«بلومبرج»: الاقتصاد الأمريكي على شفا الركود بعد تسجيل أطول فترة تراجع في أرباح الشركات

بعد أن سجلت وول ستريت أطول فترة تراجع في أرباح الشركات منذ 7 سنوات

«بلومبرج»: الاقتصاد الأمريكي على شفا الركود بعد تسجيل أطول فترة تراجع في أرباح الشركات
أيمن عزام

أيمن عزام

6:31 م, الأحد, 14 مايو 23

يبدو أن الاقتصاد الأمريكي على شفا الركود بعد أن سجلت وول ستريت أطول فترة تراجع في أرباح الشركات منذ 7 سنوات، بحسب وكالة بلومبرج.  

ومع اقتراب موسم أرباح الربع الأول من نهايته؛ تشير التقديرات إلى أنَّ أرباح الشركات المدرجة على مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” انخفضت 3.7% في المتوسط مقارنة بالعام الماضي.

في حين تُظهر بيانات “بلومبرج إنتليجنس” أنَّ 78% من الشركات تجاوزت التوقُّعات؛ فإن هذا أقل إثارة للإعجاب مما يبدو، نظراً لأن المحللين كانوا قد خفّضوا توقعاتهم قبل بدء الموسم.

الأهم من هذا، هو أن ذلك كان الربع الثاني على التوالي الذي تنخفض فيه أرباح الشركات الأمريكية. تتركز توقعات تراجع الأرباح حالياً على الفترة من أبريل إلى يونيو، إذ تشير بيانات “بلومبرج إنتليجنس” إلى انخفاضها 7.3%.

تأثير أسعار الفائدة

ويعتقد المحللون أن تمتد التأثيرات السلبية لارتفاع أسعار الفائدة وتراجع طلب المستهلكين إلى الربع الثالث من 2023، متراجعين عن التوقُّعات السابقة بأن انتعاش الأرباح سيبدأ بحلول ذلك الوقت، وهذا يعني انكماشاً في الأرباح أطول مما كان عليه خلال جائحة كورونا. وكانت آخر مرة انخفضت فيها الأرباح لأكثر من ثلاثة أرباع في 2015 إلى 2016، عندما بدأ الاحتياطي الفيدرالي آخر دورة لرفع أسعار الفائدة، وعدم تحقيق “إس أند بي 500” أي مكاسب منذ أن بدأت البنوك الكبرى في “وول ستريت” موسم الأرباح في منتصف أبريل لن يكون مفاجئاً.

قالت ماريا فيتمان، كبيرة المحللين الاستراتيجيين للأصول المتعددة في “ستيت ستريت غلوبال ماركتس”: “يلاحظ المتفائلون أنَّ أسوأ توقُّعات المحللين لم تتحقق، وأنَّ نسبة كبيرة من الشركات تجاوزت أهدافها في الربع الأول. أما المتشائمون فيقولون إنَّ الأرباح آخذة في الانخفاض، والتوقُّعات المستقبلية ضعيفة”.

فيما يلي النقاط الرئيسية من موسم الأرباح، وما الذي يجب البحث عنه في الأرباع المقبلة:

تأثير تباطؤ الاقتصاد على هوامش الأرباح

يؤثر تباطؤ الاقتصاد على هوامش الربح، إذ يشير إجماع التوقُّعات إلى أنَّها لن تتعافى قبل الربع الأخير من 2023. كانت “باي بال هولدينغز”  من بين الشركات التي حذرت في الآونة الأخيرة من أنَّ هوامش التشغيل المعدلة لن تنمو بالسرعة المتوقَّعة. شركة “تايسون فودز”  خفّضت هي الأخرى توقُّعات الهامش.

قالت أنيكا تريون، العضو المنتدب في “فان لانشوت كيمبين”: “بينما تبدو أرباح الربع الأول قوية؛ فإنَّنا نشهد ظهور تصدعات، إذ يفوق نمو المبيعات نمو الأرباح، مما يضغط على هوامش الشركة”.

لجأت الشركات إلى تسريح العمال، مع إلغاء عشرات الآلاف من الوظائف في مختلف الصناعات، من التكنولوجيا إلى البيع بالتجزئة. ويجب أن ينعكس تأثير ذلك في أرباح الربع الثاني.

يتوقَّع الخبير الاستراتيجي في “مورجان ستانلي” مايكل ويلسون تراجعاً إضافياً للهامش خلال الأشهر المقبلة، إذ تمثل تكاليف العمالة رياحاً معاكسةً قويةً، ويعوق ضعف الاقتصاد إمكانية فرض الشركات للسعر الذي تريده دون الإضرار بالمبيعات.

الرياح المصرفية المعاكسة

مكّنت زيادة الدخل من الفوائد وعوائد التداول وتدفقات الودائع على البنوك الكبرى أرباح المصارف من تجاهل الضغوط المالية لشهر مارس، مع إعلان جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لـــ”جيه بي مورجان تشيس اند كو” عن قرب انتهاء الأزمة.

