«النقد العربي» يتوقع انكماش اقتصادات المنطقة باستثناء مصر في 2020

من المتوقع أن يسجل الاقتصاد المصري نموًا بنسبة 2% هذا العام

«النقد العربي» يتوقع انكماش اقتصادات المنطقة باستثناء مصر في 2020
الحسينى حسن

الحسينى حسن

4:58 م, السبت, 22 أغسطس 20

توقع صندوق النقد العربي أن تؤدي جائحة فيروس كورونا المستجد إلى انكماش كافة الاقتصادات العربية خلال 2020، باستثناء الاقتصاد المصري، والذي يتوقع أن يسجل نموًا بنسبة 2% في هذا العام، مقابل 6% كان متوقعًا قبل انتشار الجائحة.

وقال صندوق النقد العربي، إن الاقتصادات العربية تواجه تحديات متعددة الأبعاد سوف تؤدي إلى انخفاض مستويات النشاط في القطاعين النفطي وغير النفطي، ومن المتوقع انكماش الناتج المحلي الإجمالي في الدول العربية مجتمعة بنسبة تقارب 4.0% في عام 2020، على أن يتعافى تدريجيًا في عام 2021، وتسجيل نموًا بحدود 2.6%.

وأضاف أنه من المتوقع أن يكون وقع الأزمة أشد على الاقتصادات العربية المُصدرة للنفط التي من المتوقع أن تسجل انكماشًا بحدود 4.7% خلال عام 2020، في حين من المتوقع انكماش أقل للاقتصادات العربية الأكثر تنوعًا التي من المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي بها بنسبة 2.0% العام الجاري.

وذكر أنه من المتوقع أن يكون لجائحة فيروس كورونا تأثيرًا سلبيًا عميقًا على الاقتصادات العربية؛ حيث تساهم القطاعات المتأثرة بالإغلاق الكلي أو الجزئي بنحو 70% من إجمالي الناتج المحلي في المنطقة العربية.

وأفاد بأن قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة تضرر بشدة من الأزمة الحالية أيضًا، والذي يساهم بحوالي 45% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي وثلث العمالة الرسمية في الدول العربي.

الدول العربية المصدرة للنفط ستتحمل 50% من عـبء التخفيض العالمي في الإمدادات

وأشار صندوق النقد العربي إلى أن الدول العربية المصدرة للنفط ستتحمل 50% من عـبء التخفيض العالمي في إمدادات النفط في عامي 2020 و2021، والمُقــرة في إطــار اتفاق “أوبك +”، الأمر الذي سيكون له تأثير كبير على الاقتصادات العربية.

وتابع قائلًا: فعلى الرغم من جهود التنويع الاقتصادي المستمرة، لا يزال قطاع النفط يسهم بنحو 27% من الناتج المحلي الإجمالي للمجموعة، و42% من إجمالي الصادرات، و60% من الإيرادات العامة.

وقال إنه بمجرد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية عن فيروس كورونا المستجد جائحة عالمية، اتخذت حكومات الدول العربية إجراءات جادة متبوعة بإجراءات وقائية للحد من التأثير السلبي لانتشارها على الاقتصادات العربية، مع إطلاق حزم تحفيز لتنشيط الطلب الكلي بلغت قيمتها ما يقرب من 231.6 مليار دولار، بما في ذلك مجموعة متنوعة من التدابير لتخفيف الأثر الاجتماعي والاقتصادي للفيروس، ودعم الانتعاش الاقتصادي على المدى المتوسط.

تأثيرات الجائحة على التضخم بالدول العربية

قال صندوق النقد العربي، إن المستوى العام للأسعار في الدول العربية كمجموعة خلال عام 2020، تأثر بعدد من العوامل، حيث أثرت جائحة كورونا على مستوى المعروض من السلع بسبب اضطراب سلاسل الإمداد العالمية في بعض الدول العربية، فيما أدى قيام بعض الدول العربية بزيادة معدل ضريبة القيمة المضافة، وتوسيع الوعاء الضريبي للسلع الانتقائية إلى ارتفاع المستوى العام للأسعار في هذه الدول.

وأضاف: تأثر المستوى العام للأسعار في بعض الدول العربية بالتطورات الداخلية غير المواتية وتأثيرها على أسعار السلع والخدمات، وواكب ذلك تواصل الضغوط التضخمية الناتجة عن التراجع الكبير المُسجل في قيمة بعض العملات العربية مقابل العملات الأجنبية كانعكاس للتحديات الاقتصادية التي تواجه هذه البلدان، وهو ما نتج عنه ارتفاع كبير في أسعار السلع المستوردة وارتفاع ملموس لمعدلات التضخم في تلك الدول.

