قال مصرفيون إن تعليمات البنك المركزى بشأن التمويل المستدام تأتى فى إطار دعم إستراتيجية ورؤية الدولة والاهتمام الكبير الذى توليه بملف التغيرات المناخية، كما يعكس دور القطاع المصرفى فى تعزيز التمويل الأخضر والتنمية المستدامة.
وفى رصد أعدته «المال» كشف أن عددًا من البنوك تمتلك بالفعل وحدات أو إدارات مستقلة معنية بمسألة الاستدامة، فيما يمضى البعض الآخر قُدمًا فى تأسيس إدارات ووحدات للقيام بهذه المهمة.
وأصدر البنك المركزى، مؤخرًا، تعليمات مُلزمة بشأن التمويل المُستدام، والتى تعد إحدى الخطوات الفعالة لتعزيز دور القطاع المصرفى فى تحقيق رؤية الدولة والدفع بعجلة التحول نحو الاقتصاد الأخضر ومواجهة المخاطر البيئية والاجتماعية.
وتتضمن التعليمات عدة محاور رئيسية منها: إنشاء إدارة مستقلة للاستدامة والتمويل المُستدام بكل بنك، فضلًا عن إلزامها بإدراج سياسات وإجراءات تنفيذية خاصة بالتمويل المُستدام، ضمن السياسات الائتمانية والاستثمارية للبنك، إضافة إلى الاستعانة باستشارى بيئى لتقييم مشاريع الشركات الكبرى المُزمع تمويلها من المنظور البيئى، وأخيرًا إعداد تقارير دورية فى هذا الشأن.
بنوك جاهزة للتطبيق.. وأخرى قيد التجهيز
وأظهر مسح أجرته «المال» أن هناك عدة بنوك لديها وحدات أو لجان خاصة بالاستدامة والتمويل المستدام، وفيما يلى بيان ذلك.
المصرف المتحد
قال أشرف القاضى، رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد، فى تصريحات خاصة لـ«المال» إن البنك لديه إدارة خاصة بالاستدامة، مضيفًا أنه يستعين بمستشار بيئى بالفعل.
وأعلن المصرف المتحد مضيه قدمًا نحو مزيد من التطبيقات الاستراتيجية المساندة لرؤية الدولة المصرية 2030 فى طريق التحول للممارسات الخضراء الصديقة للبيئة على جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والصحية والتنموية، التى تخدم المجتمع المصرى بشكل خاص والدولى بشكل عام، فى إطار التوصيات العالمية للتقليل من الآثار السلبية للانبعاثات الكربونية الضارة بالكوكب الأرضى والمخلوقات.
البصمة الكربونية والاقتصاد الأخضر
وأعلن المصرف المتحد فى أكتوبر الماضى عن إصدار أول تقرير لقياس البصمة الكربونية بـ3 مراكز رئيسية، تماشيًا مع توجهات الدولة والبنك المركزى نحو التحول لتطبيقات الاقتصاد الأخضر والحد من الآثار السلبية للتغيرات المناخية.
وتضمن تقرير البصمة الكربونية عملية قياس دقيق لممارسات المصرف المتحد على مرحلتين:
البعد الأول: وهى الانبعاثات المباشرة، الناتجة عن حرق الوقود، تسرب غاز التبريد.
البعد الثاني: وهى الانبعاثات غير المباشرة، الناتجة عن شراء الطاقة، وسلاسل التوريد، واستهلاك المياه، إدارة النفايات.
مبادرة إحلال السيارات للعمل بالغاز الطبيعى 2021
وأطلق المصرف المتحد منتج تمويل تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعى على هامش المعرض الأول لتكنولوجيا تحويل وإحلال المركبات للعمل بالطاقة النظيفة «Go Green» تحت رعاية الرئيس السيسى وبتنسيق من وزارة التجارة والصناعة والبنك المركزى وعدد من الوزارات المعنية.
وقال أشرف القاضى، إن المصرف المتحدة يتخذ العديد من الإجراءات المتعلقة بتعزيز الاستدامة، ولكنه أكد أن بنكه لم يعتمد إصدار تقارير بشكل دورى حتى الآن.
بنك التنمية الصناعية
فيما قال طارق جلال، رئيس قطاع المشروعات الصغيرة والتمويل فى بنك التنمية الصناعية، إن البنك لديه لجنتان تعملان على تعزيز الاستدامة، والدفع بالتحول الأخضر قدمًا.
