«بلا مزيد من الإبطاء».. السيسى يؤكد تطلع مصر لاتفاقية ملزمة قانونا بشأن سد النهضة

كما أكد أن مصر وضعت خطة استراتيجية متكاملة لإدارة وتنمية الموارد المائية حتى عام ٢٠٣٧ بتكلفة تقديرية مبدئية ٥٠ مليار دولار

«بلا مزيد من الإبطاء».. السيسى يؤكد تطلع مصر لاتفاقية ملزمة قانونا بشأن سد النهضة
منتصر عبد الجابر

منتصر عبد الجابر

2:55 م, الأحد, 24 أكتوبر 21

أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى كلمته المسجلة بمناسبة افتتاح الدورة الرابعة لأسبوع القاهرة للمياه، أن مصر تتطلع للتوصل فى أقرب وقت وبلا مزيد من الإبطاء لاتفاقية متوازنة وملزمة قانوناً بشأن سد النهضة اتساقاً مع البيان الرئاسى الذى أصدره مجلس الأمن فى سبتمبر ٢٠٢١ “.

كما أكد أن مصر وضعت خطة استراتيجية متكاملة لإدارة وتنمية الموارد المائية حتى عام ٢٠٣٧ بتكلفة تقديرية مبدئية ٥٠ مليار دولار، وذلك لمواجهة التحديات الجمة والمركبة فى هذا المجال، حيث إن مصر هى أكثر الدول جفافاً فى العالم بأقل معدل لهطول الأمطار بين سائر الدول، مما يؤدى للاعتماد بشكل شبه حصرى على مياه نهر النيل.

وقد أوضح المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، أن أسبوع القاهرة الرابع للمياه، يعقد تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى وبتنظيم من وزارة الموارد المائية والرى تحت عنوان “المياه والسكان والتغيرات العالمية، التحديات والفرص” فى الفترة من ٢٤- ٢٨ أكتوبر الجاري، بمشاركة لفيف من الوزراء وكبار المسؤولين فى مجال المياه والقطاعات ذات الصلة من مختلف دول العالم، بالإضافة للعلماء والخبراء والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدنى و عدد من الشخصيات الدولية.

كلمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي
رئيس جمهورية مصر العربية
فى افتتاح الدورة الرابعة لأسبوع القاهرة للمياه
تحت عنوان “المياه والسكان والتغيرات العالمية – الفرص والتحديات”
السيدات والسادة ضيوف مصر الكرام
يسعدنى الترحيب بكم فى الدورة الرابعة لأسبوع القاهرة للمياه 2021, من على ضفاف نهر النيل، واهب الحياة لملايين المصريين، وباعث الخير والنماء منذ فجر التاريخ لحضارات شعوب وادى النيل، والتى أسهمت ولا تزال بدور رئيسى فى صياغة التراث الإنسانى وصناعة الفكر البشرى على مر العصور.
السيدات والسادة،
يأتى اختيار موضوع أسبوع القاهرة للمياه فى دورته الرابعة، وهو “المياه والسكان والتغيرات العالمية – الفرص والتحديات” فى وقت يشهد فيه العالم تغيرات سريعة تؤثر على الموارد المائية وتجعل الإدارة المثلى لها عملية غاية فى التعقيد.
وغنى عن البيان أن أزمة المياه من أبرز التحديات الدولية الملحة بسبب الزيادة المطردة فى عدد سكان العالم مع ثبات مصادر المياه العذبة، فضلاً عن التدهور البيئي، وتغير المناخ، والسلوك البشرى غير الرشيد من خلال إنشاء مشروعات مائية غير مدروسة بدون مراعاة لأهمية الحفاظ على سلامة واستدامة الموارد المائية الدولية.
إن كل تلك العوامل إنما تسهم فى تفاقم الأزمة وتوثر على قدرة الدول فى الوفاء باحتياجات شعوبها من المياه، مما يحول مسألة إدارة الموارد المائية إلى تحدٍ يمس أمن وسلامة الدول والشعوب، وقد يكون من شأنه التأثير على استقرار أقاليم بأسرها.
وفى ظل هذه الأزمة الدولية الحرجة، وانطلاقاً من يقين ثابت لدى مصر بحتمية التعاون الدولى والعمل متعدد الأطراف وفى القلب منه منظومة الأمم المتحدة، انخرطت مصر بصورة بناءة فى “مسار عقد المياه للأمم المتحدة 2018 – 2028″، حيث شاركنا بفاعلية فى مختلف مراحله، بل وبادرنا بالتنسيق مع عدد من الدول الصديقة لإطلاق بيان مسار عقد المياه ومؤتمر الأمم المتحدة المرتقب لمراجعة منتصف المدة الشاملة لعقد المياه فى مارس 2023.
من ذات المنطلق، رحبت مصر بوضع أسبوع القاهرة للمياه فى دورتيه الرابعة الحالية والمقبلة فى أكتوبر 2022 على مسار عقد المياه الأممي، لفتح نقاش موسع شامل بين مختلف أصحاب المصلحة من الحكومات والمجتمع المدنى والخبراء والأكاديميين والمرأة والشباب, وذلك بهدف دفع الجهود الدولية الرامية لمواجهة التحديات المائية, خاصة ما يتعلق بندرة المياه, وتأمين وصول الإنسان إليها، وتعزيز التعاون العابر للحدود بغرض بناء أطر تكاملية ترسخ الاستقرار الإقليمى على أسس المنفعة المتبادلة والمصالح المشتركة.
السيدات والسادة
على الصعيد الوطني، تؤمن مصر إيماناً راسخاً بأن دفع جهود التنمية يُعد شرطاً أساسياً لتعزيز السلم والأمن الدوليين وإقامة نظام عالمى مستقر، ولقد تبنينا الرؤية الشاملة “مصر 2030” فى برنامج وطنى طموح يخاطب كافة مناحى الحياة، وأولينا فيه أولوية قصوى للهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة المعنى بالمياه، كما وضعت مصر الخطة الاستراتيجية لإدارة الموارد المائية حتى عام 2037 بتكلفة تقديرية مبدئية 50 مليار دولار، وقد تتضاعف هذه التكلفة نتيجة لمعدلات التنفيذ الحالية، حيث ترتكز الخطة على أربعة محاور رئيسية:

