◗❙ وائل زيادة: الحرب الروسية الأوكرانية فرصة للبورصة المصرية لجذب مزيد من رءوس الأموال
◗❙ إسراء أحمد: الطاقة النظيفة والبنية التحتية والخدمات المالية الرقمية أبرز القطاعات الجاذبة
◗❙ هاني جنينة: يجب تشجيع الشركات لإعادة استثمار أرباحها بدلاً من تحويلها للكيانات الأم بالخارج
◗❙ نعمان خالد: أغلب الأموال ستأتى من الأسواق الخليجية
تستهدف الحكومة المصرية زيادة تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة خاصةً الخليجية فى السوق المحلية خلال الفترة المقبلة، فى ضوء تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصادين العالمى والمحلي، ورجح عدد من محللى وخبراء الاقتصاد الكلى بلوغ قيمة تلك الاستثمارات 10 مليارات دولار، مدفوعة بعوامل مختلفة من بينها انخفاض أسعار أسهم الشركات بالبورصة، وسعر صرف الجنيه مقابل الدولار، فضلًا عن تدفقات الاستثمارات الخليجية التى تم الإعلان عنها مؤخرًا.
وأظهرأحدث تقرير صادر عن منظمة «الأونكتاد» فى يونيو الماضي، عن حجم تدفقات الاستثمارات الأجنبية فى 15 دول أفريقية العام الماضي، احتلال مصر الترتيب الثانى فى القائمة، إذ سجل حجم التدفقات بها نحو 5.122 مليار دولار مقارنة مع 5.852 مليار فى 2020 مقابل 9.010 مليار فى 2019.
فى حين جاءت جنوب أفريقيا فى المركز الأول العام الماضى محققة قفزة بنسبة %1235 مسجلةً تدفقات استثمارية بنحو 40.889 مليار دولار مقارنة مع 3.062 مليار فى 2020 ، و5.125 مليار فى عام 2019.
و قال وائل زيادة، المؤسس والرئيس التنفيذى لشركة «زيلا كابيتال» للاستثمار، إن الحرب الروسية الأوكرانية أثرت بصورة سلبية على تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى العالم، فى حين ازدادت المساعدات البينية بين الدول لمواجهة التبعات السبية للحرب.
وأوضح لـ«المال» أن تلك التأثيرات السلبية شملت خروج تدفقات الاستثمارات من بعض الدول الناشئة مما أدى إلى تأثر ميزانها التجارى لاسيما وأن وارداتها من السلع الغذائية والنفط أكثر من صادراتها، وعلى سبيل المثال تركيا والكثير من الدول الأوروبية، فضلًا عن سيريلانكا.
وتابع إنه على الجانب الآخر، تمثل الحرب مجالاً إيجابيًا لتلك الدول خاصةً فى تنشيط قطاع سوق الأسهم، مضيفًا أنه فى هذا السياق أمام البورصة المصرية فرص لجذب مزيد من الاستثمارارت الأجنبية خلال الفترة المقبلة.
وتوقع أن تأخذ مصر فترة زمنية لن تزيد عن 6 شهور لتعافى ميزانها التجارى بمجرد انتهاء الحرب؛ إذ ستنخفض أسعار المنتجات البترولية والأغذية بسرعة، كما ارتفعت بعد اندلاع الحرب بسرعة.
كانت مستهدفات الحكومة المصرية المنشورة يوليو2021 فى تقرير المراجعة الثانية والأخيرة لبرنامج ترتيب الاستعداد الائتمانى الموقع مع صندوق النقد الدولى والبالغ قيمته حوالى 5.4 مليار دولار، أشارت إلى أن نسبة صافى الاستثمارت الأجنبية المباشرة من الناتج المحلى سترتفع إلى %2.5 فى العام المالى الجارى مقابل %2 خلال العام المالى الماضي، مضيفة أنها سجلت %1.4 فى العام المالى 2021/2020 ، و%2 فى عام 2020/2019 و%2.6 فى عام 2019/2018.
ولفتت تلك المستهدفات الى أن نسبة صافى الاستثمارات الأجنبية المباشرة ستقفز إلى 3% من الناتج المحلى فى العام المالى 2025/2024 مقابل %2.9 فى 2023/ 2024.
