على هامش الزيارة المهمة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر، وفي إطار التعاون الإستراتيجي الكبير بين البلدين، تم توقيع اتفاقية تعاون لتطوير، وتمويل، وبناء وتشغيل محطة متكاملة لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، بما في ذلك الأمونيا الخضراء، في محيط منطقة رأس شقير.
جاءت الاتفاقية بين كل من الهيئة العامة لموانئ البحر الأحمر وهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، بالشراكة مع تحالف الوقود الأخضر المكوَّن من شركتي EDF Renewables الفرنسية وZero Waste المصرية الإماراتية.
شهد التوقيع الفريق مهندس كامل الوزير نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، والدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، وإريك لومبار وزير الاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية الفرنسي.
قام بتوقيع الاتفاقية كل من اللواء محمد عبد الرحيم رئيس هيئة موانئ البحر الأحمر، والمهندس إيهاب إسماعيل رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، وعمرو الصواف رئيس مجلس إدارة شركة Zero Waste، وبياتريس بوفون رئيسة شركة EDF Renewables.
صرح الفريق مهندس كامل الوزير نائب رئيس مجلس الوزراء بأن هذا التعاقد يأتي تنفيذًا للتوجيهات الرئاسية الهادفة إلى تشجيع وتعزيز جهود توطين صناعة الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، وتوفير مناخ استثماري مناسب، مما يعزز موقع مصر كمركز إقليمي وعالمي للطاقة والوقود الأخضر. كما يُعد تجسيدًا للعلاقات المتميزة والقوية التي تربط بين القيادة السياسية في البلدين والشعبين الصديقين، وتعكس حرص الجانبين على تعزيز التعاون بينهما بما يحقق المصالح المشتركة، ويسهم في تحقيق التنمية والرفاهية للشعبين الصديقين.
وأضاف أن المشروع يستهدف إنتاج مليون طن سنويًّا من الأمونيا الخضراء على ثلاث مراحل، بدءًا من عام 2029، لدعم أهداف الدولة في توفير وقود نظيف لتموين السفن، بالإضافة إلى التصدير للأسواق العالمية.
وأشار إلى أن هذا التعاون يُعزز مكانة مصر في مشروعات الطاقة المتجددة ويدعم جهودها في تحقيق التحول نحو الاقتصاد الأخضر، كما أن هذا المشروع يتميز عن المشروعات المماثلة في مصر بعدم التزام الدولة بتوفير أي بنية تحتية لمكوناته،
كما أنه لا يعتمد على مرافق شركات الكهرباء لنقل الطاقة اللازمة لتشغيله، ولا يفرض أي التزامات مالية على الدولة، موضحًا أن هذا المشروع يُعد من المبادرات النادرة التي يتم تنفيذها بالكامل من قِبل القطاع الخاص، ويتطلب شركات ذات قدرات مالية وفنية عالية، نظرًا لكونه استثمارًا طويل الأمد يتطلب فترات تمتد إلى نحو خمسين عامًا لاسترداد النفقات الاستثمارية.
وأكد الوزير أن وزارة النقل ستتولى التنسيق مع الوزارات والهيئات والجهات المعنية لاستكمال جميع الإجراءات القانونية والموافقات اللازمة مع شركة المشروع؛ لضمان تنفيذ المشروع وفقًا للمعايير المطلوبة.
وذكر وزير الصناعة والنقل أن للمشروع مردودًا اقتصاديًّا مباشرًا يتمثل في العوائد التي ستجنيها الدولة من خلال رسوم الخدمات المقدَّمة من شركة المشروع، ورسوم التراخيص المطلوبة لإنشاء المشروع وتجديدها،
بالإضافة إلى مقابل الانتفاع بالأراضي المخصصة لمحطات توليد الكهرباء من الرياح والطاقة الشمسية، وكذلك مناطق تصنيع الهيدروجين الأخضر ومشتقاته والأمونيا الخضراء،
كما ستستفيد الدولة من الرسوم المفروضة على كل طن يتم تصديره، إلى جانب الضرائب بمختلف أنواعها، والتي سيتم تسديدها جميعًا بالدولار.
