أعد الملف _ شريف عمر
بحالة من التفاؤل المشوب بالحذر، اعتبر خبراء الاستثمار المباشر، أن النصف الثانى من العام الحالى، سيكون بمثابة الانطلاقة الحقيقية لعودة نشاط الاستثمار المباشر إلى مستوياته المعهودة فى السوق المصرية قبل ثورة يناير المجيدة.
ولخصت آراء عدد من خبراء الاستثمار المباشر التحديات التى تؤثر على جاذبية مناخ الاستثمار فى مصر فى عدة أمور، منها إجراء الانتخابات البرلمانية، بالإضافة لعقد مؤتمر قمة مارس الاقتصادى، والذى تهدف من خلاله الحكومة لإنقاذ وتنمية الاقتصاد، علاوة على إصدار قانون الاستثمار الموحد، والذى طال انتظاره لسنوات، موضحين أن إنهاء تلك التحديات كفيل بعودة مصر لوضعها المتميز على خريطة الاستثمارات فى منطقة الشرق الأوسط.
وشهد 2014 نشاطًا ملحوظًا يختلف عن 2013 فى ازدياد نشاط الاستثمار المباشر، ما ظهر فى الصراع الأخير بين شركتى أبراج الإماراتية وكيلوج الأمريكية على شراء «بسكو مصر»، بالإضافة إلى تنفيذ بعض صفقات الاستحواذ على شركات القاهرة للاستثمار والتنمية، ومستشفى القاهرة التخصصى، ومستشفى كليوباترا، وشركة الشرق الأوسط للزجاج، وشركة أميكو ميديكال، وصفقة شراء شركة التأمين الكندية لحصة اكتيس للاستثمار المباشر فى البنك التجارى الدولى، وشراء صندوق أكتيس حصة فى شركة التشخيص المتكاملة، علاوة على إعلان شركة بى بى البريطانية للبترول، عن زيادة استثماراتها فى مصر، إلى جانب العديد من الصفقات الأخرى.
ظروف 2015 السياسية والاقتصادية أفضل من 2014
قال أحمد على، عضو مجلس إدارة شركة جلوبال مصر للاستثمارات المالية، إن البلاد تمر بمراحل اقتصادية وسياسية خلال العام الحالى تختلف كثيرًا عن مثيلاتها فى العام السابق، ومن ثم رجح انتعاش الاستثمار المباشر فى السوق المحلية خلال العام الجديد.
وأشار إلى أن النصف الثانى من 2014 شهد تزايد الأنباء وتنفيذ عدد من صفقات الاستثمار المباشر فى سوق المال، بالتزامن مع نجاح العديد من الشركات الأجنبية والعربية فى ضخ مزيد من الاستثمارات، مؤكدًا أن تلك الشواهد توضح أن هذه الفترة كانت الباكورة الحقيقية لعودة الاستثمار المباشر.
ولفت إلى عدد من التحديات المهمة التى يجب على الحكومة العمل بجد لتقليص تأثيرها السلبى على سلوكيات المستثمرين، ومنها الإسراع فى إصدار قانون الاستثمار الموحد، مع أهمية الإجابة عن كل تساؤلات المستثمرين، بالإضافة إلى مرور العملية الانتخابية لمجلس النواب بسلام، علاوة على الجنى السريع لحصاد مؤتمر مارس الاقتصادى، والانتهاء من تنفيذ مشروع قناة السويس الجديدة.
وأكد انتهاء بيئة الاستثمار فى مصر خلال العام الحالى، وهو ما دفعه للتوقع بتزايد أحجام صفقات الاستثمار المباشر، ودخول رؤوس أموال أجنبية خلال الربع الأخير من العام الحالى، تزامنًا مع تحسن نظرة مؤسسات التمويل والتصنيف الدولية فى رؤيتها لمستقبل الأوضاع فى الاقتصاد المصرى.