كانت الحكومة توقعت فى التقرير أيضاً زيادة حجم تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى السوق المحلية إلى نحو 11.7 مليار العام المالى الجارى مقابل 8.6 مليار دولار فى العام المالى الماضى 2022/2021 تصعد إلى 14.9 مليار فى العام المالى المقبل ( 2023/ 2024 ) ثم 16.5 مليار فى 2025/2024.
وتشير توقعات البنك المركزى المصرى الصادرة فى نشرته الإحصائية لشهر مايو الماضي، إلى تراجع نسبة صافى الاستثمار الأجنبى المباشر من الناتج المحلى الإجمالى إلى نحو %1.3 فى العام المالى 2020/ 2021 مقابل 2% فى العام المالى 2019/ 2020 مضيفا أنها كانت سجلت %2.7 فى العام المالى 2018/2019 و%3.1 فى العام 2017/ 2018.
وتوقع الخبير الاقتصادي، هانى جنينة، أن تفوق قيمة صافى الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى السوق المحلية 10 مليارات دولار الفترة المقبلة، مرجعا ذلك لعدة عوامل مختلفة من بينها انخفاض كل من أسعار أسهم الشركات بالبورصة، وسعر صرف الجنيه مقابل الدولار.
وأشارت أحدث التقارير الصادرة عن منظمة الأونكتاد فى شهر يونيو الماضى إلى التراجع فى تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة محليا بنسبة %12 العام الماضي؛ حيث لم تتكرر الاستثمارات الكبيرة فى اتفاقيات الاستكشاف والإنتاج فى الصناعات الاستخراجية، ورغم ذلك كانت مصر ثانى أكبر مستقبل للاستثمار الأجنبى المباشر فى القارة الأفريقية، مضيفًا أن التعهدات الأخيرة من دول الخليج باستثمار حوالى 22 مليار دولار فى مختلف القطاعات تعزز الاستثمار الأجنبى المباشر فى المستقبل.
وتابع تقرير «الأونكتاد» إن هناك زيادة فى عدد المشروعات الخضراء الجديدة فى مصر بأكثر من ثلاثة أضعاف لتصل قيمتها إلى 5.6 مليار دولار، مشيرا إلى أنه على سبيل المثال أعلنت شركة ريبورتاج العقارية الإماراتية عن مشروع عقارى بقيمة 1.5 مليار دولار.
وأفاد التقرير بأن حجم تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى منطقة شمال أفريقيا تراجع بنسبة %5 إلى 9.3 مليار دولار خلال العام الماضي.
وأضاف «جنينة» لـ«المال» أن تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة للأسواق تنقسم إلى 3 أنواع، الأول يتمثل فى استحواذ شركة على أخرى بنسبة أكثر من %10 لافتاً إلى أن هذا الاستثمار حدث العام المالى الماضى مثل استحواذ القابضة الإماراتية”ADQ “ على عدة شركات مصرية، مشيرة ً إلى أهمية هذا النوع من الاستثمارات، لكنها ليست مفيدة بالدرجة الكبيرة فى قائمة الاستثمارات الأجنبية.
وتابع إن هذا النوع من الاستثمار السريع يشجعه انخفاض كل من أسعار الأسهم فى البورصة وسعر صرف الجنيه مقابل الدولار، فضلاً عن الإجراءات الحكومية التحفيزية الأخيرة التى شملت تطبيق وثيقة ملكية الدولة.
وكشفت وثيقة ملكية الدولة التى أعلنتها الحكومة منتصف يونيو الماضى عن أبرز القطاعات التى ستشهد تثبيت أو تخفيض الاستثمارات الحكومية (مع السماح بمشاركة القطاع الخاص) وهى عدد من الأنشطة فى قطاع النقل والتعليم والتعدين وأنشطة عقارية والكهرباء والاتصالات وقطاعات تابعة للرياضة.
وتابع” جنينة” قائلاً إن النوع الثانى من التدفقات يتمثل فى إعادة استثمار شركة أجنبية متواجدة فى السوق لأرباحها مرة أخرى ، مشيراً إلى أنه يتم تصنيف هذا النوع فى ميزان المدفوعات بأنه استثمارات أجنبية مباشرة.
وأضاف أن أبرز القطاعات المحلية التى ستتجه لهذا النوع من الاستثمارات هى البترول والغاز؛ نظرا لارتفاع قيمة أرباحها المحققة العام المالى الماضي، وبالتالى ستتجه لإعادة استثمار فوائضها المالية الكبيرة خلال العام المالى الجاري.