وأضاف فى تصريحات خاصة لـ«المال»، أن بنك التنمية الصناعية انتهى من تدريب وإعداد الكوادر البشرية لتكون مستعدة لتعزيز مسارات التنمية المستدامة التى يسعى إلى تعزيزها، والدفع بها قُدمًا، موضحًا أن هناك توجها عاما نحو التمويل المستدام والتمويل الأخضر، والتحول صوب الاقتصاد الأخضر، الصديق للبيئة.
وأكد «جلال» أن البنك يموّل مشاريع التدوير، كما يقدم تمويلات وقروضا للمشروعات الصناعية الكبرى كى تكون متوافقة مع البيئة، مشيرًا إلى أن البنك لديه برامج خاصة لتمويل وحدات الطاقة الشمسية.
وعلى صعيد المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أفاد بأن بنك التنمية الصناعية يقدم آليات التمويل اللازمة لهذا القطاع كى يتمكن من التحول إلى مشروعات مسئولة بيئيًا، فضلًا عن كون هذا التحول يخفض التكاليف للمشروعات الصغيرة والشركات الناشئة.
وأوضح «جلال»، أن البنك يقدم تمويلات من أجل تدوير المخلفات، وتمويل اللمبات الليد، مؤكدًا أن البنك يشارك فى مبادرة إحلال السيارات.
وذكر أن بنك التنمية الصناعية أصدر تقرير البصمة الكربونية فى شهر أكتوبر الماضى، مؤكدًا أنه سيصدر تقارير متعلقة بالاستدامة، ولكن إصدار التقارير الدورية قد يكون بداية من العام القادم.
بنك مصر
ويأتى اهتمام بنك مصر بالمشاركة فى هذه الندوة فى إطار حرصه الدائم على توفير الخدمات المالية لكل فئات المجتمع، ودعم وتمكين المرأة فى إطار استراتيجية البنك، حيث يوجد لدى البنك مجموعة محددة من الأولويات بهدف تحقيق منظومة اقتصادية تتسم بالشمولية فى كل قطاعاتها، كما يولى اهتماما كبيرا بتيسير إمكانية الحصول على الخدمات المالية وغير المالية، ودعم رواد الأعمال والمشروعات الناشئة، فضلًا عن تمكين المرأة.
ووضع بنك مصر تحقيق التنمية المستدامة نصب عينه، لتعزيز دور المؤسسات المصرفية فى تحقيق نمو متوازن بأبعاده الاقتصادية والبيئية والمجتمعية، وذلك لتفعيل أهداف التنمية المستدامة وتحقيق رؤية مصر 2030.
البنك الأهلى المصرى
وأصدر البنك الأهلى المصرى لأول مرة بالقطاع المصرفى المصرى 3 تقارير تفصيلية تدعم التمويل المستدام، واستنادًا إلى الاستدامة بمحاورها الأساسية البيئية والاقتصادية والمجتمعية التى تتماشى مع الأهداف العالمية للتنمية المستدامة، وهى GRI sustainability report، تقرير البصمة البيئية وتقرير الاثر المجتمعى.
وصرح هشام عكاشة، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى المصرى بأن البنك أصدر تقرير الاستدامة الثانى «Global Reporting Initiative GRI» الذى يستند إلى المعايير العالمية الجديدة التى ستكون ملزمة لكل المؤسسات ابتداءً من يناير 2023.
وأضاف أن هذا التقرير يعكس أهمية قياس الأداء المصرفى من خلال تناوله أهم إنجازات البنك ومبادراته واستنادًا لاستراتيجية البنك فى هذا المجال، متضمنًا عدة محاور أساسية تسعى إلى تفعيل الاقتصاد الأخضر منخفض الكربون والنمو الشامل والتحول الرقمى والاقتصاد الشامل لضم كل فئات المجتمع وفقًا والمعايير العالمية.
وأعلن وصول عدد عملاء البنك الأهلى المصرى إلى ما يزيد على 18 مليون عميل، فى ضوء أن النمو الشامل لا يتحقق فقط على الصعيد المالى وإنما يمتد ليشمل ابتكار خدمات مصرفية متطورة وتمكين العنصر البشرى وتفعيل أكثر للحوكمة وفقًا ومعايير محددة، كما وصل إجمالى التسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنك لدعم التمويل الأخضر والمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر إلى أكثر من 1.66 مليار دولار.
من جانبه، أشار يحيى أبو الفتوح، نائب رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى المصرى، إلى إصدار البنك تقرير البصمة البيئية الأول بعنوان «نحو تحول إلى اقتصاد منخفض الكربون» عن الفترة من يوليو 2020 وحتى ديسمبر 2021 والذى يعد الأوسع نطاقًا بالقطاع المصرفى.
