بعد أزمة «المومس الفاضلة».. التريند يتحكم في الثقافة والفن

تدور أحداث مسرحية المومس الفاضلة والتي استوحى كاتبها جون بول سارتر أحداثها من واقعة حقيقة تعرف إعلاميا بـ«فتية سكوتسبورو»، وحدثت الواقعة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1931

بعد أزمة «المومس الفاضلة».. التريند يتحكم في الثقافة والفن
سلوى عثمان

سلوى عثمان

9:00 م, السبت, 13 نوفمبر 21

جاء إعلان الفنانة إلهام شاهين عن اعتزامها إعادة تقديم مسرحية «المومس الفاضلة» للكاتب جان بول سارتر ليثير جدلا كبيرا في الإعلام والشارع المصري، وذلك بالرغم أن هذه المسرحية كانت قد قدمت بالفعل على خشبة المسرح القومي في عام 1958، من إخراج حمدى غيث، وبطولة سميحة أيوب.

وتصاعدت حالة الجدل لتصل الى البرلمان، حيث تقدم بطلب إحاطة للمستشار الدكتور حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب، موجه لرئيس مجلس الوزراء، ووزيرة الثقافة، بشأن مسرحية «المومس الفاضلة»، أو «الساقطة الفاضلة» بحسب ما جاء في طلب الإحاطة.

وأكد محسب أن: «طريقة التناول والمعالجة للمسرحية التي كتبها المفكر الفرنسي جان بول سارتر قبل أكثر من 75 عاما غير مناسبة للمجتمع المصرى، بل ومن الممكن أن يطلق عليها فن إباحى».

ميلاد الفكرة بمهرجان «شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي»

ضمن فاعليات الدورة السادسة لمهرجان «شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي» الذي انتهت فاعلياته الخميس الماضي، تم تنظيم ندوة إحتفائية بسيدة المسرح العربي سميحة أيوب، وكانت الفنانة ألهام شاهين من بين الحاضرين، ووجهت سؤالا لأيوب عن أكثر الأدوار قربا لها، لأنها تتمنى أن تعيد إحدي مسرحيات سيدة المسرح العربي مرة آخرى.

كما تم تنظيم ندوة أخري عن كتاب «المتمردة» الذي أصدره «المهرجان القومي للمسرح المصري» وأهدى 100 نسخة لمهرجان شرم الشيخ، وقامت شاهين بالتصريح أنها تتمنى تقديم مسرحية «المومس الفاضلة» بعد أن أخبرتها سميحة أيوب أن هذا هو الدور الأقرب لها من بين عشرات الأدوار التي قدمتها للمسرح المصري.

وأعلنت أنه تم الإتفاق على أن تكون سميحة أيوب نفسها هى مخرجة هذه المسرحية ــ أخرجت 5 مسرحيات طبقا لكتاب « سميحة أيوب .. سيدة المسرح العربي » تأليف الدكتور عمرو دوارة

وكان من بين الحاضرين بالندوة الفنان إيهاب فهمى ، مدير فرقة المسرح القومي ، والذي قيل له من قبل أحد الحاضرين أنها فرصة يجب أن يغتنمها .

وقالت شاهين للحضور تخيلوا معى بوستر المسرحية على باب خشبة المسرح القومي « المومس الفاضلة .. بطولة إلهام شاهين .. وإخراج سميحة أيوب » .

وخلال الندوة لم يعلن عن موعد البروفات ، ولا مكانها ، كما أنهم لم يعلنوا عن جهة الإنتاج التي سوف تتولى إنتاج هذا المشروع ، كما أن إلهام شاهين نفسها أعلنت عن تمنيها إكتمال هذا الحلم دون تفاصيل آخري .

ومع ذلك أصبح اسم الفنانة إلهام شاهين تريند عبر موقع البحث جوجل بعد عدة أيام قليلة بمجرد تقديم طلب الإحاطة .

إلهام شاهين: لم نقرر متى سيتم إنتاجها مرة أخرى

أوضحت الفنانة إلهام شاهين أثناء تواجدها بمهرجان » شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي » إن مسرحية «المومس الفاضلة» مأخوذة عن الأدب العالمي ــ تأليف جان بول سارتر ــ، وجسدتها الفنانة سميحة أيوب على المسرح القومي في ستينيات القرن الماضي، وحققت بها نجاحا كبيرا، وأن أيوب كانت تعتبرها نقلة حقيقية في تاريخها الفني حتى انها اعتبرتها المسرحية الأكثر قربا لها طوال تاريخها الكبير، فعرضت عليها أن تقوم بتجسيدها ورحبت بالأمر وقالت أنها ستخرجها لها.

