حققت أسعار البترول مكاسب واضحة منذ بداية العام الجارى وحتى ختام جلسة 6 أكتوبر الجارى بلغت أكثر من 59.6 % للبترول الأمريكى لتسجل أعلى مستوى منذ عام 2014،وحوالى 56 % لخام برنت القياسى العالمى لتلامس أعلى مستوياتها منذ ما يقرب من أربع سنوات.
وانتعشت أسعار أسهم الشركات فى قطاع الطاقة الأمريكى لترتفع بحوالى 44 % هذا العام حتى نهاية الأسبوع الماضى رغم الوباء، ومنها شركة إيكسون موبيل التى قفزت أسعار أسهمها بأكثر من 46 %.
كما صعدت أسعار أسهم شركات عالمية أخرى مثل شيفرون بأكثر من 24 % ووشركة BP بأكثر من %37 وشركة توتال الفرنسية 19 % تقريبا.
ارتفاع أرباح شركات عالمية
أدى ارتفاع أسعار البترول خلال العام الحالى بعد التباطؤ الاقتصادى الذى شهده عام الوباء إلى ارتفاع أرباح شركات البترول خلال العام الجارى حتى الآن فوصلت شركة بريتش بتروليوم BP البريطانية لتتجاوز 4.6 مليار دولار، وشركة توتال الفرنسية لتصل إلى أكثر من 3.7 مليار دولار، بفضل ارتفاع أسعار بترول برنت بحوالى 5 % خلال الربع الماضى للفصل الرابع على التوالى،و صعود أسعار النفط الأمريكى بأكثر من 2 % خلال الثلاثة شهور الماضية للربع السادس على التوالى.
كما سجلت شركات بترول عالمية أخرى أرباحا واضحة، وسط توقعات بأن تصل أرباح شركة شيفرون خلال الربع الثالث من العام الحالى إلى 4 مليارات دولار،ولإيكسون موبيل بما يقرب من 6.4 مليار دولار، وأرامكو السعودية إلى حوالى 28 مليار دولار.
الأسعار تتجاوز 80 دولار للبرميل
صعدت أسعار النفط بما يزيد عن %4 خلال الأسبوع الماضى لتتجاوز 80 دولار للبرميل مع تزايد المخاوف العالمية من حدوث أزمة طاقة فى أوروبا وبريطانيا،وحتى الصين التى اضطرت لطلب زيادة فى إنتاج الفحم رغم التلوث الذى يسببه عند استخدامه كوقود لمصانعها المنتشرة فى أنحاء البلاد.
وذكرت وكالة بلومبرج أنه رغم تنامى الطلب العالمى على الطاقة إلا أن منظمة أوبك وحلفاءها أكدت على استمرارها فى خفض الإنتاج فى محاولة منها لرفع أسعار البترول، بينما قالت الحكومة الأميركية إنها تراقب أسواق الطاقة، ولكنها لم تعلن أى خطط فورية لاتخاذ إجراءات لخفض الأسعار رغم أن إنتاج النفط الأميركى مازال يتعافى من إعصار «آيدا» الذى تسبب فى توقف ما يقرب من 35 مليون برميل.
وأكدت منظمة أوبك + أنه مع تعافى الطلب على المنتجات البترولية وارتفاع الأسعار فإنها على استعداد للالتزام بالخطة الحالية لزيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميًا بعد أن أوصت لجنة استشارية بالإبقاء على الخطة الحالية دون تغيير، ولكن يرى بعض المحللين الاقتصاديين أن الارتفاع التدريجى للأسعار، يزيد من الضغوط التضخمية التى يمكن أن تعرقل التعافى الاقتصادى لدى الدول المستهلكة.
نقص الإمدادات
شهدت أسواق الطاقة نقصا فى الإمدادات فى مواجهة تحسن الطلب على الوقود مع تعافى الأنشطة الاقتصادية من تبعات جائحة كورونا، ولكن حلول الشتاء وطقسه البارد قد يضع مزيدا من الضغوط على إمدادات الغاز الطبيعى، الأمر الذى دفع حكومة بكين لتوجيه المناجم فى إقليم منغوليا الداخلية بزيادة إنتاج الفحم للتخفيف من أزمة الطاقة.
وصعدت أيضا أسعار بترول مؤخرا بعد أن أعلنت وزارة الطاقة الأميركية إنه ليس لديها خطة فى الوقت الراهن للاستفادة من احتياطيات النفط الاستراتيجية الأميركية لتهدئة صعود الأسعار، غير أنها أضافت أن جميع الأدوات مطروحة دائما على الطاولة لمعالجة شح إمدادات الطاقة، وخصوصا أن النقص فى الغاز الطبيعى أدى لارتفاع أسعاره مما تسبب فى زيادة التحفيز للتحول إلى المنتجات النفطية فى عمليات التدفئة والتصنيع،وبذلك تزايد الطلب الإجمالى على النفط لدرجة أن منظمة أوبك+ تواجه ضغوطا من بعض الدول لزيادة الإنتاج مجددا من أجل المساعدة فى خفض الأسعار فى السوق مع تعافى الطلب بشكل أسرع من المتوقع فى بعض أنحاء العالم.