وذكر أن ما خفف من هذه الضغوط التضخمية، تراجع الطلب المحلي كنتيجة لانخفاض مستويات النشاط الاقتصادي في معظم الدول العربية بسبب جائحة كورونا، والتدابير التي قامت بها حكومات معظم الدول العربية في هذا الشأن للحفاظ على استقرار أسعار السلع والخدمات خلال تلك الفترة، مشيرًا إلى أنه كمحصلة لتلك التطورات من المتوقع ارتفاع معدل التضخم في الدول العربية إلى حوالي 8.8% عام 2020، على أن ينخفض ليسجل حوالي 6.3% العام المقبل.

التحديات التي تواجه التعافي مع اتجاه الدول العربية إلى فتح اقتصاداتها

وحدد صندوق النقد العربي عددًا من التحديات الكبيرة التي تواجه التعافي الاقتصادي مع اتجاه الدول العربية إلى فتح اقتصاداتها بشكل كامل أو جزئي، كما يلي:

-ضيق حيز السياسة المُتاح لدعم الانتعاش على المدى المتوسط بسبب الاختلالات الداخلية والخارجية المتزايدة.

-الحاجة الملحة لضمان التخصيص الفعال والسريع للموارد بين القطاعات الاقتصادية لمواكبة التحول الهيكلي الديناميكي الذي فرضه انتشار الفيروس، وهو ما يستلزم الإٍسراع بوتيرة التحول الرقمي.

-ضرورة الحفاظ على السياسة المالية التيسيرية مع ضمان القدرة على تحمل الديون.

-الحاجة إلى تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي واعتماد سياسات سوق العمل النشطة للحد من فقدان الوظائف، خاصة في قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة.

-الضيق المرتقب للأوضاع في الأسواق المالية وأثره على قدرة الاقتصادات العربية على تلبية متطلباتها التمويلية والحاجة إلى أنماط تمويل مبتكرة لأهداف التنمية المستدامة.

-التعامل بكفاءة مع التحديات التي تؤثر على الاستقرار المالي وضمان قدرة القطاع المصرفي على الاستمرار في منح الائتمان اللازم لدعم الانتعاش وسط الانخفاض الأخير في الأرباح المصرفية.

الاقتصاد العالمي يشهد أسوأ أزمة منذ الكساد الكبير

ذكر صندوق النقد العربي أن الاقتصاد العالمي يشهد أسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي في ظل انتشار جائحة فيروس كورونا المُستجد، والتي تسببت في ضرر بالغ لمستويات النشاط الاقتصادي في الاقتصادات المتقدمة والنامية على حد سواء وهبطت بمستويات ثقة المستهلكين والمستثمرين ومستويات الإنتاج والاستهلاك والاستثمار والتجارة وتدفقات رؤوس الأموال الدولية إلى أدنى مستوياتها، وهو ما يتوقع في ضوئه انكماش الاقتصاد العالمي بنسبة تتراوح ما بين 5 إلى 8% وفق تقديرات المنظمات الدولية وخسارة الاقتصاد العالمي لما يتراوح بين 8 إلى 12 تريليون دولار خلال عامي 2020 و2021.

وأضاف أن هذه الأزمة دفعت المؤسسات الدولية خاصة مؤسسات دول مجموعة العشرين لتبني حزم إنقاذ واسعة النطاق للحيلولة دون وقوع الاقتصاد العالمي في دوامة الركود الاقتصادي، وتم تبني سياسات نقدية ومالية توسعية غير مسبوقة في إطار حزم تحفيزية قدرت قيمتها بنحو 14 تريليون دولار ساهمت في التخفيف من التبعات السلبية الناتجة عن انتشار الجائحة على كل من الأفراد والشركات، وسعت إلى تمهيد الطريق للتعافي الاقتصادي.

وأفاد بأن حزم التحفيز ساعدت اتجاه العديد من الدول إلى تخفيف القيود على ممارسة الأنشطة في القطاعات المختلفة وإعادة فتح اقتصاداتها بشكل تدريجي، إلا أنه لا تزال المخاوف المرتبطة بالجائحة تخيم بظلالها على الاقتصاد العالمي، وتُضعف من مسارات التعافي المرتقبة لاسيما في ظل احتمالات أن يشهد العالم موجة ثانيةً أو ثالثةً من الركود الاقتصادي.

وتابع صندوق النقد العربي قائلًا: كما لا يزال الاقتصاد العالمي أسيرًا لعدد من مثبطات النمو ومن أهمها استمرار التوترات التجارية، والاضطرابات في سلاسل الإمداد الدولية، وتراجع مسارات التقدم المُحقق على صعيد التنمية البشرية، والانخفاض التاريخي في معدلات الإنتاجية.. وتستلزم مواجهة هذه التحديات جهود غير مسبوقة على صعيد السياسات، وتكاتف دولي للوصول إلى تفاهمات داعمة لمسارات التعافي الاقتصادي والدفع باتجاه تسهيل عملية التحول الاقتصادي للتحرك باتجاه مسارات أكثر استدامة وشمولية للنمو الاقتصادي.