



أعد الملف ماهرأبوالفضل
مروة عبد النبى – الشاذلى جمعة
تساؤل «المال» كشف عن تخبط شديد بين قيادات القطاع فبينما اعترف البعض بعدم التزام اغلب الشركات بنصوص اللائحة التنفيذية مؤكدين قصور الهيئة عن عمد او دون قصد فى التدخل السريع خاصة أنها تمتلك الشرعية القانونية فى ذلك، الا ان فريقا اخر حاول تبرير النص وتفسيره بما يخدم مصالح البعض دون النظر الى مصلحة الصناعة والتى لم تتجاوز مساهماتها حتى الان الـ 1 % من اجمالى الناتج القومى.
ولجأ فريق ثالث إلى توجيه الاتهامات لبعض الشركات وربما لقياداتها باصرارهم على المنافسة السعرية لاسباب لها علاقة باتخاذهم قرارات مسبقة لعدم الاستمرار بمناصبهم لفترات طويلة، ويرى نفس الفريق ان عنصر الفساد بات المتحكم الرئيسى داخل القطاع خاصة مع الضغوط التى تمارس على مكتتبى التأمين من الادارات العليا لتحقيق المستهدف بغض النظر عن الوسيلة اقتناعا بالمبدأ الميكافيلى بان الغاية تبرر الوسيلة، وطالب بعضهم الاتحاد والهيئة باصدار قرارات ثورية بوضع حد أدنى للتسعير وان ذلك لا يتعارض مع اتفاقية تحرير الخدمات.
من جهته كشف أحمد عارفين العضو المنتدب لشركة المصرية للتأمين التكافلى فرع الممتلكات، عن عدم تطبيق شركات التأمين نص المادة 48 مكرر 3 من اللائحة التنفيذية للقانون 118 لسنة 2008 والتى تلزم شركات التأمين بمراعاة الاسس الفنية السليمة عند تسعير الوثائق لضمان عدم المغالاة فى التسعير، والتزامها بعدم التدنى فى الأسعار الى الحد الذى يضر بصناعة التأمين بقصد الحصول على العمليات.
ومن وجهة نظر عارفين فان السبب فى عدم تطبيق نصوص اللائحة التنفيذية والتى لها قوة القانون يرتبط بتعارض المصالح بين الشركات وسعى كل منها للحصول على العمليات باي وسيلة حتى ان كان ذلك عن طريق المضاربات السعرية، لافتا الى ان القانون ولائحته التنفيذية لم يوضحا القيم او النسب التى اذا تم تجاوزها فان ذلك سيؤثر سلبا على صناعة التأمين وهو ما اعطى الفرصة للشركات لاشعال حرب المضاربات السعرية فيما بينها استهدافا لتحقيق الاقساط.
وطالب جميع وحدات التأمين العاملة فى السوق بضرورة الالتزام بشروط الاصدار وتقارير المعاينة والدراسات الاكتوارية والتى تحدد معدلات تحقق المخاطر ومؤشرات تسعيره، مشددا على ضرورة انتقاء المخاطر مع وضع التسعير المناسب لها.
وحمل العضو المنتدب للمصرية تكافل فرع الممتلكات الهيئة العامة للرقابة المالية مسئولية توضيح نصوص اللائحة التنفيذية خاصة المواد التى ترتبط بمؤشرات التسعير مع توضيح ماهية حدود التسعير والتى تؤثر سلبا على القطاع فى حال تجاوزها.
ويرى عارفين ان هناك صعوبة فى اتخاذ الهيئة اي اجراءات تتعلق بوضع حدود للتسعير تصريحا او تلميحا لاسباب لها علاقة بحرية السوق وتوقيع مصر على اتفاقية تحرير الخدمات (الجاتس) والتى الغت كل قيد او شرط لتسعير اى خطر علمًا بأن ذلك يخضع لقاعدة العرض والطلب والمنافسة بين الشركات، اضافة الى ان الهيئة لديها ادوات كافية لمحاصرة اي معدلات للخسائر ناتجة عن المضاربات السعرية وذلك من خلال الرقابة على النتائج وفقا لأسلوبها الرقابى الذى يقوم على قياس المخاطر او ما يعرف بالرقابة على اساس الخطر مع وجود صلاحيات فى توقيع العقوبة المناسبة على الشركات المخالفة والتى قد تصل الى حد اغلاق الفرع فى حال تجاوز معدل الخسائر الحدود المقبولة وبشكل متكرر.
