Find Out More

Is your organization one of the Best Places to work in Egypt

workL

المرأة فى القرآن (11)

ومن المعروف أنه قد تحول كثير من المسيحيين فى القارتين الأوروبية والأمريكية إلى نظام قانونى يجيز ثلاثة أحوال هى فى حكم الطلاق، وهى إلغاء عقد الزواج، والتفرقة بين الزوجين، والفصل بينهما مع بقاء الصفة الشرعية للزواج، ويجوز للمرأة والرجل أن يتفقا على الانفصال، وتسوية المسائل المتعلقة بتربية الأبناء ونفق

المرأة فى القرآن (11)
جريدة المال

المال - خاص

9:22 ص, الثلاثاء, 1 نوفمبر 16

ومن المعروف أنه قد تحول كثير من المسيحيين فى القارتين الأوروبية والأمريكية إلى نظام قانونى يجيز ثلاثة أحوال هى فى حكم الطلاق، وهى إلغاء عقد الزواج، والتفرقة بين الزوجين، والفصل بينهما مع بقاء الصفة الشرعية للزواج، ويجوز للمرأة والرجل أن يتفقا على الانفصال، وتسوية المسائل المتعلقة بتربية الأبناء ونفقتهم، وتمكين كل زوج من حرية التصرف فى حياته، مع إسقاط حق الزوج الآخر فى محاسبته فيما عدا الخيانة الزوجية، وتبرم المحاكم- عادةً- أمثال هذا الاتفاق كما اختاره الطرفان، وقد تبتدئ المحكمة بتقرير الانفصال وشروطه إذا لم يتيسر اتفاق الطرفين. ويتعين فى حالة الاتفاق- إثبات القسوة البدنية أو العقلية، أو استحكام الخلاف وصعوبة التوفيق فيه.

ويستطيع كل من الزوجين الحصول على الحكم بإلغاء الزواج، إذا ثبت أن التفاهم بينهما على القبول داخله شىء من الخداع أو التزوير، أو ثبت أن أحد الزوجين كان فى حالة من القصور عند موافقته على عقد القران.

وبعض الولايات فى أمريكا الشمالية، يكتفى- فيما يورد الأستاذ العقاد- بإثبات حصول الزنى مرة واحدة من الزوجة لإصدار حكم الطلاق، ولا يكفى ذلك فى حالة وقوع الزنى من الزوج بل يجب إثبات معيشته غير الشرعية مع امرأة أخرى لتطليق زوجته منه، ويكفى لإثبات الزنى ثبوت ما يفضى إليه عقلاً كالإقامة المشتركة كزوج وزوجة فى الفنادق، أو الاجتماع فى عزلة مريبة. ولا حاجة للإثبات بالشهادة أو البينة إذا إعترف الزوج بالزنى وتسمى مثل هذه القضايا التى يتوافق فيها الزوجان على الطلاق، بقضايا التواطؤ أو التراضى Collusion and cooperation، وربما حدث هذا الاتفاق لعلة غير الزنى فى الولايات الأمريكية التى تقبل القسوة البدنية أو العقلية كسبب للتطليق، وقد يحدث أن يعترف الزوج بالقسوة للتسهيل ليصدر الحكم بناء على اعترافه.

والمفهوم أن معظم الحكومات الأمريكية والأوروبية التى أقرت هذه الحلول- حافظت على حكم الطلاق فى الكتب الدينية، ولم تقطع الصلة الأولى بينه وبين القوانين المدنية، وإنما توسعت فى تفسيره وقياس بعض الحالات على ما يشبهها على الحالات التى أجيز فيها الطلاق بالكتب الدينية.
بيد أن الحكومات الأخرى التى قطعت صلة التشريع الوضعى الحديث، بالتشريع الدينى، قد غيرت الأساس كله فى مسائل الطلاق والزواج، وجعلته على التعاقد العام الذى يخضع لقضاء العقود فى جملته (العقود المدنية)، فلا يمنع إلغاؤه والعدول عنه لسبب من الأسباب التى يختارها المتعاقدان أو ولاة الأمور، وقد يحدث أن لا تعترف بعض الكنائس بالزواج المدنى ولا بالطلاق المدنى.

ولا يملك القارئ إلاَّ أن يعجب بموسوعية ثقافة الأستاذ العقاد، واتساع استقصائه، وقد بهرنى ذلك هنا على التخصيص، لأنه فى مجال أعمل فيه بحكم تخصصى القانونى، ومع ذلك أحب أن أضيف أنه منذ كتب الأستاذ العقاد هذا البحث الوافى من أكثر من خمسين عامًا، قد استجدت حلول أخرى فى الغرب للوصول إلى غاية الطلاق تحايلاً على ما جاء بكتب الأديان، ونعلم هنا فى مصر مدى المشاكل التى يعانيها الأقباط الذين تفرض ظروفهم الانفصال، والملاحقات التى يلاحقون بها الكنيسة القبطية لإيجاد الحلول التى تعالج المشاكل المترتبة على عشرة جبرية ضاق بها صاحباها، أو على عدم التسوية فى حالات تنفك فيها ضائقة أحد الزوجين ويبقى الآخر مجمدًا على حاله لا تقبل الكنيسة حلاًّ لمشكلته مع أن الزوج الآخر قد تزوج وأنجب ذرية من البنين والبنات !

شريعة القرآن

مجمل القول إن شريعة القرآن الكريم فى مسألة الطلاق، شريعة دين ودنيا، وكل ما اشتملت عليه من حرمة الدين، تابع لما شرع له الزواج من المصلحة النوعية والاجتماعية، فلا يهدر هذه المصلحة أو يتجاهلها تغليبًا للصبغة العبادية.

