قالت بنوك استثمار محلية، ووحدات بحوث عالمية إن معدلات التضخم التى سجلت مسارًا صعوديًا يوليو الماضى، لم تبلغ ذروتها بعد، مؤكدة أن الآفاق المستقبلية لها ما زالت سلبية جراء استمرار الضغوط نتيجة ضعف العملة، ومزيد من الزيادات المرتقبة فى الوقود، وحالة عدم اليقين بشأن ارتفاعات أسعار السلع العالمية وتكاليف الشحن والتوريد.
وصعد التضخم السنوى فى مصر يوليو الماضى بنسبة %13.6 فى يوليو، مقابل %13.2 فى يونيو، وفقًا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، بينما سجل التضخم الاساسى وفقًا لمؤشر البنك المركزى الذى يستبعد السلع التى تتسم أسعارها بالتذبذب كالبترول والمواد الغذائية إلى %15.6 مقارنة بـنحو %14.6 فى يونيو.
وقالت بنوك استثمار محلية إنه رغم ارتفاع معدلات التضخم فى يوليو، نتيجة الزيادات الحكومية لأسعار الوقود، فإنها جاءت أدنى من توقعاتها التى تراوحت بين 15 و%14.1، نتيجة انخفاض أسعار الأغذية بعد هبوط أسعار الخضراوات بنحو %10 خلال الشهر المنصرم.
وقررت الحكومة المصرية يوليو الماضى زيادة أسعار البنزين بكل أنواعه بقيمة 50 قرشًا، كما رفعت أسعار السولار للمرة الأولى منذ 2019 بنفس القيمة.
وتؤثر زيادة السولار تحديدًا على أسعار نقل البضائع، خاصة الغذائية، ما يقود إلى ارتفاعات فى التضخم، إذ سجلت خدمات النقل زيادة %6.4 خلال يوليو.
وقالت منى بدير، محلل الاقتصاد الكلى، إنه رغم تسجيل تضخم يوليو معدلات أدنى من التوقعات البالغة %14، نتيجة الزيادة الأقل من المنتظرة فى التضخم الغذائى، فإن التوقعات تظل قاتمة.
وتابعت: أنه على الرغم من ذلك استمر التضخم غير الغذائى فى الارتفاع، بعدما بلغ %9.8 على أساس سنوى، إذ يعود ذلك فى المقام الأول إلى زيادات أسعار البنزين.
وترى بدير أن التضخم لم يبلغ ذروته بعد، وأن ضغوطه الحقيقية لا تزال مستمرة ومتسارعة ومرتفعة، وهو ما ظهر فى المؤشرات الصادرة عن البنك المركزى والتى تستبعد أسعار السلع ذات الطبيعة المتقلبة.
وأكدت قائلة: رغم الانخفاض الملحوظ فى أسعار السلع الأساسية العالمية بسبب خطر الركود العالمى فما زالت التوقعات قائمة فى أن يكتسب التضخم زخمًا فى الأشهر المقبلة، متوقعة أن يصل متوسط التضخم الأساسى إلى %14 خلال العام الحالى.
ورجحت أن تشهد الفترة المقبلة زيادة معدل التضخم بسبب مجموعة عوامل أبرزها الضغوط التراكمية على العملة المحلية المتوقع أن تشهد مزيدًا من الضعف، والزيادات الإضافية فى أسعار الوقود خلال الشهور المقبلة، فضلا عن الضبابية المحيطة بتوقعات أسعار الطاقة العالمية المدفوعة بالحروب والعقوبات، وتعطل سلسلة التوريد وارتفاع تكاليف الشحن التى تستمر لفترة أطول من المتوقع.
وقالت علياء ممدوح، كبير الاقتصاديين فى بحوث بنك استثمار بلتون، إن معدلات تضخم يوليو جاءت أدنى من توقعات شركاتها البالغة %15، وذلك نتيجة تراجع أسعار الخضراوات بنحو %10 خلال الشهر.
ورجحت ممدوح أن تشهد معدلات تضخم أغسطس ارتفاعًا نتيجة استمرار تحرك سعر العملة، وزيادة الإنفاق بسبب موسم الإجازات، على أن تشهد هدوءًا فى سبتمبر، وتعاود الصعود فى أكتوبر بسبب موسم المدارس.
ورجحت كبير الاقتصاديين فى بلتون أن تسجل معدلات التضخم العام الحالى %13.7، وأن يتجه «المركزى» إلى رفع الفائدة بنسبة إجمالية تتراوح من 1 إلى %1.5 خلال الفترة المتبقية من العام الحالى.
وقالت مؤسسة «فيتش سوليوشنز» للتصنيف الائتمانى إن ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وضعف الجنيه المصرى، وزيادة أسعار الفائدة المحلية، عوامل من شأنها التأثير سلبًا على القوة الشرائية للأسر، الأمر الذى يثقل كاهل الاستهلاك الخاص.
وتوقعت تسارعًا فى متوسطات التضخم إلى %13.2 العام الحالى، نتيجة ضغوط تراجع سعر العملة المحلية، والتضخم الغذائى، والذى يبلغ وزنه ما يقرب من %30 فى سلة مؤشر أسعار المستهلك.
ولفتت المؤسسة إلى أن ذلك سيدفع المستهلكين إلى زيادة إنفاقهم على الأغذية، وخفض الإنفاق على السلع غير الأساسية الأخرى. وتوقعت اتجاه البنك المركزى المصرى لزيادة أسعار الفائدة 300 نقطة أساس إضافية بنهاية العام الحالى، ما يزيد من تكلفة الاقتراض ويثبط الاستهلاك.