فيما أكد محمد عبد الله، العضو المنتدب لشركة قناة السويس للتأمين فرع الممتلكات، التزام شركته بنصوص اللائحة التنفيذية للقانون 118 خاصة المواد التى تنص على ضرورة الالتزام بالمعايير الفنية فى التسعير وعدم التدنى بالأسعار بصورة تهدد صناعة التأمين، لافتا الى ان شركته لا تشارك باى شكل من الاشكال فى حرب المضاربات السعرية التى ارتفعت وتيرتها فى السوق بعد تحرير التعريفة ابان توقيع مصر على اتفاقية تحرير الخدمات المعروفة بالجاتس.
وأشار الى ان محاولة بعض الشركات خفض الأسعار لاقتناص العمليات يجب ألا تؤثر على مستوى الخدمة المقدمة اضافة الى ضرورة ابرام اتفاقات مع شركات اعادة التأمين ذات التصنيفات المرتفعة والتى تعد الشريك الاستراتيجى لشركات التأمين لأنها تتحمل الجزء الاكبر من التعويضات وفقا لنسب احتفاظها من المخاطر.
واوضح عبدالله ان الهيئة العامة للرقابة المالية لاتملك صلاحيات تمكنها من محاصرة المضاربات السعرية او وضع حد أدنى للتسعير بهدف حماية الصناعة وذلك باجراء اي تعديلات على نصوص اللائحة التنفيذية للقانون 118 خاصة ان السوق المصرية ضمن الاسواق التى وقعت على اتفاقية الجاتس وهو ما يجعلها خاضعة لآلية العرض والطلب دون اي قيود من اي جهة مهما كانت اختصاصاتها او صلاحياتها.
ويرى العضو المنتدب لشركة قناة السويس لتأمينات الممتلكات ان المضاربات السعرية وارتفاع وتيرتها ستدفع بتصحيح السوق لنفسه لأنها ستفرز العناصر القوية القادرة على المنافسة فضلاً عن ان شكل المنافسة سيتحول تدريجيا الى سعى كل شركة لاقتناص حصة سوقية وزيادة قاعدة عملائها من خلال الخدمة، لافتا الى ان توصيف عملية التدنى بالأسعار تختلف من سوق لاخرى وفقا لدرجة مخاطرها وشكل المضاربات وحدود الأسعار اضافة الى مدى نضوج السوق نفسها.
وعول عبدالله على شركات إعادة التأمين للعب دور محوري فى محاصرة المضاربات السعرية حيث انها تملك مفاتيح محاصرة المضاربات السعرية وذلك بالضغط على شركاؤها المحليين والزامهم برفع الأسعار وفق اليات وشروط محددة مع وضع نسب للتحمل على العميل ووضع حدود للتغطيات، مشيرا الى ان تغطيات الشغب والاضطرابات والتى تدخلت فيها شركات اعادة التأمين تعد دليلاً اًعلى قدرة معيدى التأمين فى احداث التوازن المطلوب فى اسواق التأمين.
وبدوره اكد نزهى غليوم، العضو المنتدب السابق لشركة إسكان للتأمينات العامة، رفيق معهد التأمين القانونى بلندن ان محاصرة المضاربات السعرية فى السوق والتى ارتفعت وتيرتها بشكل مخيف خلال الفترة الاخيرة يجب الا تقتصر على تفسير نصوص اللائحة التنفيذية للقانون ومدى التزام شركات التأمين بها، مشيرا الى ان للمضاربات السعرية اسبابًا عديدة جميعها يصب فى بوتقة واحدة تشير الى وجود عناصر فساد داخل قطاع التأمين.
واوضح غليوم ان اسباب وجود عناصر الفساد داخل القطاع يرتبط بعضها بمحاسبة قيادات بعض الشركات لمديرى الاصدار على الخطط المستهدفة وهو ما يجعل مديرى الاصدار تحت ضغط تحقيق المستهدف وهو خطأ جسيم.
واضاف ان من بين عناصر الفساد ان بعض المكتتبين لهم علاقة بشكل او اخر ببعض الوسطاء مما يجعل المكتتب تحت ضغط دائم للوسيط مما يجعله يقبل الخطر حتى وان ارتفعت معدلات تحققه.
