تشهد أسعار السيارات فى مصر عدم استقرارًا لمختلف الماركات التجارية تزامنًا مع الزيادات المتتالية التى يفرضها الوكلاء المحليين والموزعين تحت وطأة نقص الكميات الموردة من الخارج وارتفاع تكاليف الاستيراد.
استطلعت «المال» آراء عدد من مسئولى الشركات وتجار السيارات حول الأسباب الرئيسية التى أدت إلى تفاقم أزمات القطاع وعدم استقرار أسعار غالبية الطرازات لمستويات قياسية وصلت إلى 250 ألف جنيه فى المركبة الواحدة، إضافة إلى قيام الموزعين بالتحكم فى آليات التسعير داخل السوق المحلية.
أكد البعض على أن السياسات التى يتبعها غالبية الوكلاء المحليين فى تقليص الكميات الموردة للموزعيين قد دفعتهم لفرض مبالغ إضافية تحت مسمى «الأوفر برايس»؛ وذلك بهدف تعزيز المكاسب والحفاظ على إيراراداتهم المحلصة عن بيع السيارات بمختلف فئاتها.
وأضافوا أن تحفظ الوكلاء المحليين فى فرض أى نوع من العقوبات على الموزعين الغير ملتزمية بتطبيق الأسعار الرسمية قد أدى هيمنة البعض على آليات التسعير واشتعال «الأوفر برايس» داخل السوق المحلية.
فى حين، يرى فريق آخر أن الأزمات العالمية التى تواجه صناعة السيارات من نقص المواد الخام وأجزاء الرقائق الإلكترونية المستخدمة فى عمليات التصنيع؛ قد انعكست بالسلب على حركة الشحن الخارجى وتراجع أعداد الشحنات المصدرة للسوق المحلية.
سعد:ضرورة تقليص مدة قوائم الانتظار وتلقى الحجوزات عبر المعارض المعتمدة
قال خالد سعد، الأمين العام لرابطة مصنعى السيارات، إن السوق المحلية تشهد حالة من التخبط وعدم استقرار فى أسعار السيارات نتجية نقص الكميات المنتجة والموردة من جانب المصانع الأم؛ وهو ما تسبب فى حدوث فجوة بين آليات العرض والطلب ولاسيما ارتفاعات سعرية كبيرة من جانب العاملين فى المجال.
وأضاف سعد أن الحل الأمثل لضبط آليات سوق السيارات حاليًا يتطلب ضرورة اتاحة الفرصة أمام المستهلكين الراغبين فى شراء السيارات التوجه إلى المعارض المعتمدة التابعة للوكلاء والموزعين المعتمدين فى امكانية الحجز بالسعر الرسمى، إضافة إلى توقف العملاء عن شراء الطرازات التى تباع بزيادات سعرية من جانب التجار فى ضوء الحد من الممارسات التى يقوم بها العديد من الشركات والتجار الذين يستغلون أزمة نقص المعروض داخل السوق المحلية.
وأشار إلى أنه من الضرورى أيضًا قيام الوكلاء والمنتجين المحليين بالعمل على توريد كميات كبيرة من طرازاتهم خلال الأشهر المقبلة بما يسهم تغطية الحجوزات والطلبات المقدمة لديهم، إضافة إلى أن تقليص مدة قوائم الانتظار وضبط آليات التسعير لدى شبكة الموزعين.
اقترح على الوكلاء والمنتجين المحليين بتسويق أكثر من %50 من إجمالى الحصص الموردة داخل السوق المحلية، إضافة إلى توزيع الكميات بنسب متساوية بين شبكة الموزعين المعتمدين وهو ما سيسهم فى ضبط آليات التسعير داخل السوق المحلية.
وأوضح أن أحد الأسباب الرئيسية فى هيمنة بعض الموزعين والتجار على آليات التسعير داخل سوق السيارات يتمثل فى قيام الوكلاء المحليين بالاعتماد عليهم فى تغطية التدابير المالية الخاصة باستيراد الشحنات المتعاقد عليها من الخارج، مقابل تميزهم فى إسناد توزيع الجزء الأكبر من إجمالى الحصص المستوردة عن باقى شبكة الموزعين لديها.
وتطرق بالحديث عن اتجاه بعض الوكلاء المحليين للبحث عن إيجاد بدائل تمويلية من جانب الموزعين المعتمدين وعدم اعتمادهم بشكل كبير على الاقتراض من البنوك بهدف تفادى زيادة التكاليف الناتجة عن ارتفاع أسعار الفائدة.
