يناقش مجلس النواب في جلسته العامة المقرر عقدها الثلاثاء المقبل، تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الخطة والموازنة، ومكتبي لجنتي الإدارة المحلية، والإسكان والمرافق العامة والتعمير، عن مشروع قانون مُقدم من الحكومة بإصدار قانون التخطيط العام للدولة.
وحصلت “المال” على النسخة الكاملة من تقرير اللجنة المشتركة في مجلس النواب بشأن مشروع القانون والذي تقوم فلسفته علي أن ما تشهده البيئة الاقتصادية المِصرية فى العقود الأخيرة تطورات كبيرة أظهرت حاجة ماسّة لإصدار قانون جديد للتخطيط، لأسباب عديدة لعل أهمها الآتى:
-القانون الحالى (70 لسنة 1973) يعطى أدوارًا فى العملية التخطيطية لكيانات فى الدولة لم تعد قائمة فى الوقت الحالى، نظرًا للتطورات السياسية التى شهدتها مِصر خلال العقود الأربعة الماضية.
-القانون الحالى تمت صياغته فى وقت كانت فيه مِصر تتبنى الفكر الاشتراكى القائم على سيطرة الدولة على وسائل الإنتاج المختلفة وقيامها بالتوظيف الكامل والتسعير الكامل والتوزيع الكامل للخدمات فى الوقت الذى كان فيه دور القطاع الخاص هامشيًا إلى أقصى الحدود، وقد تغير هذا الواقع تمامًا من خلال اتباع الدولة منذ ما يقارب ثلاثة عقود سياسات تقوم على اقتصاد السوق التنافسى، مع الحرص على تدخل الدولة لإحداث التوازن الاجتماعى المطلوب وتوسعات البنية التحتية وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، وقد أثر ذلك بشكل مباشر على نطاق التخطيط القومى والأساليب المتبعة لإعداد ومتابعة تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
-تضمن دستور 2014 مواد صريحة تتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين ومسئولية الحكومة عن إعداد الخطة، وكذلك نصه على التحول نحو اللامركزية ونقل السلطات والمسئوليات إلى المستويات المحلية المختلفة، والأدوار التى أعطاها لمؤسسات المجتمع المدنى، أوجد ضرورة بالغة لتوافق القانون المعنى بشئون التخطيط مع مواد الدستور الحالى وإمكانية تنفيذ ما تضمنه من أحكام على أرض الواقع.
-أفرز الواقع العملى مجموعة من المشكلات الموضوعية أدت إلى عدم التحقيق الكامل لكل أهداف خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومنها التضارب فى بعض الأحيان بين الخطط القطاعية والخطط المكانية على مستوى الأقاليم الاقتصادية والمحافظات.
-شهد علم التخطيط خلال العقود الأربعة الماضية العديد من التطورات بشأن أساليب إعداد الخطط الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك المبادئ التى تقوم عليها العملية التخطيطية، وبالتالى بات لزامًا فى إطار تحديث الدولة المِصرية والأطر التشريعية المعمول بها، الأخذ بكل ما يفيد الواقع المِصرى من التطورات العلمية والتطبيقية فى مجال التخطيط بُغية زيادة كفاءة وفاعلية الخطط الاقتصادية والاجتماعية على المستويين: المركزى والمحلى.
-أدى تبنى الدولة المِصرية لإستراتيجية التنمية المستدامة (مِصر 2030) التى أطلقها سيادة الرئيس/ عبد الفتاح السيسى – رئيس الجمهورية، فى فبراير 2016 إلى إيجاد واقعًا جديدًا للتخطيط فى مِصر يتطلب التنسيق الكامل بين الوزارات القطاعية والمحافظات ووزارة “التخطيط والتنمية الاقتصادية”، باعتبارها الوزارة المسئولة عن متابعة تنفيذ الإستراتيجية بأهدافها المختلفة، والتحقق من التناسق بين السياسات المختلفة لتعظيم أداء المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما تعمل عليه وزارة “التخطيط والتنمية الاقتصادية” بالتعاون مع شركاء التنمية المحليين والدوليين، لوضع مستهدفات كمية لكل مؤشر من مؤشرات أهداف التنمية المستدامة على المستوى القومى وعلى مستوى المحافظات، ويهدف ذلك لتعظيم الاستفادة من المزايا النسبية للمحافظات والأقاليم المِصرية، وتوجيه الاستثمارات فى إطار الخطة العامة للدولة بشكل أكثر كفاءة وفاعلية، مع التركيز على المحافظات التى لديها فجوات تنموية أكبر وفقًا لفكرة الاستهداف، والتى ترتكز عليها جهود الدولة فى تنفيذ المشروعات التنموية.
