تتأخر الكويت عن ركب الإصلاح الاقتصادي في منطقة الخليج، وتشهد هذه الإمارة الخليجية تزايد العراقيل التي تعيق مضيها قدما في برنامج اقتصادي يستهدف الابتعاد عن النفط كمصدر للنمو الاقتصادي ببناء مدينة الحرير شمال البلاد، وفرض ضرائب.
وتقول بلومبرج إن الكويتيين لا يستطيعون الامتناع عن التطلع إلى دبي، والتعجب من درجة تخلفهم عن الركب مقارنة بهذه الإمارة الخليجية.
نقلة نوعية
ويتم وصف مشروع مدينة الحرير بوصفه وسيلة حاسمة لتحقيق نقلة نوعية في الكويت، وتمكينها من اللحاق بركب الملكيات شبه المطلقة التي تسعى جاهدة أيضا لإدراج تغييرات اقتصادية واجتماعية عميقة، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي.
مظاهرات نادرة
وخرج آلاف المتظاهرين إلى ساحة الإرادة المقابلة لمجلس الأمة الكويتي، مساء الأربعاء الماضي، تنديدا بسوء الإدارة الحكومية، وللمطالبة بالتخلص من حكومة رئيس الوزراء شيخ جابر المبارك الصباح، وحل البرلمان ضمن مظاهرات دعا إليها صالح الملا النائب السابق بالبرلمان.
وقالت بلومبرج إن المظاهرات النادرة في الكويت لم تحصل على التغطية الإعلامية اللائقة؛ لأن المظاهرات الحكومية التي اندلعت طيلة عدة أسابيع ماضية في العراق ولبنان قد خطفت الأنظار بعيدا عنها.
ديمقراطية جزئية
وتسببت مظاهرات شهدتها الكويت عامي 2011 و 2012 في الإطاحة برئيس الوزراء في ذلك الوقت، لكن يبدو أن هذا الإجراء لم يكن كافيا مع استمرار حالة الإحباط.
الديمقراطية الجزئية في الكويت لا مثيل لها في دول الخليج، رئيس الوزراء يتم تعيينه من قبل الأمير شيخ صباح الأحمد الصباح، و تدخل حكومته في سجالات من حين لآخر مع برلمان منتخب مليء بالمشرعين من أصحاب الشعبية العريضة، والأحزاب محظورة؛ مما يجعل المعارضة غير منسجمة لكنها تحصل على دعم من صحافة تعد الأكثر حرية في الخليج.
رابع أكبر صندوق سيادي
تمتلك الكويت أصولا بقيمة 592 مليار دولار كما تحتفظ بأكبر رابع صندوق ثروة سيادي في العالم، لكنها تواجه العديد من المخاطر الاقتصادية، وتستهدف الحكومة تقليص اعتماد الكويت على إيرادات البترول، وتخفيض المساعدات المقدمة إلى مواطنينها مثلما تفعل جارتها السعودية.
النزيف المالي
لكن الشلل السياسي تسبب في إحباط جهود وقف النزيف المالي الناتج عن إنفاق مخصصات مالية ضخمة لدعم نظام الرفاة في البلاد الذي يعد الأكثر سخاء في منطقة الخليج.
وتخصص الحكومة الكويتية أموالا ضخمة لدعم المساكن والوقود والغذاء، وتحصل الأسرة الواحدة على نحو 2,000 دولار شهريا في المتوسط، ويحصل خريجو الجامعات على إعانات شهرية بقيمة 650 دولار لحين حصولهم على وظيفة.
ثلاثة أرباع الإنفاق
وتشكل المرتبات والإعانات الحكومية نحو ثلاثة أرباع الأنفاق، بينما تتجه الكويت لتسجيل العجز الخامس على التوالي منذ أزمة كساد البترول عام 2014، ويعيش في الكويت 1.4 مليون مواطن ونحو 3.3 مليون وافد.
