يتبنى جهاز التمثيل التجارى استراتيجية مكثفة لمضاعفة الصادرات المصرية خلال العام الحالى 2024، فضلا عن دوره البارز فى تحقيق مستهدفات الدولة الاقتصادية، وجذب المزيد من الاستثمارات.
وأكد الوزير مفوض يحيى الواثق بالله رئيس جهاز التمثيل التجارى أن خطة العمل خلال العام الجارى للارتقاء بالصادرات المصرية إلى دول العالم، تعتمد على تنفيذ تكليفات رئيس الجمهورية لمراجعة المعوقات لتعزيز الفرص واقتراح البرامج وآليات تنفيذها، وصولاً للمستهدفات خلال السنوات المقبلة.
وأضاف الواثق بالله، فى حواره لـ«المال» أن جهاز التمثيل التجارى قام بإعداد خطة عمل لتنمية الصادرات، تتضمن تحقيق معدلات بنسبة %20 سنوياً، بالاستناد إلى عدد من المحاور.
وتابع أن نجاح فرص الاستفادة من الأزمات الحالية وتحقيق زيادات مستدامة للصادرات المصرية فى الأسواق العالمية يعتمد على تبنى سياسات تجارية أكثر مرونة، وغير نمطية وقادرة على الاستجابة للتغيرات المستمرة فى الأسواق الدولية، وتعظم قيمة الصادرات المصرية سواء فى الأسواق الواعدة أو التقليدية بالاستفادة من مصفوفة المنتجات ذات القيمة المضافة المرتفعة.
أضاف رئيس جهاز التمثيل التجارى أن تحقيق هذه الأهداف يرتبط بالعمل على تنمية الصناعات الوطنية وزيادة قدرتها التنافسية ونجاحها فى التطابق مع المتطلبات الجديدة للأسواق الهامة.
وذكر يحيى الواثق بالله أن جهود المكاتب التجارية ساهمت خلال 2023 فى توفير عدد من الفرص الاستثمارية، وبلغت القيمة التقديرية لأهم هذه المشروعات الاستثمارية التى نجحت فى جذبها نحو 11.6 مليار دولار، ويتم ضخها على عدد من السنوات حسب عمر كل مشروع.
وتركزت أغلب هذه الفرص الاستثمارية فى قطاعات الطاقة (الهيدروجين الأخضر)، بالإضافة إلى الصناعات الغذائية، والهندسية والمستلزمات الطبية وتكنولوجيا المعلومات والقطاع المصرفى والعقارى والاتصالات والملابس الجاهزة والمنسوجات وغيرها، وفق الواثق بالله.
وتابع أن المكاتب التجارية تعمل على الترويج للحوافز الاستثمارية فى السوق المصرية حيث صدر مؤخراً عن الاجتماع الأخير للمجلس الأعلى للاستثمار 22 قراراً مهماً فى مختلف القطاعات والمجالات الاقتصادية استهدفت تحقيق نقلة نوعية فى مناخ الاستثمار من خلال خفض تكلفة تأسيس الشركات، والحد من القيود المفروضة ، ومن الموافقات المطلوبة ومدة الحصول عليها، وكذا تسهيل تملك الأراضى، والتوسع فى إصدار الرخصة الذهبية.
واستهدفت القرارات كذلك تعزيز الحوكمة والشفافية والحياد التنافسى فى السوق المصرية، وتسهيل استيراد مستلزمات الإنتاج، وتخفيف الأعباء المالية والضريبية على الشركات، وتحفيز الاستثمار المحلى والأجنبى، وتوسيع اختصاص المحاكم الاقتصادية.
كما شملت تقديم حزمة متكاملة وتنافسية من الحوافز والتسهيلات فى القطاع الزراعى، والصناعى، والطاقة فيما يخص إنتاج الهيدروجين الأخضر، والإسكان وما يخص المطورين العقاريين والمشروعات الاستثمارية بالمدن الجديدة، وكذا قطاع النقل فيما يتعلق برسوم الصادرات والجمارك، وتوحيد استراتيجية التسعير.
وذكر رئيس الجهاز أن المكاتب التجارية تلعب دورا كبيرا للترويج لكل الإصلاحات التشريعية والاجرائية التى تقوم بها الحكومة ونقلها لدوائر الأعمال بالدول التى تتواجد بها ، بالإضافة الى التواصل المستمر مع الجهات المعنية مثل هيئات الاستثمار والتنمية الصناعية والاقتصادية لقناة السويس وغيرها لتيسير الإجراءات وتذليل العقبات أمام المستثمرين.
