ماهر أبو الفضل يكتب: بـاقة ورد لـ«المال»

نجحت «المال» فى أن تصبح الصحيفة الاقتصادية الأولى فى مصر وربما فى الشرق الأوسط، وهذا جزء من الحلم وليس الحلم كله، فما دام فى العمر بقية وبالصدر نفس ، ستُكمل المال رحلتها دون أن تلتفت لاحد سوى القارئ

ماهر أبو الفضل يكتب: بـاقة ورد لـ«المال»
ماهر أبو الفضل

ماهر أبو الفضل

4:44 م, الأحد, 17 مارس 13

من الصعب بمكان أن تمدح عملاً تقوم به كتفاً بكتف مع كتيبة من رفاق الطريق، لأن مدحك وشهادتك ستكون مجروحة بلا ادنى شك ولكن أن تحكى تجربتك الشخصية فهذا فرض، خاصة فى مناسبة كالتى نعيشها الآن وهى مرور 10 سنوات بالتمام والكمال على صدور الصحيفة التى بين يديك عزيزى القارئ.

أتذكر أننى قبل 11 عاماً إلا قليلا وبعد حصولى على ليسانس الفلسفة وأدائى الخدمة العسكرية لم أكن أعرف لى قبلة أو هدفًا ، بعد أن ضاع حُلم التدريس بالجامعة، لأسباب ليس هذا مكانها ولا توقيتها.

لكن «إذا كان الحلم مرًا فالواقع أمر من المُر» فهل أندب حظى وأبكى حلمى الذى اضمحل كالبخار؟ أم أحاول مرة أخرى؟ وكانت المحاولة هى الخيار الأمثل.

حاولت فى مجال الصحافة الإقليمية ، وبعد عام إكتشفت أنها لا تُرضى طموحى ولكنها خطوة ، حزمت امتعتى ورحلت من المنيا إلى قاهرة المعز ، وقتها تعرفت من خلال صديق لى ، على استاذي وصديقى وأخى وصاحب الفضل علىً بعد الله، الدكتور عمار على حسن- وليسمح لى أن أجور على حقه لضيق المساحة- .

أتذكر جيدًا هذا اللقاء على أحد المقاهى بشارع هدى شعراوى ، وبعد حوار استمر أكثر من ساعتين مع شيخى واخى الدكتور عمار ، نصحنى بممارسة الصحافة الاقتصادية تحديدًا ، لأنها – من وجهة نظره – رغم صعوبتها ، لكن مستقبلها آتِ ، ولم يكتف فقط بالنصيحة وهى إحدى خصاله ، بل مهد لى الطريق.

هاتف رئيس التحرير حازم شريف وطلب منه المساعدة فى توفير فرصة لوافد حاضر للتو من الصعيد، وأخبرنى بأن اذهب لرئيس التحرير يوم الاحد 28 ديسمبر 2003 ، ونصحنى بشراء صحيفة «المال» التى لم يمض على صدورها فى هذا التوقيت سوى 9 شهور ، والاطلاع عليها ، وقد كان.

لكن بعد قراءة الموضوعات الصحفية المنشورة بجريدة المال، شعرت للوهلة الأولى بأن الفشل ينتظرنى!! فكيف لى وأنا لا أعرف فى الاقتصاد سوى جدول الضرب ، أن أفك طلاسم المصطلحات التى تحويها تلك الصحيفة مثل “معدل التضخم” و “الانتربنك” و”الدولرة” و”ميزان المدفوعات” و”الأسهم” و”الميزان التجارى” و”إعادة التأمين” وغيرها .

ظننت فى هذا التوقيت – وأن بعض الظن إثم- أن الدكتور عمار «ورطنى» ولكنى ذهبت فى الوقت المحدد لمقابلة رئيس التحرير بمقر الصحيفة حينذاك فى 13 شارع أحمد عرابى بالدور السادس، وقتها عرضت عليه الموضوعات التى كتبتها فى الجريدة الإقليمية التى كنت أعمل بها .

