تبنت بحوث شركة «برايم » رؤية مستقرة للاقتصاد المصرى على المدى القصير، على أن تتحول للإيجابية على المدى الطويل.
وأضافت «برايم» – فى تقرير بحثى حديث – أن الحكومة المصرية بذلت قصارى جهدها للحفاظ على مسار الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى نحو مستويات ما قبل الحرب الروسية الأوكرانية.
وأوضحت أنه وفقًا لآخر التقارير الاقتصادية فقد تحقق ذلك مع استمرار الإنفاق الهائل الذى تقوم به الحكومة على حساب عجز أكبر، مشيرة إلى أن الحفاظ على نمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى سيكون أمرا بالغ الأهمية لأهداف الحكومة المصرية فى محاولة لإعادة الاقتصاد إلى مستويات ما قبل جائحة كورونا.
وقالت إن الرؤية الاقتصادية ستتحسن إلى الايجابية مع تزايد شهية المستثمرين وستزيد من رغبة الحكومة فى تطبيق الثورة الصناعية الرابعة «4IR” فى مصر.
على جانب آخر، تناولت «برايم» خلال تقريرها التعليق على 5 بنود من حديث الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء الأخير الخاص ببحث سُبل التعامل مع الأزمة العالمية خلال الوقت الحالى.
كانت الحكومة عقدت يوم الأحد الماضى مؤتمرًا صحفيا بقيادة رئيس مجلس الوزراء دكتور مصطفى مدبولى للتأكيد على التزامها بالصمود فى وجه الأزمة الاقتصادية العالمية.
وأوضحت «برايم» أن المؤتمر استهدف الجمهور بشكل عام والمستثمرين بشكل خاص سواء كانوا محليين أو أجانب لشرح خطط الدولة للتعامل مع الأزمة العالمية الحالية، سواء إن كانت تتمثل فى ارتفاع أسعار السلع والطاقة، أو صعود الدولار الأمريكى أو تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
وقالت إن الحديث تناول عدة موضوعات ستتناول «من بينها 5 مقتطفات للتعليق عليها.
بداية، على صعيد البند الخاص بتوجه الدولة لخفض فاتورة الواردات المصرية، أكدت «برايم» أن استبدال الواردات جزءًا رئيسيًا من خطة الحكومة الجديدة، والتى تهدف من خلالها إلى دعم الصناعات المحلية التى تنافس السلع المستوردة بما يؤدى إلى خفض فاتورة استيرادها بحوالى 20 مليار دولار.
يُذكر أن رئيس الوزراء قال إن الدولة المصرية كانت تستورد حوالى %42 من احتياجاتها من الحبوب من روسيا وأوكرانيا، وكان %31 من عدد السياح الوافدين إلى مصر من هذين البلدين.
وأوضحت «برايم» أن هذا التوجه سيؤدى إلى سلسلة من الآثار على الاقتصاد من بينها احتمالية ارتفاع التضخم المستورد على المدى القصير مما قد يتسبب فى انخفاض مستوى المعيشة.
وأضافت أن هذا التوجه قد يؤدى أيضًا إلى ارتفاع شبه مؤكد للناتج المحلى الإجمالى حيث يزداد الإنتاج والدخل الإضافى بدعم من انخفاض معدل البطالة.
وأوضحت أنه من المفترض أن يؤدى أيضًا إلى تحسين عجز الحساب الجارى، خاصة مع تخطيط الحكومة لزيادة قدرتها التصديرية لإحلال واردات معينة وتشجيع الصناعات داخل أسواق عالمية قوية تتمتع فيها مصر بميزة نسبية مثل المنسوجات.
وقالت إن البند الثانى متعلق بحديث رئيس مجلس الوزراء عن تحفيز النشاط بالبورصة المصرية، موضحةً أنهُ تم خلال المؤتمر الصحفى الإعلان عن بيع حصص فى 12 شركة مملوكة للدولة على سبيل المثال دمج أكبر سبع موانئ فى مصر وأعلى سبع فنادق من حيث الأداء.
وكان رئيس الوزراء كشف سابقًا أن الحكومة تستهدف ضمن برنامج الطروحات طرح 10 شركات تابعة للدولة منها أجزاء من قطاع الأعمال وشركتان تابعتان للقوات المسلحة، التى يمكن طرحها قبل نهاية العام فى البورصة المصرية.
وأوضحت “برايم» أن هذا سيجلب الكثير من السيولة والزخم الذى تحتاجهُ البورصة المصرية، وخاصة أن كلا القطاعين يجلبان أرباحا بالعملة الصعبة مما يجعل المستثمرين الأجانب أكثر استعدادًا لشراء أسهمهم.
وتابعت إنه حال حدوث اهتمام كاف بالبورصة المصرية، فقد يحفز ذلك المزيد من الشركات على التفكير فى إجراء الطروحات العامة الأولية وذلك بشرط توافر السيولة.
أما فيما يتعلق بالبند الذى تناوله رئيس مجلس الوزراء والخاص بخلق تدابير لخفض معدلات التضخم بما يهدف إلى تخفيف حدة الأزمة، قالت «برايم» إن الحكومة المصرية كانت قد أعلنت عن زيادة حد الإعفاء الضريبى بـ6 آلاف جنيه، أو بنحو %25 إلى 3 آلاف جنيه.
وعلقت «برايم» أن هذا القدر يبدو ضئيلاً فى البداية ولكن عدد الأشخاص الأكثر تأثرًا من ذلك لديهم ميل للاستهلاك بشكل كبير.
