Find Out More

Is your organization one of the Best Places to work in Egypt

workL

بمحافظات الجمهورية الإسلام دعوة عالمية (15)

مباحث فى القرآن الكريم شمل هذا الفصل الخامس من الكتاب الذى جمعت دار الهلال مواده، عدة مباحث فى القرآن الكريم، عن قصص القرآن وما فيه من دروس وعبر، وعن القصص الدينى بين العلم والتاريخ، وحول إعجاز القرآن وأوهام المستشرقين، ثم معنى كلمة الأميين، وتفسير الأستاذ الإمام محمد عبده، والطير الأبابيل فى تفسير

بمحافظات الجمهورية الإسلام دعوة عالمية (15)
رجائى عطية

رجائى عطية

11:47 ص, الأربعاء, 18 يناير 17

مباحث فى القرآن الكريم

شمل هذا الفصل الخامس من الكتاب الذى جمعت دار الهلال مواده، عدة مباحث فى القرآن الكريم، عن قصص القرآن وما فيه من دروس وعبر، وعن القصص الدينى بين العلم والتاريخ، وحول إعجاز القرآن وأوهام المستشرقين، ثم معنى كلمة الأميين، وتفسير الأستاذ الإمام محمد عبده، والطير الأبابيل فى تفسيره، وأخيرًا مسالة القضاء والقدر.

وقد تناولت سلفًا، وفى مناسباتها وكما ذكرت فى البداية، ما تعلق بإعجاز القرآن وأوهام المستشرقين، ومعنى كلمة الأميين، ومسألة القضاء والقدر، أما ما تعلق بتفسير الأستاذ الإمام محمد عبده، فسيرد إن شاء الله بمناسبة تناول الكتاب الذى وضعه الأستاذ العقاد عن الأستاذ الإمام.

قصص القرآن دروس وعبر

أكثر القصص التى وردت فى القرآن الكريم من قصص الأنبياء، هى عن جهادهم لتبليغ رسالتهم ونشر دعوتهم ومدافعة خصومهم المتربصين بالدعوة من ذوى السلطان الذين أنكروهم وقاوموا هدايتهم.

وأكثر ما جاء من أخبار الدول والملوك، إنما جاء فى سياق أخبار الدعوة، إلاَّ أن يكون الأنبياء ملوكًا كما اتفق لداود وابنه سليمان عليهما السلام.

ويبين من المراجعة الدقيقة لقصص القرآن الكريم، فيما يورد الأستاذ العقاد، أن عبرتها الأولى دروس ينتفع بها الهداة ودعاة الإصلاح.

ومن تلك الدروس أن الجهلاء ينقادون للأمر والسطوة ولا ينقادون للحجة والمنطق والدليل، وهم فى جدلهم يطلبون من صاحب الدعوة ـ كما فعلوا مع نوح عليه السلام ـ أن يكون ملكًا أو أن تكون عنده خزائن الله، ويقولون له فيما روى القرآن: «قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ» (هود 32).

ومن تلك الدروس، أن أصحاب السيادة فى الأمة يكرهون التغيير ويتشبثون بالقديم، ويأخذون على النبى أن يتبعه أناس من غير ذوى الجاه والسيادة :« مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ» (هود 27).

ومن تلك الدروس أن الجمود على التقاليد الموروثة باب للعناد وأكبر آفات العقل البشرى، حيث تعطل تفكيره وتجعله فى حكم الآلة الجامدة ـ عنادًا ـ على ما كان من أمر السابقين والآباء والأجداد، ويكاد يكون التذرع بما كان عليه السلف والآباء والأجداد، قاسمًا مشتركًا لجميع الأمم فى مقاومة دعوات الرسل والأنبياء، وآيات القرآن الكريم حافلة بصور شتى لهذه الآفة التى أورثت العناد والكفر.

ومن تلك الدروس أن العقائد تخالطها أوشاب وأوضار الزمن، فلا تزال بحاجة إلى التطهير والتهذيب واستبعاد الملصقات التى ليست من الدين.

