بداية النهاية لمستقبل «أردوغان» السياسى

شريف عطية

6:57 ص, الخميس, 4 أبريل 19

شريف عطية

شريف عطية

6:57 ص, الخميس, 4 أبريل 19

بقلم : شريف عطية

فيما يسعى الرئيس التركى بدأبٍ شديد لأن يثبّت أقدامه ونفوذ حزبه «العدالة والتنمية» فى حكم البلاد طوال العقدين الأخيرين، إلى أن يحل موعد الانتخابات الرئاسية 2023، إذ تجىء نتائج الانتخابات المحلية 31 مارس الماضى مخيبة لآماله على طريق تثبيت أركان نظام حكمه.. الذى انتقل فى 2018 من نظام برلمانى إلى جمهورية رئاسية ذات صلاحيات لا محدودة، حيث كان يرغب أن يكون اختيار البلديات والمدن والأحياء والقرى فى الانتخابات المحلية خطوة إضافية لصالحه، إلا أنه أفاق على وقع صدمة خسارة حزبه فى أكبر المدن التركية.. سبق أن هددته فيها المعارضة خلال الاستفتاء على تعديل الدستور 2016، فى العاصمة أنقرة وأزمير وإسطنبول التى هى بمثابة درة التاج والمؤشر الرئيسى على من يفوز بالسلطة فى البلاد، مما يوحى ليس فقط ببداية النهاية لهيمنة حزب العدالة والتنمية الحاكم فى الانتخابات القادمة بعد أربع سنوات، بل أيضاً كمؤشر على تداعى أركان إمبراطوريته المكونة من فروع جماعة «الإخوان المسلمين» فى مختلف أرجاء المعمورة، إذ رغم تزايد عدد الناخبين البالغ %84 من المشاركين، إلا أن الحزب تلقى بالفعل ضربة موجعة فى الانتخابات المحلية التى سبق أن وصفها «أردوغان» مرارًا أثناء الحملة الانتخابية بأنها مسألة حياة أو موت، وحيث كشفت النتائج حتى الآن عن تقدم تحالف العدالة والتنمية الحاكم فى نحو 40 ولاية من إجمالى أصل 81 ولاية، أهمها على الإطلاق المدن الكبرى التى فاز فيها تحالف المعارضة، ذلك رغم سيطرة الحكومة التركية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على نحو %95 من وسائل الإعلام فى البلاد، لكن وسائل التواصل الاجتماعى (المستقلة) ساهمت بدور كبير فى الانتخابات.

إلى ذلك، يمكن القول إن الشعب التركى بالنتائج التى تمخضت عنها الانتخابات المحلية.. يرفع فى وجه رئيسه تحذيراً مسبقاً بالبطاقة الحمراء التى تؤذن بقرب انتهاء رئاسته التى ابتدأها قبل 17 عاماً ديمقراطياً لينتهى بها ديكتاتوراً، ومن الالتزام آنذاك بجماعية القيادة إلى التخلص من رفاق الدرب واحداً تلو الآخر على جانبى الطريق، ومن استهداف «صفر من المشاكل» فى السياسة الخارجية قبل أن تزدحم بالخلافات مع كافة الجيران فى الشرق والغرب، وإلى أن تصبح بلاده معبراً لجماعات الإرهاب، وليتحول من رجل دولة إلى سياسى شعبوى، وفيما لم يربح فى النهاية سوى دولة قطر.. فقد خسر فى المقابل فضلا عن جيرانه، نفوذه فى كلٍ من أنقرة وأسطنبول، ورغم أن المعارضة قد وجهت ضربة قوية للرئيس التركى إلا أن حزب « العمالة والتنمية» لا يبدو مستعداً للإقرار بهزيمته بسهولة من خلال الطعن على النتائج الانتخابية، مستمسكاً بأحلام «الخلافة» التى قد تؤدى به- ومعه العديد من العرب- إلى مهاوى السقوط.

على صعيد موازٍ، من المرجح أن تشجع نتائج الانتخابات المحلية.. رفاق «أردوغان» القدامى المنشقين عنه (الرئيس السابق عبدالله جل – رئيس الوزراء السابق داود أوغلو إلخ)، إلى مواصلة جهودهم فى تشكيل حزب لمعارضة سياسات أردوغان، قد يتحالف مع غيره من أحزاب المعارضة لإسقاط الأخير وسياساته، إذ بعد أكثر من 25 عاماً على الظهور الإسلامى المحافظ (حزب الرفاة بقيادة نجم الدين أربكان منتصف التسعينيات قبل إلغائه)، يبرز الآن فى أنقرة والمدن الكبرى الأخرى (أزمير- أنطاليا- أيدن- مرسين- أضنة..) تحول مفاجئ حيث يتولى منصب العمدة فى هذه البلدان من غير المحافظين الإسلاميين، إلا أن الخشية من الأسوأ أمر وارد قد يتمثل فى حصول احتجاجات ومواجهات فى الشوارع إلى حد احتمال الهجوم على قصر الرئاسة، إذ كل شىء ممكن كما يقول المراقبون المحليون والأوروبيون أو المستقلون، فمن غير المعروف ماذا ستكون عليه الخطوة القادمة لأردوغان، ذلك إذا بقى إلى نهاية دورته العادية، أو قد يكون من الممكن أن يعين قبل انتهاء ولايته خلفاً له، كما قد تنشأ حركة إسلامية محافظة جديدة، أو أن يرفض نواب من حزب العدالة والتنمية تأييد «أردوغان».. ولينتقلوا إلى الحزب الجديد للرفاق السابقين لأردوغان (جل- أوغلو- إلخ)، وهذا شىء معتاد بين السياسيين فى تركيا، حيث إن النتيجة الحاسمة فى هذه الانتخابات- حسب مراقبين- تشير إلى أن الرئيس «أردوغان» لم يزد قوة، بل العكس فإن صورته داخل تركيا ولا سيما فى صفوف ناخبيه قد أصيبت بخدوش كبيرة، قد تؤذن ببداية النهاية لمستقبله السياسى.