ولفت إلى أنه من المتوقع أن ترتفع أسعار الشحن العالمى من جانب الشركات الملاحية تزامنًا مع تهافت غالبية الشركات المحلية على استيراد كافة الحصص والكميات المتفق عليها مع الشركات العالمية وهو ما سيؤدى إلى الضغط على خدمات الشحن بنهاية كل عام تقريبًا.
رجح أن تعانى سوق السيارات المحلية من نقص كبير فى الطرازات المستوردة أو المنتجة محليًا فى ظل تفاقم الأزمات العالمية التى تواجه شركات السيارات ومكوناتها التى تتمثل فى نقص المواد الخام ومكونات الإنتاج المستخدمة فى عمليات التصنيع وهو ما سينعكس سلبًا على إجمالى الكميات المستوردة سواء من المركبات الكاملة أو الشحنات المتعلقة بمكونات الإنتاج لدى المنتجين المحليين خلال الفترة المقبلة.
من جانبه، علق أحد المسؤولين فى شركات السيارات ووكلاء لإحدى العلامات الكورية فى مصر، على ارتفاع الأسعار واتساع ظاهرة -الأوفر برايس- داخل السوق المحلية؛ قائلًا:«زيادة الأسعار بشكل رسمى يعتبر أحد الحلول التى ستسهم فى الحد من الزيادات العشوائية الصادرة عن الموزعين أو التجار » على حد تعبيره.
وردًا على سؤال «المال» بإمكانية توفير كميات من سيارات العلامة الكورية داخل السوق المحلية بهدف تغطية الطلبات المقدمة من جانب المستهلكين وتضيق الخناق على الموزعين فى الحد من فرض الارتفاعات السعرية، قائلًا:« تلك الخطوة لم تفيد فى القضاء على ظاهرة -الأوفر برايس- حاليًا».
يقصد بـ«الأوفر برايس» مبلغ إضافى على السعر الرسمى للسيارات المبيعات من جانب الموزعين والتجار مقابل التسليم الفورى للعملاء ولعدم الدخول فى قوائم الانتظار.
فى سياق آخر، قال شعبان الحاوى، رئيس شركة «الحاوى لتجارة السيارات» الموزع المعتمد للعديد من العلامات التجارية، إن أسعار السيارات فى مصر تشهد عدم استقرارًا حاليًا نتجية تراجع إجمالى الكميات المستوردة من الخارج، إضافة إلى زيادة مصاريف الشحن العالمى التى ارتفعت لمستويات قياسية.
وذكر أن غالبية الموزعين والتجار قد لجأوا لفرض مبالغ إضافية على طرازاتهم بهدف الحفاظ على حجم إيراداتهم المحصلة عن بيع الطرازات، فضلا عن تفادى الخسائر المالية التى قد يتكبدونها عن تراجع الكميات والحصص الموردة من جانب الوكلاء المحليين، قائلًا:«الشركات تتحمل مصاريف تشغيل ثابتة بالمعارض ومراكز الصيانة».
ورجح الحاوى أن تستمر حالة التخبط التى تشهدها السوق المحلية من عدم استقرار أسعار السيارات بمختلف فئاتها خاصة فى ظل تفاقم الأزمات العالمية التى تواجه كبرى شركات السيارات فى مختلف دول العالم؛ والتى تتمثل فى نقص المواد الخام وأجزاء الرقائق الإلكترونية المستخدمة فى عمليات التصنيع وهو سينعكس سلبًا تراجع أعداد الشحنات الموردة من جانب المصانع الأم، موضحا أن كافة التقارير العالمية تشير باستمرار بطء حركة الشحن وعدم انتظام الإنتاج العالمى للسيارات حتى منتصف العام المقبل.
زيتون: إعادة فتح الاستيراد الموازي يسهم فى ضبط العرض والطلب
فى السياق نفسه اقترح منتصر زيتون، عضو الشعبة العامة للسيارات، بإعادة فتح استيراد السيارات الأوروبية من بلد غير منشأ مع منح المستوردين كافة الامتيازات والخصومات الجمركية على الطرازات المستوردة من الخارج وهو ما سيسهم فى تخفيض الأسعار بشكل كبير.
