انقسام حول اتجاه الخطوط الملاحية إلى طرق بديلة لـ"قناة السويس"

الأزمة مؤقتة لحين تحسن أسعار البترول

انقسام حول اتجاه الخطوط الملاحية إلى طرق بديلة لـ"قناة السويس"
المال - خاص

المال - خاص

10:54 ص, الأحد, 31 مايو 20

كان لانخفاض أسعار البترول فى الأسواق الدولية العديد من الآثار السلبية، أبرزها اتجاه الخطوط الملاحية العالمية للمرور عبر طريق رأس الرجاء الصالح بعيدا عن «قناة السويس» مما دفع هيئة القناة إلى منح خصومات غير مسبوقة للحد من تلك الظاهرة.

«المال» استطلعت رأى عدد من العاملين فى النقل البحرى والتوكيلات الملاحية الخاصة فى عدد من الخطوط العالمية حول استمرار تلك المنافسة بين طريق رأس الرجاء الصالح وهيئة قناة السويس أم أن ما يحدث سيكون لفترة مؤقتة؟

وقال المهندس مروان السماك، رئيس شركة الهندسية للحاويات ووكيل خطى «ميدليفانت» و«هاباج لويد» فى مصر،إن العالم يعيش مرحلة استثنائية نتيجة لحالة الركود وانهيار أسعار الطاقة وانخفاض أسعار تأجير السفن مما دعا الخطوط للبحث عن طرق أرخص .

وأضاف أن المرحلة الحالية من المتوقع استمرارها لفترة تتراوح مابين 4 – 5 أشهر، لافتاً إلى أن الإجراءات التى اتخذتها قناة السويس فى خفض الرسوم تعتبر جيدة وستظهر آثارها خلال الأسابيع القليلة المقبلة .

ومن جانبه، قال مدحت القاضى، رئيس شركة “كادمار” للملاحة ووكيل خط “هيونداي” إن التخفيضات التى قامت بها الهيئة لم يتم اختبارها حتى الآن من قبل الخطوط الملاحية.

وأشار إلى أن اتجاه السفن للدوران حول أفريقيا سببه الرئيسى انخفاض أسعار البترول، وأى توفير لصالح الخطوط خلال الفترة الراهنة ستلجأ للاستفادة منه بقدر الإمكان للحد من الخسائر الذى تعرضت لها خلال الفترة الماضية، خاصة أن غالبية الرحلات كانت تمر فارغة .

وأوضح أسامة عدلى، المدير التجارى لشركة وكالة الخليج، أن نسبة التخفيض التى منحتها هيئة قناة السويس لن تكون كافية بالنسبة للخطوط الملاحية، وبالتالى يتوجب منح المزيد .

 وقال إن حركة الشحن شهدت تراجعا  بنسبة تتراوح ما بين 20 إلى %25  بسبب غلق المصانع وتوقف الإنتاج فى الصين وأوروبا،  متوقعا أن تعود الأمور تدريجيا فى يونيو المقبل، بعد إعلان معظم الدول الأوروبية فتح المصانع والتعايش مع الفيروس. 

مطالب بمنح حوافز جديدة تتعدى 25% للحاويات

واقترح رفع نسبة التخفيضات لخطوط الحاويات لتصل ما بين 22 إلى %25 بدلا من %17 التى أقرتها قناة السويس نهاية أبريل الماضى.

وأكد محمد إبراهيم خبير النقل الدولى أن القناة عليها اتخاذ حزمة من الإجراءات، ومنح مزايا وحوافز جديدة، تشجع على عبور أكبر عدد ممكن .

‏ وقال الدكتور حمدى برغوت، خبير النقل الدولي إن قناة السويس ممر إستراتيجى لأى خط ملاحى بسبب سرعة الوصول إلى الموانئ بجانب الوفر فى الوقود  والذى ينعكس على زيادة عدد الرحلات بسب عامل الوقت.

 ويرى أن الموقف الحالى للتجارة الدولية مؤقت، وأن أسعار البترول ستشهد خلال الفترة المقبلة ارتفاعا تدريجيا.  

وأوضح أن تراجع  أسعار البترول ليس السبب الرئيسى لقرارات الخطوط الملاحية الكبرى وإنما توقف الحركة فى موانيء العالم بسبب جائحة كورونا، والتى تسببت فى إنهاء تعاقدات تجارية كثيرة وبالتالى أصبحت الرحلات البحرية لديها وقت يسمح لها بالعبور فى ممرات أطول.