وفى هذه الشريعة القرآنية تتوافر جميع الرخص المفيدة التى لجأت إليها أمم الحضارة لتيسير العلاقة بين الزوجين مع المحافظة على الآداب الاجتماعية.

ولكنها شريعة إسلامية تنظر إلى طبائع الرجال والنساء، وتتجنب التشدد الذى لا يجدى شيئًا فى المحافظة على قدرات الزواج وقصاراه أن يلجئ الزوجين إلى الحيلة للتخلص منه، وقد يقود- وهذه من عندى- لما هو أفدح !

الطلاق فى الإسلام مكروه، وأبغض الحلال إلى الله كما ذكرت فى بداية حديثى الذى قدمت به لكلام الأستاذ العقاد.

ويُدفع هذا الطلاق المكروه ببذل كل السبل لتجنبه على سبيل الهداية والإصلاح.

فعلى الزوج أن يراجع نفسه (أولاً) إذا أحس نفورًا، فعسى أن يداويه الصبر منه بخير لا يعلمه.
«فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا» (النساء 19).

فإذا عجز عن مغالبة النفور، فلا يتعجل الطلاق البائن، فالطلاق الرجعى يكفيه ويترك الباب مفتوحًا للعودة إذا كان فيها خير للطرفين.

ولا يؤخذ فى هذا المجال باللغو فى الأيمان، والاندفاع الضرير فيها.

«لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ» (البقرة 225).

وفتح القرآن الكريم الباب إلى الحلم، وأوجب على الزوج أن يثوب إليه فى أمد محدود، أقصاه أربعة أشهر، عسى أن تهدأ فيها ثورة الغضب ونفور النفس.

«لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ* لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِى أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِى ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ» (البقرة 225 – 228).

«الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» (البقرة 229).

وهذه الآية تحفظ للمرأة حقها فى المال وفى الحرية، فلا يحل للرجل أن يمسك عنها شيئًا من صداقها أو حقوقها، ويحق لها هى أن تأبى العودة إليه إذا راجعها قبل الطلقة البائنة، ولكن عليها أن تنزل عن الصداق المتأخر لأنه خليق بها أن تعفيه وقد أعفت نفسها من العودة إليه.

وينبغى قبل البت فى الطلاق البائن، أن تتقدمه الوساطة فى الصلح، وتملك الزوجة التى تخاف نشوز زوجها أن تضمن إمكان الوفاق وحسن المعاملة قبل العودة..

«وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا» (النساء 128)، «وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا» (النساء 35).

وقد أفاض الأستاذ العقاد فى بيان أسانيد «الخلع»، فلم يكن قد أُقر بعد فى قانون الأحوال الشخصية المصرى المعمول به حين وضع هذا الكتاب، فضرب الأستاذ العقاد مثلاً بالمرأة التى طلبت الخلع من النبى عليه السلام لأنها صارت تبغض زوجها وتكره خلقه ولا تطيق عشرته، فسألها عليه السلام: «هل تردين إليه حديقته ؟» (أى صداقة وماله)، قالت: «أردها وأزيده عليها». فقال عليه السلام: «أما الزائد فلا» وقضى بالطلاق.

وقد تابعت شخصيًا المعركة الفكرية الشرعية التى دارت بالبرلمان المصرى حول إقرار الخلع بقانون الأحوال الشخصية، حتى أقر فى النهاية صدوعًا للأدلة الشرعية التى أبديت.

ولا ينسى الأستاذ العقاد أن ينوه إلى أن الخلع مكروه كما أن الطلاق مكروه، ويستشهد بالحديث الشريف: «أيما المرأة سألت زوجها طلاقًا فى غير بأس (أى فى غير ضرورة أو سبب) فحرام عليها رائحة الجنة».

ويرى الناظر المتأمل أنه ما من وسيلة تنجح فى اجتناب الفرقة بين الزوجين لم ينصح بها القرآن ويعطيها حقها وفرصتها.

فإذا لم تجد كل الفرص، صار استمرار الزواج جفاء ومنغصة، ولم يعد له ما يحقق معناه وقداسته.
ومتى تم الطلاق أو التطليق الذى لا حيلة فيه للإصلاح، تكفلت الشريعة بكل ما يلتزم به الرجل من حقوق مطلقته ومصالحها، ومن حقوق أبنائهما، لأنها مسئولة عن حق الأم حياله.

«وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ» (البقرة 241)

«وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ» (البقرة 231)

«وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ» (البقرة 236).

وعلى الزوج أن يـوفى الزوجة المطـلقة صداقها كاملاً لا يستحل منـه شيئًا لنفسه: «وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً» (النساء 20)

ولا يحق للرجل أن يخرج المرأة من بيتها قبل وفاء عدتها فيه: «لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ» (الطلاق 1)

«أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى * لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا» (الطلاق 6 و7)

«وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» (البقرة 233)

ولم تخل آية عرضت للطلاق- فيما ينبه الأستاذ العقاد- من توكيد الأمر بالمعروف، والنهى عن الإساءة والإيذاء، والحث على مغالبة الشح والتقتير، وهى الحيطة التى لا مقترح وراءها على الشريعة وأحكامها، وإنما يكون الاقتراح على أخلاق الناس وعواطفهم وآدابهم، وليست هى مما تتولاه الشريعة بقوة الأحكام.

جريدة المال

المال - خاص

9:22 ص, الثلاثاء, 1 نوفمبر 16