«المالية» تقلص اقتراضها في الأجل الطويل لمواجهة صعود الفائدة

المركزى يخفض وتيرة سحب السيولة عند مستوى 80.9 مليار جنيه

«المالية» تقلص اقتراضها في الأجل الطويل لمواجهة صعود الفائدة
محمد سالم

محمد سالم

9:37 ص, الأثنين, 16 ديسمبر 19

واصلت وزارة المالية تقليص اقتراضها فى الأجل الطويل لمواجهة استمرار الصعود الطفيف لمعدلات الفائدة على أدوات الدين المحلى من أذون وسندات الخزانة للأسبوع الثانى على التوالى.

وخفضت الوزارة حجم اقتراضها من السندات أجل 3 و7 سنوات بنحو %12 لتوافق على عروض من البنوك والمستثمرين بقيمة 3.5 مليار جنيه بينما كانت قد أعلنت عن طلبها 4 مليارات خلال العطاءات التى طرحت الأسبوع الماضى.

وجاء ذلك بعدما كانت قد قلصّت اقتراضها %73 من عطاءات الأسبوع قبل الماضى لتوافق على 983 مليون جنيها فقط من 3.75 مليار مستهدفة.

المركزى يخفض وتيرة سحب السيولة عند مستوى 80.9 مليار جنيه

ودأبت الوزارة منذ بداية العام الجارى على مضاعفة اقتراضها فى الأجل الطويل ضمن استراتيجية تستهدف زيادة أجل الدين العام مع خفض نسبته إلى %80 من الناتج المحلى الإجمالى بحلول 2022.

وقال الدكتور محمد معيط، وزير المالية، فى مقابلة مع شبكة بلومبرج مؤخرا، إن حصة السندات فى الديون المحلية لمصر زادت بالفعل ووصلت إلى %30 فى السنة المالية الماضية بعدما كانت %5 العام قبل الماضى.

يذكر أن الطلب على السندات حقق تزايدا مستمرا منذ الربع الأخير من عام 2018، ما اعتبره البنك المركزى المصرى فى تقريره الأخير عن تطورات السياسة النقدية تأكيدا على التحول الإيجابى فى نظرة المستثمرين بشأن أداء الاقتصاد الكلى فى مصر.

وبيّن تقرير السياسة النقدية الأخير أن العوائد على الأوراق المالية الحكومية بالعملة المحلية ظلت مستقرة نسبيا منذ أبريل 2019 لتسجل سعر عائد مرجح بعد خصم الضرائب بلغ %13.9 خلال الربع الثانى من عام 2019، وذلك مقارنة بنسبة %15.8 فى المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2018، وهو ما عكس انخفاضا أقوى من التراجع فى أسعار العائد الأساسية لدى البنك المركزى بنحو 100 نقطة أساس خلال الربع الأول.

وحققت الفائدة على سندات الخزانة صعودا طفيفا للأسبوع الثانى على التوالى لتصل إلى %13.927 على الطرح لأجل 3 سنوات مقارنة بـ %13.863 الأسبوع قبل الماضى بفارق 0.06 نقطة مئوية، كما بلغت %13.919 على الـ 7 سنوات بزيادة 0.01 نقطة.

مستثمر فى أدوات الدخل الثابت: الوزارة تتفادى تحمل تكلفة مرتفعة فى ظل التوقعات بخفض جديد لعائد الجنيه

وقال مسئول استثمار فى أدوات الدخل الثابت لدى إحدى الشركات المالية المحلية: «يبدو أن الوزارة تتوقع خفضا للفائدة فى اجتماع السياسة النقدية القادم وهذا ما جعلها تقلص وتيرة اقتراضها فى الأجل الطويل حتى لا تتحمل فوائد مرتفعة».

وتوقع عدد من المحللين أن تتراجع الفائدة بنحو 100 نقطة أساس خلال الاجتماع القادم للجنة السياسة النقدية المقرر فى 26 ديسمبر الجارى فى ضوء تسجيل معدلات التضخم أقل مستوى منذ 15 عاما، وتراجع مخاطر التجارة العالمية.

وكشفت بيانات البنك المركزى عن تراجع معدل التضخم الأساسى فى مصر إلى %2.1 على أساس سنوى فى نوفمبر الماضى من %2.7 نهاية أكتوبر، موضحة أن التضخم الأساسى سجل معدلا شهريا سالبا بلغ %0.135 خلال نوفمبر مقابل %1.103 فى أكتوبر، الماضيين.