وعلى صعيد الشركاء التجارين لفت الواثق بالله إلى أن الاتحاد الأوروبى يعد الشريك التجارى الأكبر لمصر بإجمالى حجم تبادل تجارى بلغ حوالى 37 مليار يورو عام 2022 يمثل إجمالى الصادرات المصرية منه ما يزيد عن 16 مليار يورو، مع مراعاة عدم تحميل المصنعين والمصدرين المصريين بأعباء إضافية تؤثر على تنافسية صادراتهم.
وشدد يحيى على ضرورة تجاوز التحديات والعمل على الارتقاء بالمنظومة الإنتاجية من خلال تحسين البنية التحتية للنقل والتخزين وتوحيد المواصفات القياسية، ودعم البحث والتطوير، وتطوير التكنولوجيات الحديثة مع التأكيد على أولوية الاهتمام بالمواصفات القياسية.
يذكر أن خطة عمل جهاز التمثيل التجارى خلال عام 2023 استندت الى عدد من الركائز والمحاور ذات الصلة بتنفيـذ خطـة الدولـة بمـا يتواكـب مـع استراتيجيـة التنميـة المُستدامـة رؤيـة مصـر 2030 ،ومستهدفـات الدولـة وتكليفـات رئيـس الجمهوريـة ذات الصلـة بتعميـق الصناعـات الوطنيـة والمنتجـات المحليـة وتنميــة الصــادرات وجــذب الاستثمــارات وكذا فى ضوء الخطط الموضوعة من جانب المهندس وزير التجارة والصناعة والخاصة بجذب الاستثمارات الصناعية فى عدد من القطاعات والمنتجات ذات الصلة.
تابع رئيس جهاز التمثيل التجارى أن الحكومة تستهدف تحقيق معدل نمو فى قيمة الصادرات المصرية بما لا يقل عن %20 سنوياً خلال الأعوام الستة القادمة، بحيث تصل إلى 145 مليار دولار فى 2030 وذلك كما حددتها وثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصرى.
وفى إطار توجه مصر نحو زيادة الصادرات إلى قارة إفريقيا، لفت الواثق بالله فى هذا الصدد إلى اتفاقية التجارة الحرة القارية ، مبينًا أنها اتفاقية تجارية بين 54 دولة عضواً فى الاتحاد الأفريقى تهدف إلى إنشاء سوق موحدة، مضيفًا أن مصر كانت من أوائل الدول التى قامت بالتوقيع عليها فى 21 مارس 2018.
وأضاف أن الدولة نجحت خلال فترة رئاستها للاتحاد الأفريقى فى حث الدول على التصديق، والإسراع بدخول الاتفاقية حيز التنفيذ فى 30 مايو 2019 بعد قيام 22 دولة بالتصديق عليها، حيث أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال رئاسة مصر لقمة الاتحاد الأفريقى فى النيجر فى 7 يوليو 2019 عن إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية رسمياً، فى إعلان تاريخى بعد استمرار المفاوضات لمدة 4 سنوات.
وتم الإعلان عن بدء التجارة فى إطار الاتفاقية فى 1 يناير 2021، إلا أن التجارة الفعلية بدأت لأول مرة فى أكتوبر 2022 بين سبعة من الدول الأعضاء فقط، علماً بأن عدد الدول التى صدقت برلماناتها حتى الآن على الاتفاقية بلغ 47 دولة، حسب الوزير مفوض يحيى.
وبشأن حجم تجارة مصر حاليا مع قارة إفريقيا، قال رئيس جهاز التمثيل التجارى إن الصادرات المصرية لدول القارة السمراء حققت زيادة ملموسة خلال عام 2023 حيث بلغت 7 مليار و150 مليون دولار.
وأضاف أن الزيادة تعكس التوجهات الحالية للدولة المصرية نحو تعزيز أطر التعاون الاقتصادى والتجارى مع دول أفريقيا فى مختلف المجالات، خاصةً فى الدول التى تتمتع فيها المنتجات المصرية بمزايا تنافسية عالية وقبول لدى المستهلكين.
واستطرد أن العام الماضى شهد توسيعًا للجهود إلى تعزيز التعاون التجارى مع السوق الإفريقية وارتفاع مشاركة المصدرين وتجمعات الأعمال فى الفعاليات التجارية التى تقام بالدول التابعة وذلك للاستفادة من الاتفاقيات التجارية الموقعة بين مصر ودول وتكتلات القارة لا سيما اتفاقية التجارة الحرة القارية AFCFTA إلى جانب التوسع فى المشاركة بالمعارض المتخصصة مع استهداف زيادة نمو الصادرات الى تلك الدول مع التوجه لوضع حلول هامة للتغلب على مشاكل النقل واللوجستيات لهذه الأسواق.
ويذكر أن أهم الدول الإفريقية المستقبلة للصادرات المصرية خلال العام الماضى تضمنت ليبيا بقيمة مليار 760 مليون دولار والسودان بقيمة 988 مليون والجزائر بقيمة 851 مليون .