ويتضمن التقرير، حسب «أبو الفتوح»، 5 محاور أساسية وهي: قياس البصمة الكربونية والبصمة المائية والبصمة البلاستيكية وبصمة النفايات وبصمة الأرض، مع وضع مستهدفات واضحة للانبعاثات الكربونية داخل كل مقار البنك وفروعه بمختلف انحاء الجمهورية، واستنادًا إلى 3 محاور رئيسية تهدف إلى تسريع الانتقال الى الاقتصاد الاخضر ودعم الأنشطة منخفضة الكربون والتمويل الأخضر.
وكان للبنك الأهلى المصرى، حسب تقرير الصادر عنه، السبق منذ أكثر من 20 عامًا عبر برنامج مكافحة التلوث فى مصر للحد من التلوث الناجم عن قطاعات النقل وإدارة النفايات الصلبة شديدة التلوث، إضافة الى قيام البنك بالتسويق لـ4 برامج منهم برنامج مكافحة التلوث الصناعى EPAP بمراحله الثلاث، برنامج الالتزام البيئيECO، برنامج تمويل الاقتصاد الأخضر EBRD GEFF، الصندوق الأخضر للتنمية GGF.
يأتى ذلك فى إطار الخطوات الجادة من البنك الأهلى المصرى لدمج معايير الاستدامة فى منظومة المخاطر وكل الإجراءات التشغيلية وسياسات التمويل فى مختلف القطاعات، وكخطوة رئيسية فى تفعيل خارطة التمويل المستدام للبنك، وتزامنًا مع استقبال مصر لمؤتمر قمة المناخCOP 27 فى مدينة شرم الشيخ نوفمبر الحالى.
بنك فيصل الإسلامى
وأعلن مصدر مسئول فى بنك فيصل، فى تصريح لـ«المال» أن المصرف فى طور الاستعداد لإنشاء وتأسيس إدارة أو وحدة مستقلة خاصة بالاستدامة.
وأوضح المصدر أن البنك المركزى المصرى أمهل المصارف مدة معينة؛ حتى تنتهى تمامًا من تأسيس هذه الوحدات، والمضى قُدمًا على طريق تعزيز الاستدامة.
ويحرص بنك فيصل فى إطار استراتيجيته على دمج عناصر التنمية المستدامة فى تقييم جدارة المشروعات الاستثمارية مع تعزيز الممارسات الصديقة للبيئة؛ عبر خفض المعاملات الورقية ومعدلات استهلاك الطاقة والمياه ومنح تمويلات لمشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة وتبطين الترع والاشتراك فى مبادرة احلال المركبات للعمل بالوقود المزدوج.
وكان بنك فيصل الإسلامى من أوائل البنوك التى أصدرت تقريرا لقياس البصمة الكربونية لمركزه الرئيسى وفرعى القاهرة والجيزة، تمهيداً للتوسع فى قياسها بجميع فروع البنك، ورغم أن النتائج أثبتت انخفاض الانبعاثات الناتجة عن مصرفنا مقارنة بالمتوسط المحلى والعالمى، فقد تبنى خطة عمل للمساهمة فى خفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن الممارسات التشغيلية، أهمها الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة وإعادة تدوير النفايات الناتجة عن عمليات البنك والصيانة الدورية لخفض الانبعاثات الناتجة عن تسرب غاز التبريد.
بنك القاهرة
وأصدر بنك القاهرة 4 تقارير متخصصة فى مجال التمويل المستدام، دعمًا لجهوده فى هذا المجال، وتشمل «تقرير الاستدامة وفقاً للمعايير الدولية لإعداد تقارير الاستدامة »، Global Reporting Initiative (GRI)، إلى جانب إصدار تقرير البصمة الكربونية الأول Carbon Footprint Report، والـ UN Global Compact.
كما انضم البنك لمبادرة UNEP FI، وإعداد تقرير الـ PRB فى إطار جهوده المتواصلة نحو تحقيق أهداف الاستدامة، وبما يتوافق مع خطط وتوجهات الدولة ورؤية مصر 2030.
يأتى الهدف من إصدار التقارير استعراض جهود البنك فى مجال الاستدامة ودعم الأثر الإقتصادى والاجتماعى والبيئى له ومساهمته فى خدمة المجتمع، ودمج معايير الإستدامة ضمن أعماله الأساسية، بما يسهم فى تعظيم القيم المجتمعية والبيئية، ويتوافق مع مبادئ التمويل المستدام التى أصدرها البنك المركزى.