وأكد أن الاستيراد الموازى يعتبر أحد الحلول التى ستسهم فى ضبط آليات سوق السيارات والحد من الزيادات السعرية التى يفرضها الموزعين والتجار على غالبية الطرازات المطروحة محليًا بخلاف تلبية كافة متطلبات العملاء والقضاء على أزمة نقص المعروض محليًا.
تابع: «منح المستوردين كافة الامتيازات والخصومات الجمركية على السيارات المدرجة ضمن الاتفاقيات الدولية ومنها »الشراكة الأوروبية والتركية« قد ستسهم فى زيادة أعداد الشحنات والكميات المستوردة من المركبات ولاسيما ارتفاع إجمالى إيرادات الدولة المحصلة عبر المنافذ الجمركية».
كما طالب بضرورة قيام الوكلاء المحليين بضبط أسعار طرازاتهم داخل السوق المحلية بالتعاون مع شبكة الموزعين المعتمدين لديهم من خلال تحديد نسب هوامش الربحية المخصصة لهم وعدم فرض مبالغ إضافة بدون مبرر، موضحا أن غالبية الموزعين قد استغلوا أزمة نقص المعروض التى تعانى منها السوق المحلية حاليًا من خلال تعظيم المكاسب وتحقيق مكاسب كبيرة.
وأكد أنه فى حالة إعلان الوكلاء المحليين بتطبيق عقوبات على الشركات الغير ملتزمة بتنفيذ سياستها وأسعار الرسمية قد ستدفع الموزعين المعتمدين بالتوقف عن فرض الزيادات السعرية المتتالية واستقرار أوضاع سوق السيارات، قائلًا:«كل الموزعين والتجار لديهم مستهدفات بيع لابد من تحقيقها خاصة المبرمة مع البنوك».
وتطرق بالحديث عن ضرورة قيام الوكلاء المحليين بمهام توزيع النصيب الأكبر من الحصص والكميات المستوردة دون الاعتماد على شبكة الموزعين لديهم؛ وذلك بهدف تغطية كافة الحجوزات وتقلص مدة قوائم الانتظار ، فضلا عن تشجيع العملاء للحجوزات بالمعارض المعتمدة.
فتحى: الشركات المحلية تستغل الأزمات العالمية بتحرك أسعار طرازاتها
أكد محمد فتحى، مسئول القطاع التجارى بإحدى شركات السيارات، على أن السياسات تتبعها غالبية الوكلاء المحليين فى تقليص إجمالى الكميات الموردة داخل السوق المحلية؛ قد تسببت فى حدوث فجوة بين آليات العرض والطلب ولاسيما ارتفاع الأسعار بشكل كبير.
وأوضح أن الاتجاه العام لدى كافة الموزعين يقومون بزيادة أسعار طرازاتهم بشكل غير رسمى بهدف تعظيم المكاسب والحفاظ على حجم إيراداتهم الشهرية خاصة فى ظل تراجع إجمالى الحصص الموردة من الوكلاء، قائلًا: «كل موزع يسعى للحفاظ على ربحيته سواء استلام كميات كبيرة أو محدودة» على حد تعبيره.
وأوضح فتحى أن بعض الوكلاء المحليين قد استغلوا أزمة تراجع الإنتاج العالمى للسيارات من خلال رفع أسعار طرازاتهم داخل السوق المحلية؛ بهدف تعظيم المكاسب وزيادة الارباح، موضحا أن هناك بعض الشركات قامت بتحريك أسعار سياراتها بالرغم من توافر مخزون كبير لديها خلال الوقت الحالى.
أكد أنه فى حالة امتناع المواطنين عن اقتناء الطرازات التى بنظام «الأوفر برايس» قد يدفع كافة الموزعين والتجار بالبيع بالسعر الرسمى مع تقديم تسهيلات وبرامج ائتمانية فى ضوء استمرارية حركة البيع وتحقيق الكميات المستهدفة شهريًا.
ولفت إلى أن من الضرورى أيًضًا مشاركة الوكلاء المحليين موزعيها المعتمدين توزيع أكثر من نصف الحصص والكميات التى يتم تقديمها داخل السوق المحلية بهدف تشجيع المستهلكين على إمكانية التعاقد على شراء المركبات عبر المعارض المعتمدة، مشيرًا إلى أن السماح للموزعين بتسويق النصيب الأكبر من الحصص المستوردة أو المنتجة محليًا يسهم فى وجود العديد من الممارسات الاحتكارية من جانب بعض الموزعين.