ولفت العضو المنتدب السابق لشركة اسكان للتأمين الى ان الهيئة مسئولة مسئولية غير مباشرة عن المضاربات السعرية ولكنها تقوم باتخاذ بعض الاجراءات الهادفة لمحاصرة تلك الاساليب من بينها الزام جميع وحدات التأمين باعداد تقرير اكتوارى عن كل فرع اضافة الى اشرافها على اعادة تأمين عمليات السوق ووضع قائمة بالشركات التى يجب التفاوض معها واغلبها من الشركات ذات التصنيفات المرتفعة والتى لا تقبل اعادة محافظ أخطار ترتفع فيها نسب الخسائر، يضاف الى ذلك صلاحيات الهيئة فى اتخاذ بعض الاجراءات الداعمة الى وقف نزيف الخسائر من خلال انذار الشركات فى حال تجاوز الخسائر الحدود المقبولة وتصل تلك الصلاحيات الى حد اغلاق فرع او تجميد الاكتتاب فيه.
ونفى غليوم إخطار الشركات للهيئة بالأسعار الفنية عن كل خطر يتم الاكتتاب فيه لافتا الى ان الإخطار يتم فقط عند اعتماد الوثائق خاصة أن الهيئة تراجع بعد ذلك نتائج أعمال كل شركة، رافضا فى الوقت نفسه اى اقتراحات تتعلق بوضع حد أدنى للأسعار لمخالفته بنود اتفاقية تحرير الخدمات المعروفة بالجاتس، ومؤكدا فى الوقت نفسه عدم وجود حد اقصى للتسعير خاصة مع ارتفاع وتيرة المضاربات السعرية بين شركات التأمين.
فيما نفى مسئول تأمينى بإحدى شركات التأمين العاملة برأسمال عربى التزام اى من شركات التأمين العاملة فى السوق بنص اللائحة التنفيذية للقانون 118 خاصة المواد التى تنص على إخطار الهيئة بالتغطيات المتاحة لقياس مدى توافق مؤشرات تسعيرها مع معايير الاكتتاب الفنى.
وأشار المصدر الى انه نتيجة عدم التزام الشركات بهذا النص وعدم اتخاذ الهيئة اي اجراءات لتفعيل اللائحة فان الشركات اتجهت الى المضاربات السعرية كاحد اسرع واسهل الحلول لتحقيق المستهدفات تحت ضغط من المساهمين لتحقيق أرباح رغم خطورة ذلك على شركة التأمين وعلى العميل نفسه والذى يجب ان تسعى الهيئة لحمايته باية وسيلة.
اضاف أن هناك تأثيرات مباشرة من تجدد مسلسل المضاربات السعرية بين وحدات التأمين العاملة فى السوق منها ما هو مباشر من خلال تآكل رؤوس الاموال والتى يتم اللجوء اليها لسداد المطالبات فى حالة عدم كفاية المخصصات، مشيرا الى ان هناك تأثيرات غير مباشرة ولا تقل خطورة عن التاثيرات المباشرة مثل خروج معيدى التأمين العالميين من السوق المحلية وهو ما قامت به فعليا بعض الشركات الكبرى مثل «سويس رى».
ولفت الى انه فى حال خروج شركات الاعادة المصنفة First Class من السوق فان الشركات ستلجأ الى ما يسمى الـ «Co Insurance» او اعادة التأمين داخليا وفى تلك الحالة يجب التنسيق بشكل متكافئ مع الوحدات العاملة فى السوق، لافتا الى ان هناك صعوبة فى تحقيق ذلك التنسيق نظرا للمنافسة الشرسة بين الشركات.
واوضح المصدر ان الخيار الثانى يكمن فى لجوء شركات التأمين الى معيدى التأمين ذوى التصنيفات المنخفضة وتكمن خطورة ذلك الخيار فى المخاوف من عدم التزام شركات الاعادة منخفضة التصنيف بسداد التزاماتها تجاه شركات التأمين فى حال تحقق الخطر وهو ما ينعكس سلبا على حقوق حملة الوثائق.
وأضاف ان انعكاسات المضاربات السعرية بين الشركات خاصة التى لا تتمتع بملاءة مالية ضخمة تمكنها من اقتحام الانشطة الضخمة تؤثر سلبا فى عدم القدرة على سداد التعويضات خاصة اذا ما رفضت شركات الاعادة بالخارج قبول تلك العمليات لعدم وجود تناسب بين الخطر المغطى والقسط المحصل.
