قال رامى الدكانى، رئيس البورصة المصرية، إن الأخيرة تعمل على إنهاء إجراءات إطلاق أول سوق أفريقية طوعية لإصدار وتداول شهادات الكربون خلال النصف الأول من عام 2023 المقبل.
وأضاف فى تصريحاته خلال مؤتمر صحفى مع عدد قليل من الصحف الاقتصادية حضرته “المال” أن التوجه نحو إنشاء سوق أفريقية، جاء رغبة فى عدم الانتظار لبداية تكوين سوق محلية، والاستفادة من القدرات المتاحة فى هذا الصدد.
وأوضح رئيس البورصة المصرية، أن نسبة القارة الأفريقية من الانبعاثات الكربونية تمثل نحو %3، إلا أنها لديها القدرة على التواجد القوى فى سوق شهادات الكربون، وتحولها لمعرض كبير.
وأشار “الدكاني” إلى أن الإصدارات المحلية من شهادات الكربون ربما تستغرق فترة زمنية تصل إلى عام ونصف، مرجحًا بدء ظهورها فى نهاية 2023 أو 2024 المقبل.
وكشف عن استهداف إصدارات محلية من شهادات الكربون بنحو 7 – 10 ملايين شهادة من خلال مشروعات تعمل على توفير 7 – 10 ملايين طن من الكربون خلال أول 3 أعوام من الانطلاقة.
وأوضح أن مستهدفات البورصة من الإصدارات المحلية ستعتمد على البنك الزراعى فى بادئ الأمر وقدراته كونه كيانا منظما يسهل له الوصول إلى مساحة الأراضى الكبيرة.
وأشار إلى أن شهادات الكربون الأفريقية المتداولة حاليًا يتم بيعها بسعر منخفض للغاية، مرجعًا ذلك إلى عدم دراية مصدرى تلك الشهادات بقيمتها الحقيقية، إضافة إلى غياب السوق المنظمة بأفريقيا، ومن ثم عدم وجود الشفافية حول تلك المشروعات.
وأكد رئيس البورصة المصرية، أن إنشاء أول سوق أفريقية طوعية لشهادات الكربون، سيضمن تسعيرا عادلا لإصدارات المشروعات الأفريقية فى الدول الـ 54 .
وتطرق إلى أهمية شهادات الكربون كأداة مالية، موضحًا أنها ستسمح للمؤسسات المالية بتمويل مشروعات تعالج الانبعاثات، ومن ثم فإنها ستكون وسيلة تمويلية خاصة فى مشروعات الصغيرة والمتوسطة.
ولفت إلى أن هناك بعض الدول العربية التى أبدت رغبتها فى المشاركة فى السوق الإقليمية لإصدار وتداول الكربون، مؤكدًا أن تداول أى شهادة أمر متاح لأى جهة فى أى مكان فى العالم.
وأكد عدم وجود كود موحد لإصدار شهادات الكربون حول العالم، إذ هناك من يتبع فى إصداراته إجراءات الحصول على أختام تصديق تحقق من شركات عالمية موثوق منها، فيما هناك من يعتمد فى عمليات التحقق والتصديثق على مكاتب محلية مثل «كولومبيا»، ولكنها تؤثر على تسعير تلك الشهادات.
وأفصح «الدكاني» عن أن البورصة المصرية بدأت مباحثات مع جهات التصديق والتحقيق المعروفة عالميًا مثل منظمة Verra وGold Standard ، حول امكانية تواجدها فى السوق المحلية أو التعاون فى تدقيق مشروعات إصدارات شهادات الكربون.
وأشار إلى عملية التحقق والتصديق طويلة الأمد والإجراءات، ومن ثم هناك معضلة لحصول المشروعات على الأختام والموافقات اللازمة من الجهات الدولية لاعتمادها بشكل سريع.
وحدد رئيس البورصة المصرية، خيارات وحلول أزمة طول أمد عملية التحقق والتصديق على شهادات الكربون، ومنها فتح مكاتب للشركات والجهات الدولية فى مصر، أو ظهور كيانات جديدة تلعب تلك الأدوار تُزيد من قائمة العارضين لخدمات التحقق والتصديق، مشيرًا إلى أن عملية التأسيس ليست بالأمر السهل، إذ هناك متطلبات صعبة يجب الحصول عليها لإيجاد كيان معترف به عالميًا.