ولما كان القانون الحالى لا يسمح بهذا القدر من التنسيق، ولا يُمكّن من إحكام تطبيق إستراتيجية التنمية المستدامة، فبدت الحاجة ماسَّة إلى إلغاء القانون القائم وإعداد مشروع القانون الجديد.
و يرتكز قانون التخطيط العام للدولة على عدد من المبادئ والأسس الرئيسية أهمها:
-الحرص على النهج التشاركى فى عملية التخطيط بإشراف كافة الأطراف، أو من نطلق عليهم المثلث الذهبى للتنمية (الحكومة – القطاع الخاص – المجتمع المدنى).
– التخطيط المبنى على الأدلة، سواء بربط عملية التخطيط بقواعد البيانات مثل قاعدة بيانات المواليد والوفيات، وكذلك رصد الفجوات التنموية الموجودة فى القرى والمحافظات، وتوجيه الاستثمارات لمعالجة هذه الفجوات والاختلالات.
– دعم الإطار المؤسسى لعملية التخطيط والمتابعة، وبدأ ذلك بصدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1146 لسنة 2018 باستحداث وتطوير ستة تقسيمات تنظيمية بجميع وحدات الجهاز الإدارى للدولة، من بينها وحدة التخطيط الإستراتيجى والسياسات.
– حوكمة عملية التخطيط، سواء للجهات أو للبرامج والمشروعات الجارى تنفيذها.
-وضع صيغة أو معادلة تمويلية عادلة لتوزيع الاستثمارات، تم إعدادها بالتنسيق والتعاون مع الوزارات المعنية وشركاء التنمية المحليين والدوليين.
– تنويع مصادر التمويل بتشجيع مشاركة القطاع الخاص فى مشروعات التنمية.
– التوطين المحلى لأهداف التنمية المستدامة، لتعظيم الاستفادة من المزايا النسبية للمحافظات والأقاليم المِصرية، وتوجيه الاستثمارات فى إطار الخطة العامة للدولة بشكل أكثر كفاءة وفاعلية.
-تطبيق منهجية خطة البرامج والأداء، والتى تتوسع الدولة فى تطبيقها، بدايةً من خطة العام المالى 2017/2018، وساعدت فى إحداث نقلة نوعية فى محتوى الخطة، لتكون خطة تنمية مستدامة شاملة، وساعدت فى أن تتضمن الخطة مؤشرات أداء تنموية بخلاف المؤشرات التى تقيس دقة التخطيط المالى.
-منظومة متابعة الأداء الحكومى “أداء”، وهى منظومة إلكترونية مبنية على منهجية خطة البرامج والأداء، تتضمن نماذج ومنهجيات وأدوات موحدة ومُلزمة لكافة الجهات الحكومية.
-دمج أبعاد الاستدامة البيئية فى مشروعات التنمية، بإدراج البُعد البيئى فى كافة المشروعات الاستثمارية فى خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة.
-الاهتمام بإشراك المواطن فى جهود تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، من خلال إصدار وزارة “التخطيط والتنمية الاقتصادية” دليل المواطن لخطة التنمية المستدامة فى كل محافظة، بهدف تحقيق الشفافية وتشجيع المشاركة المجتمعية وتعزيز جهود التوطين المحلى للتنمية المستدامة
ثانيًا: الملامح الرئيسية لمشروع “قانون التخطيط “:
جاء مشروع القانون متضمنًا أربعة مواد إصدار بخلاف مادة النشر، بالإضافة إلى القانون المرافق، ويتكون من عدد (35) مادة مقسَّمة إلى أربعة أبواب:
– الباب الأول: الأحكام العامة، متضمنًا التعريفات وأهداف القانون ومبادئه (المواد من 1 إلى 3).
