فقدت بنوك الاستثمار الأمل في اقتناص صفقات الدمج والاستحواذ بسبب الضغوط الشديدة التي فرضها فيروس كورونا على الشركات العالمية.
وانصرفت اهتمامات هذه البنوك صوب تزويد الشركات القديمة والجديدة بالنصائح اللازمة لحماية ميزانيتها العمومية وجمع رؤوس الأموال وإعادة هيكلتها.
وكشف مارتن جادشون رئيس قسم إعادة الهيكلة لدى شركة بي.جي.تي بارتنرز عن تزايد الحاجة لإتاحة السيولة والمحافظة على الكاش وتلبية متطلبات العقود.
تزايد إفلاس الشركات
وتابع:” إذا استمر الوضع الحالي فإننا نتوقع تدهور أوضاع الشركات لدرجة احتياجها لإعادة هيكلة ديونها بشكل كامل بجانب تزايد حالات الإفلاس المحتملة”.
وتقدمت الشهر الجاري الشركات العالمية بطلبات لجهات الإقراض للحصول على أموال سائلة بقيمة 180 مليار دولار لمساعدتها على التغلب على التبعات الاقتصادية لعدوى فيروس كورونا.
انكماش صفقات الدمج والاستحواذ
وسعت البنوك للتأقلم مع الانتهاء المفاجئ للعصر الذهبي لصفقات الدمج التي تزامنت مع أطول انتعاش في الأسهم في التاريخ، حسب تقرير لوكالة بلومبرج.
وبلغت صفقات الدمج والاستحواذ عالميا مستوى 18 تريليون دولار خلال السنوات الخمس الماضية وحدها.
وقفزت هذه الصفقات طيلة عقد كامل منذ الأزمة المالية العالمية، حسب بيانات جمعتها وكالة بلومبرج.
ويوضح الجراف التالي عدد صفقات الدمج والاستحواذ العالمية خلال عامي 2018 و 2019:
وتم خلال هذه الفترة إبرام أكبر الصفقات على الإطلاق، ومنها صفقة استحواذ شركة Anheuser-Busch على شركة SABMiller واستحواذ شركة AT&T على شركة تايم ورنر.
وبلغت قيمة كل صفقة على حدة أكثر من 100 مليار دولار شاملة الديون.
أبطأ وتيرة لإتمام الصفقات
وتبخر الآن سريعا كل هذا الرواج في الصفقات.
وبنهاية مارس الجاري، يتجه الربع الأول من العام الجاري لتسجيل أبطأ وتيرة لإتمام هذه الصفقات منذ الربع الأول من 2014، حسب بيانات بلومبرج.
وقررت شركة لازارد توسيع نطاق التعاون بين فرقها المعنية بصفقات الدمج والأخرى المعنية بمتابعة عمليات إعادة الهيكلة.
البنوك تقدم استشارات للشركات المتعثرة
وقررت الكثير من بنوك حي المال في وول ستريت المعنية بصفقات الدمج والاستحواذ مثل سيتي جروب ومورجان ستانلي التحول إلى أنشطة أخرى.
وشملت هذه الأنشطة تقديم استشارات لعملائها من الشركات بشأن التمويل وإدارة تعرض هذه البنوك للشركات المتعثرة.
وأوردت وكالة بلومبرج مؤخرا استعانة شركة Valaris للتنقيب عن البترول ببنك جولدمان ساكس.
وذلك بهدف مساعدتها على إصلاح عجز في ميزانيتها العمومية ناجع عن تراجع أسعار البترول.
وربما تفقد هذه البنوك الرسوم الضخمة التي كانت تتحصل عليها من صفقات الدمج والاستحواذ.
إيرادات أكثر استدامة
وستضمن هذه البنوك، مقابل هذا، الحصول على إيرادات أكثر استدامة نظير تأديتها أدوارا استشارية تستهدف انقاذ الشركات المتعثرة.
وربما يتم تطوير هذه الأدوار الاستشارية لتشمل في المستقبل إبرام صفقات الدمج والاستحواذ عندما تستقر الأسواق.
وكشف تقرير أعدته وكالة بلومبرج عن سوابق تاريخية من الشرق الأوسط تبرهن على أن الأدوار الاستشارية التي تمارسها البنوك أثناء الأزمات ربما تتطور لأدوار أخرى أكثر ربحية.
اكتساب سمعة جيدة
وقامت شركة Moelis على سبيل المثال بمساعدة شركة دبي العالمية وشركة النخيل المملوكة للدولة على التخلص من ديون بقيمة إجمالية تصل إلى 50 مليار دولار.
وبفضل السمعة الجيدة التي اكتسبتها هذه الشركة في المنطقة تم تكليفها بتأدية أدوار في الطرح الأولي الضخم لشركة أرامكو السعودية.