وأضافت «برايم» أنه من الواضح أن الحكومة المصرية تفقد قاعدة ضريبية كبيرة، ولكن مثل هذه الخسارة الناتجة عن زيادة حد الإعفاء سيقابلها زيادة فى معدل الإنفاق من جانب المستهلكين مما يعنى ارتفاع الناتج المحلى الإجمالى.
وكان الحديث عن استثمارات الطاقة الجديدة لتعزيز النمو الاقتصادى هو البند الرابع الذى تناولته بحوث «برايم»، وقالت إنه على مدار العامين الماضيين كثر الحديث عن الصناعات الخضراء مثل الأمونيا الخضراء والهيدروجين الأخضر.
وأضافت «برايم» أنه على الرغم من ضآلة التفاصيل المتوفرة عن هذه الصناعات إلا أنه نُشر مؤخرًا عن أنه قد تم توقيع 10 مذكرات تفاهم متضمنة وعودا بقيمة 40 مليار دولار من الاستثمارات فى هذا القطاع الناشئ.
وأوضحت «برايم» أن ما يحدث على الساحة العالمية فيما يخص أسعار الغاز فى أوروبا على وجه التحديد يؤكد أن العديد من هذه الدول ترغب فى إيجاد بدائل مستدامة للوقود.
وأشارت إلى أن موقع مصر من حيث القرب والقدرة التوزيعية المصحوبة باستخدام واسع النطاق بالفعل للطاقة المتجددة كمحطة بنبان على سبيل المثال، يجعلها فى وضع ثمين لتصبح مركزًا حقيقًا للطاقة قادرًا على النفاذ عالميًا.
فيما تناول البند الخامس حديث الحكومة عن خلق بيئة أكثر ملاءمة للمستثمرين، إذ أكدت الحكومة حينها أنه سيتم إزالة الكثير من الإجراءات الروتينية القديمة والحواجز البيروقراطية إلى حد إصدار ترخيص ذهبى خاص للمشروعات التى تعتبر ذات أهمية وقيمة عالية.
يُذكر أن رئيس الوزراء كان قد نوه خلال المؤتمر الصحفى الأخير إلى أنه سيتم إطلاق حزمة من الحوافز المتنوعة والجديدة ، تتضمن حوافز خاصة بقانون الاستثمار، وحوافز خضراء، وحوافز الاستثمار فى القطاع الصحى، فضلاً عن تفعيل الرخصة الذهبية، التى يقوم رئيس الوزراء بإصدارها رخصة واحدة تجُب جميع الموافقات والاشتراطات المصدرة من جهات أخرى.
وتابعت «برايم» أنه تمت إضافة حوافز جديدة مثل إعفاءات ضريبية لمدة من 3 : 5 سنوات للشركات الجديدة التى تعمل فى قطاعات إستراتيجية، كما أنه سيتم إنشاء مركز لحل المشكلات حيث يمكن للمستثمرين والشركات التواصل مباشرة مع الحكومة حول العوائق التى تعترض أعمالهم.
وقالت «برايم» إن الحكومة تحاول تشجيع الاستثمار الأجنبى فى قطاعات التكنولوجيا الحديثة مثال معالجة مراكز البيانات والمركبات الكهربائية التى بدأت مصر بالفعل عليها مع الشركة المصرية للاتصالات وشركة «إم سى فى» كونهما شركتين تعملان فى هذه المجالات على التوالى.
ولفتت «برايم» إلى أن الحكومة ترغب فى تحسين وترسيخ فكرة حقوق النشر وحقوق الملكية الفكرية بالمضى قدمًا لتأمين المستثمرين من حيث حماية أعمالهم بموجب القانون.
ولفتت «برايم» إلى أن الحكومة المصرية تبحث الآن وقف مزاحمة استثماراتها للقطاع الخاص من خلال الخصخصة وتخفيض حصتها السوقية فى جميع الصناعات باستثناء الصناعات الإستراتيجية مثل قناة السويس.
يُذكر أن رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى أشارإلى أن جميع المؤشرات بدأت تخفض توقعات النمو الاقتصادى على مستوى العالم، بعد أن سرى التفاؤل بين الأوساط الاقتصادية بعد انتهاء أزمة كورونا، وبدأت التوقعات بتخفيض معدلات النمو مرة ثانية، حيث أصبح المعدل المتوقع %3.6 للنمو العالمى، بعد أن كان %4.4، بل إن هناك مؤسسات مالية ترى أن نسبة %3.6 ربما يكون صورة براقة للوضع الاقتصادى فى ظل الأزمة الراهنة وقد يتراجع المعدل عنه أيضا خلال الفترة المقبلة.
ونبه رئيس الوزراء حينها إلى أن كل ما حدث من تداعيات سلبية أجبر دولا كثيرة إلى الاتجاه نحو التشديد النقدى، وهو ما كشفتهُ المتابعة القرارات التى اتخذها البنك الفيدرالى الأمريكى غير المسبوقة منذ 20 عاما، من حيث رفع معدلات الفائدة، وهو ما جعل دولا أخرى عديدة تحذو حذوه فى رفع الفائدة لديها.
ونوه إلى أن هذه الصورة توضح بشكل ملحوظ حجم الأزمة الاقتصادية التى يمر بها العالم صغيره وكبيره، فأى تأثير لأى أزمة عالمية يؤثر بلا شك فى العالم أجمع.
وأوضح أن جميع الدول لا بد أن تشعر بحجم التداعيات والتأثيرات الشديدة لهذه الأزمة، وبدأت كل مؤسسات التصنيف تخفيض تصنيف الدول، ولكن برغم كل ذلك، ففى تقييم شهر أبريل الماضى، أبقت مؤسستا «ستاندرد آند بورز»، و«فيتش»، على التصنيف الائتمانى لمصر.