وشدد «الدكاني» على ضرورة لعب التكنولوجيا دورًا فى حل تلك المعضلة، من خلال استخدام إنترنت الأشياء والأقمار الصناعية للتأكد من صحة ودقة المشروعات.
وأوضح أن جانب الطلب على شهادات الكربون لن يكون معضلة فى حد ذاته، إذ هناك جانب إلزامى دولى سيدفع العديد من الشركات والجهات على شراء تلك الشهادات، مؤكدًا أن الأزمة ستكون فى جانب العرض والمتاح من تلك الشهادات أمام الراغبين فى الاستثمار والشراء.
ورجح أن يسهم تحول شهادات الكربون لأداة مالية نحو تنمية السوق وسعى الشركات والجهات لإصدارات شهادات كربون، مشيرًا إلى أنه على سبيل المثال «مصر» لديها التزام دولى بخفض نسبة الانبعاثات الكربونية فى 2030 عبر إصدار شهادات كربون.
وعن تطورات إطلاق أول سوق أفريقية، أكد رئيس البورصة المصرية، تعاقد الأخيرة مع شركة ناشئة كندية لتولى مهام تنفيذ تكنولوجيا تلك السوق، موضحًا أنها نجحت فى الحصول على ذلك بتكلفة استثمارية منخفضة للغاية.
وأوضح أن البورصة المصرية فضلت الابتعاد عن الأسماء الكبيرة فى ذلك المجال، لعدة أسباب، أبرزها ارتفاع التكاليف فى ظل الدخول لمشروع جديد ذى عائد غير محدد بدقة، إضافة إلى قدرتها فى التحكم على تحركات المطور التكنولوجى الكندى، وفرصة النمو معًا، لافتًا إلى أن عدد الأسواق التى تداول الكربون تُعد على أصابع اليدين.
البنك الزراعى «كلمة السر».. و%3 من الانبعاثات للقارة السمراء
وأكد أن السوق الأفريقية الطوعية لإصدار وتداول شهادات الكربون ستكون مملوكة بالكامل للبورصة المصرية، وهو أمر مختلف عن الشركة التى تم تأسيسها بالشراكة مع «ليبرا كابيتال» و«البنك الزراعي».
الشراكة مع «ليبرا كابيتال» هدفها تسريع وتيرة النمو
يُذكر أن البورصة المصرية عبر تابعتها “القابضة لتنمية أسواق المال” وقعت اتفاقا إطاريا مع البنك الزراعى المصرى وشركة ليبرا كابيتال لتأسيس شركة معنية بتطوير وإدارة وإصدار شهادات الكربون والمنتجات البيئية على اختلاف أنواعها.
ولفت رئيس البورصة المصرية، إلى أن تلك الشركة ستكون مثل «صانع السوق» فى عمليات التداول بسوق الأسهم، وأن الهدف من المشاركة فى التأسيس جاء لتعزيز سوق الكربون وتنميتها بشكل سريع.
وأشار «الدكاني» إلى أن هناك بعض الشركات المصرية التى كشفت عن اتجاهها لإطلاق شركات مثيلة، متوقعًا أن تكون البنوك أكثر الكيانات المهتمة خلال الفترة المقبلة.
وأوضح أنه سيتم الاعتراف بشهادات الكربون كأداة مالية عبر تعديلات تشريعية منظورة امام رئيس الوزراء.
وقال إن الشهادات يمتد عمرها للأبد، فيما يجب القيام بعمليات تدقيق ومتابعة سنويًا للتأكد من استمرارية المشروع فى خفض الانبعاثات، بينما قد يتم إعدامها حال استخدامها لتعويض خفض نسبة الانبعاثات.
وأشارت بيانات حصلت «المال» عليها من مشروع إنشاء منصة تداول شهادات الكربون بالبورصة المصرية، إلى أن تلك المنصة تأتى تفعيلًا لاتفاق باريس لتغير المناخ 2015.