كنت أتوقع أن رئيس التحرير سيقرأ أيا من الموضوعات التي نشرتها في الصحيفة الإقليمية، ولكنه طرحها جانبًا !! وقال لى ” حدثنى عمار -مع حفظ الألقاب كونه صديقه- عنك ويوجد إجتماع تحرير يوم الاحد في السادسة مساءً ، فلتشاركنا لتشاهد ما يقال فى هذا الاجتماع ، لتتعلم .وقد كان.

لم يختلف الانطباع ما بين قراءتى للطلاسم التى تحويها الصحيفة فى العدد الذى اشتريته ، والموضوعات التى كان يطرحها الزملاء للمناقشة ، وبعد انتهاء المناقشات فاجأنى رئيس التحرير بسؤال «عندك افكار يا ماهر»؟.

تصببت عرقاً ولسان حالى يقول «احنا ما اتفقناش على كده»، ولكن فى لحظة ما قلت له سأكتب عن المناطق الصناعية فى الصعيد ، فهى كثيرة ، ولكن المشاكل التى تحاصرها أكبر مما يتصور، وكانت الموافقة على الموضوع دون مناقشة، وقال لى ” إن هناك وقتاً محدداً لتسليم الموضوع ” Deadline ” وهو يوم الثلاثاء .

كانت عقارب الساعة تشير للتاسعة مساءً ، عزمت السفر للمنيا ، ووصلت فى صبيحة اليوم التالى ، واتجهت مباشرة للمنطقة الصناعية بالمحافظة.

فى اليوم التالى – الثلاثاء – ذهبت لأسيوط ، وعصر اليوم نفسه سافرت مجددًا للقاهرة ، وكتبت التحقيق فى القطار ، وسلمته فى الوقت المحدد.

كنت أظن أن سلة المهملات تنتظر ما كتبت، ولكن المفاجأة كانت نشر الموضوع فى صدر صفحة اقتصاد وأسواق، وكانت تلك البداية ولم تكن النهاية، بعدها توالت الموضوعات، واجهت خلالها مواقف مختلفة بعضها صعب وبعضها طريف، منها على سبيل المثال حينما كنت أُعرف نفسى لمصدر ما ، وأقول له أنا فلان محرر بجريدة «المال» فيكون رده «المال والبنون» مصحوبة بقهقهة عالية.

تلك المواقف كان يعيننى عليها ما أراه من الزملاء بصالة التحرير فى اجتماع الأحد ، من إصرار على النجاح، لم أشعر منذ ذلك الوقت وحتى الآن بأننى غريب، بل بالعكس كنت أجد كل مساندة من كل زملائى سواء من استمر فى العمل معنا حتى الآن ، أو حتى من اختار طريقاً اخر فى صحيفة أخرى.

لا ينكر إلا جاحد فضل تلك الصحيفة عليه، فقد نجحت «المال» فى أن تصبح الصحيفة الاقتصادية الأولى فى مصر وربما فى الشرق الأوسط، وهذا جزء من الحلم وليس الحلم كله، فما دام فى العمر بقية وبالصدر نفس ، ستُكمل المال رحلتها دون أن تلتفت لاحد سوى القارئ، وهى قادرة على استكمال الحلم بتعبِ وجهد كتيبة محرريها بتنوع اتجاهاتهم الفكرية ومستوياتهم الثقافية والاجتماعية، وقبلهم فريق من الجنود المجهولين كجهاز التسويق بقيادة المايسترو فيكتور حنين، ورجاله محمد بدوى، ومحمد رضوان، وأبوالفتوح، وغيرهم، والإداريون بقيادة الرائع حسام حسنى، ومعاونو الخدمة وفى مقدمتهم عم سيد ورفاعى، وأشرف ومصطفى، ومحمد وأبورحاب.. فلـ«المال» صحيفة وصحفيين ولكل العاملين بها باقة ورد وإلى منتهى الأعوام.

ماهر أبو الفضل

[email protected]

ماهر أبو الفضل

ماهر أبو الفضل

4:44 م, الأحد, 17 مارس 13