لكنَّ رياحاً معاكسةً أخرى تلوح في الأفق. فمع تخلف المزيد من الأميركيين عن سداد المدفوعات؛ شهدت أكبر أربعة بنوك أميركية زيادة في شطب القروض الاستهلاكية المعدومة بنسبة 73% عن مستويات العام الماضي. ارتفعت المخصصات، بينما تواجه الشركات الأصغر مثل “لازارد”  ضغوطاً من بطء إبرام الصفقات.

قال بول دي لا بوم، كبير استراتيجيي السوق في “فلو بنك”: ” تداعيات انخفاض إقراض البنوك بشدة على الشركات الصغيرة يمكن أن تظهر أيضاً في الأسواق المالية مع تباطؤ النشاط التجاري بشكل عام، وتؤثر كذلك على المستهلكين”.

هذه الآثار والتداعيات يمكن أن تصل أيضاً إلى العقارات التجارية، وفقاً للرئيسة التنفيذية لشركة “فرانكلين تيمبليتون إنفستمنتس” ، جيني جونسون، التي أشارت إلى أنَّ البنوك الصغيرة تمثل 25% من إقراض هذا القطاع.

هزّ تخلف شركات مثل “بروكفيلد كورب و”كولومبيا بروبرتي ترست عن سداد الديون، قطاع العقارات، مما ترك مؤشره ثابتاً على “ستاندرد أند بورز 500″، مخالفاً مكاسب المؤشر الأوسع.

شركات التكنولوجيا نقطة مضيئة

كانت شركات التكنولوجيا نقطة مضيئة في الربع الأول، إذ تجاوزت كل من شركات “أبل” و”ميتا بلاتفورمز” و “ألفابيت” الشركة الأم لــ” جوجل” و”أمازون دوت كوم” التوقُّعات. كما أنَّها تستفيد من الإشارات التي يبعث بها الاحتياطي الفيدرالي عن إيقاف رفع أسعار الفائدة.

لكن يُتوقَّع أن تنخفض أرباح القطاع بأكثر من 7% في الربع الثاني. علاوة على ذلك؛ تشكّل التكنولوجيا 35% من حصة رأس المال السوقي لـ”إس أند بي”، ولكن أقل بقليل من 30% من أرباحه، مثلما أشار محللو “بلومبرغ إنتليجنس”. وتوقَّعوا أن يتخلف نمو أرباح التكنولوجيا والإعلام والاتصالات عن المؤشر الأوسع حتى عام 2024، مما يجعل الأسهم عرضة للخطر.

توماس هايز، رئيس مجلس إدارة “غريت هيل كابيتال”، هو من بين المستثمرين الذين يتطلعون للاستفادة من تراجع أسهم التكنولوجيا على المدى القصير. قال هايز إنَّ التراجع المقبل في أرباح التكنولوجيا “أمر معروف، وستبدأ السوق في التطلع إلى انتعاش أرباح عام 2024 في الأشهر المقبلة”.

قد تثبت تطورات الذكاء الاصطناعي أنَّها عامل رئيسي في هذا الصدد، بعد أن غذت بالفعل مسيرة صعود الأسهم في “إنفيديا” و”مايكروسوفت” وألفابت”. تتسابق الشركات الثلاث لإضافة ميزات الذكاء الاصطناعي إلى منتجاتها، مما يجعلها من بين أكبر المساهمين في مكاسب “ستاندرد أند بورز 500” لهذا العام.

دعم الصين

كانت إعادة فتح الصين حاسمةً للأسواق، إذ تجني شركات السلع الفاخرة والأولية فوائد كبيرة. وفي حين أنَّ الشركات الأميركية أقل اعتماداً على المبيعات الصينية من نظيراتها الأوروبية والآسيوية؛ فقد أبلغت شركات مثل “تيبستري”  مالكة “كوتش”  ومشغلة الملاهي الليلية “لاس فيغاس ساندس”  عن زيادة في الأرباح من انتعاش الصين.

ولكن بينما ارتفع النمو الصيني في الربع الأول إلى أعلى مستوى له في عام؛ يتعثر طلب الائتمان والطلب الاستهلاكي على ما يبدو. قال ميسلاف ماتيكا، الخبير الاستراتيجي في “جيه بي مورغان”: “القوة الدافعة ربما انتهت في معظمها”.

ذروة إعادة الشراء

دائما ما كان شراء أسهم الشركات أحد أكبر مصادر الدعم لـ”وول ستريت” ولعوائد أسهم الشركات الخاصة. غير أنَّ هذه العملية تتراجع حالياً مع ارتفاع تكاليف الاقتراض وتقلّص الاحتياطيات النقدية.

انخفضت إعادة الشراء الفعلي لأسهم شركات “إس أند بي 500″ في الربع الأول 21% عن العام الماضي، وفقاً لـــــ”جولدمان ساكس”. ويتوقَّع المصرف الاستثماري أن تشهد الأرباع المقبلة عدداً أقل من إعلانات شراء الأسهم، وأن تتراجع عمليات إعادة الشراء هذا العام إلى 808 مليارات دولار من 923 مليار دولار في 2022.