وأشار المصدر الى ان ضعف الوعى التأمينى لدى عملاء الشركات خاصة المؤسسات الصناعية والتجارية ادى الى استمرار مسلسل المضاربات السعرية نظرا لانجذابها الى الأسعار دون الاهتمام بالتغطيات الممنوحة وكذلك شركات اعادة التأمين التى تتعامل معها الشركات المحلية الراغبة فى اقتناص العمليات الكبرى، مشددا على ضرورة اتخاذ اجراءات رقابية صارمة تستهدف ضبط ايقاع السوق خاصة أن المنافسة السعرية ستؤثر على معدلات نمو القطاع بشكل عام.
ويرى عبد اللطيف سلام، العضو المنتدب لشركة وثاق للتأمين التكافلى، صعوبة تطبيق شركات التأمين لنص المادة 48 مكرر 3 من اللائحة التنفيذية للقانون 118 لاسباب لها علاقة بان سوق التأمين المصرية اصبح سوقا مفتوحة بعد تحرير التعريقة مما اوجب خضوع اسواق الخدمات المالية ومنها التأمين لقاعدة العرض والطلب وفقا للسياسة الاكتتابية لكل شركة.
وطالب سلام بضرورة الاحتكام لبعض القوانين مثل قانون المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية لمحاصرة المضاربات السعرية للاستحواذ على حصص سوقية ضخمة، لافتا الى بعض الادوات الاخرى التى تساهم فى اخماد حريق المضاربات السعرية مثل شركات الاعادة والتى تملك القدرة على التدخل لمنع تلك الممارسات بشكل مباشر او غير مباشر من خلال الزام شركات التأمين التى تتعامل معها بقبول المخاطر وفق سياسة تسعير محددة وبنسب تحملات مقبولة وان يكون ذلك شرطا لتجديد الاتفاقية وهو ما يدفع بالشركات المصرية لاعادة النظر فى مؤشرات تسعيرها خاصة مع صعوبة احتفاظها بالخطر كاملا وبشكل منفرد دون وجود شريك استراتيجى من شركات اعادة التأمين ذات التصنيفات المرتفعة.
واضاف ان من غير المقبول اقحام الهيئة فى سيناريو التسعير من خلال الزامها للشركات بحد أدنى للتسعير فحتى وان لم يخالف ذلك القانون الا ان للهيئة دورًا واضحًا وهو الرقابة على اساس الخطر وقياس مدى قدرة الشركات على الالتزام بتعهداتها قبل العملاء وذلك بتكوين احتياطيات ومخصصات كافية مع عدم تجاوز الخسائر الحدود المقبولة.
واوضح العضو المنتدب لوثاق الى ان للهيئة صلاحيات بإنذار شركة التأمين التى ترتفع خسائرها وبشكل متكرر كما يمكنها تجميد الاكتتاب بفرع تأمينى معين وغلق الفرع نهائيا اذا ارتفعت التعويضات وعدم قدرة الشركات على سدادها نتيجة ارتفاع معدل الخسائر لاستخدام المضاربات السعرية كوسيلة لجلب العمليات.
فيما حمل مدحت صابر نائب العضو المنتدب لشركة «رويال مصر» للتأمينات العامة الشركات الجديدة مسئولية المضاربات السعرية الا انه ربط بين استخدامها للمنافسة السعرية وزيادة اعبائها الادارية فى سنوات عملها الاولى وارتفاع تكاليف الانتاج اضافة الى الضغوط التى تمارس عليها من المساهمين لتحقيق حصة معينة من اقساط السوق مصحوبة بأرباح سنوية ضخمة.
ولفت الى خطورة الاستمرار فى استخدام المضاربات السعرية لتحقيق المستهدفات والتى قد تهدد قدرة الشركات على الوفاء بالتزاماتها قبل العملاء على المديين المتوسط والطويل، كاشفا النقاب عن اصرار القيادات العليا ببعض الشركات على استخدام أسلوب المضاربة لتحقيق المستهدف لنية بعضهم عدم الاستمرار فى مناصبهم.
