على أثر تفجر الخلافات مؤخرا بين المترجمين والناشرين، كان لابد من اجتماع الطرفين لبحث أسباب الأزمات المتتالية وسبل حلها، وهو ما دفع دار «ميريت» للنشر لتنظيم ندوة استضافت فيها عددا من المترجمين الذين أدلوا بشهاداتهم الشخصية حول تجاربهم فى هذا المجال والمشكلات التى واجهتهم فى علاقاتهم مع دور النشر ومقترحاتهم لحل هذه المشكلات والعمل على خلق أكبر قدر من المهنية والانضباط فى العلاقة بين الطرفين.
عن تجربته فى مجال الترجمة من خلال كتاب «اشتهاء العرب» للمؤلف جوزيف صقر أكد إيهاب عبدالحميد، الكاتب والمترجم، أن دار النشر التى تعامل معها لم تتدخل فى أى من مراحل الترجمة، لأن التعامل كان مع المؤلف وقد تأخر الكتاب عن صدوره عاما، وحينما صدر لم يبلغونى ولم يدعونى لحفل التوقيع، ولم أتقاض المقابل المتفق عليه كما لم أحصل على النسخ العشر المتفق عليها، وخرجت مقدمة المؤلف تشكك فى قدراتى على الترجمة، وهو ما دفعنى للبحث حول حقيقة هذه الأزمة، وهى فى الأساس تتعلق بعلاقة الناشر بالمترجم فبغض النظر عما يثار عادة حول مستوى الترجمة إلا أن الحقيقة أن المشكلات دائما ما تأتى بسبب خلل فى العقود وعدم جديتها، وأيضا بسبب الافتقار الى عرف يتم الرجوع اليه حال وقوع خطأ من النشر أو المترجم.
ومن القواعد التى أوصى بها عبدالحميد لضمان عدم وقوع مشكلات بين جميع الأطراف: المعرفة الجيدة لقدرة وتمكن المترجم قبل العمل معه وذلك حتى يتسنى للناشر الاتفاق بما يتناسب معه، ويأتى هذا من الاطلاع على أعماله السابقة أو من تكليفه بترجمة جزء من النص، كما يجب تحديد نوع التعامل مع المترجم فى كيفية وضع اسمه على الغلاف، وهل هو المنتج الوحيد للترجمة أم أن هناك مراجعين ومحققين ومحررين آخرين، وأضاف ما لم يذكره العقد ينظمه العرف، فهناك أشياء لا تحتويها العقود، والاتفاق على أن تكون المراجعة النهائية للنص من حق المترجم بما فى ذلك المقدمة لأن النص هو منتج المترجم وليس دار النشر واعتراف دار النشر بحق كل من عمل على إخراج النص الكامل لكن ليس على درجة المساواة نفسها مع المترجم، وليكن ذلك على الصفحة الثانية مثلا وليس على الغلاف.
أما المترجم والكاتب بشير السباعى فأكد أن أزمته لم تكن مع المؤلف أو فيما يخص مقدمة الكتاب ولا حتى على وضع الأسماء على الغلاف، بينما كانت الأزمة فى نوايا دار النشر التى تعامل معها لإصدار طبعة جديدة من كتاب «استعمار مصر» لتيموثى ميتشل، إذ قام المسئولون عن الدار بكتابة مقدمة تتنافى مع محتوى الكتاب، وتسىء لمؤلفه الأصلى، وتتاجر بقضية الاستعمار، وهو ما لم يتم الإفصاح عنه مطلقا وقت الاتفاق على الكتاب.
وأشار الكاتب والمترجم محمد عبدالنبى، الى أن إقامة نقابة مهنية للمترجمين تعد الحل الأمثل للحفاظ على حقوقهم والدفاع عن منتجهم، وأضاف بأن ممثلى المركز القومى للترجمة قاموا بدعوات كثيرة من أجل إنشاء تلك النقابة لكنهم لم ينجحوا بعد، وقال: لابد من البدء فى خطوة عملية حتى تنتهى هذه المهازل التى تقع فى عالم الترجمة.
بينما أكد المترجم والكاتب أحمد عبداللطيف أن على المترجم أن يحاول فى البداية تكوين تصور عن خطة دار النشر الخاصة فيما يخص الترجمة فهل هدفها مادى فقط لذا تهتم بالترجمات التى تحقق الرواج والعائد الكبير أم أن الهدف هو نشر الثقافة واكتشاف كتاب جدد من العالم ونقل أعمالهم للثقافة المصرية والبحث بجدية عن مترجمين يقدمون مجهودا حقيقيا لتحقيق ذلك.
بينما رأى المترجم نائل الطوخى أن هناك أزمة أخرى فى التعامل مع اللغات الشرقية خاصة التركية والفاسية والعبرية، لأن الاهتمام الأكبر هو بالترجمة عن الإنجليزية والفرنسية مما جعل الترجمات منحصرة بين هاتين اللغتين وثقافتهما فقط، بينما لا تهتم دور النشر بترجمة الثقافات الأخرى، مطالبا بضرورة التعامل مع تلك المشكلة بجدية لأن مترجمى اللغات الشرقية يجدون صعوبة بالغة فى نشر ما يترجمونه خاصة ما ينقل عن العبرية.