«النقـل البحـرى» بحـاجـة لثــورة تشــريعية

«النقـل البحـرى» بحـاجـة لثــورة تشــريعية

«النقـل البحـرى» بحـاجـة لثــورة تشــريعية
جريدة المال

المال - خاص

11:17 ص, الأحد, 15 نوفمبر 15

الحكومة عمدت إلى رفع أسعار الرسوم والخدمات دون دراسة السوق

■ القرارات الوزارية غير المدروسة تضعف تنافسية الموانئ المحلية أمام نظيرتها على البحرين المتوسط والأحمر

السيد فؤاد

استطلعت «المال» رأى غرف الملاحة والسوق الملاحية عن الاستثمار فى النقل البحرى، والصعوبات والمعوقات التى تواجهه من ناحية، بالإضافة إلى الفرص الاستثمارية المتاحة فى هذا النشاط، بعد أن عوّلت الرئاسة عليه كأهم نشاط تم تدشين مشروعات عملاقة به خلال العامين الماضيين.

أوضح المهندس أحمد العقاد، رئيس غرفة ملاحة الإسكندرية، أنه لا بد من النظر أولا إلى أن المناخ جاذب للاستثمار أو لا، مع الأخذ فى الاعتبار أن المناخ ليس موقعًا إستراتيجيًّا أو استقرارًا أمنيًّا، إلا أنه عبارة عن تشريعات استثمارية تناسب طبيعة المستثمرين والاستثمار بهذا المجال.

وذكر العقاد أن السوق الملاحية لديها العديد من المشكلات فى البيئة التشريعية التى تناسب الاستثمار فى النقل البحرى، بالإضافة إلى تضارب القرارات، وعدم استقرار البيئة التشريعية.

ولفت- على سبيل المثال- إلى قرار وزارة النقل رقم 488 لسنة 2015، الذى رفع بعض الرسوم الخاصة بأنشطة النقل البحرى إلى %2000، بالإضافة إلى 10 قرارات أخرى كان من المفترض أن تصدر بزيادة الرسوم، ونجحت غرف الملاحة فى عرقلتها، وقال إن غرفة ملاحة الإسكندرية تعمل حاليًا على إعادة صياغة القرار الذى صدر، والذى يعد مدمرًا للاستثمار فى الموانئ المصرية، حسب قوله.

وأوضح أن معظم القرارات التى تصدر لتنظيم العمل بالموانئ، يكون الهدف الرئيسى منها تعظيم الموارد فقط، فكيف نتحدث عن استثمار وجذب استثمارات جديدة.

وأضاف أنه مِن بين معوقات الاستثمار أيضًا، عدم وضوح رؤية من الجهات المعنية، لافتًا إلى ضرورة أن يكون هناك مخطط لفترة زمنية ومحدد بأهداف معينة، ووجود شكل معين لها.

وطالب بالعمل على مراجعة جميع التشريعات المرتبطة بالاستثمار فى النقل البحرى بمصر، خاصة أن هناك حزمة من المشروعات يتم الإعلان عنها من كل وزير يتولى وزارة النقل، وفى النهاية لا تنجح تلك الأطروحات.

وتابع أن الفرص الاستثمارية بالنقل البحرى واسعة جدًّا، إلا أنها لا بد أن تتواكب مع خطة زمنية واضحة تخدم سياسة الدولة بشكل عام، دون أن تقتصر على زيادة العوائد المالية للحكومة من رسوم وإتاوات يتم فرضها على المستثمرين، علاوة على النظر إلى الموانئ المصرية على أنها بمثابة ميناء واحد، كما يتم النظر إلى أنها تكاملية وليست تنافسية، خاصة مع ظهور موانئ أجنبية تنافس الموانئ المصرية.

