اليمين العنصرى ما بين المجازر والاستيلاء على أراضى الغير

شريف عطية

7:59 ص, الأحد, 24 مارس 19

شريف عطية

شريف عطية

7:59 ص, الأحد, 24 مارس 19

بقلم شريف عطية

تتوالى الفصول السياسية لمذبحة المسجدين فى نيوزيلندا منتصف مارس الحالى، إذ لم تكن من واقع ما تردد عن حيثياتها الموثقة، التاريخية أو المعاصرة، حادثاً فريداً من فعل رجل واحد، حيث تكشف عن تجبيه جذرى بين اليمين الشعبوى الجديد المتنامى مؤخراً فى الغرب.. مع اليمين الدينى المتشدد، وفى اتجاههما نحو العنصرية – كقنبلة موقوتة – تهدد العالم بالعودة إلى العصور المظلمة.. ما لم يتم تدارك مخاطر التصفية العقائدية باسم الدين، ما بين أنصار «المسيحية الصهيونية» المنتشرة مؤخرًا فى الولايات المتحدة، وفى مواجهة التطرف الإسلامى.. المتهمة تركيا – ورئيسها – بحسب الرئيس التشيكى 3/20 الجارى بأن «أنقرة حليف فعلى لتنظيم داعش»، (ومشتقاته)، وإذ لم يمض أقل من أسبوع على مجزرة نيوزيلندا.. إلا وأسرع الرئيس «ترامب» (أكثر الرؤساء الأميركيين – لأسبابه – رضوخاً لتيار المسيحية الصهيونية) بالتغريد على حسابه الشخصى، والإعلان بأنه قد آن الأوان لضم مرتفعات الجولان (السورية المحتلة فى 1967) إلى السيادة الإسرائيلية، كما لو أنه يحتذى بقراره السابق الاعتراف بالقدس – قبل عام – عاصمة لإسرائيل، وحيث يبدو كما لو أن الهدف بالنسبة لضم الجولان إلى إسرائيل.. محاولة تعزيز موقف الجناح المتشدد لليمين فى إسرائيل (الليكود) فى الانتخابات العامة الشهر القادم.. ضد منافسه «حزب الجنرالات» الأقل يمينية، إذ يقدم «ترامب» إلى «نتنياهو» على طبق من فضة دعما انتخابيا لولاية خامسة كرئيس للوزراء، مبررا ذلك بأهمية «الجولان» البالغة أمنيا واستراتيجيا لإسرائيل، وللاستقرار الإقليمى، وإذ سرعان ما يلحق به وزير الخارجية «بومبيو» بالتأكيد «كمسيحي» أن «الرب خلق ترامب من أجل حماية إسرائيل» (من إيران)، ما يعيد للأذهان أقوال الرئيس السابق «بوش دبليو» عن تكليفات إلهية له (وللمحافظين الجدد) بنصرة «الصليب»، وما إلى ذلك من تصريحات عنصرية يمينية أعقبت أحداث نيويورك 2001، إلا أن دمشق سارعت 3/22 بالتنديد بتصريحات «ترامب»، متعهدة باستعادة الجولان «بكل الوسائل المتاحة»، كما قامت فرنسا بالإعلان عن أن «الجولان أرض تحتلها إسرائيل، ولا نعترف بسابق ضمها إليها1981، كما ليس لدينا خطط لتغيير موقفنا»، فى حين تحدثت المستشارة الألمانية «ميركل» فى تصريح صحفى عن «جنون ترامب» الذى قد يشعل منطقة الشرق الأوسط، وقد يقودها إلى حرب أو إسقاط الأنظمة من جيران إسرائيل، وهو أمر قد لا يكون مستبعداً بالمقارنة مما جرى عقب حرب فلسطين 1948.. من انقلابات سياسية وعسكرية فى شرق المتوسط، قبل سبعة عقود من ضم القدس القديمة لإسرائيل 2018، واعتزام واشنطن الاعتراف أيضا بسيادة الدولة العبرية على مرتفعات الجولان.. والضفة الغربية (المحتلتين)، اللتين تتعلق أولاهما بنقاط فنية يمكن التفاوض بشأنها فى إطار تنازلات متبادلة، أما عن الضفة فإنها ترتبط سياسياً بصراع الوجود بين الشعبين الفلسطينى والإسرائيلى، ذلك فيما يركز الخطاب الإسرائيلى بالنسبة للأراضى المحتلة، وفقاً إلى «إسحق شامير» مطلع التسعينيات، على امتلاك العرب لأراضى شاسعة المساحة تزيد عن حاجتهم فيما إسرائيل تعانى من ضيق رقعتها.. بحيث أن عرض الدولة فى بعض مواقعها لا يتعدى 8 كم، وهو الخطاب الذى يجرى تصديره إلى الغرب وقد يجد آذان صاغية، خاصة فى الولايات المتحدة التى تعتزم التقدم بمبادرتها «صفقة القرن» بعد الانتخابات الإسرائيلية، بكل ما فيها من إجحاف للعرب والفلسطينيين، ملوحة – وإسرائيل- بسياسة الأمر الواقع أحياناً، وباستخدام سياسة العصا والجزرة أحياناً أخرى.. لتمرير «صفقة القرن» بالشروط الأميركية – الإسرائيلية، خاصة فى منطقة العقبة وما جاورها، سواء بمشروع القناة الإسرائيلية الموازية لقناة السويس، أو بالنسبة لإنشاء مدينة «نيوم»، إلى الجسر البرى بين الخليج وسيناء، فضلاً عن منح مالية أميركية وخليجية لكل من مصر والأردن، وما إلى ذلك من حوافز قد تشجع على القبول بما يسمى «السلام الاقتصادى»، الذى يدعونا إليه.. من خلال صفقة القرن التى يقف من وراء الضغط لتمريرها محاولات كل من قوى اليمين المتطرف الشعبوى والدينى العنصريين، بسيان، إلا أنه حتى لو قبل العرب بها (وأحسب أنهم سيرفضونها)، فسوف تبقى بذور نزاعات استراتيجية مطمورة تحت الأرض، ليس إلى ما لا نهاية.