بدأت السلطات الرقابية في بريطانيا التحرك باتجاه فرض قواعد إصلاحية جديدة على شركات المحاسبة المالية الكبرى الأربعة، لإجبارها على معالجة القصور الذي أدى إلى فشل كشف إفلاسات مفاجئة لكيانات عملاقة كانت تشرف عليها.
وأعلن “مجلس التقارير المالية” في بريطانيا، وهو الجهة التنظيمية لشركات المراجعة والمحاسبة المهنية والاكتواريين، مهلة أمام “الأربعة الكبار” حتى عام 2024 لفصل أنشطة التدقيق والمراجعة عن الأنشطة الأخرى خاصة تلك المتعلقة بالاستشارات.
والأربعة الكبار في عالم المحاسبة، هم برايس ووترهاوس كوبرز (PwC) وديلويت (Deloitte) وكي بي إم جي (KPMG) وإيرنست آند يونج (Ernest & Young).
وبالرغم من مهلة السنوات الأربعة، ألزم المجلس الشركات بتحديد الكيفية التي ستعمل من خلالها على تنفيذ هذا القرار بحلول نهاية أكتوبر المقبل.
وبعد أن تقدم الشركات خططها، سيقوم المجلس بوضع جدول زمني لكل منها من أجل الامتثال، ثم نشر تقييم سنوي لمدى امتثالها.
ويعد القرار “أول إصلاح هيكلي” منذ عقود لشركات المحاسبة الكبرى بعد سلسلة الإفلاسات الضخمة التي ظهرت فجأة لشركات كانت تشرف عليها بداية من شركة الإنشاءات البريطانية كاريليون Carillion عام 2018، وحتى شركة معالجة المدفوعات “” قبل أسابيع.
مكافحة تضارب المصالح
ويسعى القرار الجديد إلى إنهاء تضارب المصالح و تحسين الرقابة التنظيمية، فيما ينتظر أن تصدر قرارات أخرى لزيادة المنافسة.
وتتولى الشركات الأربعة تدقيق حسابات جميع الشركات المدرجة على مؤشر فاينانشيال تايمز 100، كما أنها المراجع الرئيسي أيضا لحسابات جميع شركات فاينانشيال تايمز 250 باستثناء 21 شركة منها.
كما يستهدف الفصل التشغيلي للوحدات داخل “الأربعة الكبار”، ضمان عدم اعتماد أنشطة المراجعة والتدقيق على “الدعم المتبادل المستمر” من بقية وحدات شركة.
ويأتي هذا الإصلاح في ضوء حقيقة مثيرة للاهتمام وهي أن هذه الشركات تولد الآن أكبر حصة من إيراداتها عبر الخدمات الاستشارية.
وفي الواقع، لا تمثل إيرادات التدقيق التي تأتي نظير رسوم المراجعة، سوى 20٪ فقط من إجمالي إيرادات “الأربعة الكبار”.
وتتهم تلك الشركات بثغرات عديدة وقصور في عمليات المراجعة بسبب توسعها السريع في تقديم الخدمات الاستشارية خلال السنوات الأخيرة.
وقال مجلس التقارير المالية إن القواعد الجديدة تهدف إلى منع المحاسبين من التأثر بأجزاء أخرى من أعمال الشركة التي يمكن أن تحول التركيز عن جودة المراجعة.
وأضاف إن الأرباح الموزعة على الشركاء يجب ألا “تتجاوز باستمرار المساهمة في أرباح ممارسة المراجعة”.
وأوضح كارثيك رامانا، أستاذ السياسة العامة في جامعة أكسفورد، إن إصلاح تضارب المصالح “خطوة أولى جيدة”.
وتابع: “لكن يجب دعم تغيير حقيقي للثقافة داخل شركات التدقيق.. يحتاج المدققون المبتدئون إلى الاطمئنان لأن شركاتهم ستكافئهم إذا ما شككوا في افتراضات العملاء”.