انغلاق المعادلة الثلاثية لتسوية القضية الفلسطينية

شريف عطية

10:14 ص, الأحد, 14 يوليو 19

شريف عطية

شريف عطية

10:14 ص, الأحد, 14 يوليو 19

شريف عطية

بين واشنطن ورام الله وتل أبيب.. تنحصر الأساليب الإجرائية لتسوية المسألة الفلسطينية- الإسرائيلية، من دون جدوى طوال العقدين الأخيرين، إذ تتراوح مقتضياتها داخل إطار من معادلة ثلاثية غير متوازنة، يحرم على الغير من أطراف دولية أو إقليمية.. التداخل فى إجراءاتها، ما يمثل عودًا على بدء لقرن كامل من الزمان، يزيد عامين- وقت أطلقت بريطانيا- دولة الانتداب وقتئذ على فلسطين العربية- الوعد 1917 بوطن قومى لليهود فى أراضيها بوصفها- أى بريطانيا المسئولة عن شئون كل من اليهود والدروز.. وقت أن تقاسمت القنصليات الأجنبية بعد إعادة فتحها بالقدس 1832 (إبراهيم باشا) الإشراف على رعايا الديانات المختلفة بالمدينة المقدسة، ما أنشأ باكراً معادلة ثلاثية تسعى للموازنة بين كل من العرب واليهود والإنجليز، قبل أن تدخل على خط هذه المعادلة كل من الاتحاد السوفيتى- بحكم تدفق المهاجرين منه إلى الدولة (الاشتراكية) الموعودة، كذلك من جانب الولايات المتحدة (مؤتمر بلتيمور 1942) من واقع حرصها للاستئثار بالنفوذ عبر مزاحمة بريطانيا، واستباق روسيا نحو إسرائيل التى كانت الأسباب تتهيأ لإعلانها فى 1948، وسط مقاطعة عربية شاملة لعدم الاعتراف بالوجود القانونى لهذه الدولة المستحدثة، فيما بقى الفلسطينيين عاجزون عن الفعل تحت قيادة ما يسمى «حكومةعموم فلسطين» قبل استبدالها فى مطلع الستينيات بمنظمة التحرير الفلسطينية.. التى أحالت إليها القمة العربية 1974 مسئؤلية «المتحدث الوحيد» باسم القضية الفلسطينية، ذلك بالتوازى مع عملية بدء السلام (اتفاقات فض الاشتباك) بين كل من مصر وسوريا مع إسرائيل، ومن ثم إلى الاسترخاء العسكرى على جبهة المواجهة العربية- الإسرائيلية الفترة من 1974 إلى 1982، قبل أن تبدأ منظمة التحرير خطواتها المتدرجة نحو اعتراف أصحاب الأرض الأصليين.. بإسرائيل اعتباراً من نوفمبر 1988، ولتخلص مسئولية التسوية داخل المعادلة الثلاثية المكونة من واشنطن وتل أبيب والفلسطينيين.. الذين باتوا فرادى- بلا نصير- على مائدة اللئام، وتحت الاحتلال إلى عشرينيات القرن التالى، إلا من الاستمساك برفض المساومة على «صفقة» تستبدل الحرية والاستقلال بسلال من الدولارات والدنانير، مفضلين تواصل المواجهة مع قوى اليمين الصهيونى الاستيطانى.. المتشوق من جانبه لإتمام الخطة الأميركية «صفقة القرن».. إذا ما دفع اليأس بالفلسطينيين للقبول بها، وكما إلى تفضيل الفلسطينيين «المغامرة» بالرهان على إسقاط الحكومة اليمينية.. إذا ما نجح التحالف بين القوائم العربية لفلسطينيى 1948 مع قوى اليسار والوسط الإسرائيليين.. فى الانتخابات التشريعية سبتمبر 2019، الأمر الذى تشير إليه نتائج الاستطلاع.. باستبعاد حكومة «نتنياهو» ما لم يقبل «ليبرمان» (حزب المهاجرين الروس) التحالف معه، بشروط أكثر تطرفًا من الأخير، إلا أنه يتبقى على مساحة التسوية.. مدى تفاعل كل من الضلع الأميركى والفلسطينى، وعما إذا كانت الولايات المتحدة ستبقى على ممارسة حزمة المواقف التى اتخذتها فى العام الأخير (القدس- اللاجئين- حق تقرير المصير)، أم أنها وقد وقر فى قناعتها- بحسب تسريبات أميركية- أن رفض الجانب الفلسطينى لخطواتها كان له أبلغ الأثر فى تعطيل المبادرة الأميركية الأخيرة حتى الآن، وإلى أجل غير مسمى من التأجيل المتكرر، بغية مراعاة مطالب الأجندة الإسرائيلية، ما لا يمثل عنصر توازن غير إيجابى، يمكن تغييره، خاصة أنه لا أحد يمكنه التوقيع على أى اتفاقية (مماثلة) نيابة عن الفلسطينيين.. الذى يبقى عليهم رأب انقساماتهم، بعدما ثبت رغم كونهم الطرف الأضعف فى هذه المعادلة الثلاثية، أنهم الرقم الصعب فى القبول من عدمه بصفقة القرن التى يعتزم الرئيس الأميركى الإعلان عنها لما بعد الانتخابات الإسرائيلية التى تمثل حدثاً غير مسبوق فى الحياة السياسية لإسرائيل، أو أن يؤجل الإعلان عنها لمرات أخرى إلى ما بعد انتهاء فترة رئاسته الحالية، ذلك فيما ستبقى المعادلة على ثلاثيتها لقرن جديد، ما لم يدخل لتطويرها أطراف أخرى تمثل المخرج العملى من طريقها المغلق، إذ إن للاستقواء الأميركى والإسرائيلى سقفًا لا يرتفعان عنه، مثلما أن للضعف العربى والفلسطينى قاعًا لا يتدنيان إلى ما هو أبعد منها.

شريف عطية

شريف عطية

10:14 ص, الأحد, 14 يوليو 19