دبت الحركة من جديد فى نشاط الاستحواذات داخل قطاع السمسرة بعد الإعلان مؤخرًا عن تقديم شركة «برايم» القابضة للاستثمارات المالية طلبا للاستحواذ على «فاروس» المالية القابضة.
ولعل غياب الصفقات داخل القطاع، منذ فترة طويلة، جعل متعاملين وخبراء يصفون الصفقة المحتملة بـ«المفاجئة»، لكنهم أكدوا فى الوقت ذاته قدرة الكيان الجديد المحتمل على منافسة الشركات الخمس الكبار فى، خاصة مع قوة إدارة الشركتين.
عقب صفقة الاستحواذ المزمعة
ويشمل طلب استحواذ «برايم» شراء أذرع فاروس العاملة فى وأمناء الحفظ وترويج الاكتتابات، والتى تتشابه مع نشاطها الرئيسى، بينما لم تتقدم للاستحواذ على ذراع إدارة الأصول فى ظل امتلاكها شركة تابعة تعمل بقوة فى نفس المجال.
«المال» ترصد فى التقرير التالى أبرز نقاط القوة لدى التحالف المنتظر مع التركيز على نشاط السمسرة الذى يستحوذ على الجانب الأكبر من عمل الكيانين فى الوقت الحالى، خاصة مع امتلاك كل من «برايم» و»فاروس» بنية أساسية قوية ومراكز بحثية ذات ثقة ما يدفع الكيان الجديد إلى تقديم أفضل الخدمات للعملاء فضلا عن التاريخ الطويل لكلا الشركتين.
وتشير البيانات المالية إلى تشابه كبير فى عمل الكيانين فى قطاع السمسرة من خلال تركيزهما على نوعية معينة من المتعاملين، فخلال النصف الأول من العام الحالى، احتلت «فاروس» لتداول الأوراق المالية المرتبة الخامسة بين شركات السمسرة، بعدما استحوذت على حصة سوقية %4.4، فيما احتلت «برايم» لتداول الأوراق المالية المرتبة 14 بحصة سوقية %1.8.
وقياسًا على الترتيب السنوى لعام 2018، استحوذت الشركتان على ما يعادل %7 من تعاملات السمسرة، إذ بلغت الحصة السوقية لفاروس %5.7 التعاملات وبرايم %1.3، مما يقودها حال تنفيذ الصفقة إلى بلوغ المرتبة الرابعة بعد الثلاثى المجموعة المالية للسمسرة فى الأوراق المالية والتجارى الدولى وهيرميس للوساطة فى الأوراق المالية.
وتتفوق الشركتان فى سوق الأفراد إذ تمتلكان حصصا سوقية قدرها 5.78 و%1.56 لكلا من فاروس وبرايم بالترتيب، وفى المؤسسات حصص %5.67 و%1.1 على التوالى.
وفى سوق العرب، بلغت حصة فاروس %15.76 فى المركز الثانى بعد المجموعة المالية هيرميس، بينما جاءت «برايم» فى المرتبة الـ 19 بحصة أقل من %1، أما فيما يتعلق بالأجانب فبلغت حصة فاروس %6.12، وبرايم %1 أيضًا.
المراغى: يمتلكان بنية تكنولوجية تقود لخلق كيان قوى.. وتفتح الشهية لعمليات مماثلة
وقال شوكت المراغى، رئيس قطاع السمسرة بشركة «إتش سي» لتداول الأوراق المالية إن الصفقة جيدة وتأثيرها على السوق جيد، لافتا إلى حاجة الكيانات العاملة بالقطاع إلى عمليات دمج واستحواذ وتقليص عدد المنافسين وخفض أسعار الخدمات وبالتالى يصبح العائد مرضٍ للجميع.
وأشار إلى أن الشركتين من الكيانات الكبيرة التى لديها بنية تكنولوجية جيدة للسوق مما سيترتب عليه خلق كيان أقوى فى النهاية، كما أن هذه الصفقة تعد الأكبر فى قطاع السمسرة منذ أعوام إذ كانت آخر صفقة هى استحواذ «النعيم» على شركة التوفيق للسمسرة.