واستشهد العقاد بميناء بيريه فى اليونان الذى جذب العديد من معدلات الحاويات من موانئ شرق بورسعيد ودمياط، وظهور ميناء الملك عبد الله بالسعودية، وكذلك موانئ دولة صغيرة مثل جيبوتى التى بدأت تنافس موانئ البحر الأحمر فى حركة التجارة بين الدول الإفريقية، رغم جاهزية الموانئ المصرية على البحر الأحمر للقيام بهذا الدور منذ سنوات طويلة.

ولفت إلى أن ضعف الاقتصاد الأوروبى أدى إلى تقديمه حوافز وخدمات ضخمة للمستثمرين بصور غير مسبوقة، وخاصة اليونان التى تمر بأزمة اقتصادية تصل إلى الإفلاس، ومن ثم تطرح مزايا كبيرة فى النقل البحرى، وهو ما يعمل على إعادة النظر فى الحوافز التى تقدمها الجهات المسئولة عن هذا النشاط بمصر.

وأوضح أنه قبل الحديث عن الفرص الاستثمارية لا بد من البحث عن مدى مساهمة تلك الفرص فى تحقيق النمو الاقتصادى المحلى، موضحًا أن وزارة النقل طرحت العديد من الفرص الاستثمارية كمشروعات، إلا أن إجراءات ترسية تلك المشروعات معظمها فشل بسبب وجود سلبيات عديدة فى كراسات الشروط، كما حدث فى مشروع طرح محطة جديدة للحاويات بميناء الدخيلة، وهو المشروع الذى تم إلغاء إجراءات طرحه رغم أن استثماراته تتجاوز 3 مليارات جنيه، وكذا إلغاء إجراءات طرح محطة حاويات جديدة بميناء شرق بورسعيد أكثر من مرة.

وأشار إلى أن معظم تلك المشروعات التى تم طرحها، صدرت بعدها تعديلات على كراسات الشروط وهو ما لا يُرضِى المستثمرين الذين تنافسوا فى أول الأمر على شراء الكراسات، علاوة على أن بعض المستثمرين غير جادين، ويتم شراء كراسة الشروط بهدف التعرف فقط على سوق البزنس بمصر، كما تم على مشروع محطة الصب الجاف بالأدبية.

وأوضح أن بعض المشروعات التى تتم بالموانئ، يتم طرحه دون شفافية كاملة كمشروع إنشاء محطة متعددة الأغراض بميناء الإسكندرية الذى من المفترض أن تقوم بتنفيذه شركة الهندسية للموانئ الصينية «شيناهاربر»، خاصة أن بند الإدارة فى هذا المشروع بالتحديد، الذى تصل استثماراته إلى 750 مليون دولار، لا يزال غير واضح حتى الآن.

وأكد أن المشروع كان يحتاج إلى مزيد من الدراسات، خاصة أنه بموجب إنشائه فلا بد من تكريك الممر الملاحى لميناء الإسكندرية للوصول إلى عمق 18 مترًا على الأقل، مما يحمِّل هيئة الميناء أعباء إضافية، متسائلا: من يتحمل كل تلك الأعباء، خاصة أن الإنشاءات من الأساس ستحتاج إلى الاقتراض من الجانب الصينى، علاوة على تحديد الأولويات للميناء هل المحطة الثالثة للحاويات بميناء الدخيلة التى تم إلغاؤها، أم تلك المحطة بميناء الإسكندرية، وهل يمكن أن يتم ربط هذا المشروع ببوابات الخروج كافية أم لا، مما قد يزيد الأعباء على منطقة ميناء الإسكندرية.

ولفت إلى أن وزارة النقل من الحين والآخر تتحدث عن حلم الربط بين ميناءى الإسكندرية والدخيلة، بخلق أرصفة جديدة بطول 12 كيلو مترًا، وتصل تكلفتها إلى المليارات، مع أنه ليس من الأولويات الراهنة– حسب وجهة نظره– وهناك أمور أكثر أهمية، خاصة أن هذا المشروع يحتاج إلى عدد كبير من المستثمرين، علاوة على وجود مشكلة فى تدبير الأراضى الخاصة بهذا المشروع، والتى بها إشغالات أساسًا ليست خاصة بوزارة النقل أو هيئة الميناء، ومنها مساحة كبيرة جدًّا تتبع شركة المكس للملاحات، علاوة على وجود مناطق صناعية وسكنية بتلك المنطقة.