كما تشمل المغرب بقيمة 817 مليون دولار وكينيا بقيمة 326 مليون ، وتونس بقيمة 290 مليون ، وساحل العاج بقيمة 223 مليون ، وغانا بقيمة 203 مليون.
وتمثلت أبرز الصادرات المصرية إلى إفريقيا فى قطاعات مواد البناء والصناعات الغذائية والمنتجات الكيماوية والأسمدة والسلع الهندسية والإلكترونية والأثاث والصناعات الطبية والغزل والمنسوجات والملابس الجاهزة.
يحيى الواثق بالله أشار أيضًا إلى أن العام الماضى شهد استضافة مصر لمعرض التجارة البينية الأفريقى وهو أحد الأدوات الرئيسية لتفعيل منطقة التجارة الحرة الافريقية (AfCFTA).
لفت إلى أن المعرض استهدف زيادة حجم التجارة البينية والاستثمارات المشتركة بين الدول الافريقية الأعضاء فى اتفاقية التجارة الحرة والبالغ عددهم 54 دولة ، وذلك كأحد الأهداف الرئيسية لأجندة القارة 2063.
جدير بالذكر أن المعرض يقام كل عامين بإحدى الدول الأفريقية، وقد سبق وأن استضافت مصر الدورة الأولى له فى عام 2018 بتنظيم من وزارة التجارة والصناعة، وبالمشاركة مع كل من الاتحاد الأفريقى وسكرتارية منطقة التجارة الحرة وبنك التصدير والاستيراد .
كما استضافت الدورة الثالثة للمعرض خلال الفترة من 9 – 15 نوفمبر 2023 بمركز مصر للمعارض والمؤتمرات، وبمشاركة ما لا يقل عن 13 ألف زائر وعارض ومسئولين حكوميين ورجال أعمال من مختلف الدول الأفريقى.
وأشار الوزير مفوض يحيى الواثق بالله إلى مساهمة الجهاز فى تنمية الصادرات المصرية (غير البترولية) خلال عام 2023 والتى بلغت نحو 35.6 مليار دولار.
وأوضح أنه خلال هذه الفترة نجح الجهاز فى إتاحة عدد 1054 فرصة تصديرية لمجتمع الأعمال والشركات المصرية بلغت القيمة التقديرية لأهمها نحو 1.5 مليار دولار لتوفير عدد من السلع والمنتجات بالإضافة الى الترويج لمنتجات الشركات المصرية لدى تجمعات الأعمال والشركات الأجنبية والعربية.
وقال إن ذلك تم مـن خلال التعامل مع نحو 15 ألف طلب ترويج واستعلام تجارى والترتيب والإعداد للمشاركة المصرية فى العديد من المعارض الدولية الخارجية بلغت (78 ) معرضًا وترتيب زيارات البعثات التجارية المصرية إلى الخارج والأجنبية إلى مصر وما يزيد عن 500 بعثة فردية وجماعية.
أوضح أن برامج عمل الجهاز استهدفت خلال عام 2023 العمل على توسيع قاعدة المصدرين، حيث شارك التمثيل التجارى فى تنظيم عدد من الدورات التدريبية لنحو (150) مصدر.
كما تم توفير الدراسات التسويقية عن الأسواق الخارجية من خلال ما يزيد عن 1500 دراسة وتقرير والتعامل مع العديد من الصعوبات والمعوقات والقيود الجمركية وغير الجمركية التى تواجه نفاذ الصادرات المصرية، فضلاً عن محاولة تسوية النزاعات التجارية بين الشركات المصرية والأجنبية (384 حالة).
فى سياق متصل قال الواثق بالله إن أبرز عوامل جاذبية السوق المصرية للمستمرين يتمثل فى الانخفاض النسبى لتكاليف الإنتاج بالإضافة بالطبع الى الحجم وفرص التصدير الى معظم دول العالم والاستفادة من شبكة اتفاقات التجارة الحرة لمصر.
وأشار إلى أن الفترة الماضية شهدت بالفعل نجاح المكاتب التجارية فى جذب استثمارات أوروبية من دول أسيوية عديدة بالإضافة الى تركيا وذلك للاستفادة من الانخفاض فى تكاليف الإنتاج بشكل عام فى مصر مقابل اتجاه تكاليف الإنتاج المرتفعة فى هذه الدول والتى تشمل تكلفة الحصول على الأرض والطاقة والعمالة والحصول على التمويل.
وشدد على أن طبيعة المشروعات التى تضخ فيها هذه الاستثمارات هى متوسطة وطويلة المدى فعندما تعلن إحدى الشركات عن إنشاء مشروع فى مجال الهيدروجين الخضر على سبيل المثال بقيمة 7 مليارات دولار فهذا يعنى أنه سيتم ضخها على مدى فترة عمر المشروع والتى تستغرق سنوات بداية من الحصول على الأرض وتجهيز المنشآت الصناعية وشبكة الخدمات المرتبطة بها وتعيين عمالة والبدء فى الإنتاج الفعلى.
