أشادت بنوك استثمار محلية بمحاولات الحكومة المصرية لخفض تكلفة القطاع الصناعى خلال الفترة الحالية، ورغم إيجابية القرارات رأوا أنها لن تُدعم الصناعة بشكل كامل لوجود حدث غير اعتيادى وهو انتشار فيروس كورونا الذى يفرض سيطرتهُ بشكل أكبر على العالم كله .
لفتوا إلى أن التأثيرات السلبية الواقعة جراء «كورونا» متوقع أن تلتهم التحركات الإيجابية للحكومة المصرية، فى ظل تأزم تحركات التصدير وركود الأوضاع والتوقعات بتراجع معدلات نمو الاقتصاد العالمى .
كان مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أعلن الأربعاء الماضي، عن حزمة قرارات مهمة لدعم قطاع الصناعة، والتعامل مع التداعيات الاقتصادية لفيروس «كوروناالمستجد»، وتضمنت خفض سعرالغازالطبيعى للصناعة عند 4.5 دولارلكل مليون وحدة حرارية، كما تقررخفض أسعارالكهرباء للصناعة للجهدالفائق والعالى والمتوسط بقيمة 10 قروش، مع الإعلان عن تثبيت وعدم زيادة أسعارالكهرباء لباقى الاستخدامات الصناعية لمدة من 3 إلى 5 أعوام مقبلة.
مصر للألومنيوم: نتحمل 5.300 مليار جنيه تكاليف كهرباء فقط سنوياً
قال مصدر مسئول فى شركة «مصر للألومنيوم»، إن تكلفة فاتورة الكهرباء التى تتحملها شركته تبلغ 5.300 مليار جنيه سنويًا، بما يمثل %40 من التكاليف الإجمالية للشركة .
أضاف، أن تخفيض الكهرباء بمعدل 10 قروش يوفر للشركة 500 مليون جنيه فقط من تكلفة الكهرباء الإجمالية، وأن شركتهُ كانت تأمل أن يتم تطبيق القرار بأثر رجعى على الأقل منذ بدايةً العام المالى الحالى للمساهمة فى خفض الخسائر التى تتحملها الشركة التى بلغت 595.7 مليون جنيه النصف الأول فقط من العام المالى الحالى (2019-2020) مقابل أرباح بقيمة 758.3 مليون جنيه بالفترة المناظرة من العام المالى السابق لهُ .
عزت الشركة حينها تحولها للخسائر إلى ارتفاع تكلفة الطاقة الكهربائية ومستلزمات الإنتاج الأخرى، وانخفاض السعر الأساسى للمعدن ببورصة المعادن العالمية بلندن.
لفت المصدر إلى أنهُ رغم إيجابية القرار إلا أنهُ لن يدعم «مصر للألومنيوم» بالشكل الكافى، لثقل التأثيرات السلبية الأخرى والخاصة بانخفاض أسعار البيع، كونهُ يُحدد طبقًا للسعر العالمى ببورصة «لندن» .
أوضح أن شركتهُ تواجه مشكلات أكبر تتعلق بمواجهة الجانب التصديري، مشيرًا إلى إنها كانت تصدر %80 من إنتاجها لعدد كبير من دول العالم .
أشار إلى أن الشحنات التصديرية لمنتجات شركتهُ شبه توقفت خلال الفترات الحالية بسبب «كورونا»، كما تكدست وتوقفت البواخر بموانئ أوروبا وغيرها من بلدان التصدير.
لفت المصدر إلى أن شركتهُ تخصص %20 فقط من إنتاجها للسوق المحلية، ومع ذلك لم تستوعب السوق النسبة حتى من قبل ظهور أزمة «كورونا»، موضحًا أن المؤسسة حاولت دعم المبيعات محليًا من خلال تقديم تسهيلات ائتمانية للعملاء وخفض الأسعار لكن دون جدوى .
تابع: «الوضع بات أصعب على الصعيد المحلى بظهور «كورونا» غير الاعتيادي، موضحًا أن شركتهُ ربما تضطر جراء تلك الأحداث لخفض طاقتها الإنتاجية بشكل تدريجى» .
شعاع : يقلل الخسائر لكنه لن يساعد الشركات على الربحية
قال عمرو الألفى، رئيس قسم الأبحاث بشركة «شعاع مصر»، إن قرار خفض التكاليف إيجابى للشركات الصناعية دون شك، لكن ليس بالضرورة سيحول الشركات للربحية .