ويستبعد التضخم الأساسى سلعا شديدة التقلب كالغذاء. وقال الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء إن تضخم أسعار المستهلكين فى المدن المصرية ارتفع إلى %3.6 فى نوفمبر على أساس سنوى بعدما كان %3.1 فى أكتوبر.

فى المقابل، رفعت وزارة المالية وتيرة الاقتراض من أدوات الدين قصيرة الأجل لتحصل على 41.89 مليار جنيها بزيادة %11 تقريبا عن قيمة العطاء.

ارتفاع مؤشر المال لقياس متوسط عائد أذون الخزانة 0.02 نقطة مئوية

وصعد مؤشر جريدة المال لقياس متوسط العائد على الأذون بشكل طفيف بلغ 0.02 نقطة مئوية ليصل إلى %15.337 فى تعاملات الأسبوع الماضى مقابل %15.313 الأسبوع السابق عليه.

وتباينت الفائدة على العطاءات لتصعد بشكل طفيف على أذون الخزانة أجل 3 و6 و12 شهرا وتتراجع على مزاد 9 أشهر، وذلك بالتزامن مع تحسن مستوى التغطية من جانب البنوك والمؤسسات المالية ليصل إلى 1.08 مرة فى المتوسط من 1.98 مرة الأسبوع قبل الماضى.

وحققت الفائدة على أذون الخزانة المحلية خسائر تجاوز 250 نقطة أساس (كل 100 نقطة تعادل 1%) منذ استئناف التيسير النقدى من جانب البنك المركزى مطلع أغسطس الماضى.

وقلّص «المركزى» معدلات الفائدة الأساسية على الجنيه بنحو 450 نقطة خلال العام الجارى من بينها 350 منذ أغسطس الماضى.

يذكر أن وكالة بلومبرج أشارت فى تقرير لها مؤخرا إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية فى مصر مقارنة بالاقتصادات الصاعدة الأخرى، مثل التركية والأوكرانية، بعد التراجع الكبير فى معدل التضخم، يمثل حافزاً إضافياً للاستثمار فى أدوات الدين المحلية المصرية.

ويسجل سعر الفائدة الحقيقى فى مصر حالياً ما يزيد عن %9 بعد وضع معدل التضخم فى الحساب، وهو ما يزيد على تركيا وأوكرانيا، وتصبح الأعلى فى العالم.

وأكدت شركة الأبحاث الدولية «فيتش سوليوشنز» أن المستثمرين لا يزالون ينظرون إلى أدوات الدين المحلية على أنها جذابة – عند الأخذ فى الاعتبار قراءات التضخم المنخفضة فى الآونة الأخيرة – رغم قيام «المركزى» بخفض سعر الفائدة الرئيسى بمقدار 450 نقطة أساس فى عام 2019.

وأوضح البنك المركزى أن معدلات التضخم المستهدفة لا تزال العامل الأول والأخير فى تحديد أسعار الفائدة المستقبلية.

وأوضح بيان لجنة السياسة النقدية أن «اتخاذ قراراتها يأتى بناء على معدلات التضخم المتوقعة، وليس السائدة، وبالتالى ستستمر وتيرة وحجم التعديلات لأسعار العائد الأساسية فى الاعتماد على مدى اتساق التوقعات مع المعدلات المستهدفة، لضمان الاستمرار فى تحقيق المسار النزولى المخطط لاستقرار الأسعار على المدى المتوسط».

وأشارت اللجنة إلى مواصلتها متابعة كافة التطورات الاقتصادية وعدم التردد فى تعديل سياستها للحفاظ على الاستقرار النقدي.

ولفتت صحيفة فايننشال تايمز فى تقرير لها حول مدى جاذبية أوراق الدين المحلية لا سيما الاستثمارات قصيرة المدى للأجانب الذين يطمحون إلى تحقيق مكاسب سريعة، إلى أن المستثمرين فى تلك الأدوات لا يهتمون كثيرا ببعض المؤشرات التى تعنى الآخرين، ومن بينها ارتفاع مستوى الديون أو تراجع الاستثمار الأجنبى المباشر أو زيادة عجز الموازنة.

