراض بمقدار 100 نقطة فى اجتماع اليوم، مشيرة إلى أن ذلك مبنى على أن مستويات التضخم مازالت فى مستويات مرتفعة، لاسيما أن يترقب ارتفاعه التضخم المقرون بأسعار المحروقات الذى سيؤثر على خدمات كثيرة أبرزها المتعلقة بالنقل، وزيادة الأسعار النهائية للمستهلكين.

وأشارت إلى أن الجانب الثانى الذى سيدفع المركزى إلى رفع الفائدة هو الضغوط الخارجية مع استمرار الفيدرالى برفع أسعار الفائدة ما يدفع المركزى المصرى إلى مواكبة تلك الزيادة ورفع أسعار الفائدة على الجنيه المصرى وعلى الأصول المقومة بالعملة المحلية لتقيل القيود الهيكلية على سعر الصرف، ما يحجم من السياسيات الخارجية المرتبطة بالتشديد النقدى.

ويتوقع الدكتور هانى جنينة، الخبير الاقتصادى، أن تتجه لجنة السياسة النقدية إلى رفع أسعار الفائدة %1 فى اجتماع اليوم الخميس.

وأوضح جنينة أن ذلك يعود إلى 3 أسباب أولها مستويات التضخم المرتفعة التى تشهدها الأسواق المحلية والعالمية، لاسيما أن الدولة تسعى للحفاظ على سعر الدولار فى السوق ودفع المستثمرين إلى الاستثمار فى الجنيه.

وعقب الارتفاعات الأربعة الأخيرة التى أقرها مجلس الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى على سعر الفائدة على الدولار، زادت مستويات العملة الأمريكية أمام العملات الرئيسية بنسبة تزيد على %12 خلال العام الجارى، حيث شهد الجنيه خلال العام الجارى حالة من التراجع.

وأشار إلى أن البنوك ستتجه لرفع هامش الفائدة إما من خلال طرح شهادات جديدة أو رفع هامش الفائدة على الشهادات متغيرة العائد.

ورفع المركزى أسعار الفائدة %1 يوم 21 مارس الماضى خلال اجتماع استثنائى، وذلك تزامنا مع طرح شهادة ادخار مرتفعة العائد بنسبة %18 ببنكى الأهلى المصرى ومصر، والتى تم إيقافها مؤخرا بعد تحقيق الحصيلة المستهدفة منها ببيع شهادات بقيمة 750 مليار جنيه.

وأكد جنينة أن «المركزى» عليه أن يركز على التضخم الأساسى لأن المعدلات الأخرى ستشهد تشوهات خلال الفترة المقبلة بسبب أسعار الخضروات ودرجة الحرارة وأسعار البنزين.

وأشار إلى أن توجه الفيدرالى الأمريكى إلى رفع الفائدة فى اجتماعاته المقبلة قد يكون سببا فى اتجاه المركزى المصرى إلى رفع أسعار العائد فى اجتماعه المقبل.

وأوضح أن أسعار الفائدة تزيد كلما ارتفعت تكلفة الدين، إلا أن مصر لديها من الموارد الأجنبية ما يعادل الزيادة فى تكلفة الإقراض، مشيرًا إلى أن مصر ركزت فى الفترة الأخيرة على أذون الخزانة مقارنة بالسندات.

وكشف البنك المركزى المصرى فى أحدث نشرة شهرية صادرة اليوم عن ارتفاع أرصدة استثمارات العملاء الأجانب بأذون الخزانة لتسجل 157.057 مليار جنيه بنهاية يونيو 2022، مقابل 150.537 مليار بنهاية مايو الماضى.

وبصفة عامة سجلت الأرصدة القائمة للاستثمارات بأذون الخزانة نحو 1.518 تريليون جنيه بنهاية النصف الأول من 2022، مقابل 1.374 تريليون بنهاية مايو الماضى.

وسجلت استثمارات بنوك القطاع العام بأذون الخزانة نحو 340.102 مليار جنيه بنهاية يونيو 2022، مقابل 296.312 مليار بنهاية مايو الماضى.

وأظهرت التعاملات فى سوق الدين خلال مزادات الأسبوع الماضى تقدم المتعاملين الرئيسيين للاكتتاب فى أذون أجل 91 يومًا بطلبات بلغت قيمتها 42.373 مليار جنيه، بينما قبلت «المالية» 31.610 مليار جنيه بمتوسط فائدة %16.026 مقابل متوسط فائدة %15.861 فى مزادات الأسبوع قبل الماضى.

وارتفع الدين الخارجى لمصر إلى 157.801 مليار دولار بنهاية الربع الثالث من العام المالى 2021/2022 مقابل 145.529 مليار دولار بنهاية الربع الثانى من نفس العام المالى وفقا لبيانات البنك المركزى المصرى المنشورة على موقعه الإلكترونى.

وكشف البنك المركزى المصرى أن أعباء خدمة الدين الخارجى فى الفترة من يوليو إلى مارس من السنة المالية 2021 /2022 بلغ نحو 20 مليار دولار.

وأظهرت بيانات البنك المركزى المنشورة على موقعه الإلكترونى أن الأقساط المسددة بلغت نحو 16.6 مليار دولار والفوائد المدفوعة 3.4 مليار دولار.

وسجلت نسبة رصيد الدين الخارجى إلى الناتج المحلى الإجمالى نحو %34.6 بنهاية مارس وهى فى الحدود الآمنة وفقا للمعايير الدولية.

وبلغ رصيد الدين الخارجى نحو 157.8 مليار دولار بنهاية مارس 2022 بارتفاع بنحو 19.9 مليار دولار بمعدل %14.5 مقارنة بيونيو 2021.