التحول من الغاز للنفط
ويعتقد كبار المنتجين ووكالة الطاقة الدولية أن الطلب على الخام قد يرتفع من 150 ألف برميل إلى 500 ألف برميل يوميا فى الأشهر المقبلة مع تحول مستخدمى الغاز الطبيعى إلى النفط بسبب ارتفاع أسعار الغاز التى وصلت فى أوروبا إلى المستويات القياسية التى بلغتها فى عام 2008 أثناء الأزمة المالية العالمية، لأن روسيا خفضت الإمدادات للقارة العجوز بحوالى 77 % منذ بداية الشهر الجارى، رغم تصريحات الرئيس الروسى فلاديمير بوتين التى حاول من خلالها تهدئة الأجواء وإعادة الثقة للأسواق،عندما أشار إلى أن روسيا مستعدة لزيادة إمدادات الغاز لتحقيق الاستقرار فى أسعار الطاقة.
ويجرى تداول الأسعار فى آسيا قرب مستويات قياسية مرتفعة، بينما تتنافس الصين ومشترين كبار آخرين للغاز الطبيعى المسال على شحنات متاحة لتلبية طلب متزايد على هذا النوع من الوقود.
وأشار متعاملون إلى أن أسعار الغاز فى الولايات المتحدة ترتفع على الرغم من توقعات ببقاء الأحوال الجوية فى البلاد أكثر اعتدالا من المستويات المعتادة فى مثل هذا الوقت من العام حتى أواخر أكتوبر.
الغاز يصعد لأعلى مستوى
صعدت العقود الآجلة الأميركية للغاز الطبيعى أكثر من %9 خلال الأسبوع الماضى لتسجل أعلى مستوى فى 12 عاما أى منذ الأزمة المالية العالمية، فقفزت أسعار العقود الآجلة للغاز فى أوروبا بأكثر من %21 للشحنات تسليم نوفمبر، و%23 لشحنات ديسمبر مسجلة مستويات قياسية مرتفعة جديدة بفعل مخاوف من أن بضع دول أوروبية لن يكون لديها مخزونات كافية للتدفئة خلال الشتاء القادم.
تقلبات أسواق الطاقة
وأعلن فاتح بيرول رئيس وكالة الطاقة الدولية أن التقلبات الحالية فى أسواق الطاقة، التى أدت إلى ارتفاعات هائلة فى أسعار الغاز الطبيعى، لا علاقة لها بتحول العالم بعيدا عن الوقود الأحفورى،ولكن الأسعار المرتفعة كانت نتيجة لأنماط الطقس وتوقف الصيانة خلال جائحة كورونا حيث تحولت أسعار الغاز الطبيعى المسال من قيعان قياسية إلى قمم قياسية.
كما قفز الطلب على الطاقة بفضل النمو الاقتصادى بالإضافة إلى شتاء بارد فى نصف الكرة الأرضية الشمالى تلاه صيف قائظ.
«كورونا» يعرقل الإمدادات
وأدى وباء كورونا إلى توقف الإمدادات بسبب مشاكل الإنتاج نتيجة القيود المفروضة على حركة الناس لمنع تفشى العدوى من كوفيد 19 والانقطاعات الأخيرة للكهرباء فى شتى أنحاء الصين بسبب نقص الفحم، مما أدى إلى تفاقم المنافسة بين آسيا وأوروبا على تأمين مصادر الطاقة لدرجة أن أسعار الغاز الطبيعى المسال قفزت إلى 34 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية الأسبوع الماضى، مقارنة مع أقل من دولارين للمليون وحدة فى مايو من عام الوباء، بينما قفزت أسعار الغاز الأوروبية بنسبة %300 منذ بداية هذا العام حتى الآن.
وتواجه المصانع الأوروبية نقصا فى توريد الغاز الطبيعى وخصوصا المصانع التى تستخدم الطاقة بكثافة فى بريطانيا والتى تنتج الحديد والصلب والزجاج والسيراميك والورق والتى حذرت حكومة لندن من أنها قد تضطر لوقف الإنتاج ما لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة لتوريد الغاز، ومنع ارتفاع أسعاره التى بلغت أرقام قياسية بسبب اخفاض المخزونات والطلب القوى من آسيا.