تشهد باكستان ارتفاع معدل التضخم، وخلافات بشأن أسعار الوقود، وبيئة سياسية متصدعة، ودون خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي قد تتخلف عن السداد للمرة الثانية في تاريخها.
وعلى مدار أشهر، كافحت البلاد للحفاظ على اقتصادها قائمًا على قدميه، ما زاد من احتمالية أن تتبع الدولة، التي تعد من بين الأكثر اكتظاظًا بالسكان في العالم، مسار سريلانكا قريبًا في موجة من التخلف عن السداد المحتمل عالميًّا.
ثاني أسرع معدل للتضخم في آسيا
ومع اختتام المحادثات مع الصندوق، اليوم الأربعاء، في الدوحة، أقر المسئولون بأن الحصول على قرض من “النقد الدولي” قد ينطوي على مقايضات، بما في ذلك رفع أسعار الوقود، وهو قرار صعب سياسيًّا.
قال مرتضى سيد، القائم بأعمال محافظ البنك المركزي الباكستاني في مقابلة مع تليفزيون بلومبرج أمس الثلاثاء: “نحن واثقون من أننا سنحقق النجاح”.
تتفاوض باكستان مع الصندوق، في حين يواجه المواطنون ثاني أسرع معدل للتضخم في آسيا، ويستعد رئيس الوزراء المخلوع عمران خان لاحتلال عاصمة البلاد مع مؤيديه لفرض انتخابات مبكرة.
مع كثرة الصدمات المالية الناجمة عن الوباء، والحرب الروسية في أوكرانيا، وارتفاع أسعار الفائدة، تعدّ باكستان واحدة من عدة اقتصادات ناشئة تواجه إعادة هيكلة الديون،
وتسعى للحصول على 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، ما يزيد احتياطيات النقد الأجنبي للبلاد، والبالغة 10.2 مليار دولار، وتغطي أقل من شهرين من الواردات. وتواجه الحكومة عجزًا تجاريًّا بقيمة 45 مليار دولار خلال 2022.
تشير سوق السندات إلى القلق المتزايد، حيث انخفضت السندات الباكستانية المُصدرة بالدولار والمستحَقة في عام 2031 بنحو 14 سنتًا منذ بداية مايو، حتى بعد انتعاشها أمس الثلاثاء، واليوم الأربعاء إلى 63 سنتًا.
يتوقع المستثمرون بشكل عام، أن تقل الأسعار عن 70 سنتًا على الدولار، ما يشير إلى المعاناة وزيادة المخاطر التي قد يواجهها المقترضون في المستقبل للوفاء بالالتزامات إذا تدهورت الأحوال.
قال لارس جاكوب كرابي، مدير محفظة لـ”فرونتير ماركتس” للدخل الثابت في “كويلي فرونتير ماركتس” بستوكهولم إن: “باكستان في وضع صعب”.
خلافات سياسية
أدى الخلاف بين الحكومة ورئيس الوزراء السابق خان إلى تعقيد المسار للمضي قدمًا مع صندوق النقد الدولي.
في الأسابيع الأخيرة، ضغط حزب خان، “باكستان تحريك إنصاف”، أو الحركة الباكستانية من أجل العدالة، لإجراء انتخابات قبل عام من الموعد المخطط له في محاولة لاستعادة السلطة. دعا خان أنصاره إلى تنظيم احتجاجات اليوم في إسلام آباد.
تتأهب العاصمة الباكستانية لأن تشهد اضطرابات. ووضعت الشرطة حواجز أمام ما يسمى المنطقة الحمراء، وهو حي به مبانٍ حكومية رئيسية، بما في ذلك البرلمان والسفارات ومقارّ رئيس الوزراء.
قالت الحكومة الباكستانية إنها لن تسمح بتنظيم المظاهرات، ما يثير مخاوف بنشوب المزيد من الفوضى والاضطرابات الاجتماعية.
تعود نقطة الخلاف مع صندوق النقد الدولي إلى فترة ولاية خان. وقبل مغادرته منصبه في أبريل، خفّض أسعار الوقود والبنزين ثم جمّدها لمدة أربعة أشهر؛ في محاولة أخيرة لتحسين صورته بين الناخبين وتهدئة الإحباط من ارتفاع التكاليف.
إلغاء دعم الوقود
لكن صندوق النقد الدولي أرجأ منح باكستان المزيد من الأموال حتى تلغي الحكومة دعمها للوقود، كما أجّل خليفة “خان”، شهباز شريف، رفع الأسعار على الرغم من أن الدعم يكلف الدولة 600 مليون دولار شهريًّا. وقاومت الحكومة غضب السكان الذين يكافحون بالفعل لشراء سلع أساسية مثل القمح والسكر.
قال ماتياس مارتينسون، كبير مسئولي الاستثمار في “تندرا فوندر” في ستوكهولم: “قبل ثلاثة أسابيع، كنت سأقول إن هناك فرصة بنسبة 0% لأن تصبح باكستان سريلانكا التالية.. مع ذلك فإن تقاعس الحكومة الجديدة أمر مقلق”.
في الوقت الحالي، على الأقل، يقول المسئولون الباكستانيون إنهم واثقون من إيجاد حل وسط مع صندوق النقد الدولي، حتى لو استمر الدعم.
في مقابلة مع تليفزيون “بلومبرج”، قال “سيد” إنه “يتم إغلاق الفجوات”. وأعرب عن تفاؤله بأن أموال صندوق النقد ستُمكن البلاد من سد فجوات التمويل بسهولة حتى نهاية السنة المالية المقبلة.
وبصرف النظر عن إحياء حزمة الإنقاذ من عام 2019، تطلب باكستان ملياري دولار إضافية من صندوق النقد الدولي.
قال إدوين غوتيريز، رئيس الديون السيادية للأسواق الناشئة في شركة “أبردن” ومقرها لندن، التي تمتلك السندات الباكستانية، إن الشركة مرتاحة لبعض التقلبات ولا تخطط لبيع حيازاتها. وأضاف: “سيكون طريقًا صعبًا بالنظر إلى السياسة، لكن في النهاية، لن تتراجع باكستان ولا صندوق النقد الدولي”.