واكد صابر مخالفة بعض الشركات الائحة التنفيذية خاصة النصوص التى تلزمها بمراعاة الاسس الفنية السليمة وعدم المغالاة او التدنى فى الأسعار بشكل يضر بصناعة التأمين، لافتا الى ان بعض الشركات تقوم بأخطار الهيئة بالحدين الأدنى والاقصى للتغطية المقرر اصدارها والتحرك بين السعرين دون التحقق من العميل ومعدلات خسائره عن سنوات سابقة.
ونفى نائب العضو المنتدب لرويال مسئولية الهيئة المباشرة او غير المباشرة عن المضاربات السعرية خاصة مع استخدام بعض الشركات اساليب تحايل مختلفة، الا انه أشار الى ان الهيئة تتدخل فى الوقت المناسب خاصة اذا تجاوزت معدلات الخسائر الحدود المقبولة لثلاث سنوات متتالية فى اى من الفروع المكتتب فيها.
ويرى صابر ان سوق التأمين لم تتكيف بالشكل الكافى على أسلوب تحرير الأسعار مما افرز تجاهل تطبيق نصوص القانون، مؤكدا فى الوقت نفسه ان السوق بات قاب قوسين او أدنى على حركة تصحيح لاوضاعها لاعادة ضبط ايقاع التسعير بعد اكتساب الخبرات اللازمة من خلال الممارسة المستمرة للمنافسة والتى تتخذ اشكالا مختلفة تبدأ بالأسعار وتنتهى بالخدمة.
وطالب الهيئة العامة للرقابة المالية بضرورة اصدار قرار ثوري عبر وضع حد أدنى للتسعير بجميع فروع التأمين خاصة فى نشاط الممتلكات والمسئوليات مؤكدًا أن وضع حد أدنى للأسعار لا يتعارض من قريب او بعيد مع اتفاقية تحرير الخدمات، مؤكدا ان اتخاذ هذا القرار تدعمه الرغبة فى حماية العملاء فى المقام الاول اضافة الى حماية شركات التأمين نفسها.
وقال مسئول تأمينى بارز بشركة آروب للتأمين إن المنافسة السعرية المحتدمة بين شركات التأمين انتقلت إلى بعض الفروع مثل فرع التأمين البحرى ولم تقتصر فقط على تأمينات الحريق، مشيرا إلى ان محدودية كعكة التأمين البحرى قادت المنافسة إلى تبنى آليات جديدة، من بينها إصدار وثائق تأمين بأثر رجعى بأسعار شديدة الانخفاض، وهو ما وصفها بأنها وثائق وهمية لعدم وجود خطر من الأساس.
ويتم التأمين بأثر رجعى فى البضائع التى يشترط لدخولها الحصول على وثيقة تأمين، لذا فإنه لا يوجد خطر من الأساس لوصول البضائع بالفعل إلى الميناء.
ورأى المصدر أنه لا يوجد دور لهيئة الرقابة المالية فى مواجهة حرب الأسعار، لأن دورها الرئيسى هو مراقبة نتائج الفروع، وتطبيق أساليب الرقابة الحديثة القائمة على قياس المخاطر، وهو ما تقوم به بالفعل، مؤكدا ان اتحاد شركات التأمين لا يملك أي سلطة إلزامية لتطبيق أية قرارات تتعلق بالتسعير، مشيرا إلى ان ميثاق الشرف الذى تم إبرامه داخل الإتحاد غير مفعل، محملا فى الوقت نفسه الهيئة مسئولية عدم تنفيذ الشركات نصوص اللائحة التنفيذية لقانون التأمين.
وأكد محمد زهران مدير عام المسئوليات وشئون المؤسسات بشركة «تشارتس مصر» للتأمينات العامة إصرار بعض الشركات على استخدام أسلوب المضاربات السعرية لتحقيق الخطط المستهدفة رغم مخالفته نصوص اللائحة التنفيذية للقانون 118.
واوضح ان خطورة استخدام المضاربات السعرية تكمن فى تهديدها للمراكز المالية لشركات التأمين واستمرار وجودها داخل السوق، لافتا الى ان شركات التأمين العاملة برأسمال اجنبى لا تنجرف لاساليب المضاربات السعرية وتعول على تحقيق فوائض فى الاكتتاب وأرباح نظيفة من خلال الالتزام بمعايير الاكتتاب الفنى دون النظر الى الحصة السوقية المستهدفة.