– الباب الثانى: إنشاء المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية المستدامة (المواد من 4 إلى 6).
– الباب الثالث: إجراءات وضع الخطط وإقرارها (المواد من 7 إلى 28).
– الباب الرابع: تنفيذ الخطط ومتابعتها (المواد من 29 إلى 35).
مميزات ” قانون التخطيط العام للدولة ” الآتى:
1 – إنشاء مجلس أعلى للتخطيط والتنمية المستدامة، برئاسة السيد رئيس الجمهورية، يكون هدفه التنسيق والتعاون بين الجهات المعنية بالتخطيط والتنمية، بما يمكِّن من تنفيذ استحقاقات إستراتيجية التنمية المستدامة: مِصر 2030، ويعظم من كفاءة وفاعلية العملية التخطيطية.
2 – تحديد الوثائق التخطيطية على المستوى القومى والإقليمى والمحلى، وتوضيح العلاقة التكاملية بين المخططات العمرانية وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإحكام التناسق بين التنمية القطاعية والتنمية المكانية.
3 – وضع مجموعة من المبادئ التخطيطية التى تعكس بشكل واضح الاستحقاقات الدستورية التى جاء بها دستور 2014، والتطورات التى شهدها علم التخطيط والممارسات الدولية الناجحة، ومنها على سبيل المثال: الاستدامة، التنوع، المرونة، التنمية المتوازنة، المشاركة والانفتاح على المجتمع، تشجيع الابتكار.
4 -يُعزز من قدرة الوزارة المعنية بشئون التخطيط على القيام بوظيفة المتابعة والتقييم للخطط والمشروعات على المستويين: المركزى والمحلى، ويلزم الوزارات والجهات التخطيطية على المستويات المحلية بتقديم تقارير المتابعة للمشروعات بشكل منتظم يضمن تعزيز الكفاءة والفاعلية.
5 – يتسق مع مواد الدستور ذات العلاقة بنظام الإدارة المحلية واللامركزية، حيث يُمكِّن المشروع الوحدات المحلية من إعداد خططتها التنموية على المستويات المختلفة، كما يعطيها الحرية والمرونة اللازمتين لتنفيذ هذه الخطط، ويشجعها كذلك على تعبئة المزيد من الموارد المالية وتوجيهها للمشروعات الاستثمارية التنموية.
6 – أولى مشروع القانون أهمية كبرى لأسباب تعثر المشروعات الممولة من الخزانة العامة، وأكد على عدم إدراج أية مشروعات دون التأكد من توافر الأراضى اللازمة لتنفيذها وخلوها من أية نزاعات قضائية، كذلك أكد على ضرورة توافق وتكامل المشروعات الممولة أجنبيًا من قروض أو مِنح مع خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة.
7 -حدد المنهجية التخطيطية المفصلة لإعداد الخطط على المستوى القومى والإقليمى والمحلى، مع تحديد الأدوار التى تقوم بها كافة الأطراف ذات العلاقة بشكل واضح ومنضبط.
8 -منح مشروع القانون المرونة اللازمة للوزارات والهيئات ووحدات الإدارة المحلية للمناقلة المالية بين المشروعات الاستثمارية، وذلك لسرعة الانتهاء منها وزيادة كفاءة الإنفاق العام، وذلك وفقًا للضوابط التى أحال المشروع فيها إلى اللائحة التنفيذية.
9 -تم إعداد مشروع القانون بالتنسيق مع كافة الوزارات والجهات المعنية، وفى مقدمتها وزارة التنمية المحلية، حيث تم تشكيل لجنة بالتنسيق بين وزارتىّ التخطيط والتنمية الاقتصادية والتنمية المحلية، للتأكد من وجود اتساق وترابط بين قانون الإدارة المحلية وقانون التخطيط العام، حيث يهدف مشروع القانون إلى تنظيم عملية التخطيط فى الدولة بالكامل، والتنسيق بين مختلف الجهات وتكاملها.
وفيما يلي النسخة الكاملة من مشروع قانون مُقدم من الحكومة بإصدار مشروع قانون التخطيط العام :