يشهد العالم تطورًا متسارعًا في مجال الذكاء الاصطناعي المُجسّد، وهو المجال الذي يدمج الذكاء الاصطناعي داخل الأجسام المادية، مثل الروبوتات، لتمكينها من الإدراك والتفاعل الديناميكي مع البيئة تمامًا كما يفعل البشر. تعتمد هذه التقنية على الحوسبة المتقدمة والتعلم الآلي، مما يمنح الروبوتات القدرة على التكيف المستمر وتنفيذ المهام بفعالية من خلال تحليل البيانات البيئية والاستجابة لها في الوقت الفعلي.
ولا تقتصر تطبيقات الذكاء الاصطناعي المُجسّد على الروبوتات البشرية فقط، بل تمتد لتشمل المركبات ذاتية القيادة والأجهزة القابلة للارتداء، مما يجعلها أدوات قادرة على التفاعل المباشر مع محيطها بطرق غير مسبوقة.
تتسابق المدن الصينية لتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي المُجسّد، حيث أصبحت منطقة خليج قوانغدونغ-هونغ كونغ-ماكاو الكبرى مركزًا رئيسيًا لهذا القطاع بفضل إمكانياتها القوية في البحث والتطوير، وقاعدتها الصناعية الراسخة. وقد شهدت المنطقة نهضة في مجال الروبوتات البشرية، بدءًا من تصنيع المكونات الأساسية وصولًا إلى دمج الأنظمة المتكاملة، ما أدى إلى انتشار واسع لشركات التكنولوجيا والمؤسسات البحثية، والتي ساهمت في تعزيز ذكاء الروبوتات وتوسيع استخداماتها في قطاعات التشغيل الصناعي، والرعاية الصحية، والتعليم، والأبحاث العلمية.
يانغ جون، مهندس شاب يبلغ من العمر 21 عامًا، يعمل في فريق الدعم الفني بشركة DEEP Robotics للروبوتات في هانغتشو. شغفه بالميكانيكا ونماذج الأنمي قاده لدراسة علوم الحاسوب، ليصبح بعد تخرجه جزءًا من فريق متخصص في تركيب وصيانة أنظمة الذكاء الاصطناعي المُجسّد. يقول يانغ: “أجواء الابتكار المتسارعة في المدينة تجعلنا على اتصال مستمر مع رواد الأعمال والمستثمرين، ما يعزز حماسنا للاستكشاف والتطوير المستمر”.
وفي ووهان، أحرزت شركة Glory Road تقدمًا كبيرًا في تطوير ديناميكيات الحركة للروبوتات البشرية، حيث تمكن فريقها من تحسين قدرات روبوت “العامل”، الذي يبلغ طوله 1.8 متر ووزنه 95 كجم، ليصبح قادرًا على حمل أوزان تصل إلى 60 كجم والمشي بثبات باستخدام خوارزميات تحكم متطورة.
تشهد مدينة تانغشان نموًا سريعًا في قطاع الروبوتات، حيث تم استثمار مليارات اليوانات في البحث والتطوير لتوسيع استخدامات الروبوتات الصناعية. وتحتضن المدينة الآن أكثر من 222 شركة متخصصة في الروبوتات، بالإضافة إلى 21 مؤسسة بحثية تعمل على تطوير تطبيقات جديدة، تشمل روبوتات اللحام، والتفتيش، والإنقاذ في حالات الطوارئ، والتي تُصدر إلى الأسواق المحلية والدولية.
وفي مقاطعة آنهوي، تتسارع جهود تطوير صناعة الذكاء الاصطناعي، حيث تم إنشاء وديان تكنولوجية متخصصة، مثل وادي الكلام الصيني في مدينة خفي، ووادي الرؤية الصيني في ووهو، ووادي الاستشعار الصيني في بنغبو، لتعزيز الأبحاث والتطوير في مجالات الذكاء الاصطناعي والرؤية الحاسوبية والاستشعار الذكي.
خلال مهرجان الربيع هذا العام، شهد جبل تاي، أحد أشهر المعالم السياحية في الصين، إطلاق روبوت خارجي قابل للارتداء، مصمم لمساعدة المتسلقين في مواجهة التضاريس الوعرة.
والهيكل الخارجي الروبوتي هو جهاز ميكانيكي يرتديه الإنسان لأغراض أو تطبيقات معينة، ويُعتبر بشكل عام إطارًا ميكانيكيًا صلبًا يحتوي على مفاصل تتيح للمستخدم الحركة، وقد حظي هذا الجهاز باهتمام واسع، نظرًا لقدراته الفريدة التي تجعل تجربة التسلق أكثر سهولة، خاصة لكبار السن وذوي الإعاقة الحركية، مما يمثل خطوة جديدة نحو استخدامات الذكاء الاصطناعي المُجسّد في تحسين جودة الحياة اليومية.