الخطوط الملاحية فى حاجة إلى زيادة الحوافز على الخدمات المقدمة من قبل القناة

وقال إن الخطوط الملاحية فى حاجة إلى زيادة الحوافز على الخدمات المقدمة من قبل هيئة قناة السويس مثل خفض أسعار خدمات القاطرات المصاحبة مثلا أو خفض رسوم الموانئ لجذبها لحين انتهاء تلك المتغيرات الحالية.

وشدد على أنه من الصعب تحديد توقيت لتعافى حركة التجارة ولكن إعلان بعض الدول فتح النشاط الاقتصادى سيكون محفزا خلال الفترة المقبلة.

وصرح جورج صفوت، المتحدث الرسمى لهيئة قناة السويس فى تصريحات سابقة لـ”المال” بأن التخفيضات التى منحتها هيئة قناة السويس بدءا من أبريل الماضى، شهدت مردودا إيجابيا انعكس على حركة المرور بالقناة حيث سجلت عبور 1731 سفينة من الاتجاهين مقابل عبور 1580 سفينة خلال شهر أبريل من العام الماضى بفارق 151 سفينة زيادة قدرها 9.6%.

 ويؤكد الدكتور أحمد بدوى الخبير البحري أن انخفاض أسعار الوقود ليس المعيار الأساسى ولكن لم يعد ما يستدعى وصول البضائع بسرعة، خاصة وأن معظم الأسواق شبه مغلقة بسبب كورونا، وبالتالى لن يكون هناك ضرر إذا تأخرت البضائع أسبوعا أو أسبوعين، خاصة وأن ميزة القناة تتركز فى السرعة مع ارتفاع أسعار البترول.

  وتوقع تغير هذا الوضع إذا ارتفع سعر البترول، خاصة وأن “برنت” تسليم يونيو أقل من 20 دولارا و”تكساس” تسليم يونيو أقل من 15 دولارا.

 وقال الدكتور عبد التواب حجاج، المستشار الاقتصادى السابق لهيئة قناة السويس، إن خطوط سفن الحاويات فى ظل ضعف التجارة الحالية اتجهت إلى دمج خدماتها بسبب تدني  أسعار البترول .

 وأضاف أن الخطوط الملاحية التى تأخذ طريقها مباشرة دون التوقف فى الموانيء  يسهل عليها اتخاذ قرار الدوران حول رأس الرجاء الصالح بعيدا عن قناة السويس بينما الخطوط التى تتوقف فى موانيء خلال طريق رحلتها بين آسيا وأوروبا  تلتزم بعبور قناة السويس ولا تسمح بفكرة اختيار طريق بديل.

بدوره، أوضح اللواء محفوظ طه الخبير البحرى أن تحويل خطي “CMA – CGM” الفرنسى، و”2M “ ميرسك، وmsc “ بعض السفن لتمر عبر رأس الرجاء الصالح لن يطول عن شهر ونصف على أقصى تقدير.

محفوظ طه: لا داعى للقلق

وأكد أنه لا داعى للقلق من تحويل تلك الخدمات للدوران حول رأس الرجاء الصالح بدلا من قناة السويس، حيث إن قناة السويس يمر بها الصب الجاف والصب السائل والبضائع العامة، وليس الحاويات فقط، والتى لا تزيد عن %25.

 ووصف الحاويات التى تركت قناة السويس فى طريقها من غرب أوروبا إلى آسيا بالنسبة الضئيلة أما السفن التى تمر عبر قناة السويس من آسيا  إلى جنوب وشرق أوروبا  لا تسمح باختيار بديل عن القناة.

 ولفت إلى أن السفن التى تمر من آسيا ذاهبة إلى دول البحر الأسود وتتركز فى أوروبا الشرقية فلن تترك القناة، موضحا أن نسبة الخصم التى قامت بها الهيئة مؤخرا بنسبة %17 بعد أن كانت %6 مطلع أبريل الماضى، فيكون إجمالى الخصومات لتلك النوعية من السفن تزيد عن %70 من إجمالى فاتورتها.

 وأشار إلى أنه فى بعض الفترات كانت تمر العديد من السفن بل تزيد عدد الأطنان العابرة للقناة دون زيادة فى إيرادات القناة السنوية بسبب تثبيت رسوم العبور، موضحا أنه ما فائدة زيادة عدد السفن دون زيادة فى الحصيلة.