وأشار زهران الى ان الهيئة العامة للرقابة المالية لايمكنها التدخل لاعادة النظر فى جدول أسعار اى من الشركات خاصة فى حال التزام الشركات بالجداول الاسترشادية التى قدمتها للهيئة اضافة الى ان الهيئة تلعب دورا محوريا فى ضبط ايقاع السوق من خلال التأكد من احتياطيات شركات التأمين والمخصصات الفنية وذلك باستخدام أسلوبها الرقابى الجديد الذى يقوم على الرقابة على اساس الخطر.
وعول مدير عام المسئوليات بتشارتس على اتحاد الشركات فى اتخاذ قرار ثوري من نوعية وضع حد أدنى للأسعار لجميع فروع التأمين والاستعانة باللجان الفنية فى وضع هذه الحدود مع الزام الشركات به خاصة ان جميع وحدات التأمين اعضاءا بالاتحاد مع وضع الية حاسمة تدعم من تطبيق الحدود الدنيا للأسعار وليس الاكتفاء بكونها أسعارًا استرشادية وذلك بالاتفاق الجماعى بين شركات التأمين.
واوضح زهران ان الأسلوب الرقابى الذى تستخدمه الهيئة فى اطار الصلاحيات المخولة لها بموجب قانون التأمين كاف لضبط ايقاع القطاع والذى من المؤكد ارتفاع أسهمه محليا ودوليا اذا اتخذ الاتحاد القرار الثورى الخاص بوضع حد أدنى للتسعير.
وقال مصدر تأمينى بشركة المجموعة العربية المصرية للتأمين «أميج» ان استخدام أسلوب المضاربات السعرية يختلف من شركة لأخرى وفقا لمجموعة من الاليات التى ترتبط بحجم محفظتها من الأخطار فى فرع معين وسياستها الاكتتابية والطاقة الاستيعابية للاحتفاظ بالخطر.
وحمل المصدر هيئة الرقابة المالية مسئولية استمرار حرب المضاربات السعرية خاصة مع تكبد بعض الشركات خسائر فادحة فى بعض الفروع لاكثر من عام دون ان تتدخل الهيئة للسيطرة على تلك الخسائر من خلال الاجراءات التى خولت لها بموجب القانون والتى تصل الى حد اغلاق الفرع الخاسر خاصة انها استخدمت هذا الأسلوب مع احدى الشركات الا انها لم تكرره دون اى سبب واضح رغم اهميته فى حماية حقوق حملة الوثائق.
ووصف المصدر سوق التأمين بانها مشوهة خاصة مع مخالفة عدد كبير من الشركات نص اللائحة التنفيذية للقانون 118 تحديدًا مادته 48 مكرر 3 والتى الزمت الشركات بالتسعير على اسس فنية سليمة، لافتا الى ان المضاربات السعرية بلغت ذروتها فلم تكتف بعض الشركات بخفض الأسعار بشكل عنيف بل انها لجأت الى منح بعض التغطيات دون مقابل لاغراء العميل وهو ما ادى الى ازمة كادت تفتك بالقطاع خاصة بعد تشدد شركات الاعادة فى صرف تعويضات الشغب والاضطرابات بعد الثورة لا سيما أنها كانت تغطى دون مقابل.
وأشار الى ان بعض شركات التأمين لم تستفد من درس تشدد شركات الاعادة فى تجديد اتفاقاتها السنوية وكان اخرها تجديدات العام الماضى وسعى بعضها الى ابرام اتفاقات مع شركات ذات تصنيفات منخفضة وملاءة مالية ضعيفة دون النظر الى خطورة هذه الخطوات على مستوى الشركة والعميل.
ورفض المصدر تحميل الاتحاد المصرى لشركات التأمين مسئولية عدم ضبط ايقاع السوق، مؤكدا صعوبة اتخاذ الاتحاد اي اجراءات ترتبط بالتسعير لأنه مجلس استشاري وقراراته لا تخرج عن كونها توصيات، محملا الهيئة مسئولية المضاربات السعرية كاملة لعدم اصرارها على تطبيق القانون ولائحته التنفيذية.
