يعتبر عام 2016، تاريخا فارقا في مسيرة تايوان، حيث تولت فيه، تساي انج وين، رئاسة البلاد بعد فوزها في الانتخابات الرئاسية التي خاضتها عن الحزب الديمقراطي التقدمي، وكانت حينها تبلغ من العمر 59، لتصبح أول سيدة تصل إلى سدة الحكم، حيث استمرت لدورتين متتاليتين انتهيتا في يناير الماضي، وتشهد البلاد خطاب تنصيب خليفتها غدا الإثنين.
وتميزت فترة حكم تساي إينج ون، من اللحظات الأولى، بقوتها ومناصرتها لحقوق شعبها، إضافة إلى مناهضتها سياسة الصين التي تعتبر تايوان إقليم منشق منها، ورغم نشأة تساي الهادئة وطباعها الخجولة وحلم طفولتها بأن تصبح عالمة في التاريخ، إلا أنها أصبحت ممن سجلوا أسماءهم في تاريخ تايون، حيث رسمت لبلادها مسارا تاريخيا قويا ومرت به من أزمات جيوسياسية مركبة إلى أن وصلت بالبلد الصغير في مساحته إلى مكانة مرموقة ضمن الصفوف الأولى من دول العالم.
اليوم، وبعد 8 أعوام كاملة قضتها تساي على كرسي رئاسة تايوان، خلال دورتين انتخابيتين، تسلم السيدة مقاليد حكمها إلى خليفتها، لاي تشينج تي، والذي كان رئيس وزرائها سابق، وفاز بالانتخابات الرئاسية عن نفس الحزب، لكنها ستسلمه دولة مختلفة تماما عن تلك التي تسلمتها هي في يومها الأول داخل القصر.
تحديات وعزلة دولية
تسلمت تساي حكم تايوان في خضم توترات كبيرة مع عملاق التكنولوجيا الصيني، وتدني في رواتب المواطنين وتردي في أوضاع الجيش وانخفاض في معدلات النمو والاقتصاد وارتفاع في نسب التضخم وعزلة سياسية عن العالم تعيشها الجزيرة التي يبلغ تعداد سكانها 23 مليون نسبة.
وسرعان ما تحولت بوصلة تايوان الى ترسيخ العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية مما ساعدها في إقامة علاقات دولية صلبة ساهمت في تحويلها الى شريك ولاعب رئيسي في التجارة المتبادلة من الدول الغربية والاتحاد الأوروبي مما عزز من انتاجها المحلي وساهم في حل الأزمات الإقتصادية التي عاشتها.
قبل أيام من الانتخابات، لخصت تساي تحول الجزيرة على مدى السنوات الثماني الماضية في خطابها الأخير للعام الجديد كرئيسة. وقالت «ما تغير هو أن تايوان لم يعد يتم التغاضي عنها»، «إذا سألني أحدهم عن إرثي لتايوان، فسأقول إنني سأترك ورائي تايوان جديد في مقدمة العالم».
أول سيدة تقود البلاد
درست تساي القانون، وأصبحت أستاذة في تدريسه، قبل أن تعمل كمفاوض تجاري لتايوان ووزيرة حكومية مسؤولة عن سياسة الصين، مما أثقل خبراتها في التعامل مع الجارة القوية والمرور بفترات حكم حكيمة وصلت لأن تصبح بلادها مخزن للعالم في الرقائق الإلكترونية ومحط أنظار أوروبا في المجال التقني والمعلوماتي.
دخلت تساي السياسة في سن 48، عندما انضمت إلى الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم في عام 2004. وبعد أربع سنوات فقط، خاضت معركة سياسية شرسة لتصبح رئيس الحزب الديمقراطي التقدمي بينما كان الحزب يعاني من هزيمة ساحقة في الانتخابات الرئاسية.
وترشحت لأول مرة للرئاسة في عام 2012، لكنها خسرت أمام ينغ جيو.
ونجحت في المحاولة الثانية، وصنعت التاريخ ليس فقط كأول امرأة رئيسة لتايوان، ولكن أيضًا واحدة من أوائل النساء في آسيا المنتخبات لمنصب رفيع دون الانحدار من سلالة سياسية.بعد أسابيع من أداء تساي اليمين الدستورية، حضرت حفل تخرج في الأكاديمية العسكرية التايوانية وألقت رسالة صارمة: «قواتنا المسلحة بحاجة إلى الإصلاح بطريقة كبيرة وجريئة… نحتاج أيضًا إلى إصلاح أنظمة الدفاع الوطني وثقافتنا.»
خلال فترة ولايتها، عززت تساي الإنفاق العسكري، ومددت الخدمة العسكرية الإلزامية من أربعة أشهر إلى عام، وسرعت من تطوير برنامج الأسلحة المحلي لتعزيز الاستعداد القتالي، بما في ذلك أول غواصة منتجة محليًا في الجزيرة.
سعت تساي أيضًا إلى تنشيط النمو الاقتصادي ومعالجة عدم المساواة الاجتماعية، ورعاية الصناعات الناشئة مثل الطاقة المتجددة وإطلاق إصلاحات المعاشات التقاعدية. خلال فترة ولايتها، نما الاقتصاد التايواني بمعدل متوسط يزيد عن 3٪