وأشار إلى أن النوع الثالث من الاستثمارات هو أصعبها وهو تأسيس شركة أو مشروع جديد من البداية، وتشغيل عمالة جديدة، لافتاً إلى أنه على سبيل المثال أعلنت شركة “دانة غاز” أنها ستتوسع فى عملياتها المنفذة فى السوق المحلية.
ورجح أن يشهد هذا المجال زيادة خلال العام المالى الجارى خاصةً فى قطاعى البترول والغاز والقطاعات المرتبطة بهما وهى البتروكماويات ، والأسمدة، وخاصة من قبل الاستثمارات الخليجية فى ضوء المميزات التى أعلنت عنها الحكومة مؤخرا وهى وثيقة ملكية الدولة، والرخصة الذهبية ، فضلا عن الفوائض المالية الكبيرة لديهم الأمر الذى يحفزهم على الاستثمار فى السوق المحلية.
كان رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، أعلن منتصف مايو الماضي، عن عدد من التيسيرات على القطاع الصناعي، أبرزها إصدار الرخصة الذهبية لبعض المشروعات، مشيرا إلى أنها ستمنح مرة واحدة لها وتشمل 3 مجالات كبداية وهى الهيدروجين الأخضر، وصناعة السيارات الكهربائية والبنية التحتية، ومشروعات تحلية مياه البحر والطاقة المتجددة.
وأكد «جنينة» أهمية تشجيع الحكومة للشركات الأجنبية على إعادة استثمار أرباحها فى السوق المحلية بدلاً من تحويلها للشركات الأم بالخارج من خلال تقديم حوافز لحثها على اتخاذ تلك الخطوة.
وحسبما أفاد تقرير «الأونكتاد» الأخير، احتلت موزمبيق المركز الثالث فى قائمة تدفقات الاستثمارات الأجنبية لـ 15 دولة أفريقية العام الماضي، وارتفعت التدفقات بها بنسبة %68 مسجلةً نحو 5.102 مليار دولار مقابل 3.035 مليار فى 2020، فى حين سجلت 2.212 مليار فى 2019.
وحلت نيجيريا فى المرتبة الرابعة بالقائمة، وشهدت جذب تدفقات بقيمة 4.844 مليار خلال العام الماضى بنسبة زيادة قدرها %103 عن العام السابق عليه، وأضافت البيانات أنها سجلت 2.385 مليار فى 2020 و2.305 مليار فى 2019.
وتلتها إثيوبيا فى المركز الخامس ، وازدادت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة فيها العام الماضى بنسبة %79 مسجلةً نحو 4.259 مليار دولار مقارنة مع 2.381 مليار فى عام 2020.
وفى المركز السادس جاءت «الكنغو» بحجم تدفقات قدرها 3.691 مليار دولار متراجعةً بنسبة %8 عن قيمتها فى عام 2020، وسجلت خلاله 4.016 مليار دولار، تلتها غانا فى الترتيب السابع بالقائمة وازدادات التدفقات بها بنسبة %39 لتصل إلى 2.614 مليار دولار خلال عام 2021 مقابل 1.876 مليار فى 2020.
وأضافت بيانات قائمة «الأونكتاد» أن تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى السنغال قفزت بنسبة %21 وبلغت 2.232 مليار مقابل 1.846 ملياردولار فى فترة المقارنة السابق الحديث عنها.
وبحسب التقرير ازدادت قيمة التدفقات إلى المغرب بنسبة 52 % العام الماضي إلى 2.153 مليار دولار، وتم الإعلان عن صفقة تمويل دولية كبيرة هناك، وهى مشروع إنشاءات باستثمارات 20 مليار دولار لخط نقل بطول 3800 كيلومتر إلى المملكة المتحدة بسعة 3.6 جيجاوات ، برعاية شركة “Xlinks “ الإنجليزية.
تلتها الكنغو الديمقراطية فى المرتبة العاشرة بالقائمة، وصعدت الاستثمارات بها بنسبة 14% مسجلةً 1.870 مليار دولار مقارنة مع 1.647 مليار فى 2020.
