ألقي الوزير الأول الجزائري أيمن بن عبد الرحمان، كلمة، جدد فى مستهلها الترحيب بالدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والوفد رفيع المستوى المرافق له، قائلاً:” أسعد معكم اليوم بافتتاح أعمال هذا المنتدى، واللقاء مع كوكبة من رجال الأعمال في البلدين”.
جاء ذلك خلال أعمال المنتدى الاقتصادي المصري ـ الجزائري المشترك، الذى عقد اليوم، برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والوزير الأول الجزائري أيمن بن عبد الرحمان، بمقر المركز الدولي للمؤتمرات بالجزائر العاصمة، تحت شعار: “الجزائر ـ مصر: تاريخ وقواسم مشتركة في خدمة الشراكة الاقتصادية الواعدة”، وذلك بحضور الوفدين الوزاريين من البلدين، ومسئولي غرف التجارة والصناعة، وممثلي القطاع الخاص بمصر والجزائر .
وأضاف: “نستلهم نشاطنا هذا من توجيهات وتعليمات قائدي البلدين، عبد الـمجيد تبون، رئيس الجمهورية، وأخيه الرئيس عبد الفتاح السيسي،، والتزامهما الشخصي بالعمل على كل ما من شأنه أن يساهم في رفع مستوى التعاون والشراكة بين البلدين، وحرصهما على زيادة حجم الاستثمارات البينية وتعظيم الاستفادة من المناخ الجاذب للاستثمار في البلدين، فضلا عن زيادة معدلات التبادل التجاري”.
وأعرب بن عبد الرحمان فى كلمته عن ارتياحه الكبير لهذا اللقاء الذي يجمع رجال الأعمال والمتعاملين الاقتصاديين في البلدين، في جو تسوده الرغبة المشتركة في بناء علاقات اقتصادية وتجارية قوية من خلال استغلال الفرص المتاحة لاسيما في المجالات الاستثمارية، قائلا:”ننتظر أن تتوج أعمالهم بنتائج في مستوى تطلعاتنا”.
وقال بن عبد الرحمان: “كما تعلمون، فإن الجزائر حباها الله بمزايا كثيرة تجعل منها وجهة استثمارية جذابة بامتياز.. فموقعها الجغرافي المهم يؤهلها لأن تكون همزة وصل تربط بين أوروبا وأفريقيا من جهة، وبوابة لأفريقيا من جهة أخرى.. وتمنح مساحتها الشاسعة، باعتبارها أكبر بلد عربي وأفريقي، وتنوع مناخها، فرصا كثيرة للاستثمار”.
كما أشار الوزير الأول إلى ما تتمتع به الجزائر من بنية تحتية، وشبكات متطورة من الطرق البرية والمواني والمطارات، قائلاً:”كما أنجزت أو قاربت على إنجاز مشروعات طرق كبرى تربطها بالقارة الأفريقية من خلال منفذين بريين في مدينتي تمنراست وتندوف.. ولا يفوتني أن أشير في هذا الصدد إلى اتفاق الجزائر مؤخرا مع موريتانيا على إنجاز مشروع طريق بري يربط مدينتي تندوف والزويرات”.
وأضاف بن عبد الرحمان: ناهيك عن بناء قواعد لوجيستية في تمنراست وتندوف وفتح خط بحري يصل الموانئ الجزائرية بموريتانيا. كل هذه البنية الإستراتيجية ستسمح للمستثمرين الذي يوطنون نشاطاتهم بالجزائر بفتح منافذ تجارية وتصديرية نحو الأسواق الأفريقية التي يفوق عدد المستهلكين فيها المليار نسمة.
وأكد الوزير الأول أن الجزائر تقدم جميع شروط النجاح للاستثمار والشراكة، لاسيما فيما يتعلق بمشروعات ذات جدوى تصديرية نحو دول أفريقيا وغيرها، دون أن ننسى أن الجزائر ورشة كبيرة لمشاريع حيوية في ميادين الزراعة والسياحة والطاقات المتجددة والمواصلات والصناعات بمختلف قطاعاتها ومجال الخدمات، علاوة على التجهيز العمومي التي يمنح جزءاً كبيراً من صفقاته إلى شركات أجنبية.
وكشف بن عبد الرحمان عن أن الحكومة الجزائرية، سعيا منها لتشجيع المنافسة الاقتصادية وإطلاق روح المبادرة الخاصة لتسريع حركة التنمية الاقتصادية في البلاد، قد تبنت خلال السنوات الأخيرة، جملة من الإصلاحات الهيكلية في إطار تصور عميق يهدف إلى تطوير القطاعات الاقتصادية التي تساهم في خلق العديد من فرص العمل، وتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي، أبرزها قطاعات الطاقة والـمناجم والسياحة والصيد البحري والفلاحة والصناعات الغذائية والصناعة الصيدلانية والأشغال العمومية والري.
وأضاف: أن برنامج الحكومة يصبو إلى إدماج الاقتصاد الوطني تدريجيا ضمن سلاسل القيم العالمية من خلال المبادلات التجارية، والشراكة وتحويل التكنولوجيات والخبرة، موضحا أنه وفي هذا الخصوص، تقترح الجزائر في مجال الطاقة، الاستثمار في مجالات استكشاف وإنتاج البترول والغاز، لتحقيق مستويات أعلى من عمليات التصدير، وفي مجال الطاقات الـمتجددة، فالجزائر تتوافر بها برامج استثمارية مربحة، وبالأخص في إنتاج الطاقة الكهروضوئية، الذي سيعرف نقلة كبيرة في غضون السنوات القادمة، كما يعد قطاع الـمناجم والتعدين من بين القطاعات التي باتت تسترعي اهتمام المستثمرين الأجانب بالنظر لمردوديتها الكبيرة.