وتابع أنه بالتخفيض الأخير فإن السفن التى تعمل من شرق الولايات المتحدة – آسيا تصبح القناة أرخص من رأس الرجاء الصالح، وكذا السفن من آسيا إلى شرق البحر المتوسط تعد القناة أرخص بكثير عن مرورها عبر رأس الرجاء الصالح.

توقعات بوقف أكثر من 3 ملايين حاوية مكافئة الشهر الجارى

وفى السياق نفسه، أكدت شركة تحليلات الشحن “Alphaliner “ فى دراسة أن 338 سفينة حاويات، تمثل %9.1 من الأسطول العالمي أوقفت نحو 2.12مليون وحدة 20 قدم مكافئة لقلة الطلب فى ظل توقعات وقف  أكثر من 3 ملايين حاوية مكافئة الشهر الجارى.

وتابعت :”على عكس الموجة الأولى، التى ركزت بشكل أساسى على الصين، فإن الموجة الحالية من الرحلات البحرية الملغاة ستؤثر على الجميع” .

 وتوقعت الدراسة انخفاض حركة التجارة بنسبة تتراوح ما بين -20 %25 فى حركة سفن الحاويات العاملة على طريق الشرق الأقصى- طريق أوروبا / البحر المتوسط، بجانب تراجع آخر يصل  من 17 إلى 20% على طريق الشرق الأقصى إلى الولايات المتحدة فى الربع الثانى من هذا العام  .

ويرى المهندس وائل قدور، عضو مجلس إدارة هيئة قناة السويس السابق، أن  الشركات الملاحية تختار الطريق الذى يوفر فى تكلفة الرحلة والأكثر أمنا وطبقا لحالة سوق النقل والبضائع المتوفرة ومدى حساسيتها للزمن  وكذلك أسعار الوقود وطاقة الأسطول والخدمات المتوفرة على الطريق وبناء على هذه العوامل يتم اختيار الطريق المناسب لها سواء قناة السويس أو طرق أخرى بديلة.

 وقال إن قناة السويس، تعتبر أحد المصادر الرئيسة للعملة الصعبة للاقتصاد المصرى حيث بلغت فى عام (2019)  5.84 مليار دولار مما  تشكل نحو%1.9 من الناتج القومى و %7من إيرادات العملة الصعبة، متوقعا تأثيرا سلبيا على عائدات القناة بسبب جائحة كورونا بمقدار%10  فى العام المالى 2020 / 2021.

قدور: عودة السفن التى حولت طريقها إلى رأس الرجاء مرهون بنمو التجارة الدولية وارتفاع أسعار الوقود

وأوضح “قدور” أن عودة السفن التى حولت طريقها إلى رأس الرجاء الصالح مرهون بنمو التجارة الدولية وارتفاع أسعار الوقود فيما يتطلب جعل منطقة قناة السويس محورا لوجستيا لتقديم الخدمات للسفن والتجارة العالمية .

 وقال المتحدث الرسمى لهيئة قناة السويس، إنها تلقت ما يقرب من 59 طلبا من الخطوط الملاحية للاستفادة من المنشور الملاحى 3/2020  حتى منتصف مايو الجارى والخاص فقط بمنح  سفن الحاويات القادمة من موانئ شمال غرب أوروبا (مضافاً إليها ميناء طنجة) حتى ميناء (Algeciras)  بإسبانيا ومتجهة إلى ميناء (Port Klang ) وما شرقه من موانئ جنوب شرق آسيا والشرق الأقصى  تخيفضا بقيمة %6  من الرسوم ثم زيادته إلى %17 مطلع مايو الماضى .

وأكد أن نحو%50 من الطلبات المقدمة من الخطوط عبرت قناة السويس بالفعل والباقى فى طريقه للعبور، مشيرا إلى أن التخفيضات متاحة لكل الخطوط  شريطة أن  تعبر بشكل مباشر دون توقف فى أى موانيء أثناء رحلتها البحرية .

 يذكر أن شركة «Alphaliner»  لتحليل الشحن البحرى، أكدت فى تقريرها الأسبوعي أن انخفاض أسعارالبترول وقلة الطلب فى الأسواق الدولية  أدي إلى تحويل  20 سفينة تابعة لعدد من الخطوط الملاحية الكبرى، مسارها   بين آسيا /أوروبا، والساحل الشرقى الأمريكي/ آسيا، ذهابا وإيابا، إلي  طريق رأس الرجاء الصالح  بديلا عن  قناة السويس ، فى الفترة من نهاية مارس حتي 3 مايو الجارى.

السيد فؤاد – نادية سلام: