Find Out More

Is your organization one of the Best Places to work in Egypt

workL

المرض والأعراض

إن كل الأزمات التى نشهدها اليوم والكوارث التى نعيشها ليست هى المشكلة، ليست هى المرض، ولكنها أعراض المرض؛ وما نحاول علاجه ليس المرض ولكن أعراضه؛ أما جوهر المشكلة فهو شىء آخر، لذلك فكلما تصورنا أننا عالجنا المرض عاد للظهور مرة أخرى. إن الإرهاب الذى ضرب الكاتدرائية وراح ضحيته 25 شخصًا معظمهم من النسا

المرض والأعراض
جريدة المال

المال - خاص

10:08 ص, الخميس, 15 ديسمبر 16


إن كل الأزمات التى نشهدها اليوم والكوارث التى نعيشها ليست هى المشكلة، ليست هى المرض، ولكنها أعراض المرض؛ وما نحاول علاجه ليس المرض ولكن أعراضه؛ أما جوهر المشكلة فهو شىء آخر، لذلك فكلما تصورنا أننا عالجنا المرض عاد للظهور مرة أخرى.

إن الإرهاب الذى ضرب الكاتدرائية وراح ضحيته 25 شخصًا معظمهم من النساء والأطفال، ليس هو المشكلة، ولن ينتهى طالما أننا نحاول علاج العرض فحسب، ولا نبحث عن الأصل والجذور، طالما أننا نبحث عن أسماء لندينها بالإرهاب، وطالما أننا نعمل على زج العشرات فى السجون ترهيبا، وطالما أننا نطالب بتغليظ العقوبات وإصدار قوانين جديدة وتعديل الدستور، فى تصور بأن كل تلك الإجراءات سوف ترهب الإرهابيين وسوف تردعهم عما يفعلون.

لو كانت تلك الإجراءات هى الإجابة عن تلك الكوارث، لكانت قد نجحت فى ردع الإرهابيين منذ سنوات؛ ولكن الأمور مستمرة، والهجمات الإرهابية تتزايد، والآلام لا تنتهى فأين الحل؟

الحل الوحيد هو التوجه الى أصل المشكلة، وطرح سؤال أساسى هو: من أين يأتى الإرهاب؟ ولماذا يقرر شاب أو شابة الانتحار مع قتل العشرات معهم؟ ولماذا عدد كبير من الإرهابيين ليسوا فقراء أو جهلاء؟ والإجابة تأتى دائما هو أن الإرهاب يظهر مع الظلم.

إن غياب العدالة هى الأرض الخصبة التى ينمو فيها الإرهاب، وبذرته تولد فى المعتقلات وعلى يد التعذيب والإهانات وكسر الكرامة،ولد الإرهاب الغربى فى جوانتانامو الأمريكى وفى سجن أبو غريب العراقى، هذا السجن الذى لم يتورع المسئولون عنه من الأمريكيين أن ينشروا صور سجنائه العراقيين وهم فى أوضاع مهينة ليس فقط لهم كأفراد ولكن لكل عربى آخر.

وكان ذلك هو الهدف الأساسى من نشر تلك الصور، وفى جوانتانامو تنشر ما بين وقت وآخر صور للسجناء وهم يعاملون كالحيوانات وقد قيدت أيديهم مع أقدامهم، فلا يستطيعون الوقوف منتصبين كإنسان، ويتحركون كالحيوانات.

إن تلك الإهانات الإنسانية تصبح هى الوسيلة الأساسية فى كل سجن وأى سجن فى أى دولة، حيث يتصور المسئول أنه بذلك يكسر كرامة المعتقل حتى لا يستطيع أن يعيش مرفوع الرأس مرة أخرى؛ ولكنهم فى حقيقة الأمر يزرعون بذرة الإرهاب لدى هذا الشاب وهذه الفتاة، فيخرجون وقد ملأهم الحقد والكراهية ضد المجتمع ككل.

لن نستطيع القضاء على الإرهاب طالما نحن بصدد التعامل مع الأعراض، وطالما أننا لا نتوجه مباشرة إلى الجذور والأصل لنغيرها.

جريدة المال

المال - خاص

10:08 ص, الخميس, 15 ديسمبر 16