وأشار الى ان الهيئة تتقاعس فى احيان كثيرة عن فرض سيطرتها على القطاع وعدم اتخاذ الاجراءات اللازمة لضبط ايقاع القطاع رغم تكبد بعض الشركات خسائر متتالية فى بعض الفروع وهو ما يخالف الأسلوب الرقابى للهيئة والذى يعتمد على الرقابة على اساس الخطر، لافتا الى ضعف دور الهيئة والذى ارتفعت وتيرته بعد دمج هيئات التأمين والتمويل العقارى وسوق المال فى هيئة واحدة هى الهيئة العامة للرقابة على المؤسسات المالية غير المصرفية.
وطالب المصدر من الهيئة بضرورة وضع حد أدنى للتسعير وفقا لمخاطر كل فرع تأمينى خاصة أن الاستمرار فى حرب الأسعار يهدد القطاع برمته، مؤكدا ان اجراء وضع حد أدنى للتسعير كان يجب اتخاذه منذ بضعة اعوام مضت منذ الازمة المالية العالمية.
تسبب ارتفاع وتيرة المضاربات السعرية بشكل دراماتيكى فى ازعاج أغلب قيادات شركات التأمين العاملة فى السوق لاسباب لها علاقة بتاثير ذلك على مستقبل الشركات التى تستمد قوتها من استخدام هذا الأسلوب لتحقيق المستهدفات رغم خطورته على مراكزها المالية وتهديدها بالخروج النهائى من القطاع اضافة الى تأثير ذلك على صناعة التأمين مما يضعف من قوتها محليا ودوليا وربما يكون تشدد القطاع فى تجديد اتفاقاته مع شركات اعادة التأمين خلال السنوات الاخيرة مؤشرا على ذلك.
قيادات الشركات نفت فى اوقات سابقة بصورة شبه جماعية عدم مسئولية الهيئة العامة للرقابة المالية عن المضاربات السعرية، موضحة أن مسئوليتها تقف عند رقابة نتائج الأعمال وفقا لأسلوبها الرقابى الجديد الذى يعتمد على الرقابة على اساس المخاطر.
القائمون على صناعة السوق اغفلوا نصا محددا تضمنته اللائحة التنفيذية للقانون 118 لسنة 2008 وهو النص الوارد فى المادة 48 مكرر 3 والذى يلزم جميع الشركات بعدم المغالاة او التدنى فى التسعير بما يضر بصناعة التأمين بقصد الحصول على العمليات.
وكان اغفال السوق نصا واضحا باللائحة التنفيذية سببا كافيا لان تطرح «المال» السؤال الجوهرى عن الاجراءات التى تقوم بها الهيئة – بقيادة الدكتور عادل منير بصفته المنوط بالرقابة على قطاع التأمين – لمحاصرة المضاربات السعرية، خاصة ان لها من الشرعية ما يخول لها القيام بأى تحرك لوقف نزيف الخسائر وهو ما استخدمته مرة واحدة فى تاريخها بعد ان جمدت الاكتتاب بفرعين تأمينيين لاحدى كيانات التأمين العاملة فى السوق.
المادة 48 مكرر 3 من اللائحة التنفيذية
تنص المادة 48 مكرر 3 من اللائحة التنفيذية للقانون 118 لسنة 2008 على ان تلتزم شركات التأمين العاملة فى السوق المصرية بمراعاة الاسس الفنية السليمة عند تسعير الوثائق لضمان عدم المغالاة والعدالة فى التسعير، كما تلتزم بعدم التدنى فى الاسعار الى الحد الذى يضر بصناعة التأمين بقصد الحصول على العمليات.
ويحظر عليها الاشتراك فى الممارسة على أسعار الوثائق إذا كانت هذه الممارسة متصلة بمناقصة عامة او محدودة لا تزال قائمة.
ويتعين ان تقوم شركات التأمين بإخطار الهيئة بالأسعار المقترحة مرفقا بها بيان مفصل بالأسس الاكتوارية التى استندت اليها فى وضع هذه الاسعار وذلك خلال فترة لاتقل عن ثلاثين يوما قبل بدء تطبيقها لمراجعتها وفقا للمعايير الفنية والاكتوارية الاتية :-
البيانات الخاصة بالمطالبات المدفوعة وتحت التسوية ومدى تمتعها بالمصداقية والدقة للاعتماد عليها فى تشكيل قاعدة اكتوارية لتوقع نسب الخسائر للاقساط.
الخبرة السابقة عن الخسائر التى وقعت خلال السنوات الخمس الاخيرة.
الخبرة السابقة عن حجم المطالبات الكبيرة ومدى تكراريتها.