ولفت إلى أن الصفقة يمكن أن تفتح الشهية لعمليات دمج واستحواذ مماثلة خلال الفترة المقبلة.
وأكد أن عملية الاستحواذ يمكن أن تكون وسيلة للسيطرة على التكاليف الحالية، خاصة مع معاناة القطاع من مشكلة كبيرة تتمثل فى انخفاض أحجام التداولات بشكل مبالغ فيه، مع ارتفاع التكاليف والتضخم وارتفاع الأجور بالتزامن مع خفض العمولات نتيجة احتدام المنافسة.
ولفت «المراغي» إلى أن الكيانات العاملة بالسوق تسعى إلى التعايش مع الأمور لكن الحل هو زيادة أحجام التداول بشكل جيد وارتفاع نصيب كل شركة من الأسهم المتداولة.
وعانت البورصة مؤخرًا من الانخفاض اللافت فى قيم التداول، فى حين تنتشر العمولات الصفرية بين شركات السمسرة وسط ارتفاع مستمر فى تكاليف الربط الإلكترونى مع مختلف جهات سوق المال، مثل البورصة والهيئة العامة للرقابة المالية، وشركة مصر المقاصة للإيداع.
حلمى: على الجهات الرقابية النظر بشكل أكبر للكيانات الأصغر
وقال هانى حلمى، رئيس مجلس إدارة شركة «الشروق» لتداول الأوراق المالية، إن الاستحواذات أصبحت مقتصرة على الكيانات الكبيرة وهى آلية بدأتها شركتا المجموعة المالية وشقيقتها هيرميس والتى استحوذت فيه الأولى على الثانية بشكل يهدئ من عمليات المنافسة.
وأضاف أن كلا الشركتين ذات خبرة طويلة فى المجال، والصفقة تحرك المياه الراكدة فى القطاع، لكن على الرقابة المالية أن تنظر بشكل أكبر على الشركات صغيرة الحجم والتى تستقطب العملاء الصغار من المناطق النائية ومن أقصى الصعيد.
وطالب «حلمي» أن تلزم الهيئة الشركات الكبيرة بأن تقبل العملاء الصغار كما هو معمول به فى الدول الكبرى التى تلزمهم بالتعامل مع صغار العملاء بداية من ألف دولار بشكل يحقق العدل بين كل الأطراف.
وطالب بتقليل مقابل الحصول على رخصة البيع على المكشوف المقدمة للشركات والتى تبلغ 10 ملايين جنيه، واصفا ذلك بالمبالغ فيه جدا فى ظل معاناه صغار الشركات من ضعف التداولات.
وقال إن غالبية الشركات الصغيرة ملتزمة ماليا فى حدود إمكانياتها ولديها سجل جيد بدون مخالفات، وعلى الجهات الرقابية أن تراعى ذلك لرفع كفاءتها وقدرتها على البقاء.
عبدالقادر: عمليات الدمج والاستحواذ داخل القطاع ستصبح شعار المرحلة المقبلة
وأوضح عادل عبدالقادر، رئيس قطاع الوساطة للتطوير بشركة «بايونيرز» لتداول الأوراق المالية، أن الصفقة مؤثرة بشكل كبير على القطاع خاصة مع الإدارة القوية للشركتين ورغبة صميم – المساهم بشركة برايم – فى التوسع فى قطاع السمسرة.
وتوقع أن يتحول نهج الشركات إلى هذه الآلية خلال الفترة المقبلة مع اكتفاء السوق بالثلاثين أو الأربعين الكبار وإلزام الشركات برأس المال إلى نسب معينة، كما حدث من إلزام البنك المركزى للبنوك المحلية برفع رأسمالها فى حدود معينة.
مسئول بشركة سمسرة: أمر صحى للسوق.. ويحسن من جودة الخدمات المقدمة للعملاء
وقال مسئول فى شركة سمسرة عاملة ب، إن صفقات الاستحواذ لاتزال متواضعة بمعدل صفقة واحدة فقط خلال العام، لافتا إلى أن هذه الخطوة ستصبح اعتيادية فى ظل المشكلات التى يعانى منها القطاع وصغر حجم السوق والتعاملات.
