قبل سنوات الحرب، كانت الأسر السورية تتفن في إعداد أشكال وأصناف عديدة من المؤون والمواد الغذائية ليتم تخزينها قبل قدوم فصل الشتاء، لكن غلاء الأسعار وضعف القدرة الشرائية لدى شريحة واسعة من الأفراد، دفع الكثيرين منهم للعزوف عن هذه العادة القديمة، بحسب وكالة شينخوا.
وفي شهري سبتمبر وأكتوبر من كل عام، يبدأ السوريون في التجهيز لمؤونة الشتاء من المكدوس، (وهي أكلة شعبية) والبقوليات بأنواعها، إضافة إلى تجفيف الفواكه، والذي يتزامن مع افتتاح المدارس وشراء مادة المازوت لغرض التدفئة، والتي باتت تثقل كاهل الأسر السورية عامة.
لكن هذا الطقس الشعبي المتوارث تغير، وأصبحت المؤون تقتصر على ما هو ضروري فقط، والاكتفاء بالحد الأدنى منها.
انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة
ولعل انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة في معظم المناطق، كان من العوامل التي شكلت عائقا أمام هذا الطقس السوري المعتاد، فتخزين المؤون في الثلاجات يحتاج الى ساعات طويلة من الكهرباء، فلجأ الغالبية إلى تجفيفها عبر تعريضها للشمس، وتخزينها لكن بكميات قليلة، واقتصرت على شرائح مجتمعية سورية محددة.
قالت سميرة العبدالله (56 عاما)، وهي ربة منزل، تعيش في منزلها مع أسرتها المؤلفة من أربعة أشخاص، لوكالة شينخوا “قبل الحرب في سوريا كانت غالبية الأسر تتفن في صنع ما لذ وطاب من طعام وشراب لتخزينها كمؤونة قبل حلول فصل الشتاء، أما خلال سنوات الحرب اختلف كل شيء، واليوم غالبية الأسر تخزن بعض المؤون ذات السعر الأرخص والأقل تكلفة”.
وبينت العبدالله أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة شكلت عائقا أمام غالبية الأسر السورية لتأمين المؤون اللازمة لفصل الشتاء، وبات الأمر يقتصر على ما هو ضروري.
من جانبه، أكد حمد الهادي (37 عاما) أن غلاء الأسعار خطف الفرحة من بيوت السوريين عموما، وغاب طقس المؤونة الذي كان الأهل يجتمعون للقيام به، مبينا أن هذا الأمر ترك أثرا سلبيا في نفوس الناس.
وقال الهادي، أثناء وجوده في إحدى معاصر الدبس بمحافظة السويداء (جنوب سوريا)، “قبل سنوات كانت الناس تساعد بعضها البعض في قطاف العنب وعصره في المعصرة كي يُستخرج منه دبس العنب، وكانت الناس توزع الدبس بشكل مجاني على الأسر المحتاجة”، مؤكدا أن هذه العادة غابت، والسبب هو غلاء الأسعار، وارتفاع أسعار تكاليف الإنتاج.
ويعزو خبراء الاقتصاد في سوريا تدهور الأوضاع المعيشية في سوريا إلى سنوات الحرب الطويلة وخروج الكثير من الموارد الطبيعية والثروات النفطية عن سيطرة الدولة السورية، إضافة إلى العقوبات الأمريكية التي استهدفت الشعب السوري في لقمة عيشه وحرمته من الطعام والدواء.