أظهر النشاط الاقتصادي في الهند علامات مبكرة على التراجع خلال شهر يونيو الماضي، حيث أسفرت ضغوط ارتفاع الأسعار، وزيادة أسعار الفائدة، وهبوط سعر صرف الروبية، عن تراجع المعنويات في أعقاب الأداء القوي خلال شهر مايو الذي سبق.
أدّت الارتفاعات المحدودة في طلبيات المصانع إلى تباطؤ قطاع التصنيع، مما دفع الإبرة الموجودة على مقياس يسمى “الغرائز الحيوانية” – التي توجه السلوك الإنساني – إلى التراجع لنطاق 5 نقاط، من 6 نقاط في السابق، علماً أنَّ هذا المقياس الذي يعتمد على 8 مؤشرات تتقلب باستمرار وقد جمعتها “بلومبرج نيوز”، يستخدم متوسطاً مرجحاً على مدى 3 أشهر للحد من التقلبات، بحيث يشير تحرك الإبرة لجهة اليسار إلى فقدان القوة الدافعة وتراجع الزخم.
النشاط الاقتصادي في الهند
كان الاستهلاك المكبوت قد أدى إلى انتعاش ثالث أكبر اقتصاد في آسيا، إلا أنَّ ارتفاع الأسعار، والذي يعود في جزء منه إلى الحرب في أوكرانيا واضطراب الإمدادات؛ لجم التعافي الوليد.
رفع بنك الاحتياطي الهندي أسعار الفائدة بمقدار 90 نقطة أساس عبر زيادتين، للحد من ارتفاعات الأسعار، فيما من المنتظر أن يجري مراجعته المقبلة خلال الفترة المقبلة من 2 إلى 4 أغسطس.
انخفضت قيمة الروبية الهندية ليتجاوز سعر صرف الدولار 80 روبية، فقد سحب مستثمرون أجانب أموالهم في ظل تشديد الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سياسته النقدية.
وربما يحد تراجع سعر صرف الروبية أيضاً من استفادة الاقتصاد بشكل أسرع من تراجع أسعار السلع الأساسية، مما سيؤدي بالتالي إلى تأخير التعافي الاقتصادي.
نشاط الأعمال التجارية
بيّنت استطلاعات مديري المشتريات أنَّ نشاط الخدمات في الهند سجل أعلى مستوى له منذ ما يزيد على عقد. في غضون ذلك، تراجع النمو في قطاع التصنيع، مما أسفر عن هبوط مؤشر مديري المشتريات المجمع في الهند الخاص بشركة “ستاندرد آند بورز غلوبال” خلال شهر يونيو الماضي.
انتعش الطلب في قطاع الخدمات المهيمن في الهند عقب إعادة فتح الاقتصاد على نطاق واسع بعد إغلاقات جائحة كوورنا، لكنَّ ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج، ينذر بخطر زعزعة المعنويات، والإضرار بالطلب. قالت أديتي نايار، كبيرة خبراء الاقتصاد في شركة “إيكرا” (ICRA): “من المرجح أن تجعل العائلات ذات الدخل الذي يترواح من المتوسط إلى العالي، الأولوية للإنفاق على الخدمات التي تتسم بالاختلاط بين الناس، والتي جرى تفاديها خلال تفشي وباء كورونا، على حساب السلع الاستهلاكية المعمرة”.
الصادرات
زاد العجز التجاري الهندي ليسجل مستوى قياسياً عند 26.2 مليار دولار خلال شهر يونيو الماضي، مع تزايد الواردات بوتيرة أسرع من الصادرات، الأمر الذي أثار مخاوف من احتمال تسجيل تراجع إضافي في سعر صرف الروبية، ونمو عجز الحساب الجاري.
وقد أسهمت المنتجات البترولية والفحم والذهب بشكل أساسي في زيادة الشحنات الواردة، بينما تلقّت الصادرات ضربة من المخاوف بشأن حدوث ركود اقتصادي على مستوى العالم.
بالإضافة إلى الولايات المتحدة وأوروبا، يتنامى خطر حدوث ركود في الاقتصادات الآسيوية أيضاً، حيث تشجع الأسعار المرتفعة البنوك المركزية على تسريع وتيرة زيادة أسعار الفائدة، بحسب استطلاع للرأي أجرته “بلومبرج”.
نشاط المستهلكين
بعد أشهر عدة من الهبوط؛ انتعش قطاع السيارات في الهند مع تراجع حدة أزمة نقص أشباه الموصلات. انتعشت مبيعات الفئات الأساسية في هذا القطاع، بما فيها سيارات الركاب، وسيارات الدفع الرباعي، وسيارات الخدمات، وذلك بدعم من تزايد الطلب على التنقل الشخصي.
كما أظهرت المؤشرات الأخرى انتعاش طلب المستهلكين، فقد نما الائتمان المصرفي بنسبة 13.16% في نهاية شهر يونيو الماضي من 12.12% في شهر مايو. وبرغم ذلك، هناك انخفاض في فائض السيولة داخل النظام المصرفي، إذ يتخلص البنك المركزي من فائض العرض الواسع الذي تميّزت به فترة تفشي الوباء.
النشاط الصناعي
شهد النشاط الصناعي زخماً أيضاً، فقد زاد إنتاج المصانع إلى أعلى مستوى له خلال سنة واحدة مسجلاً نمواً بنسبة 19.6% خلال مايو على أساس سنوي، وذلك بدعم من عمليات التصنيع وإنتاج الكهرباء.
و زاد إنتاج 8 قطاعات بنية تحتية أساسية بنسبة 18.1% في شهر مايو الماضي، وهي أعلى نسبة ارتفاع في أكثر من سنة، مع الإشارة إلى أنَّ البيانات الخاصة بهذين القطاعين، تُنشر متأخرة شهراً واحداً.