وربما تعود ثانية التدفقات الخارجة الشهر الماضى جراء الاحتجاجات السياسية المحدودة فى البلاد، والتى قدرها سيتي بنك بنحو 800 مليون دولار، إذا استمر الاستقرار السياسى وعادت ثقة المستثمرين، حسبما نقلت الصحيفة عن محللين.

وقال كبير الاقتصاديين لدى بنك الاستثمار الأمريكى جولدمان ساكس، فاروق سوسة، إن مصر لا تزال وجهة مفضلة للمستثمرين بفضل ارتفاع العوائد والتى تتسم بالاستقرار النسبى والجاذبية، خاصة إذا ما قورنت بالأسواق الناشئة الأخرى بسبب استقرار اقتصادها الكلي.

واستبعد سوسة حدوث «تقلب كبير» فى سعر الصرف، فى ضوء ارتفاع الاحتياطات الأجنبية للبلاد.

وشهدت تعاملات سوق الدين، الأسبوع الماضى، ارتفاع متوسط الفائدة على أذون 364 يوما بمعدل 0.056 نقطة مئوية، مسجلاً %15.54 مقابل %15.484 فى آخر طرح، تزامن ذلك مع تحسن معدل تغطية الطرح إلى مستوى 2.12 مرة فى المتوسط من 1.29 مرة فى السابق.

وطلبت المؤسسات المختلفة الاكتتاب بقيمة 25.12 مليار جنيه تقريباً، ووافقت وزارة المالية على طلبات بقيمة 11.95 مليار جنيه، بزيادة 2.2 مليار عن القيمة المستهدفة.

بينما تقلص متوسط الفائدة على أذون 273 يوماً بنحو 0.03 نقطة ليصل إلى مستوى %15.321 مقابل %15.351 فى آخر طرح، وتحسن معدل تغطية العطاء الى 2.74 مرة الأسبوع الماضى مقابل 1.17 مرة للعطاء السابق، وعرضت البنوك والمؤسسات المختلفة الاكتتاب بقيمة 26.02 مليار جنيه تقريباً، قبلت منها وزارة المالية نحو 14.636 مليار جنيه تقريبا، بزيادة بنحو 5.14 مليارا عن القيمة المستهدفة من الطرح.

وصعد متوسط عائد أذون أجل 182 يومًا بنحو 0.023 نقطة مئوية ليصل إلى 15.578 % فى تعاملات الأسبوع الماضى، من %15.555 متوسط الفائدة على عطاء الأسبوع السابق عليه.

وارتفع معدل تغطية البنوك والمؤسسات المختلفة للطرح إلى مستوى 1.97 مرة من 1.12 مرة فى السابق، وبلغت عروض الاكتتاب 18.74 مليار جنيه، ووافقت وزارة المالية على 8.2 مليار، أى أقل بنحو 1.3 مليار عن قيمة العطاء المطروح.

وزاد متوسط العائد على أذون 91 يوماً بشكل طفيف بلغ 0.056 نقطة ليصل إلى 15.54% الأسبوع الماضى مقابل %15.484 فى السابق، وارتفع معدل تغطية الطرح ليسجل 1.08 مرة فى المتوسط من 0.75 مرة، وأعلنت «المالية» عن الطرح بقيمة 9 مليارات جنيها، وقدم المستثمرون عروضا بقيمة 9.738 مليار ووافقت الوزارة على 7.01 مليار.

على جانب آخر ، واصلت الفائدة صعودها على سندات الخزانة المحلية أجل 3 و 7 سنوات وذلك للأسبوع الثانى على التوالى.

يذكر أن متوسط العائد على السندات حقق خسائر بنحو 200 نقطة منذ بدء دورة التيسير النقدى نهاية الشهر الماضى، بينما بلغت الخسائر ما يتجاوز 500 نقطة أساس «كل 100 نقطة تعادل 1%» منذ بداية العام الجارى.

وقلصت وزارة المالية قيمة اقتراضها من الطرحين بنحو %12.34 لتحصل على 3.5 مليار جنيه من 4 مليارات كانت قد أعلنت عنها عبر الطروحات.

بلغت قيمة الطرح لأجل 3 سنوات قيمة 2.25 مليار جنيها وتقدم المستثمرون بنحو 98 عرضا للشراء بقيمة بلغت 5.8 مليار جنيه، ووصلت أعلى فائدة مطلوبة %14.29 وأقل %13.84 والمتوسط %13.99.