أوضح أن خفض سعر الغاز بالنسبة لشركة حديد عز يقلل التكاليف التى تتحملها بقيمة 600 مليون جنيه بعد الضرائب، فيما يقلل قرار خفض الكهرباء تكاليف «مصر للألومنيوم» 400 مليون جنيه بعد الضرائب .
يُذكر أن البنك المركزى قرر مؤخرًا وبشكل مفاجئ خفض أسعارالفائدة %3 دفعة واحدة لتصل إلى مستوى %9.25 للإيداع، و %10.25 للإقراض.
لفت الألفى إلى أن محاولة الشركات زيادة إيراداتها من الأمور المهمة، لافتًا إلى أن قرارات خفض الغاز لن تُدعم شركات الأسمنت فى ظل اعتمادها بشكل كبير على الفحم .
فاروس: تراجع «حديد عز» يحرمه الاستفادة من خفض التكاليف.. وعوائد محدودة للأسمنت
قال مارك أديب، المحلل المالى ببنك الاستثمار «فاروس»، إن قرار الخفض محاولة من الحكومة لتخفيف الضغط على الشركات .
أضاف أن قرارات الحكومة تدعم أداء الشركات الصناعية المدرجة بالبورصة المصرية من خلال تقليص التكاليف ولو قليلاً، لكنها لن تتمكن من إيقاف الخسائر.
أشار إلى أن أبرز الشركات المقيدة التى تستفيد من قرار خفض الغاز هى «حديد عز»، و»عزالدخيلة»، و»العز للسيراميك والبورسيلين- الجوهرة»، و«ليسيكو مصر»، فيما يؤثر قرار خفض أسعار الكهرباء إيجابا على شركة مصر للألومنيوم.
على صعيد شركة «حديد عز» قال أديب، إن تخفيض سعر الغاز 2.5 دولار للمليون وحدة حرارية فى أكتوبر الماضي، والخفض الأخير عند 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية يترتب عليهما تقليل تكاليف الشركة 2.1 مليار جنيه .
أوضح أن خفض الكهرباء بمعدل 10 قروش للصناعات فائقة الجهد، يوفر للشركة 450 مليون جنيه، ويساعد تراجع معدلات الفائدة %3 على خفض التكاليف التمويلية التى تتحملها الشركة بقيمة 720 مليون جنيه .
أشار إلى أنهُ رغم إيجابية القرار إلا أن «حديد عز» تستمر فى تسجيل خسائر، واستفادتها محدودة من تلك القرارات الداعمة، بسبب تراجع أسعار البيع للشركة بشكل كبير فى الفترة الماضية.
أوضح أن تراجع أسعار البيع يقلل الإيرادات 6.6 مليار جنيه للعام المالى الحالي، موضحًا أن سعر بيع الطن تراجع من 11890 جنيهًا خلال الربع الرابع من العام الماضي، ليصل إلى 10214 جنيهًا بالفترة الراهنة .
أما على صعيد «مصر للألومنيوم»، قال أديب، إن تخفيض أسعار الكهرباء غير كاف لحماية الشركة من الخسائر، نظرًا لأنها مرتبطة بأسعار الألومنيوم العالمية بالإضافة إلى سعر الصرف، موضحًا أن الخفض الأخير فى أسعار الكهرباء يؤدى إلى توفير 1516 جنيهًا للطن الواحد -ما يوفر 485 مليون جنيه من تكلفة الكهرباء الإجمالية التى تتحملها الشركة– بافتراض أن الشركة تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية .
لفت أديب، إلى أن شركة «مصر للألومنيوم» كان من المتوقع أن تسجل مجمل خسائر للطن بقيمة 8807 جنيه فى الربع الثانى من 2020.
أوضح أن معدل استهلاك الشركة تراجع إلى %62.6 فى محاولة منها لتقليل الخسائر، موصيًا بتقليل المراكز فى سهم «مصر للألومنيوم» بالبورصة المصرية، لا سيما فى ظل التوقعات أن تستمر الشركة فى تسجيل خسائر.