ولفت إلى أن صفقة استحواذ برايم وفاروس صحية لسوق السمسرة، وتدفع إلى تحسين الخدمات المقدمة للعملاء فى ظل الخبرة الكبيرة لمساهمى الشركتين الحاليين، كما أن إدارة الأبحاث ستصبح أقوى بعد الدمج.
وأشار إلى أن الاندماج سيعزز ربحية الشركتين نتيجة تقليل التكاليف، خاصة أن ملاك برايم الجدد من الكيانات التى تستهدف الربحية فى أى استثمار تود الدخول فيه.
والمتتبع لخريطة الاستحواذ داخل قطاع السمسرة يلاحظ تنفيذ عدد من الصفقات لكنها كانت صغيرة الحجم وكان آخرها استحواذ المساهم محمد الماوى على %50 من شركة الشروق للسمسرة، وكذلك انضمام مساهمين إلى هيكل ملكية شركة البحر المتوسط للتداول لتمويل عملية زيادة رأس المال.
وبالمثل، استحوذ تحالف ثلاثى على %68 من رأسمال شركة «كابيتال» لتداول الأوراق المالية، وخلال العام الماضى اشترى تحالف استثمارى شركة الخبراء للسمسرة فى الأوراق المالية.
وخلال العام الماضى أيضًا استحوذت مجموعة مستثمرين على كامل أسهم شركة «آراب فاينانس» لتداول الأوراق المالية، بقيادة محمد رضوان، عضو مجلس الإدارة السابق بشركة فاروس لتداول الأوراق المالية، وعمر رضوان، رئيس إدارة الأصول فى «إتش سى» للأوراق المالية سابقًا.
ولعل آخر الصفقات الكبيرة والمؤثرة كانت آواخر عام 2016 عندما استحوذت نعيم القابضة على شركة التوفيق للسمسرة بقيمة 16.307 مليون جنيه، وحينها كانت «التوفيق» تحتل المركز 12 بين شركات السمسرة بحصة سوقية %2.3 فى حين احتلت النعيم المرتبة 8 بحصة %3.
وتأسست «فاروس» عام 2005 على يد الدكتور محمد تيمور، ونفذت صفقات فى منطقة الشرق الأوسط بقيم قاربت 76 مليار جنيه، وتغطى أكثر من 70 شركة مدرجة بالبورصة المصرية فى 12 قطاعًا، فيما يتوزع هيكل ملكيتها بين %90 لأسرة تيمور و%10 للعاملين بالشركة.
ويقترب حجم الأصول المدارة لدى «برايم» من 6 مليارات جنيه، وأظهرت نتائج أعمالها خلال العام الماضى تحقيق 32.2 مليون جنيه صافى ربح، مقابل 30.8 مليون فى 2017، بنمو %4 لتحسن إيرادات أتعاب الإدارة فى «برايم إنفستمنتس».
ويبلغ رأسمال «برايم القابضة» 364.153 مليون جنيه، موزعًا على 72.83 مليون سهم، بقيمة 5 جنيهات للسهم.
ويتوزع هيكل ملكيتها – وفقًا لآخر إفصاح- بين «صميم» للاستثمارات بنسبة %25.6 وميرفت عزت عبدالوهاب بنسبة %12.8 و»تى واى كومينيكيشن» للتوكيلات وخدمات المحمول %11.3، ومحمد ماهر %10.3، و»إيجبشيان جلف» القابضة للاستثمارات المالية %9.85، و»كاش» لإدارة الأصول المحدودة 5.06%، وهشام حسن أحمد إبراهيم %0.015 وشيرين القاضى %0.0069 والباقى أسهم حرة التداول.
وتعتزم «برايم» التوسع فى قطاع الخدمات المالية غير المصرفية، خاصة فى مجالى التأجير التمويلى والتمويل الاستهلاكى، والموافقة على إنشاء كيان تابع كذراع الاستثمار المباشر، وتتبنى خطة توسعية فى مجال السمسرة تشمل الحصول على رخص تداول مثل «الشورت سيلينج» وصانع السوق.