ثبّت “بنك كندا” أسعار الفائدة ، في حين أشار لاحتمال رفع أسعار الفائدة خلال الأسابيع المقبلة للحد من ارتفاع التضخم الذي سجل أعلى مستوياته على مدار 3 عقود.
وأبقى صانعو السياسة النقدية بقيادة المحافظ تيف ماكليم، سعر الفائدة ثابتاً عند 0.25% دون تغيير منذ مارس 2020، وسط حالة من عدم اليقين بسبب انتشار سلالة فيروس كورونا الجديدة، لكنَّهم تراجعوا عن الالتزام بعدم زيادة تكاليف الاقتراض مستقبلاً، إذ قالوا إنَّ الاقتصاد اقترب من التعافي التام من الوباء في إشارة لاحتمال رفع أسعار الفائدة في اجتماعهم القادم في 2 مارس.
اقتراب رفع أسعار الفائدة
وقال “ماكليم”: “لقد انتهى الوضع الخاص بسياستنا الطارئة، وأسعار الفائدة قد تبدأ في الارتفاع، إذ يمثل ذلك تحولاً كبيراً في السياسة النقدية، ونعتقد أنَّه من المناسب بدء سلسلة مدروسة من الإجراءات”.
جاء قرار “المركزي” بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، مخالفاً لتوقُّعات الأسواق باتخاذ قرارات أكثر تشدداً، مما يعكس مخاوف صانعي السياسات من التوقيت غير المناسب لرفع الفائدة في ظل محاولة الحكومة الحد من انتشار سلالة “أوميكرون”، وفرض إغلاقات جديدة.
دفعت الزيادة في حالات الإصابة بـ”كوفيد 19″ الشهر الماضي لإغلاقات جديدة في مقاطعتي “أونتاريو”، و”كيبيك” أكثر المقاطعات الكندية من ناحية الكثافة السكانية، كما ما تزال هناك العديد من القيود السارية حتى الآن.
وتراجع سعر صرف الدولار الكندي، وكذلك عوائد السندات قصيرة الأجل، وكانت أسواق النقد قامت بتسعير فرصة رفع الفائدة بنسبة 70%، في حين كان الاقتصاديون الذين استطلعتهم “بلومبرغ” أكثر تشككاً، فقد توقَّع 12 فقط من 27 رفع الفائدة هذا الأسبوع.
وقال مسؤولو البنك في بيان السياسة النقدية: “يتوقَّع مجلس الإدارة وجود حاجة لرفع أسعار الفائدة في المستقبل”.
تشديد السياسة
يعكس تثبيت الفائدة حذر محافظي البنوك المركزية على نطاق واسع من المضي بقوة في تشديد السياسة النقدية، ويمثل الأمر مؤشراً على استمرار التيسير النقدي.
ولا يتوقَّع المستثمرون رفع سعر الفائدة في الولايات المتحدة، ولكن من المتوقَّع أن تكون هناك خطوة من صانعي السياسة النقدية في مارس.
وقلَّص الدولار الكندي مكاسبه عقب القرار ليرتفع 0.3% فقط إلى 1.22593 مقابل الدولار الأمريكي بتعاملات الصباح في تورونتو، وذلك بعدما ارتفع 0.6% في وقت سابق من اليوم، في حين استمر ارتفاع السندات الكندية، فقد انخفضت عوائد السندات لأجل عامين بمقدار 5 نقاط أساس لتبلغ نحو 1.18%.
وتشير النبرة التي استخدمها “بنك كندا” في البيان، وكذلك تقرير التوقُّعات ربع السنوية الذي صدر مع البيان، والذي أشار في أجزاء كثيرة إلى سعي الاقتصاد للتعافي بشكل كامل، في الوقت الذي يعاني فيه من أجل الحد من ارتفاع الأسعار والأجور.
تعديل توقعات التضخم
وعدّل “بنك كندا” توقُّعاته للتضخم بزيادتها، إذ توقَّع ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين في المتوسط إلى 4.2% هذا العام من توقُّعاته السابقة البالغة 3.4%، كما أشار المسؤولون لمخاوفهم من الأخذ في الاعتبار استمرار ارتفاع الأسعار في تقدير التوقُّعات، وكذلك استمرار ارتفاع الأجور.
وبلغ معدل التضخم السنوي 4.8% الشهر الماضي، ليسجل بذلك أعلى مستوى للمعدل منذ عام 1991 متجاوزاً النطاق المستهدف للبنك المركزي البالغ 1 – 3% للأشهر التسعة المقبلة.
ومنذ بدأت كندا بوضع مستهدفات للتضخم مطلع التسعينيات من القرن الماضي؛ بلغ متوسط معدل التضخم نحو 1.8%.
وقال وارين لوفلي كبير محللي أسعار الفائدة في “البنك الوطني الكندي” عبر البريد الإلكتروني: “لقد فعل بنك كندا كل شيء باستثناء رفع الفائدة اليوم، كما تخلّى عن توجهاته المستقبلية، وأشار إلى اقتراب رفع الفائدة”.
تأثير تفشي “أوميكرون”
وخفّض “ماكليم” ومسؤولو المركزي من تأثير تفشي الإصابات بسلالة “أوميكرون”، وقالوا، إنَّ التأثير سيكون مؤقتاً ومحدوداً بسبب ارتفاع معدل التطعيم في كندا.
ووفقاً لما قاله ديريك هولت، نائب رئيس اقتصاديات أسواق رأس المال في “سكوتيا بنك” عبر البريد الإلكتروني؛ فإنَّ “كل تقديرات وتصريحات بنك كندا تشير إلى قرب الرفع لذلك قاموا بتثبيت الفائدة”.
وتواصل الأسواق توقَّع سلسلة من زيادات الفائدة على مدى الاثني عشر شهراً القادمة، حتى يصل معدل الفائدة القياسي إلى 1.75%.
وقال إريك ثيوريت، المحلل الاستراتيجي للاقتصاد الكلي العالمي في”مانولايف لإدارة الأصول” لتلفزيون “بي إن إن بلومبرغ”: “بالنظر لقرار بنك كندا اليوم أعتقد أنَّ الأكثر أهمية أنَّ هناك استعداداً لسلسلة من إجراءات تشديد السياسة النقدية”.