ورأى أن العام الحالى سيكون بمثابة الفترة الزمنية الأخيرة المتاحة أمام الحكومة لإزالة كل العقبات التى كانت تهدد الاستثمار خلال السنوات الماضية، موضحًا أنه فى حال عدم دخول أى استثمارات قوية خلال 2015 فإن 2016 سيكون البداية الحقيقية والمؤكدة لعودة نشاط الاستثمار المباشر إلى سابق عهده فى مصر.
«العرب» فى المقدمة
وقال محمد بدوى، مدير الاستثمار بشركة الأهلى للتنمية والاستثمار، إن العام الحالى سيكون أكثر نشاطًا من العام الماضى، فى تزايد نشاط الاستثمار المباشر، مستفيدًا فى ذلك من تشكيل مجلس النواب الجديد، بالإضافة إلى انعقاد مؤتمر قمة مارس الاقتصادية، والذى توليه الحكومة أهمية خاصة فى تحريك وتنمية الاقتصاد خلال العام الحالى.
وأكد بدوى أن المهتمين بالاستثمار فى مصر لن ينتظروا لحين انتهاء انتخابات مجلس النواب أو الحصول على نتائج مؤتمر مارس وإصدار الحكومة قانون الاستثمار الموحد، متوقعًا أن تشهد السوق المحلية تنفيذ بعض صفقات الاستثمار المباشر وضخ المزيد من الاستثمارات خلال الربع الأول من 2015.
ورشح استحواذ الاستثمارات العربية على حصة كبيرة من الاستثمارات الواردة لمصر خلال 2015، بسبب تقارب العادات والتقاليد وتشابه الفرص الاستثمارية، وإن كان قد توقع انخفاض المنح الحكومية القادمة لمصر بسبب انخفاض أسعار البترول، إلا أن رأس المال العربى الخاص سيدخل بقوة مصر.
رفع الدعم وزيادة الضرائب
يدعمان خطط الإصلاح
وقال محمود سليم، رئيس قطاع بنوك الاستثمار بشركة إتش سى للأوراق المالية، إن الوضع الذى تعيشه مصر فى 2015 مختلف كليًا عن أوضاع 2014، وهو ما دفعه لتوقع انتعاش نشاط الاستثمار المباشر فى مصر خلال العام الحالى.
وأشار سليم إلى أن اتجاه الحكومة للبدء فى إجراءات الإصلاح الاقتصادى من خلال الإلغاء التدريجى للدعم، وزيادة الضرائب والتوجه لإصدار قانون الاستثمار الموحد، وتشجيع الاستثمار الأجنبى، أكد نية الحكومة الإصلاحية أمام مختلف المستثمرين بشكل شجعهم على الاهتمام بالاستثمار فى السوق المصرية.
ولفت إلى أن نشاط الاستثمار المباشر لم ينقطع بالسوق المحلية خلال السنوات التالية لثورة يناير، وإنما تقلص فقط، موضحًا أن قطاع البترول والإلكترونيات والأغذية والاستهلاك والرعاية الصحية شهدت تنفيذ بعض الصفقات وضخ رؤوس الأموال.
ورأى أنه فى حال عدم تحقيق مؤتمر مارس النتائج المرجوة منه فإن نشاط الاستثمار المباشر وضخ استثمارات جديدة فى مصر لن يتأثرا بذلك، موضحًا أن رأس المال المهتم بمصر لا يهتم إلا بالسياسات الحكومية ووفرة الفرص المتاحة.
الفرص تجبر رؤوس الأموال
على الاهتمام بمصر
وقال عمر مغاورى، نائب الرئيس التنفيذى لمجموعة فريست أكويتى إن 2015 سيكون شبيه إلى حد كبير بحركة الاستثمار المباشر بالربع الأخير من 2014، فى تزايد حركة دخول رؤوس الأموال الأجنبية للبلاد وتنفيذ بعض صفقات الاستحواذ على شركات مقيدة فى البورصة.
