نقطة نظام
منذ اكتشاف الأرض الأميركية عشية القرن 16، والولايات المتحدة تدهش العالم، أكثر عجائبية.. القدرة على تلافى مخاطر الانقسام التى يمكن أن تترتب على تعدد مكونات نسيجها المجتمعى، إلى حد التناقض أحياناً، ولترتقى مع ذلك إلى مصاف أقوى دول العالم المؤثرة (غير المتأثرة) بنكهتها الأميركية الخاصة Bowel of salade، ليس آخرها تفوق الشعب الأميركى على نفسه فى العقد الأخير.. حين اختار فى 2008 أول رئيس للبلاد «باراك أوباما» من أصول أفريقية، متجاوزاً بذلك حقبة طويلة مريرة من التفرقة العنصرية بين «الواسب» وما إليهم من الجنس الأبيض وبين «الزنوجة»، لا تزال توابعها لم تنمحٍ بعد حتى الآن.
ولتثنى أميركا على هذه الوثبة السياسية الإنسانية عشية العقد التالى- نوفمبر 2020 – باختيار أول سيدة «كاميلا هاريس» نائباً للرئيس فى التاريخ السياسى الأميركى، من خلفية عرقية أقلّوية، لوالديها من أصول هندية وجامايكية، وإلى زوج يهودى، ليس من المستبعد حال غياب الرئيس «بايدن» لسبب أو آخر.
أن تصبح رئيساً للولايات المتحدة، من حقها آنئذ ترشيح من يخلفها لمنصب نائب الرئيس، بعد تصديق غرفتى الكونجرس، اللتين تتنازعهما كل من الحزب الديمقراطى (النواب) والحزب الجمهورى (الشيوخ)، ما سوف يؤثر على نهج الرئيس الجديد «بايدن» إزاء اتخاذه مبادرات كبرى على صعيد السياستين الداخلية والخارجية، إذ قد تعرقل على سبيل المثال.. مفاوضات الأسلحة النووية مع روسيا والصين، كذلك حول التغييرات المناخية، والمسألة النووية الإيرانية.. إلخ، وبذلك تتكرر المواجهة السابقة بين «أوباما» ومجلس الشيوخ الذى عاق كل مبادرة مهمة طرحها الرئيس عامى 14 – 2016.
الأمر الذى يحتاج من «بايدن» ونائبته «كاميلا» إلى أقصى درجات المرونة السياسية لمواجهة غضب جناح «ترامب» داخل الحزب الجمهورى، ما يهدد لمرة ثانية النتائج الإيجابية لتجربة ديمقراطية أميركية فريدة ذات أبعاد متعددة، تتابعها دول العالم الثالث على وجه التحديد.. بشيء كبير من الجدية، والتطلع إلى محاكاتها فى بعض جوانبها، خاصة بالنسبة لتطبيقاتها فى مجال حقوق الإنسان.. والأقليات، من ضمنها المرأة، التى تمثلها فى الحالة الأميركية.
الدور الذى سوف تباشره- لأول مرة- نائبة الرئيس «كاميلا هاريس»، سيدة القانون القديرة التى نشأت وتدرجت مهنياً وسياسياً وسط أجواء دولية الطابع.. أهلتها كمواطنة عالمية بامتياز.. لتكون صورة أكثر واقعية للمرشحة العتيدة المثيرة للجدل، ذلك بوصفها أحد الوجوه السياسية فى المشهد السياسى الأميركى- بأقله خلال النصف الأول من العقد الحالى إن لم يكن لنهايته، ما قد يقلب الموازين فى عاصمة القرار العالمى من حيث حقوق الإنسان- والأقليات- فى الشرق الأوسط بصفة خاصة، وعلى الدول المتحدة الأميركية الأفريقية اللاتينية على وجه العموم، ذلك- بحسب المراقبين- من خلال تكوين نسائج اجتماعية جديدة، ومسارات مبتكرة قادمة، من المرجح أن يتوقف نجاح مبادراتها من عدمه على مدى تفاعل نجاح قدرات «Mellting Poet» بوتقة الانصهار الأميركية- نموذجًا.