المصري للحق في الدواء: قانون المسؤولية الطبية خطوة متقدمة لصالح المرضى والفريق الطبي

لكنها تحتاج لمزيد من الضمانات

المصري للحق في الدواء: قانون المسؤولية الطبية خطوة متقدمة لصالح المرضى والفريق الطبي
أحمد صبحي

أحمد صبحي

11:23 م, الأربعاء, 26 مارس 25

رحّب المركز المصري للحق في الدواء بإقرار مجلس النواب لقانون المسؤولية الطبية باعتباره نقلة نوعية طال انتظارها لضبط العلاقة بين المرضى ومقدمي الخدمة الصحية، مؤكدًا أن القانون جاء ليضع حدًا لحالة التخبط والكيدية التي صاحبت قضايا الخطأ الطبي طوال السنوات الماضية، وساهمت في تعريض الأطباء للبلاغات المباشرة وأحيانًا للحبس الاحتياطي دون ضمانات.

وأوضح المركز أن القانون يمثل مكسبًا لكل من المريض والفريق الطبي، إذ ينهي حالات الابتزاز ويقلل من عشوائية النزاعات أمام المحاكم المدنية، كما أنه حافظ على الشخصية الاعتبارية للطبيب، وهو ما كان مطلبًا ملحًا لكافة المعنيين بالقطاع الصحي، إلا أن المركز يؤكد أن القانون لا يزال بحاجة لمزيد من التعديلات المستقبلية ليضمن التوازن الكامل بين حقوق المرضى وحقوق مقدمي الخدمة.

وأكد المركز المصري للحق في الدواء أن من أبرز ملاحظاته على القانون غياب التمثيل المدني المستقل، حيث خلا القانون من وجود ممثل عن المجتمع المدني غير المنتمي إلى النقابات الطبية في تشكيل اللجنة العليا للمسؤولية الطبية، رغم أن وجوده كان سيعزز ثقة المرضى في آليات الفصل في النزاعات الطبية.

كما شدد المركز على ضرورة تضمين مسؤولية شركات الأدوية عن أي أضرار ناتجة عن منتجات دوائية غير مطابقة لمعايير التصنيع الجيد، خاصة أن الصيدلي قد يجد نفسه مضطرًا لصرف مثائل أو بدائل دوائية للمريض لغياب الدواء الأصلي.

وينتظر المركز صدور اللائحة التنفيذية للقانون، والمتوقع إعلانها رسميًا خلال ستة أشهر، كونها ستحسم العديد من التفاصيل المهمة في كيفية تطبيق القانون، وآليات حماية حقوق جميع الأطراف.

لجنة عليا للفصل في قضايا الخطأ الطبي

وعدّد المركز إيجابيات القانون، وأبرزها إنشاء لجنة عليا للمسؤولية الطبية وفقًا للمادة (9)، تكون بمثابة اللجنة الفنية الأولى للفصل في القضايا، وتتبع مجلس الوزراء وتتمتع بالشخصية الاعتبارية، وتضم في تشكيلها ممثلين عن وزارتي الصحة والتعليم العالي، وكبير الأطباء الشرعيين، ورئيس المجلس الطبي المصري، ورئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية، وعمداء من كليات الطب الحكومية وطب الأزهر، وممثل عن اتحاد المهن الطبية.

ورغم أهمية هذا التشكيل، يرى المركز ضرورة وجود ممثل من المجتمع المدني داخل اللجنة ليعبر عن صوت المرضى ويحفظ حقوقهم في التحقيقات.

آلية مرنة لتسوية النزاعات قبل القضاء

ورحّب المركز بما ورد في المادة (15) من إتاحة فرصة التسوية الودية للنزاعات الطبية، عبر لجنة تضم قاضيًا وخبيرًا من مصلحة الطب الشرعي، وثلاثة أعضاء من اتحاد المهن الطبية، بما يسمح بحل العديد من القضايا دون اللجوء إلى المحاكم.

كما أشار إلى أهمية المادة (20) التي تنص على إنشاء صندوق تأمين حكومي ضد مخاطر المسؤولية الطبية، داعيًا إلى إلزام شركات الأدوية بالمساهمة فيه بنسبة محددة، لما لها من دور مؤثر في دورة العمل الطبي اليومية.

عقوبات متوازنة تحمي الطبيب والمنشأة الطبية

ونوّه المركز إلى أن مواد العقوبات في القانون جاءت متوازنة لحماية الفريق الطبي والمنشآت الصحية من الاعتداءات والإهانات، حيث نصت المادة (24) على معاقبة من يهين مقدمي الخدمة الطبية أثناء العمل بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر وغرامة مالية، فيما شددت المادة (25) على الحبس سنة وغرامة تصل إلى 50 ألف جنيه لكل من يعتدي على منشأة طبية عامة أو خاصة أو على أحد العاملين بها، مع تحمل المعتدي لكافة نفقات إصلاح التلفيات الناتجة عن الاعتداء.

كما عاقبت المادة (29) بالحبس ثلاثة أشهر لكل من يتقدم ببلاغ كيدي ضد الأطباء، وأجازت المادة (26) معاقبة المسؤول عن المنشأة الطبية بالحبس أو وقف أو إلغاء الترخيص حال المخالفة الجسيمة.

تعريف دقيق للخطأ الطبي

وأشاد المركز بما نصت عليه المادة (10) من تعريف واضح للخطأ الطبي، وهو عدم اتباع الأصول العلمية الثابتة، أو مخالفة آداب وتقاليد المهنة أو المواثيق الأخلاقية، كما فرّق القانون في المادة (11) بوضوح بين الخطأ العادي والخطأ الجسيم الذي يقع إذا كان الطبيب يعمل تحت تأثير مسكر أو مخدر، أو امتنع عمدًا عن تقديم المساعدة لحالة حرجة، وهو ما يغلق الباب أمام تحميل الأطباء نتائج المضاعفات التي تقع لأسباب خارجة عن إرادتهم.

تساؤلات مشروعة حول جاهزية المنظومة الصحية

وفي ختام بيانه، دعا المركز المصري للحق في الدواء الجهات المعنية إلى معالجة الثغرات التي لم يتطرق إليها القانون، خاصة فيما يتعلق بجاهزية المستشفيات العامة التي تعاني من نقص المستلزمات الطبية، في ظل وجود أكثر من 100 ألف حالة على قوائم انتظار العمليات، وتنفيذ توجيه رئيس الجمهورية بإجراء 60 ألف عملية منها خلال شهر رمضان.

كما تساءل المركز: هل يتحمل الفريق الطبي وحده مسؤولية نقص الأدوية المنقذة للحياة، خاصة المستوردة؟ وكيف ستطبق المستشفيات الخاصة، التي تعمل في كافة التخصصات رغم افتقارها للكوادر والتقنيات اللازمة، هذا القانون؟ وهل حصلت هذه المنشآت على اعتماد هيئة الاعتماد والرقابة الصحية كما ينص القانون؟ وهل ستحمي هذه القوانين الفرق الطبية الشابة التي تعمل في أكثر من منشأة بشكل يومي؟

وختم المركز بالتأكيد على أن القانون خطوة أولى مهمة، لكنها بحاجة إلى استكمال عبر مراجعة بعض البنود، وإصدار لائحة تنفيذية واضحة وعادلة، تستجيب لمصالح المريض والفريق الطبي معًا، وتضع في الاعتبار الواقع الصعب الذي تعيشه المنظومة الصحية.