وأكد العقاد أنه قبل التحدث عن جذب استثمارات جديدة فى أنشطة النقل البحرى، لا بد من فلترة وتنقية المشروعات العالقة، التى بها مشكلات، ولم ينجح أى فريق فى التعامل معها.

وعلى مستوى النقل البحرى ككل أشار إلى أن معظم وزراء النقل والقائمين على هذا النشاط يؤكدون أهمية وجود أسطول مصرى وطنى، إلا أن الإجراءات التى تتم فى هذا الشأن لا تؤكد ذلك، حيث إن الأمر ليس شفهيًّا فقط، لكن لا بد من تغييرات تشريعية تضمن إنشاء شركات تقوم بتملك وتشغيل وإدارة سفن ترفع العلم، وبنوك تقوم بالدخول فى هذا النشاط، وكم من ندوات وورش عمل تحدثت عن ضرورة التعديلات التشريعية، سواء القرارات الوزارية وقانون التجارة البحرية والقانون رقم 1 لسنة 1998 الذى فتح المجال أمام شركات القطاع الخاص للدخول فى النقل البحرى.

من ناحية أخرى أكد عادل لمعى، رئيس غرفة ملاحة بورسعيد، أن قطاع النقل البحرى ملىء بالفرص الاستثمارية، حتى إن الدولة عندما أرادت أن تقوم بتنفيذ مشروعات عملاقة بدأت بمنطقة محور قناة السويس، بالإضافة إلى المشروع القومى للطرق.
وأوضح أنه حتى تكون هناك بيئة صالحة للاستثمار فى النقل البحرى، لا بد من وجود خطة بمثابة الإستراتيجية لهذا القطاع، وتحديد مسئولية كل جهة عنه بأهداف محددة، ويكون هدف الموانئ كما جاء فى قرارات إنشائها تسيير حركة النقل والتجارة، ولا يتم النظر إليها على أنها جهات اقتصادية تدر أرباحًا.

من جهته أشار المهندس فتح الله عبد العزيز، رئيس الشركة الأهلية للسفن، سكرتير عام غرفة ملاحة الإسكندرية، أن أهم عوائق الاستثمار فى النقل البحرى هى القوانين التى لم تتغير منذ فترة طويلة جدًّا، والقرارات المنظِّمة لهذا النشاط، بالإضافة إلى عدم طرح مشروعات كفرص استثمارية جديدة، فمثلا مشروع محور قناة السويس إلى الآن لم يتم طرح أى مشروعات به، كما أن الرؤية تكاد تكون غير واضحة، حيث كان من المفترض بعد صدور قرار خاص بإنشاء الهيئة الاقتصادية وضم موانئ لها وصدور قانون منفصل- أن يتم البدء فى طرح المشروعات.

وأكد أنه على صعيد بقية الموانئ كبورسعيد أو دمياط أو الإسكندرية، لا توجد أى فرص استثمارية تم طرحها كاستثمارات جديدة بها، رغم أن هناك حاجة للتوسع بتلك الموانئ تتزامن مع زيادة البضائع المتداولة سنويًّا، مشيرًا إلى ضرورة وجود رؤية عامة للموانئ من الأساس.

وطالب بزيادة المدة الزمنية المتاحة للقيادات بالنقل البحرى كرؤساء هيئات الموانئ وقطاع النقل البحرى، التى تصل إلى عام واحد أو عامين، فمن الصعب تحقيق تحسن على أرض الواقع، مشيرًا إلى ضرورة أن يكون من يتولى تلك المناصب قد قضى على الأقل 5 سنوات حتى يحقق شيئًا ملموسًا على أرض الواقع.

جريدة المال

المال - خاص

11:17 ص, الأحد, 15 نوفمبر 15