يخطط البنك المركزى الأوروبى لتخصيص بنك للقروض المعدومة التى قد تتجاوز تريليون يورو والناجمة عن تداعيات وباء فيروس كورونا الذى جعل القارة العجوز تتصدر العالم فى أعداد الوفيات والإصابات بواقع 193 ألف ضحية و2.5 مليون حالة.
وذكرت وكالة رويترز أن قيادة البنك المركزى الأوروبى شكلت قوة عمل لدراسة وتنفيذ فكرة هذا البنك المتخصص الذى سيعمل بمثابة مخزن يحوى جميع ديون اليوروهات التى لم يسددها أصحابها والتى تقدر حتى الآن بأكثر من 500 مليار يورو فى منطقة اليورو بمفردها ومنها بطاقات ائتمانية وقروض سيارات ورهونات عقارية.
ويستهدف مشروع بنك القروض المعدومة الذى يأتى وسط حشد حكومات أوروبا تدابير مالية بترليونات اليوروات لدعم اقتصاداتها المتعثرة بسبب وباء كورونا، حماية البنوك التجارية من أى موجة إنهيار ناجمة عن الأزمة الصحية التى ربما ستطيح بملايين من العاملين خارج سوق العمل مما يجعلهم غير قادرين على سداد ديونهم.
ويرى المحللون فى البنك المركزى الأوروبى أن تفاقم انتشار العدوى من فيوس كورونا خلال الشهور القليلة القادمة سيزيد الضغوط على المستهلكين فى أوروبا وهذا يعنى ارتفاع حجم القروض المعدومة إلى الضعف لتصل إلى حوالى تريليون يورو مما سيجعل البنوك التجارية غير قادرة على منح قروض أخرى.
ورغم أن فكرة تخصيص بنك للقروض المعدومة لدول منطقة اليورو ظهرت منذ أكثر من عامين إلا أن البنك المركزى الأوروبى بقيادة كريستين لاجارد تناولها هذا الشهر مع البنوك الأوروبية ومسئولى الاتحاد الأوروبى للتعجيل بإنشاء هذا البنك لمواجهة تأثيرات الوباء المميت.
وإذا كان المركزى الأوروبى يمثل أقوى مؤسسة مالية فى منطقة اليورو ودعمه لإنشاء بنك القروض المعدومة له أهمية حيوية إلا أنه يحتاج أيضا لمباركة ألمانيا أقوى اقتصاد فى منطقة اليورو ولاسيما أن برلين ترفض دائما مشروع المسئولية المشتركة لتحمل الديون المعدومة فى دول أخرى رغم أنها وافقت على غير المتوقع مؤخرا على منح قروض لدول الاتحاد الأوروبى فى صندوق التعافى من فيروس كورونا لمواجهة خسائر الوباء.
ويبحث خبراء الاتحاد الأوروبى أيضا آلية الاتحاد الأوروبى المعروفة باسم ميكانيزم الاستقرار الأوروبى التى مهمتها تقديم معونات مالية لدول منطقة اليورو أو لبنوكها وتعمل كضامن لبنك القروض المعدومة الذى سيصدر بدوره سندات للبنوك التجارية مقابل محافظها من القروض التى لم يسددها عملاؤها.
ويمكن لكبرى البنوك التجارية الأوروبية المشاركة فى مشروع بنك القروض المعدومة حيث تودع البنوك التجارية هذه السندات بعد ذلك لدى البنك المركزى الأوروبى كضمان لسداد قيمتها بعد أن تحصل على قيمة قروضها المعدومة.
وفى نفس الوقت تركز حكومات أوروبا حاليا على توفير دعم بحوالى 750 مليار يورو من خلال بنك القروض المعدومة لمساعدة الدول التى تضررت اقتصاداتها بوباء كورونا على أن يكتمل نظام عمل هذا البنك بعد إنتهاء المباحثات بين محافظى البنوك المركزية ووزراء المالية فى الاتحاد الأوروبى قبل نهاية العام الجارى.
لكن أندريا إنريا رئيس المشرف بالبنك المركزى الأوروبى رغم أنه يؤيد فكرة بنك القروض المعدومة إلا أنه يراها غير واقعية حاليا لأنه لم يتضح حتى الآن حجم الخسائر الناجمة عن وباء فيروس كورونا ومدى تفاقمها خلال الشهور القادمة رغم أن بنوك القروض المعدومة نجحت فى أسبانيا وأيرلندا عقب الأزمة المالية العالمية بل وانتهت بتحقيق أرباح بعد سداد جميع القروض المعدومة.
وقال أندريا إن البنك المركزى الأوروبى يدرس كيفية مواجهة البنوك التجارية لتداعيات الوباء إذا استمر انتشار العدوى بقية هذا العام ويعتقد أن هذه البنوك لديها رؤوس أموال كافية وتقدر بقيمة 600 مليار يورو (680 ملياردولار) لكنها قد لا تكون كافية إذا حدثت موجة أخرى من العدوى من كوفيد 19.
كانت كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزى الأوروبى طالبت قادة الاتحاد الأوروبى بالاتفاق سريعا على حزمة تعاف تنتشل الاقتصاد من تراجع هائل أو المخاطرة بتبدل المعنويات فى الأسواق وكررت توقعاتها بأن اقتصاد منطقة اليورو سينكمش بنسبة %13 فى الربع الثانى مقارنة مع الربع الأول من هذا العام وأن ينكمش إجمالا بنسبة %8.7 مع نهاية العام الجارى قبل أن ينتعش ليسجل نموا بنسبة %5.2 العام القادم.
وألقت لاجارد كلمتها اجتماع لقادة الاتحاد الأوروبى عبر دائرة تلفزيونية مغلقة للنقاش حول كيفية التعافى من الركود العميق الناجم عن إجراءات العزل العام المستمرة منذ شهور والهادفة لمكافحة انتشار فيروس كوورنا فى معظم الدول الأوروبية مما أدى لزيادة معدل البطالة إلى حاليا %7.3 من قوة العمل حالياً، وقد يرتفع إلى %10 مع نهاية العام الحالى.
وأكدت لاجارد أن التحرك الحاسم والفعال من الحكومات الوطنية والأطراف الفاعلة الأوروبية كان له قيمة كبرى حيث مهد الطريق أمام انتعاش قرب نهاية العام وساعد على شراء بعض الوقت ويبدو هذا واضحا فى معنويات السوق لكن الإخفاق فى التنفيذ قد يؤدى إلى تغيير فى المعنويات ولذلك جب أن تكون تدابير التعافى متقدمة وسريعة ومرنة وراسخة بقوة فى الإصلاحات الاقتصادية مشيرة إلى أنه كلما تم الاتفاق بشكل أسرع على الدعم المالى كان ذلك أفضل لاقتصادات دول الاتحاد الأوروبي.