  1. تحسين نوعية المياه، ومنها إنشاء محطات المعالجة الثنائية والثلاثية.
    2- تنمية موارد مائية جديدة، حيث شهدت الفترة الماضية اتجاهاً وطنياً متنامياً لتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر.
  2. ترشيد استخدام الموارد المائية المتاحة ورفع كفاءة منظومة الرى المصرية، حيث تبنت الدولة مشروعاً قومياً لتبطين الترع والتحول لنظم الرى الحديثة بغرض تحقيق أقصى استفادة ممكنة من مواردنا المائية المحدودة.
  3. تهيئة البيئة المناسبة بما يتماشى مع برامج العمل والمشروعات المائية، وذلك من خلال التطوير التشريعى والمؤسسى وزيادة وعى المواطنين بأهمية ترشيد المياه والحفاظ عليها من كافة أشكال الهدر والتلوث.
    وتخطو مصر هذه الخطوات فى مواجهة تحديات جمة ومركبة، فنصيب الفرد من المياه فى مصر لا يتجاوز 560 متر مكعب سنوياً فى الوقت الذى عَرفت الأمم المتحدة الفقر المائى على أنه 1000 متر مكعب من المياه للفرد فى السنة، كما أن مصر هى أكثر الدول جفافاً فى العالم بأقل معدل لهطول الأمطار بين سائر الدول، مما يؤدى للاعتماد بشكل شبه حصرى على مياه نهر النيل التى تأتى من خارج الحدود، لذا تضع هذه المعادلة المائية الصعبة حالة مصر كنموذج مبكر لما يمكن أن يُصبح عليه الوضع فى العديد من بلدان العالم خلال المستقبل القريب، مع استمرار تحديات الندرة المائية، وعدم التمكن من تكريس التنسيق والتعاون العابر للحدود على نحو يتسم بالفعالية وفقاً لقواعد القانون الدولى ذات الصلة .
    وفى هذا الصدد .. يتابع الشعب المصرى عن كثب تطورات ملف سد النهضة الإثيوبي، وأود أن أؤكد تطلعنا للتوصل فى أقرب وقت وبلا مزيد من الإبطاء لاتفاقية متوازنة وملزمة قانوناً فى هذا الشأن اتساقاً مع البيان الرئاسى الذى أصدره مجلس الأمن فى سبتمبر 2021، بما من شأنه تحقيق أهداف إثيوبيا التنموية، وهى الأهداف التى نتفهمها بل وندعمها، وبما يحد فى الوقت ذاته من الأضرار المائية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية لهذا السد على مصر والسودان، وذلك على أساس من احترام قواعد القانون الدولي، وعلى النحو الذى يكرس التعاون والتنسيق لا السياسات الأحادية بين دول المنطقة.
    السيدات والسادة
    ختاماً أود أن أوُكد على أهمية إعلاء مبادئ التعاون والتضامن الدولي، بما من شأنه تمكين شعوبنا من مواجهة التحديات العالمية الراهنة اتصالاً بموضوعات المياه، حتى ننجح فى مواجهتها بالتعاون سوياً، ونتفادى أن نقع فى براثن التناحر حولها، فلا يخرج منا أحد فائز فى صراع متهور حول مصدر الحياة الواجب توفيره لكل إنسان دون تفرقة.
    لذا أدعوكم جميعاً إلى الانخراط على نحو بناء يتسم بالموضوعية والشفافية فى فعاليات الدورة الرابعة لأسبوع القاهرة للمياه، وإطلاق حوارات معمقة تتناول مختلف أبعاد قضايا المياه، بما فى ذلك جوانبها الفنية والسياسية والقانونية والبيئية والتنموية والإقتصادية.
    كما أرجو أيضاً أن تتيح نقاشاتكم مزيداً من تطوير المفاهيم والمبادئ ذات الصلة بتعزيز الإدارة الرشيدة والمستدامة للموارد المائية، وحث الدول التى تشاطئ الأنهار الدولية على إعلاء قيم التكامل والمشاركة، وتفعيل قواعد العدالة والإنصاف وعدم الإضرار بمصالح جيرانها.
    وأؤكد لكم أن مصر لن تدخر جهداً فى دفع أجندة المياه فى الأمم المتحدة والمحافل متعددة الأطراف، وتأمين حصولها على الاهتمام اللازم الذى يتسق مع قيمة المياه التى لا تقدر بثمن، والتى ترتبط ببقاء الإنسان وحياة الشعوب بأسرها.
    وشكراً.