وبسبب المعارضة داخل البرلمان فشلت محاولات في فرض ضريبة قيمة مضافة تصل نسبتها إلى 5% لأول مرة في الكويت، نالت هذه الضريبة موافقة مجلس التعاون الخليجي منذ أربع سنوات، وفشلت الحكومة كذلك في تمرير قانون يسمح لها بطرح الإصدار الأول من سنداتها منذ عام 2017.
سياسة مالية غير منضبطة
وقال مكتب الشال الاستشاري الاقتصادي أن الكويت يجب أن تدرك أنه يستحيل مواصلة العمل بسياسة مالية غير منضبطة.
وأردف: “ستحقق الكويت نجاحا يضاهي نجاح النموذج النرويجي إذا سعت لضبط سياستها المالية لكن الفشل سيعني محاكاتها النموذج الفنزويلي”.
محنة كبيرة
وقال يوسف الإبراهيمي، المستشار لدى الديوان الأميري، إن الكويت ستكون في “في محنة كبيرة كبيرة” خلال السنوات الخمس القادمة إذا لم يتم تغيير اسلوب الحوكمة والإنفاق.
تستوعب المدينة نحو 700 ألف شخص، وتشتمل على بناء أطول برج في العالم، ومحمية للحياة البرية، ومناطق سياحية ومطار جديد.
منع ارتكاب المحرمات
ورفض مشرعون مقترح ببناء هذه المدينة بحجة السماح داخلها بارتكاب محرمات مثل شرب الخمور.
وقال حسن جوهر، رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الكويت، إن مشروع بناء مدينة الحرير يعد مجرد جبل الجليد الظاهر من صراع واسع قادم في الطريق.
إعادة الهيكلة
وأردف: “هذه المشروع قادر على تغيير وجه البلاد، وإعادة هيكلته وفلسفته السياسية، وتوزيع السلطة، وتنفيذ الاصلاح الاقتصادي”.
وحققت الكويت بعض النجاحات من المقرر إدراج بورصة الكويت ضمن مؤشر مورجان ستانلي الرئيسي الذي يتتبع الأسهم في الأسواق الناشئة بحلول يونيه 2020.
انتقادات ضد مدينة الحرير
ويقول الكثير من الكويتيين إنهم غير سعداء بمشروع مدينة الحرير، مؤكدين أهمية تحسين مستوى الخدمات في العاصمة الحالية، وكانت الحكومة قد وعدت بإصلاح الطرق بنهاية 2019 استعدادا للسيول، لكنها فشلت في الوفاء بوعدها.
الديمقراطية الناقصة أسوأ
وقال حامد الجاسر، أحد النشطاء الذين يبلغون من العمر 58 عاما، والذين يصل عدد متابعيهم على تويتر إلى 40 ألف شخص: “الديمقراطية غير الكاملة أسوأ من الديكتاتورية؛ لأنها تمنح إحساسا خادعا بوجود شرعية، بينما الواقع يشير إلى أنها مجرد غطاء لإخفاء الفساد”.
وتابع: “عندما يستطيعون إصلاح الشوارع، وجعلها قادرة على الصمود في وجه الأمطار، يمكننا حينئذ الحديث عن تطبيق خطط الإصلاح الاقتصادي”.
التعداد السكاني والفقر
يرتبط تزايد معدلات الفقر في السعودية وغيرها من دول منطقة الخليج العربي الأخرى بمعدلات النمو في التعداد السكاني وضعف الدخل، وتباطأ النمو السكاني منذ عام 2008 بشكل ملحوظ في الكثير من دول مجلس التعاون الخليجي خصوصا في الإمارات ( من 14 إلى 1%) وفي البحرين ( من 8 إلى 1%)، وبينما تباطأ النمو السنوي في السكان في غيرهما من دول مجلس التعاون لكنه يظل مرتفعا مقارنة بالمستويات العالمية (حول نسبة 1%)، ويصل معدل النمو السنوي في السكان في السعودية إلى 2% وفي قطر والكويت إلى 3 و 4 على الترتيب وإلى 6% في عمان، حسب تقديرات البنك الدولي لعام 2017.