ولفت يحيى إلى أن هناك توجه كبير نحو زيادة الاستثمارات التركية فى مصر خلال الفترة القادمة، بالإضافة الى استثمارات لشركات هندية فى عدد من القطاعات تتضمن الطاقة والأدوات الطبية والنقل بالإضافة الى استثمارات لشركات إسبانية وألمانية وإيطالية وبولندية فى قطاعات صناعية وخدمية مختلفة.
وبالحديث عن أزمة الشحن الحالية فى البحر الأحمر، وتأثيرها على الاقتصاد المصرى، قال الوزير مفوض إن هناك تأثير كبير بالفعل للأحداث الجارية على سلاسل الامداد العالمية.
وأضاف أن مصر ليست مستثناة من هذه التأثيرات، إذ تسببت الاضطرابات التى تشهدها منطقة باب المندب فى زيادة أسعار الشحن الدولية وحدوث ارتباكات فى سلاسل الإمداد الدولية وتأثير ذلك على أسعار المنتجات النهائية والتضخم فى الأسواق.
وتابع أنه خلال الفترة الحالية يتم تقييم الموقف فى ضوء التأثيرات المباشرة والغير المباشرة على صادراتنا لدول العالم حيث أدت الأزمة الحالية الى انخفاض كبير للملاحة فى البحر الأحمر وتحويل خطوط الشحن للالتفاف حول إفريقيا وهذا له تأثير مباشر على صادراتنا للدول الآسيوية .
كما أن له تأثير غير مباشر على صادراتنا للاتحاد الأوروبى وروسيا من خلال تأخر بعض الرحلات وقلة توافر الحاويات وذلك مع إمكانية التحول الى الشحن البرى للأسواق التصديرية بالخليج بدلاً من الاعتماد على الشحن البحرى خلال هذه الفترة.
ويما يتعلق بآلية تنفيذ التجارة الخارجية مع تجمع بريكس، وموعدها، أوضح يحيى الواثق بالله أنه يجب التفريق بين التكتلات التجارية أو مناطق التجارة التفضيلية والتجارة الحرة والـ «بريكس» كتجمع اقتصادى تنموى، مبينًا أنه ليس هناك اتفاق تجارة تفضيلية لدول تجمع بريكس، وإن كانت مصر تستفيد بوجود اتفاق تجارة حرة مع بعض الأطراف والتى يتم فى إطارها عمليات التبادل التجارى.
وأوضح إن انضمام مصر لتجمع البريكس له تأثيرات عديدة اقتصادية وتنموية ولا تقتصر فقط على تحقيق مكاسب تجارية فالتقارب مع مجموعة «بريكس» يساعد فى الترويج للإصلاحات التى شهدتها البيئة المصرية الاقتصادية والاستثمارية فى السنوات الأخيرة، بالصورة التى ترفع من فرص مصر لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية خاصة وأن هناك فرصًا كبيرة لاجتذاب استثمارات من دول التكتل، والاستفادة من آليات التعاون المشترك فى زيادة فرص التبادل التجارى وتذليل المعوقات أمام التجارة البينية.
وأكمل أن انضمام مصر لتجمع بريكس يسهم فى دعم سبل التعاون الاقتصادى وتعميق التبادل التجارى بين مصر والدول الأعضاء ، الذى يُعد أحد أهم التكتلات الاقتصادية فى العالم كما أن تنوع الهيكل الإنتاجى والسلعى للصادرات يحقق التكامل لسلاسل الإمداد والتوريد بين دول التجمع.
وأشار إلى أن اتفاقيات مبادلة العملات هى إحدى الأدوات التى قد تستخدمها بعض الدول لتسوية جزء من تعاملاتها التجارية الدولية من خلال جزء من قيمة تلك المعاملات بالعملات المحلية وبأسعار صرف محددة سلفاً دون استخدام عملة ثالثة، وذلك لفترة محددة وفق الاتفاق المبرم بين البلدين طرفى الاتفاق.
واختتم بأنه يمكن أن يُحد استخدام اتفاقات مبادلة العملات المحلية من اعتماد الدولة على الدولار فى التجارة الدولية، مما قد يساهم فى تأمين الاستقرار المالى والنقدى فى الدولة لتجنب أية آثار سلبية على الاقتصاد والتجارة، ويساهم التمثيل التجارى فى مناقشة هذه المبادرات مع عدد من الدول قبل أن يتم تحويلها للبنك المركزى باعتباره صاحب القرار النهائى فى هذه الترتيبات المالية.