ولفت نائب رئيس مجلس الوزراء إلى المردود غير المباشر للمشروع، والذي يشمل توفير فرص عمل واسعة، بدءًا من العمالة المطلوبة خلال مرحلة الإنشاء، ثم العمالة التشغيلية خلال مرحلة التشغيل والإنتاج،
وأوضح أن تحالف شركتي EDF Renewables الفرنسية وZero Waste المصرية الإماراتية سيضخ استثمارات مباشرة بقيمة 2 مليار يورو لتمويل المرحلة الأولى من هذا المشروع المتكامل لإنتاج 300 ألف طن سنويًّا من الأمونيا الخضراء، على أن تصل التكلفة الاستثمارية الإجمالية للمراحل الثلاث إلى 7 مليارات يورو للوصول لإجمالي إنتاج مليون طن سنويًّا، يتم تمويلها بالكامل من قبل شركة المشروع.
وأضاف الفريق مهندس كامل الوزير أن التحالف أعدَّ دراسة جدوى أولية لتحديد المتطلبات الأساسية للمشروع، حيث تم تخصيص 368 كم² لمراحل المشروع الثلاث كمناطق لتوليد الطاقة الشمسية والرياح في رأس شقير، و1.2 مليون متر² لإنشاء المصنع المخصص للمراحل الثلاث،
بالإضافة إلى مسار نقل الكهرباء بطول 7 كم وعرض 100 متر، وستقوم شركة المشروع بإنشاء وحدة لتحلية مياه البحر لتوفير المياه اللازمة لجميع مراحل المشروع،
كما ستقوم شركة المشروع بتمويل وتطوير رصيف شحن بطول 400 متر، وغاطس 17 مترًا لصالح هيئة موانئ البحر الأحمر، مع تركيب كل المرافق اللازمة له.
وأكد أن هذا المشروع يعكس التزام مصر بتعزيز مكانتها كمركز إقليمي للطاقة النظيفة، وجذب الاستثمارات في مجال الاقتصاد الأخضر، بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، في ظل المنافسة العالمية على توطين صناعة الوقود الأخضر، والاستفادة من مزاياها المتعددة،
كما أن هذا المشروع يأتي في إطار جهود التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، مما يُمكّن مصر من الوفاء بتعهداتها الدولية في اتفاقية باريس للمناخ ومؤتمر COP27، والمساهمة الفعالة في الحد من انبعاثات الكربون محليًّا وعالميًّا.
وأشار الوزير إلى أهمية المشروع وانعكاساته الاقتصادية والبيئية، سواء من خلال إنشاء محطات لتوليد الكهرباء من مصادر متجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح، أم الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومن ثم تقليل الضغط على احتياطي الغاز الطبيعي، عبر توفير بدائل مستدامة للصناعة والطاقة، فضلًا عن خلق الآلاف من فرص العمل خلال مراحل التطوير، والبناء، والتشغيل، مما يعزز الاقتصاد المحلي، علاوة على تحقيق عوائد تصديرية سنوية، من خلال تصدير الوقود الأخضر إلى الأسواق العالمية.
كما سيسهم المشروع بإضافة ميناء بحري جديد على ساحل البحر الأحمر تابع للهيئة العامة لموانئ البحر الأحمر، دون أي أعباء مالية على الدولة وتوطين الصناعات المغذّية تدريجيًّا، مثل إنتاج المحلل الكهربائي، والألواح الشمسية، وتوربينات الرياح، مما يعزز الاعتماد على الإنتاج المحلي، وتوفير الوقود الأخضر لتموين السفن المارة عبر قناة السويس، بما يساعدها على مواكبة متطلبات الملاحة العالمية والتكيف مع التحولات البيئية المستقبلية.
ولفت إلى أن شركة المشروع ستتولى مسئولية تدريب العمالة المصرية وتأهيلها، بهدف الوصول تدريجيًّا إلى نسبة 95% من إجمالي العمالة المباشرة بالمشروع، مما يسهم في بناء كوادر محلية متخصصة في قطاع الطاقة النظيفة.
ويُعدّ هذا المشروع خطوة محورية في تأمين مستقبل الطاقة النظيفة بمصر، وتعزيز موقعها كمركز عالمي لتداول الوقود الأخضر، مما يفتح آفاقًا جديدة للاستثمار والتعاون.