عن قطاع الأسمنت قال أديب، إن شركات الأسمنت تتأثر إيجابا بخفض تعريفة الكهرباء موضحًا أن إجمالى الوفر المنتظر بين 9 و14 جنيهًا للطن الواحد، مرجحًا أن تتجه الشركات لخفض الأسعار خلال الفترة المقبلة فى ظل الفجوة الضخمة بين الطلب والعرض.
فيما يتعلق بشركات السيراميك، قال إن خفض أسعار الغاز الطبيعى يقلل التكاليف الإجمالية لشركتى الجوهرة وليسيكو بنسب بين 3.8 و %4.5.
أضاف أن مستقبل الطلب للقطاع الصناعى خلال الفترة المقبلة يرتبط بعدة عوامل يأتى فى مقدمتها تدابير الحماية ضد فيروس «كورونا» محليًا ودوليًا فضلاً عن مدة استمرار حواجز الاستيراد والتصدير.
رأى أن الشركات المصدرة والمرتبطة بالسلع الأساسية هى التى تتحمل العبء الأكبر فى الفترة الراهنة، والشركات صاحبة القروض المرتفعة، بسبب وجود عامل آخر يتمثل فى تحملها تكاليف تمويلية لا بد من سدادها حتى فى ظل ضعف نشاطها.
أشار أديب، إلى احتمال أن تتجه الحكومة المصرية لإطلاق جولة ثانية من الحوافز على المدى القصير لدعم الشركات الصناعية بشكل أكبر نظرًا لأن الحوافز الحالية لن تحمى المنتجين من تكبد خسائر.
فيما يتعلق بشركات السيراميك قالت إيمان مرعي، المحلل المالى لدى «العربى الإفريقي»، إن خفض سعر الغاز للقطاع الصناعى يدعم أداء شركات السيراميك من خلال خفض التكاليف، لكن تظل المؤثرات السلبية الأخرى تفرض سيطرتها .
أضافت أن معاناة الشركات تتمثل فى تراجع معدلات الطلب التى زادت حدتها فى ظل أزمة «كورونا»، إلى جانب صعوبة الوضع التصديرى للشركات حتى قبل تأزم الوضع حاليا.
أشارت إلى أن خفض سعر الغاز فى أكتوبر الماضي، والقرار الأخير الذى تم الأربعاء المنقضى قلل تكاليف الغاز لشركات السيراميك المقيدة فى البورصة المصرية %9 فقط .
لفتت إلى أن تكلفة الغاز تمثل %25 من إجمالى التكاليف التى تتحملها شركات السيراميك، متوقعةً أن تأتى شركة «الجوهرة» فى مقدمة الشركات المستفيدة.
تمكنت شركة «العز لصناعة السيراميك والبورسلين – الجوهرة» خلال العام الماضى من زيادة ربحيتها 8 مرات، وسجلت 52.4 مليون جنيه مقارنة مع 5.7 مليون جنيه فى 2018.
تابعت أنه من المرجح أن تأتى «العامة لمنتجات الخزف والصينى – شيني» فى المرتبة الثانية من حيث الاستفادة، ثم «العربية للخزف سيراميكا – ريماس»، وأخيرًا «ليسيكو مصر».
مباشر: استمرار الاحتياطات يهبط بمعدل نمو الاقتصاد العالمى %1
قال محلل مالى بشركة «مباشر لتداول الأوراق المالية، إن مشكلات القطاع الصناعى لن تنتهى بمحاولات خفض التكاليف، وأن الأزمات الحالية أكبر بكثير من قرارات خفض تكاليف.
لفت إلى أنهُ رغم إيجابية قرار خفض الغاز والكهرباء، وخفض سعر الفائدة، إلا أن تلك القرارات لن تُنهى أزمة القطاع، وأن احتياج القطاع الرئيسى يتمثل فى وجود حالة من النمو الاقتصادى سواء على الصعيد المحلى أو العالمى.
أشار إلى أن الوضع الحالى صعب جدًا على الشركات الصناعية، فى ظل ذلك الحدث الاستثنائي، موضحًا أن استمرار الأوضاع الاقتصادية الحالية فيما يتعلق بكورونا والخاصة بإغلاق مصانع أو تقليل ساعات العمل لمدة 12 شهرًا متوقع أن يهبط بمعدل نمو الاقتصاد العالمى من %3 إلى %1 وربما يتحول إلى معدل سلبى.