وأكدت على أنهم لم يقرروا متي ستبدأ البروفات، أو كيف سيتم إعادة إنتاجها مرة آخري ، بل هي مجرد فكرة قررا إطلاقها معا وتمنت أن تستكمل تفاصيل هذا الحلم ويتم تقديمها بالفعل.

محمد الروبي: ما يحدث يكشف ادعاء التنوير  

أما الناقد المسرحي محمد الروبي ، رئيس تحرير جريدة مسرحنا ، فأكد على أنه كان يظن أن من سيعترض على تقديم المسرحية سيكون لسبيين : أولهما أنها كأغلب مسرحيات جان بول سارتر يغلب عليها الفكر على الدراما ، أو بسبب الاسم فيتم تغييره تحسبا منهم أن المجتمع الأن وبعد تصحر فكري واخلاقي سيرفض المسرحية من العنوان فيمهدون له بعنوان اخف .

أما ما يحدث حاليا من إنتقاد لمجرد الإعلان عن الاسم فقط فهذا يكشف ما وصلنا إليه من إدعاء التنوير ، خاصة أن هناك العديد من المدعين الذين يرفعون شعارات الحريات أثبتوا أنهم السبب الرئيسي وراء الوقوف أمام هذه الحريات .

وعما حدث بعد الإعلان عن الاسم ، قال الروبي أن من قاموا بالسخرية بمجرد ذكر اسم المسرحية لا يعلمون شيئا عن النص أو مؤلفه ، وأنهم قاموا بالسخرية بجهل من التصريح عن الاستعدادات لتجهيز هذه المسرحية من بطولة إلهام شاهين ومن إخراج سيدة المسرح العربي سميحة أيوب التي سبق وأن لعبت الدور نفسه، مشددا على أنه أصبح من السهل أن يكتشف هؤلاء الأشخاص بسهولة من خلال استخدام وسائل البحث المتطورة ليعرفوا أن هذه المسرحية قدمت على المسرح القومي بمصر في الستينيات ( وما ادراهم ما الستينات ) .

د. عمرو دوارة: لم تتخذ أيه جهة إنتاج إيه إجراء لتقديم الفكرة

أوضح الدكتور عمرو دوارة ، المؤرخ المسرحي  ومؤلف كتاب « سميحة أيوب ,, سيدة المسرح العربي » ــ ضمن إصدارات الدورة السادسة لمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي ــ أن الفنانة إلهام شاهين عبرت فقط عن رغبتها في هذا النص الذي سبق أن قدمته سميحة أيوب عام 1958.

وأضاف دوارة أن وزارة الثقافة أو البيت الفني للمسرح لم يعلنا عن عزمهما لإتخاذ أيه إجراءات لتنفيذ هذه الفكرة ، وإنتاجها على أحد مسارح الدولة ، وتسأل عن سبب هذه الضجة الكبيرة على إحد النصوص الهامة جدا .

وعن نص « المومس الفاضلة » قال دوارة أنه من الاعمال التي كانت نقطة تحول فني في تاريخ سميحة أيوب عندما قدمتها على خشبة المسرح ، وأشار إلى أنها رفضت تقديمه فى البداية ، ولكن الفنان حمدي غيث هو الذي شجعها على تقديم هذا الدور المختلف .

وأشار دوارة إلي أن النص يدور حول التفرقة العنصرية ، والمومس في المسرحية لا تعتبر المراة ولكن السيناتور ــ الذي هددها بتلفيق تهمة لها لإقدامها على الشهادة ضد نجله القاتل وتخليص أحد الزنوج من الزج به فى السجن زورا ــ .

حكاية مسرحية «المومس الفاضلة» للكاتب جان بول سارتر

تدور أحداث مسرحية المومس الفاضلة والتي استوحى كاتبها جون بول سارتر أحداثها من واقعة حقيقة تعرف إعلاميا بـ«فتية سكوتسبورو»، وحدثت الواقعة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1931، عندما اتهمت سيدتان أمريكيتان 9 مراهقين من أصول أفريقية بالاغتصاب وتمّ الحكم على 8 منهم بعقوبات تتراوح بين الإعدام والسجن لمدة 75 عامًا، دون محاكمات عادلة أو توقيع كشف طبي على السيدتان للتأكد من ارتكابهم للواقعة ..

والمسرحية كانت حول فتاة ليل تدعى «ليزي» تكون شاهدة وحيدة على واقعة تعدى رجل أبيض على فتاة ليل داخل القطار، ولكن توجه الاتهامات إلى راكب أسود البشرة والذي يهرب في محاولة لإثبات برأته ، وتتعرض «ليزي» لضغط شديد من قبل والد الرجل الأبيض، الذي يعمل سيناتور في مجلس النواب الأمريكي، في محاولة لجعلها تشهد ضد الرجل الأسود في المحكمة، وأمام رفضها يهددها بالقبض عليها بتهمة ممارسة البغاء .