وأشار مغاورى إلى أن سيطرة الطابع الاستثمارى على الموازنة الحكومية للعام المالى الحالى، وكثرة الفرص الاستثمارية الواعدة فى مصر، تجبر أصحاب رؤوس الأموال والمؤسسات العالمية والخليجية على الاهتمام بالسوق المصرية.
وقال أحمد عبدالغنى، الرئيس التنفيذى لشركة ريدج كابيتال القابضة للاستثمارات، إنه لمس اهتمامًا أجنبيًا وعربيًا بالاستثمار فى مصر خلال العام الحالى، نتيجة نجاح الإدارة الحالية للبلاد فى إزالة بعض التحديات والتخوفات التى كانت تواجه المستثمرين خلال السنوات الماضية.
واعتبر أن تركيز الحكومة على الجانب الاقتصادى خلال 2015 – من خلال الدعوة لعقد مؤتمر عالمى لتنمية الاقتصاد المحلى، بالتزامن مع دعوة عدد كبير من بنوك الاستثمار والمؤسسات التمويلية العالمية للحضور وطرح نحو 44 مشروعًا جاهزًا للتنفيذ – يؤكد للجميع أن 2015، سيكون العام الحقيقى لعودة نشاط الاستثمار إلى مصر.
ورجح أن تبدأ العودة الحقيقية للنشاط خلال النصف الثانى من العام الحالى، وذلك بعد انتهاء إجراءات الانتخابات النيابية، وانعقاد مؤتمر قمة مارس الاقتصادية، بالتزامن مع تنفيذ طروحات بعض الشركات العملاقة فى البورصة المصرية.
2015 آخر مراحل «تمهيد الطريق لعودة البريق» خلال 2016
ووصف هيثم وجيه، عضو الجمعية المصرية للاستثمار المباشر 2015 بعام التفاؤل الاقتصادى فى مصر، مشيرًا إلى أن جميع المستثمرين سينتظرون خلال النصف الأول من العام لحين تشكيل مجلس النواب، وعقد مؤتمر مارس الاقتصادى، وصدور قانون الاستثمار الموحد للبدء فى ضخ استثمارات جديدة.
وأكد أهمية مرور انتخابات مجلس النواب بسلام، وأوضح أنه فى حال وجود مشكلات مرتبطة بالانتخابات فقد يتخوف المستثمرون من احتمالية التدهور السريع للأوضاع السياسية فى مصر، بالإضافة إلى احتمالية وجود مجلس نواب غير قادر على إصدار القوانين بشكل سريع ومتناغم.
ورشح سيطرة المستثمرين العرب على نسبة كبيرة من الاستثمارات الواردة للبلاد خلال 2015، موضحًا أن الاستثمارات العربية لمصر سواء الخاصة أو الحكومية مرتبطة بعدة أبعاد سياسية وأمنية واقتصادية، ومن ثم يمكن اعتبارها استثمارات غير قابلة الرجوع فيها مهما انخفضت أسعار البترول.
وأكد حسين إسماعيل، المدير العام لشركة سوليوشن للاستشارات المالية، أن اقتراب إجراء آخر مراحل خارطة الطريق بإجراء الانتخابات النيابية، بالإضافة لانعقاد مؤتمر مارس، واقتراب إصدار قانون الاستثمار الموحد يؤكد للجميع إدارة الملف الاقتصادى لمصر على الطريق الصحيح، وهو ما جعله يرجح بعودة ملحوظة لنشاط الاستثمار المباشر خلال العام الحالى.
ونصح إسماعيل الحكومة باعتبار 2015 بمثابة العام التمهيدى لاستعادة بريق الاستثمار المباشر فى مصر خلال 2016، داعيًا إياها للعمل الجاد لإصدار قانون الاستثمار والإجابة عن تساؤلات المستثمرين، وإنهاء مشروع توسعة قناة السويس.
ورجح أن يشهد الربع الأخير من 2015 تزايد نشاط الاستثمار المباشر فى مصر. «