وجاءت الجابون فى المركز الحادى عشر إذ هبطت تدفقات الاستثمارات المباشرة فيها بنسبة %5 العام الماضى لتسجل 1.635 ملياردولار مقارنة مع 1.717 مليار فى عام 2020، تلتها فى المرتبة الثانية عشرة أوغندا ، وسجلت التدفقات ارتفاعًا بنسبة %31 إلى 1.142 مليار دولار مقارنة مع 874 مليونا فى 2020.
وحلت تنزانيا فى المرتبة الثالثة عشرة، وارتفعت الاستثمارات الأجنبية فيها بنسبة %35 فى عام 2021 مسجلةً نحو 922 مليون دولار مقابل 685 مليونا فى 2020.
وحسبما أوردت النشرة، تراجعت تدفقات الاستثمارات بالجزائر بنسبة %24 خلال العام الماضى مسجلة 870 مليون دولار مقابل 1.143 مليون فى 2020، لتحتل المركز الرابع عشر مشيرةً إلى تراجع الاستثمارات فى تونس إلى 660 مليون دولار مقابل 652 مليونا فى 2020 لتتمركز فى الترتيب الخامس عشر.
و تتفق إسراء أحمد، محلل الاقتصاد الكُلى ببنك الاستثمار «الأهلى فاروس»، مع رأى «جنينة» إذ تتوقع ارتفاع حجم صافى الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر ليسجل حوالى 10 مليارات دولار خلال العام المالى الجارى (2022/ 2023 ) مرتفعًا من مستويات لن تتجاوز 7 مليارات فى العام المالى المنتهى 2021/ 2022.
وأضافت – فى تصريحات لـ«المال» – أن هذا الارتفاع يأتى مدفوعا بتدفقات الاستثمارات الخليجية التى تم الإعلان عنها مؤخرًا، وصفقات الاستحواذ التى نراها تشهد نشاطا خلال الفترة الحالية.
وأشارت إلى أن هناك عوامل أخرى قد تمنع ارتفاع صافى الاستثمار الأجنبى المباشر لأرقام أكبر خلال المستقبل القريب، بسبب استمرار الحرب فى أوكرانيا وتداعياتها على الاقتصاد العالمي.
وبحسب «أحمد» تتمثل تلك العوامل فى الوضع الاقتصادى بالاتحاد الأوربى الذى يعتبر شريكا هاما لمصر فيما يخص التجارة والاستثمار، بالإضافة إلى العزوف العام عالميا عن المخاطرة بالبدء فى مشروعات جديدة، والنظرة السائدة للأسواق الناشئة ومخاطر عملاتها.
وعن القطاعات التى قد تشهد تدفقات أجنبية خلال الفترة المقبلة قالت إن أبرزها الطاقة النظيفة، والبنية التحتية الجديدة مدفوعة بتوسع الدولة فى هذا المجال، بالإضافة للخدمات المالية الرقمية، وبعض أفرع الصناعات التحويلية.
من جانبه، قال نعمان خالد، محلل اقتصاد كلى فى شركة «أرقام كابيتال» إن الظروف الراهنة التى يمر بها العالم تحول دون إمكانية التوقع بحجم تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى السوق المحلية خلال الفترة المقبلة.
وأضاف أن أغلب الاستثمارات تأتى من السوق الخليجية وبالأخص من السعودية والإمارات، مشيرا إلى أن هاتين الدولتين استفادتا بشكل كبير من الارتفاعات فى أسعار البترول مؤخرًا، وبالتالى أصبح لديها ملاءة مالية كبرى تستطيع من خلالها الاستثمار فى الدول المحيطة، وبشكل خاص فى مصر التى تعد من الأسواق المستهدفة لديهم.
ولفت إلى أن الصحة، و الفنادق، والعقارات والقطاع المالي ستشهد زيادة فى حجم تدفقات الاستثمارات إليها خلال الفترة المقبلة.
كان وزير المالية، محمد معيط، تطلع خلال مشاركته بمنتدى قطر الاقتصادى فى يونيو الماضي، إلى زيادة حجم الاستثمارات الخليجية مع تحويل ودائعها فى مصر إلى استثمارات حقيقية تستفيد من الفرص التنموية الواعدة المتاحة بمختلف المجالات، والمناخ المحفز للأعمال الذى يرتكز على بيئة تشريعية أكثر تطورًا، وبنية أساسية باتت مؤهلة بشكل أكبر لاستيعاب المزيد من التوسعات فى الأنشطة الاقتصادية.