عادت الكثير من المصانع الصينية للعمل لكنها تواجه تهديدا آخر لا يقل خطورة عن فيروس كورونا، هو إلغاء الطلبيات التى تم التعاقد عليها قبل الأزمة بجانب تراجع الطلبيات الجديدة.
وحسب تقرير لوكالة بلومبرج، انهالت منذ الأسبوع الماضى الخطابات المرسلة من عملاء أجانب على صندوق بريد شركة شاندونج بانجو الصناعية تطلب منها تأجيل الطلبيات المتفق عليها، ووقف شحن السلع لحين استلام إشعار آخر، أو طلب فترة سماح لا تقل عن شهرين بخصوص سداد المستحقات المالية.
وتتولى شركة شاندونج بانجو تصنيع أدوات مثل المطارق والبلط، وتذهب نسبة %60 من صادراتها إلى السوق الأوربية.
وتتوسع الإغلاقات فى دول القارة الأوربية بداية من أسبانيا حتى إيطاليا، ما يؤدى إلى خفض أو إنهاء الطلبيات الواردة إلى المصانع الصينية التى بدأت تعود للعمل.
ويتوقع جراس جاو، المسئول عن إدارة التصدير لدى الشركة الصينية انكماش المبيعات من أبريل حتى مايو بنسبة %40 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وتابع:»كان عملائنا الشهر الماضى هم الذين يلحون علينا متسائلين عما إذا كنا سنظل قادرين على تسليم السلع فى الوقت المتفق عليه، تغير الوضع جذريا فى الوقت الراهن فقد أصبحنا نحن من نطاردهم بالسؤال حول ما إذا كانوا لا يزالوا راغبين فى شراء منتجاتنا.»
ولعل هذه الموجة الثانية من صدمة فيروس كورونا هى السبب وراء تضاءل فرص إقبال الاقتصاديين على رفع توقعاتهم بشأن النمو الاقتصادى فى الصين، صاحبة ثانى أكبر اقتصاد فى العالم.
وقال اكسنج زابونج، الخبير الاقتصادى لدى مجموعة استراليا & نيوزيلندا المصرفية: «لا شك أن الصين تعانى حاليا من الموجة الثانية لصدمة فيروس كورونا».
وتابع:» التفشى العالمى لفيروس كورونا سيضر بالتصنيع الصينى عبر مسارين: يتعلق الأول بتعطل سلاسل الإمدادات والثانى بتراجع الطلب الخارجي».
ومن المرجح استمرار الهبوط القياسى فى الأرباح الذى تم تسجيله خلال شهرى يناير وفبراير من العام الجاري.
وتقول الشركات الصينية فى الوقت ذاته إنها تعانى فعليا من إلغاء الطلبيات، وعدم إتاحة اللوجستيات وتأخر المستحقات المالية.
وقال دونج ليو، نائب رئيس شركة فوجيان ستريت تكستايل تكنولوجى فى جنوب شرق الصين»: الشركات الصناعية أصبحت تعانى من إلغاء الطلبيات أو صعوبة تسليم السلع بسبب إغلاقات الجمارك فى الدول الأخرى».
واستعدت الشركة لاستئناف العمل بطاقتها الكاملة بعد عودة العمال من مقاطعة هوبي، مركز انتشار الفيروس لكن الأضرار التى لحقت بطلبيات التصدير التى تتسم بالخطورة.
وتواجه الصين فعليا أول انكماش فصلى خلال عدة عقود، ومن المتوقع أن يؤدى الانكماش فى الولايات المتحدة ومنطقة اليورو واليابان إلى اقتطاع نحو 2.7 تريليون دولار من الناتج العالمي، حسب تقديرات وكالة بلومبرج إيكونومكس لأسوأ سيناريو.
وتضررت المصانع الصينية كذلك جراء إلغاء أو تأجيل فاعليات رياضية كبرى مثل تلك الخاصة برابطة كرة السلة القومية مرورا بدورة الألعاب الأولمبية الصيفية.
وكانت شركة أ.كيو بنز أند جفتس لتصنيع الهدايا المعدنية تتوقع تصدير نسبة %100 من منتجاتها وإبرام عقد لتلبية احتياجات دورة الألعاب الأوربية يورو 2020 لكنها فوجئت بإلغاء الدورة لهذا العام.
ويرى لو تينج، الخبير الاقتصادى لدى شركة نومورا انترناشيونال أن انكماش النمو فى الصادرات خلال الأشهر القادمة أمر حتمى لا مفر منه.
وكشف مسح محلى عن تضرر مصانع النسيج الواقعة فى الساحل الشرقى للصين بسبب إلغاء الطلبيات بأرقام قياسية. ومنذ بدء فتح المصانع هناك خلال الشهر الجارى شهدت %78 منها خفض الطلبيات و%65 إلغاء الطلبيات القائمة.
وتواجه الشركات الصينية مشكلة أخرى تتعلق بإغلاق الحدود من قبل العديد من دول العالم، وترتب على هذا التأخر فى تسليم السلع وفى استلام المستحقات المالية، وتتضرر بشكل خاص الشركات الصغيرة صاحبة التدفقات النقدية المحدودة من التأخر فى استلام المدفوعات.
وقال جانى زو، الخبير فى التصدير لدى شركة لتصنيع أجزاء من مواتير السيارات :» أصبح يتعين علينا الاحتفاظ بالمنتجات حتى بعد الانتهاء منها. أصبح العملاء لا يستطيعون سداد مستحقاتنا فى الوقت المناسب بسبب إغلاق البنوك أبوابها وكذا بسبب التزامهم أنفسهم بالبقاء فى منازلهم».