وفيما يتعلق بالصناعات التحويلية الـمرتبطة بالقطاع الزراعي، أكد الوزير الأول أنها تحظى باهتمام خاص في برنامج الحكومة لكونها تشكل القيمة الـمضافة الأساسية من حيث استحداث فرص العمل والـمساهمة في الإنعاش الاقتصادي، مضيفاً أن الحكومة الجزائرية تولي أهمية كبيرة أيضاً بتطوير المؤسسات المصغرة والصغيرة والـمتوسطة، التي أصبحت تشكل الركيزة الأساسية للبنى الاقتصادية في العديد من الدول.
وعن قطاع السكن الذي يحظى باهتمام بالغ من السلطات العمومية منذ سنوات، أشار بن عبد الرحمان إلى أن الحكومة قررت مواصلة دعمها لهذا القطاع الحيوي لتلبية الطلب الـمتزايد باستمرار على السكنات الاجتماعية، وهو ما يجعل منه مجالا ذا جدوى اقتصادية عالية، لافتا كذلك إلى ما يحظى به قطاع السياحة من اهتمام خاص ضمن برنامج الحكومة وسياساتها العمومية، لاسيما في ظل المسعى الرامي إلى تنويع الاقتصاد والرفع من مميزات هذا القطاع وتنافسيته في الجزائر.
وقال بن عبد الرحمان خلال كلمته:”تعمل الحكومة، في إطار تحسين المناخ العام للأعمال في الجزائر، على عصرنة الـمنظومة الـمصرفية والـمالية وتحسين جاذبية مناخ الاستثمار من خلال مراجعة عميقة لقانون الاستثمار، بما يجعله يستجيب لمتطلبات الـمتعاملين الاقتصاديين الوطنيين والأجانب، ويزيل الـمعوقات التى من الممكن أن تحول دون تحقيق مشاريعهم الاستثمارية”.
وأضاف:” تحقيقا لهذا المسعى، اعتمدت الحكومة قانونا جديدا للاستثمار يحسن المنظومة الاستثمارية بما يخدم التعاون والشراكات مع الشركاء الأجانب.. وقد تقرر من خلاله استحداث شباك واحد له اختصاص وطني موجه للمشروعات الكبرى والاستثمارات الأجنبية، كما تعتزم السلطات رقمنة الإجراءات المتصلة بعملية الاستثمار وتوسيع نطاق ضمان تحويل المبالغ المستثمرة والعائدات الناجمة عنها إلى المستثمرين غير المقيمين”.
وأكد الوزير الأول أن القانون الجديد للاستثمار سيرافق رجال الأعمال والشركات الأجنبية فيما يخص تحويل الأرباح ويكرس حرية الاستثمار، ويوفر المساواة بين المستثمرين، مضيفاً أنه من المنتظر أن يعرض مشروع قانون الاستثمار على البرلمان لمناقشته والتصديق عليه.
وتابع: لا يفوتني في معرض حديثي عن مناخ الاستثمار في الجزائر أن أشير إلى تكريس حرية العمل لفائدة الشركات الأجنبية التي تتمتع في هذا الـمجال بنفس الحقوق والـمزايا التي تحظى بها الـمؤسسات الوطنية.
وقال بن عبد الرحمان: “إن مصر الشقيقة التي تربطنا بها علاقات تاريخية، تُعد من أهم شركاء الجزائر عربياً، سواء من حيث حجم الاستثمارات أو حجم التبادل التجاري. ويبقى المجال مفتوحاً للشراكة أمام رجال الأعمال المصريين في كل القطاعات”، مؤكداً أن قانون الاستثمار الجديد سيفتح لهم آفاقا جديدة ويمنحهم التسهيلات اللازمة، بما في ذلك الانتقال من الإنتاج إلى التصدير. فعلى عاتقكم، أنتم رجال الأعمال والمتعاملين الاقتصاديين، تقع مسؤولية كبيرة في دفع العلاقات الثنائية بين البلدين إلى أفق أعلى.
واختتم بن عبد الرحمان كلمته قائلا : “إنني واثق بأن الشركات المصرية، من خلال تحديد هذه الأولويات، ستتمكن بالتنسيق مع شركائها في الجزائر، من استغلال الفرص الحقيقية لإطلاق شراكات في السوق الجزائرية، كما سيكون بإمكان رؤساء الـمؤسسات الـمرافقين لكم والذين تربطهم في الغالب عقود وشراكات مع مؤسسات جزائرية، أن يجدوا سواء من جانب الحكومة أو لدى الـمؤسسات، كل الاهتمام والاستعداد لبرمجة مبادراتهم الـمستقبلية”، داعيا الله ان تكلل أعمال المنتدى باتفاقات شراكة، تسهم تعزيز الشراكة البينية والاستراتيجية بين البلدين الشقيقين، وبما يخدم مصالحهما، ويحقق الأمن الاقتصادى، والصحى، الغذائى لشعبي البلدين.