أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن تدشين أول سوق طوعي منَظّم لتسجيل وإصدار وتداول شهادات خفض الكربون، يُعتبر أحد خطوات الدولة المصرية في مسيرتها نحو تحقيق الاستدامة الاقتصادية والبيئية في مصر، وتبني سياسات مبتكرة تسهم في الحد من التغـيرات المناخية.
جاء ذلك خلال مشاركتها في فعاليات مؤتمر الإعلان عن الانتهاء من كافة القواعد التنظيمية لتسجيل مشروعات خفض الكربون، الذي عقد بمقر الهيئة العامة للرقابة المالية بالقرية الذكية، بحضور الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة، والدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، والمهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، و علاء فاروق، وزير الزراعة، والمستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، وأحمد الشيخ، رئيس البورصة، ومسئولي القطاع الخاص ومجتمع الأعمال.
الإصلاحات الهيكلية بالتعاون مع البنك الدولي
وأوضحت أن تدشين أول سوق طوعي لتداول شهادات خفض الكربون في مصر، يعد ثمرة للتعاون بين مختلف الأطراف ذات الصلة، بالإضافة إلى شركاء التنمية، حيث كان برنامج “تمويل سياسات التنمية” الذي نفذته الوزارة مع البنك الدولي، داعمًا لتدشين هذه السوق، من خلال تعزيز الإصلاحات الهيكلية، وإتاحة الدعم الفني لهيئة الرقابة المالية لاستصدار ثلاثة قرارات بشأن أسواق الكربون المحلية:
(١) متطلبات التسجيل لأجهزة الاعتماد والتحقق، (٢) متطلبات التفويض للتسجيلات الخاصة لأرصدة الكربون ٬ (٣) متطلبات التفويض للتسجيلات الخاصة لأرصدة الكربون المتعلقة بالأمور التجارية. كما أكدت الاستمرار في تنفيذ برنامج تمويل سياسات التنمية مع البنك الدولي والشركاء الآخرين لتنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي تعزز التحول الأخضر
وذكرت أنه من شأن هذا التطور، أن يمثل خطوة داعمة نحو تحقيق الريادة في مجال الاقتصاد الأخضر على المستوى الإقليمي. حيث تُعد أسواق الكربون من الأدوات الفعالة التي تشجع الشركات على خفض الانبعاثات الضارة، من خلال توفير “ائتمان الكربون”، الذي يمكن تداوله وبيعه للمستثمرين والشركات التي تواجه صعوبات في الحد من انبعاثاتها. هذه الآلية ليست فقط أداة للحد من الانبعاثات، بل أيضاً وسيلة فعالة لتوفير التمويلات اللازمة من أجل التحول الأخضر.
نماذج التمويل المبتكرة
وأكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن أسواق الكربون تُعتـبر إحدى الآليات العالمية الهامة التي تعمل على خفض انبعاثات الغازات الضارة، كما أنها أحد نماذج التمويل المبتكر التي أوصى بها “دليل شرم الشيخ للتمويل العادل” الذي أطقته مصر خلال مؤتمر المناخ COP27، في فصه الرابع عن التمويل المختلط، نظرًا لدورها في إتاحة العوائد المالية التي تعزز العمل المناخي.
وأشارت إلى أن تلك الخطوة تندرج ضمن مستهدفات رؤية مصر 2030 والاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050، والمساهمات المحددة وطنيًا ، بهدف تحقيق التوازن بين التطور الاقتصادي والبيئي، من خلال العمل على تجنب الآثار السلبية للتغيرات المناخية، مع الحفاظ على النمو الاقتصادي للدولة، كما أنها تعكس الدور الرائد الذي تلعبه مصر في دعم أجندة أفريقيا 2063 لخلق اقتصادات ومجتمعات إقليمية مستدامة بيئيًا وقادرة على الصمود أمام تغير المناخ.
ونوهت أن مشروعات محور الطاقة ضمن برنامج «نُوَفِّــي» تعد إحدى مسارات الدولة التي تعمل على تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية، عبر خفض ما يقرب من ١٧ مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وفي هذا الصدد فإن الوزارة تتعاون مع العديد من الجهات، من بينها صندوق أصول الكربون التحويلية (TCAF) التابع للبنك الدولي والذي يهدف إلى خفض الانبعاثات الكربونية.
توصيات مؤسسات التمويل الدولية
ونوهت بأن تدشين سوق تداول شهادات الكربون، يعد أحد التوصيات الهامة التي تضمنتها تقارير شركاء التنمية، فقد اشتملت توصيات تقرير المناخ والتنمية CCDR الصادر عن مجموعة البنك الدولي في نوفمبر 2022 على ضرورة تدشين سوق ائتمان الكربون كأحد المسارات التي تنتهجها الدولة المصرية نحو مستقبل منخفض الكربون.
كما أوصى التقرير الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD تحت عنوان “سياسات النمو الأخضر في مصر” والذي يأتي تحت مظلة تنفيذ البرنامج القطري مع الحكومة، بتدشين سوق تداول الكربون في سوق الأوراق المالية المصرية يمثل خطوة إيجابية نحو إشراك القطاع الخاص في العمل المناخي، وتشجيع الشركات المصرية على الاستثمار في مشروعات التخفيف .
برنامج سوق رأس المال المشترك (J-CAP)
وذكرت أنه من أجل البناء على هذا التقدم، فإن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، تسعى إلى مواصلة التعاون الجاري مع مجموعة البنك الدولي فيما يخص برنامج سوق رأس المال المشترك (J-CAP)، لدعم هيئة الرقابة المالية ووزارة البيئة وعدد من الجهات الوطنية في تعزيز البنية التحتية لجذب رأس المال الخاص في مصر وتعزيز السيولة في الأسواق المالية، وذلك من خلال تطوير الأسس اللازمة للنظام البيئي المحلي بهدف أن يصبح مركزًا إقليميًا لأسواق الكربون.
كما تقوم الوزارة أيضًا، بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي لتنفيذ العديد من أنشطة آلية “التعاون الفني وتبادل المعلومات – تايكس “TAIEX لتقديم الدعم الفني لآلية تعديل الحدود الكربونية CBAM لصالح الجهات المعنية من بينها وزارة الصناعة والجهات التابعة لها.
وقالت إن التقديرات تشير إلى أن تداول أرصدة الكربون قد يخفض تكلفة تنفيذ المساهمات المحددة وطنيًا بأكثر من النصف بما يصل إلى 250 مليار دولار بحلول عام 2030 على مستوى العالم، وفي هذا الإطار فإن إطلاق سوق الكربون في مصر سيمكنها من زيادة مساهمة الاقتصاد الأخضر في الناتج المحلي الإجمالي، بما في ذلك زيادة الاستثمارات الخضراء وتحقيق النسب المستهدفة في مختلف جوانب الاقتصاد الأخضر.
وأكدت حرص وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، على تعظيم الاستفادة من العمل متعدد الأطراف، وتدعيم الخطط الاستثمارية للدولة لدعم النمو الشامل والمستدام والتحول الأخضر، موضحة أن تدشين أول سوق طوعي للكربون في مصر يفتح المجال للتعاون مع قارة أفريقية.