ومن هذه الدروس، أن الإصلاح يستلزم التضحية والعناء، وأن الأنبياء كانوا بين فريقين: فريق يكذبه قومه، وفريق يقتلونه، ولا مناص للإصلاح عن القدوة على ما يواجهه من خطر ومحن.

وبين قصص الأنبياء، تبرز قصة ما عاناه كل من إبراهيم عليه السلام فى أمة وادى النهرين، وما عاناه موسى عليه السلام و معظمه من بنى إسرائيل، وكانت الدعوتان ثورة على ضلال العقل فى العبادة المستنكرة من الزمن القديم، وتتلخص فى عبادة الملوك والأجرام السماوية وعناصر الطبيعة، وفى عبادة الأوثان، وفى تضليل الأبصار والبصائر بالسحر والكهانة.

وهذا الشطر من القصص القرآنية، يراد به تعليم المصلحين وتربية الهداة، وليس مجرد سرد أخبار التاريخ إلاَّ ما يستلزمه السياق فى عرض القصة.

● ● ●

وفى القرآن الكريم قصص أخرى من غير قصص الدعوة أو قصص الجهاد فى تبليغ الرسالة، ولكنها تراد لما فيها من عبرة، منها قصة يوسف عليه السلام، ويجوز أن تحسب منها قصة إسماعيل عليه السلام.

ويشتمل القرآن على قصص غير قصص الأنبياء فى دعواتهم أو فى تجاربهم الإنسانية، ويتمثل لها الأستاذ العقاد بقصص الملكين والفتية من أهل الكهف، وما جاء على ألسنة الطير والنمل والنحل، وما ختمت به قصص الرسالة فى دعوة نبى الإسلام عليه الصلاة والسلام.

وكل هذه القصص ينبغى أن تقرأ ـ فيما يقول الأستاذ العقاد ـ كما تُقرأ عظات الهداية والصبر، وكلها مما يحتاج إلى الفهم والبديهة من المؤرخ الأمين.

ولمصلحة التاريخ، ينبغى أن ينظر المؤرخ إلى القصص الدينية فى أناة وروية، وعن علم باختلاف النسق بين العقائد والأخبار.

وهناك من المؤرخين من تهجموا فى هذا المقام بجهل أو على غير وعى، وبغير حذر، ثم ما لبثوا أن عرفوا أو قيل لهم ما وقعوا فيه من خطأ فى حق التاريخ وفى حق العقيدة.

من هؤلاء من أنكروا الطوفان، ثم ظهر بالأدلة أنه من أثبت الأحداث فى أنباء الأمم.

ومن هؤلاء من أنكروا غواشى الرجوم والزلازل، ثم ظهر أنها وقعت فى أماكنها وأزمنتها وفقًا لما وصفته كتب الأديان.

ويتمثل الأستاذ العقاد أيضًا، تدليلاً على أهمية تحرز المؤرخ الأمين وتدقيقه حيث يجب التدقيق، أن دواعى التفسير الوجدانى للحوادث أفادت وحدة الأصل بين أبناء إبراهيم الخليل قبل أن يعرف العلم الحديث شيئًا عن وحدة اللغات السامية ووحدة اللغات الهندية والجرمانية.

ولو لم تكن هناك حقيقة وراء أسانيد الأديان، لما أمكننا أن نفهم كيف عرف الأقدمون أن العربية والعبرية والآرامية والأدومية من أصل واحد، وأن أبناء إسماعيل وإسحق ينتمون قبلهم إلى جِذْم ـ أى أصل ـ واحد.

لقد وصف بعض العلماء المحدثين فى الغرب ـ وصفوا الوحى الدينى بانه «صوت حى» ولا يصح أن يُقرأ على غير هذا الاعتبار، والصوت الحى الذى تتجاوب به عصور الزمن وحنايا النفس البشرية، أولى بالإصغاء إليه ـ فيما يرى الأستاذ العقاد ـ من قصص التاريخ أو قصص الخيال.

رجائى عطية
Email: [email protected]
www.ragai2009.com

رجائى عطية

رجائى عطية

11:47 ص, الأربعاء, 18 يناير 17