«بلومبرج»: قهر العطش بجبال الجليد سيصبح أمرا معتادا بعد 20عاما

الاستعانة بجبال الجليد لإرواء عطش عدد متزايد من السكان في العالم سيصبح معتادا بعد 20 عاما

«بلومبرج»: قهر العطش بجبال الجليد سيصبح أمرا معتادا بعد 20عاما
أيمن عزام

أيمن عزام

12:09 ص, الجمعة, 7 يونيو 19

سيتم خلال أشهر تنفيذ مشروع لاستخدام جبال جليد القارة القطبية الجنوبية في حل مشكلة ندرة المياه في جنوب إفريقيا، بينما سيصبح اللجوء إليه معتادا خلال العشرين عاما القادمة وفقا لتقرير نشرته وكالة بلومبرج.

يراهن المستثمرون الذين أصبحوا راغبين في تمويل مشروع لنقل الجبل الجليدي إلى جنوب إفريقيا على قدرة خبير واحد هو نيقولاس سلون في نقل جبل جليدي يزن 100 مليون طن والتغلب على الأجواء القاسية في محيط القارة القطبية الجنوبية التي يصل ارتفاع الأمواج  فيها الى 15 مترا.

نقل الجبل الجليدي ليس كذبة أبريل

تشكل فريق لتنفيذ الفكرة برئاسة سلون يضمن أساتذة في جامعات نرويجية وجنوب إفريقية ومعاهد حكومية، وسرعان ما بدأت وسائل الإعلام تتحدث عن المشروع الذي تصل تكلفته الإجمالية الى 200 مليون دولار، لكن الأخبار التي تداولتها وسائل الإعلام عنه تصادف صدورها في الأول من شهر أبريل.

وقال سلون: ” ربما يكون هذا السبب في أن الناس لا تزال تعتقد أن المشروع هو كذبة أبريل”.  

الخبير نيقولاس سلون

” هل ترغبون في شراء جبل جليدي؟”  

الجبال المنفصلة عن القارة القطبية الجنوبية  – لا الشمالية – هي الأنسب لعمل فريق سلون؛ لأنها أكبر حجما بمئات المرات مقارنة بنظيرتها الشمالية، وذلك بجانب أنها اكثر استقرارا بسبب استواء سطحها  البارز فوق الماء.

سيقوم الفريق بتحديد الجبل صاحب الحجم والشكل المناسبين والمتجه نحو جزيرة جوغ الواقعة في منتصف المسافة بين القارة القطبية الجنوبية ومدينة كيب تاون الجنوب إفريقية التي سيتم نقل الجبل الجليدي اليها والتي تبعد عنها بنحو ألف و600 ميل.

يتم بعد ذلك فحص الجبل بالسونار والردار لتحديد أبعاده ومتانته، ثم الاستعانة بأثنين من القوارب لقطر الجبل الجليدي  باستخدام شبكة عملاقة مزودة بحبال قطرها 5 بوصة مصنعة من مادة فائقة عائمة وملائمة لتحمل الشد والضغط ودرجات الحرارة المنخفضة.

وتصل تكلفة الشبكة إلى 25 مليون دولار ويصل طولها الى 2 ميل وارتفاعها الى 60 قدم، وستلعب الشبكة دور الحزام الذي يطوق بطن الجبل الجليدي الذي ربما يعادل عمقه تحت سطح المحيط  ما يزيد على سبعين طابقا.

ويتعرض هذا الجزء من المحيط الى أمواج عالية ورياح تصل سرعتها الى 80 ميل في الساعة، ويقول سلون: “هذا المكان هو الأسوأ في العالم، والناس لا تذهب الى هناك إلا إذا كانوا مضطرين لذلك”.

وسيتم الاتفاق مع شركة لويدز لندن لتأمين عملية سحب الجبل الجليدي حتى يتسنى دفع تعويضات للسفن التي قد تتضرر جراء تشظي الجبل الجليدي أثناء جره وتحوله الى قطع صغيرة تعوق حركة الملاحة.  

يتحسن سحب الجبل الجليدي بفضل التيار القطبي الجنوبي المتجه شرقا لحين الوصول إلى جزيرة جوغ التي سيتم عندها بذل أقصى جهد للانتقال إلى التيار البنجويلي الذي سيشد الجبل نحو الساحل الغربي لجنوب إفريقيا.

وأضاف سلون ساخرا: ” إذا انتقلنا إلى التيار الخطأ سنتصل بالاستراليين هاتفيا لنقول لهم “هل ترغبون في شراء جبل جليدي؟”

مشروع لنقل جبل جليدي الى جنوب افريقيا

مراعاة أبطأ سرعة في نقل الجبل الجليدي

وأضاف سلون أن الرحلة ستستغرق فترة زمنية بطيئة تترواح بين 80 الى 90 يوما وسيتراوح معدل ذوبان الجبل الجليدي نحو 0.05  متر الى 0.1 متر يوميا، مما يعني أن حجمه سيقل بنسبة 8% عند الوصول، لكن عدة عوامل منها العواصف ستؤدي إلى زيادة معدل الذوبان.

وعندما يصل الجبل الى شمال غرب مدينة كيب تون سيراعي ابتعاده عن الشاطئ بنحو 25 ميل، ليتم ربطه هناك بمرساة تزن ألف طن، كما يتم تطويق الجبل الجليدي بأحواض زنة 800 طن مصنوعة من البولي بروبلين أو البوليستر مصممة لحمايته من الأمواج وإبطاء وتيرة الذوبان.

وسيتولى الحوض الذي تصل تكلفته الى 22 مليون دولار المحافظة على المياه النظيفة الباردة ومنع المياه المالحة من الوصول الى الجبل الجليدي، وكلما تزايد معدل الذوبان وصغر حجمه يتم تحريكه ليصبح قريبا من الشاطئ.

ويرى سلون أن الجبل الجليدي سيوفر مياه شرب نظيفة لسكان مدينة كيب تاون لمدة عام كامل.

الحكومة تطلب اختصار زمن دراسة الأثر البيئ للمشروع

وأشار سلون الى أن حكومة جنوب إفريقيا طلبت من فريقه اختصار تقييم مصمم لدراسة الأثر البيئ لتواجد جبل جليدي بمحاذاة أحد شواطئ قارة أفريقيا، لأن مدينة كيب تاون لا تزال تعاني من أزمة نقص مياه الشرب مما يدفع الحكومة للبحث عن حلول عاجلة للمشكلة.

وتبرع سلون بنحو 100 ألف دولار من ماله الخاص لدعم المشروع، مضيفا أن الوقت الحالي هو الأنسب للتنفيذ.  

وتابع قائلا: ” ولو طلبت مني التبرع بنفس المبلغ منذ عشر سنوات فلربما كنت سأقول أن المشروع ضرب من الجنون”.

ويرى سلون أن مدينة كيب تاون هي الأنسب لتنفيذ هذه المشروع الرائد؛ بسبب قربها من القارة القطبية الجنوبية، لكنه توقع سحب جبال جليدية إلى استراليا وسنتياجو وتشيلي وبيرث، وكذلك الى ناميبيا وانجولا.

وأشار سلون إلى أن أجزاء متزايدة من افريقيا ستعاني من نقص مياه الشرب، واختتم سلون حديثه قائلا: “بعد عشرين أو ثلاثين عاما من الآن ستصبح الاستعانة بجبال الجليد أمرا معتادا”.