واصل المستثمرون الأتراك التمسك بالدولار ، مما يقوِّض خطة الرئيس رجب طيب أردوغان لدعم الليرة دون رفع أسعار الفائدة، بحسب تقرير لوكالة بلومبرج.
عزَّزت شركات حيازاتها من العملات الأجنبية بنحو 1.6 مليار دولار في الأيام السبعة حتى 24 ديسمبر 2021 ، مستفيدة من الارتفاع الذي شهد تضاعف قيمة الليرة تقريباً خلال ذلك الأسبوع.
في حين قلصت الأسر مواقعها أو حيازتها بما يزيد قليلاً على 100 مليون دولار، فإنها بالكاد أثرت في إجمالي الودائع بالعملات الأجنبية، التي ارتفعت إلى مستوى قياسي بلغ 239 مليار دولار، وفقاً لأحدث بيانات البنك المركزي.
التمسك بالدولار
يمثل الاندفاع نحو حيازة الدولار في تركيا، أحد أعراض السياسة النقدية التي ظلت لسنوات طويلة تيسيرية أو فضفاضة للغاية بحيث لا يمكن وضع حد للتضخم، ونتيجة لذلك تراجعت قيمة الليرة.
كما يسلط الاندفاع نحو حيازة الدولار بتركيا، الضوء على التحديات التي تواجهها السلطات في إقناع المستثمرين بتحويل مدخراتهم إلى العملة المحلية التي فقدت أكثر من 85% من قيمتها مقابل الدولار منذ عام 2012.
قال إيفرين كيريك أوغلو، الخبير الاستراتيجي المستقل المقيم في إسطنبول: “السبب وراء تكديس أو اكتناز العملات الأجنبية حتى اليوم هو عدم الثقة، وما زالت قضية انعدام الثقة قائمة”.
بدلاً من زيادة تكاليف الاقتراض لجذب المدخرين إلى حسابات الليرة، تقول الحكومة إنها ستعوض حائزي الليرة عن أي خسائر في العملة تتجاوز سعر الفائدة على ودائعهم قصيرة الأجل – التي تقبع حالياً بنحو 19 نقطة مئوية تحت معدل التضخم الرئيسي.
تقول الحكومة التركية إن هذه الأداة المالية الجديدة تهدف لتغيير قواعد اللعبة لأنها ستقلل الطلب على الدولار واليورو الذي أثر على العملة، وفي نفس الوقت ستسمح لأسعار الفائدة أن تظل منخفضة وتحفيز النمو.
شهية فاترة
تكمن المشكلة في أن الشهية للأداة المالية، حتى الآن، لا تزال فاترة، مع تحويل 84 مليار ليرة فقط (6.3 مليار دولار) من إجمالي 5.2 تريليون ليرة من الودائع الحالية إلى ودائع جديدة مرتبطة بالعملات الأجنبية، وفقاً لوزير المالية والخزانة التركي نور الدين نباتي.
قال كيريك أوغلو: “يبدو أن المواطنين لا يفهمون المنتج الجديد وهم يخشون أن تمنعهم بعض التغييرات المستقبلية من إعادة شراء العملات الأجنبية التي يبيعونها”، مشيراً إلى عملات الدولار واليورو التي يتنازلون عنها لوضع أموال في حسابات جديدة بالليرة.
وفق أحدث بيانات الاحتياطيات الرسمية، تشير التدفقات إلى أن التدخلات في سوق العملات ربما لعبت دوراً أكبر بكثير في تحفيز صعود العملة المحلية خلال الأونة الأخيرة.
في الشهر الماضي، ارتفعت العملة التركية بنسبة 79% من أدنى مستوى قياسي عند 18.3633 ليرة أمام الدولار في 20 ديسمبر إلى أعلى مستوى في أكثر من شهر عند 10.2512 أمام العملة الخضراء.
تزامن ذلك مع تراجع بقيمة 3.53 مليار دولار في صافي الاحتياطيات الدولية لدى البنك المركزي بالأسبوع المنتهي في 24 ديسمبر، حيث انخفض منذ نهاية نوفمبر إلى 16 مليار دولار.
مع ارتفاع التضخم إلى أكثر من 36% وتضاؤل الاحتياطيات الرسمية لتركيا ، فإن السؤال بالنسبة للبعض هو إلى أي مدى يمكن لصانعي السياسات أن يقفوا في طريق الطلب على الدولار.
غمر السوق بالدولارات
حجم التدخلات الأخيرة قريبة الشبه بالعمليات التي تم تنفيذها بين عامي 2018 و2020، عندما غمرت البنوك الحكومية السوق بشكل تقليدي بالدولارات دون سابق إنذار لدعم الليرة. نفت الحكومة تقارير عن ما يسمى بالمبيعات السرية.
يبلغ إجمالي الاحتياطيات الدولية لدى تركيا 110.9 مليار دولار. مع ذلك، فإن صافي الاحتياطيات – المؤشر الذي يستخدمه العديد من الاقتصاديين كمقياس لمقدار قوة العملات الصعبة التي يملكها صانعو السياسات تحت تصرفهم – يبلغ حالياً 8.6 مليار دولار.
هناك دلائل على أن السوق تتعثر بالفعل، مع انخفاض العملة التركية إلى 13.33 ليرة أمام الدولار اليوم الثلاثاء لتتراجع نحو مستوى قياسي منخفض وتواصل انخفاضها من أعلى مستوى في ديسمبر إلى 23%.
قال كيريك أوغلو: “أتوقع أن الناس لن يندفعوا إلى الدولار بعد الآن، لكن النقطة الأساسية هي جذب حاملي العملات الأجنبية إلى الأداة المالية الجديدة، وإلا فلن يتمكن البنك المركزي من الاستمرار في تلبية طلب المواطنين على العملات الأجنبية عبر الاحتياطيات الدولية”.