الطلب العالمى على أرصدة الكربون سيصل إلى 2 جيجا فى 2030
ولفتت إلى أنه تم اعتبار الكربون كسلعة فى عام 1997، وفى عام 2015 عبر اتفاقية باريس تم تنظيم سوق الكربون الدولية، وأوضحت أن Mckinsey تتوقع أن الطلب العالمى السنوى على أرصدة الكربون يمكن أن يصل إلى 1.5 – 2 جيجا طن بحلول 2030، وما يصل إلى 7 إلى 13 جيجا فى 2025.
170 نوعًا من الشهادات وفقًا لطريقة خفض الانبعاثات
وأوضحت البورصة المصرية، أن هناك نحو 170 نوعا من شهادات الكربون، تختلف وفقًا لطريقة خفض الانبعاثات.
أما على مستوى دورة إصدار شهادات خفض الكربون فى السوق الطوعيى، فإنها تتضمن مرحلة التخطيط لمشروع الخفض، ثم مرحلة التصميم عقب إجراء دراسات الجدوى وتحديد الآثار المربتطة بالخفض.
أما المرحلة الثالثة، فتتضمن التصديق على وثيقة تصميم المشروع، من قبل جهة خارجية مستقلة التى تقوم بزيارة الموقع وبحث تفاصيله، ثم مرحلة التسجيل فى أحد سجلات خفض الكربون المستقلة مثل مؤسسات VERRA, GOLDSTANDARD and GCC .
نبحث مع جهات التحقق والتصديق إمكانية التواجد فى مصر
وفى المرحلة الخامسة، يتم تنفيذ المشروع عقب تسجيله حال كان مستوفى الشروط، وسادسًا المراقبة، تليها مرحلة التحقق من تقارير المراقبة الدورية، وأخيرًا مرحلة الإصدار بعد موافقة الهيئة التنظيمية لمعيار الكربون على إصدارات الإئتمان.
وكشف مشروع البورصة المصرية أن سوق تداول الكربون تتكون من 3 مجموعات، الأولى خاصة بالعرض، والثانية الوساطة والتجاول والأخيرة الطلب.
إما على جانب مجموعة العرض، فإنها تضم المطورين وجهات التصديق والتحقق وإصدار الشهادت، بينما تضم نظيرتها للوسطاء والتمويل على المستثمرين والبورصات والتسوية وموفرى البيانات، وأخيرًا جانب الطلب وهم مشترى الشهادات.
وتضم قائمة الجهات الدولية القائمة بأعمال التصديق والتحقق، كلا من منظمة Verra وبرنامج GOLD STANDARD وبرنامج CAR وThe American Carbon Registy (acr) .
بينما تضم مجموعة الوسطاء والتداول، بجانب العرض، وحدة تمويل الكربون بالبنك الدولى، وبجانب التداول تجار التجزئة والسمسرة والبورصات.
يُذكر أن «المال» كشفت فى فبراير الماضى، أن البورصة المصرية تتعاون مع وزارة البيئة وأجهزتها التابعة لتدشين قاعدة مركزية (منصة) للمشروعات التى تعمل على خفض الانبعاثات الكربونية فى السوق المحلية، فى إطار تجهيز البنية الأساسية لإتاحة شهادات الكربون بمصر للمستثمرين مستقبلًا.
وشهادات الكربون بمثابة الإثبات التى يصدر من السلطات المختصة فى الدولة مثل وزارة البيئة أو ممثلى الأمم المتحدة، وهذا الإثبات يفيد بأن الشركة الصادر لها تلك الشهادة نجحت فى خفض الانبعاثات الكربونية نتيجة تنفيذها أحد المشروعات المخفضة للانبعاثات البيئية، وتحدد قيمة تلك الشهادات وفقًا لمعدلات خفض الانبعاثات لكل طن كربون.
ومن أهم أمثلة بورصات الكربون حول العالم، الاتحاد الأوروبى الذى أطلق فى 2005، ويعد أكبر نظام عالمى إلزامى لتداول الانبعاثات الكربونية، والصين التى أطلقت نظامها فى 2021، وكوريا الجنوبية، وكندا، وسويسرا، ونيوزيلندا، وجنوب أفريقيا، وأستراليا، واليابان، والمكسيك، وكاليفورنيا الأمريكية.
وأعلنت دول السعودية، والإمارات، والكويت، وقطر، وإنجلترا، فى عام 2021 إنشاء سوق للكربون.