بينما وافقت وزارة المالية على 37 عرضا بقيمة 3 مليارات جنيه بفائدة تراوحت بين %13.84 و %13.97 ومتوسط %13.93.

وطرحت الوزارة سندات 1.75 أعوام بقيمة 1.75 مليار جنيه، تقدم لها 49 عرضا بقيمة 2.45 مليارات تقريبا وفائدة بين %13.89 و %14.25 ومتوسط %14.101، فيما وافقت الوزارة على 17 منها بقيمة 494.3 مليون جنيه بمتوسط فائدة %13.919.

وقال مدير أدوات الدخل الثابت بإحدى الشركات إن العائد على السندات المحلية تراجع بشكل كبير خلال الفترة الماضية عاكسا توقعات خفض الفائدة التى تحققت فى الاجتماعات الثلاثة الماضية للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى، لافتا إلى أن العائد الحالى البالغ أقل من %10 بعد خصم الضرائب غير مناسب للمستثمرين المحليين مثل البنوك وصناديق الدخل الثابت وشركات التأمين وغيرها، عند المقارنة بأدوات التوظيف الأخرى كسندات توريق الشركات التى تمنح عائدا %13 معفى من الضريبة وقروض التجزئة المصرفية والائتمان للشركات.

طرح أدوات دين بقيمة 41.5 مليار جنيه الأسبوع الجارى

فى ذات السياق، قلّصت وزارة المالية قيمة أدوات الدين المقرر طرحها خلال الأسبوع الحالى إلى مستوى 41.5 مليار جنيه منها 37.75 مليار من الأذون والباقى من السندات.

وعلى صعيد إدارة السيولة، قلّص البنك المركزى وتيرة سحب السيولة من البنوك عبر آليتى الودائع «ثابتة ومتغيرة العائد» ليحصل على 80.9 مليار جنيها بعدما كانت 125 مليار جنيه الأسبوع قبل الماضى.
وفى مزاد الودائع الثابتة، طرح «المركزى» مزاداً بقيمة 50 مليار جنيه لأجل 7 أيام بفائدة %12.75.

وعرضت البنوك الاكتتاب بقيمة 184.25 مليار، ووافق المركزى على قبول 50 مليارا بنسبة تخصيص %184.25 لكل منها.

كما طرح المركزى ودائع مرتبطة بالكوريدور بقيمة 20 مليار جنيه لأجل 42 يوما، وعرضت البنوك إيداع نحو 37.75 مليار جنيه من خلال 22 عرضا بفائدة تراوحت بين %12.74 و%12.76 ومتوسط بنحو %12.753 ، وجرى الموافقة عليها.

ويستخدم البنك المركزى أدوات السوق المفتوحة للتحكم فى السيولة بالأسواق، ضمن سعيه للسيطرة على التضخم من ناحية، وتوظيف فائض السيولة لدى البنوك فى ظل انخفاض معدلات الائتمان.

وعدّل «المركزى» آلية عمل الودائع متغيرة العائد، لتصبح مرتبطة بسعر فائدة الكوريدور، لتتقاضى البنوك نسبة spread «هامش فائدة ثابت» فوق سعر الإيداع بالبنك البالغ %17.75 وبالتالى فإن عائد ودائع السوق المفتوحة سيكون مرشحًا للصعود أو الهبوط، حسب تطور معدل الإيداع لدى المركزى.

تستهدف آلية الودائع المربوطة لدى البنك تخفيض حجم المعروض النقدى من الجنيه بالسوق المحلية من جهة، ومحاربة التضخم من جهة أخرى، بما يساعد على امتصاص فائض السيولة المتضخمة.
أعاد «المركزى» تفعيل آلية الودائع المربوطة متغيرة العائد بآجال قصيرة، بالتزامن مع تحرير سعر الصرف، بهدف خفض المعروض النقدى من الجنيه.

وتفتح تلك الآلية مجالًا للبنوك لاستثمار ودائعها، خاصة بعد اتفاق «المالية» مع «المركزى» على تخفيض طروحات أذون وسندات الخزانة خلال الفترة المقبلة، فى إطار خطة تقليص عجز الموازنة.