اللقاء الكامل لـ «محافظ البنك المركزي» مع «المال»

الحوار مع محافظ البنك المركزي ليس بالأمر المغرى كثيرًا للصحفيين فى مختلف بقاع العالم خاصة فى ظل الأحداث السياسية التى تمر بها مصر

اللقاء الكامل لـ «محافظ البنك المركزي» مع «المال»
جريدة المال

حازم شريف

محمد سالم

7:46 م, الأثنين, 30 سبتمبر 13

الحوار مع محافظ البنك المركزي ليس بالأمر المغرى كثيرًا فى مختلف بقاع العالم.. أو على الأقل المتحضر منه.

الصحفى يبحث عن أخبار وسبق وانفرادات، و محافظ البنك المركزي بطبعه كتوم متحفظ.. يزن كلماته جيدًا قبل أن يطلقها فى الهواء.

خبر عادى قد يحرك الأسواق.. والخبر من البنك المركزي بألف خبر.. ومن محافظه بألف موضوع وأكثر.. تتناوله بالمتابعة والتحليل لتأثيره على الأسواق.

محافظ البنك المركزي لا يتحدث سوى بحساب.. ونحن الصحفيين نعشق ثرثرة المصادر.. فمن بينها نستخرج أخبارنا وانطباعاتنا ونعدل وجهات نظرنا للأمور والأشياء.

ورغم ذلك يقبل الصحفيون على مطاردة محافظى البنوك المركزية لإجراء الحوارات، فتصريحاتهم النادرة تجعل من مجرد التوصل لإجراء حوار معهم سبقًا صحفيًا، فى حد ذاته.

هشام رامز، محافظ البنك المركزي المصري ليس استثناء من ذلك. بل على العكس محترف، منحته خبراته السابقة بالقطاع المصرفى، وبالبنك المركزى نفسه كنائب قبل توليه منصب المحافظ، واحتكاكه بالأسواق الدولية، مناعةً ضد محاولات الصحفيين لالتقاط الأخبار، ومع ذلك فقد صنع لنا منها بقدر ما أراد، وربما بما أفلحنا فى انتزاعه منه.

محافظ البنك المركزي أكد أكثر من مرة، فى حواره مع «المال»، استقلالية البنك المركزى وأهميتها للاقتصاد المصرى، وانتقد بشدة عدم تمثيل القطاع المصرفى فى لجنة الخمسين المكلفة بتعديل مواد الدستور المصرى المعطل، ورفض مقترح مادة دستورية يتم منقاشتها تسمح بعزل محافظ البنك المركزي بقرار من أغلبية البرلمان.

وقال رامز إنه يجرى فى الوقت الحالى دراسة مواد القانون المنظم للبنك والجهاز المصرفى الذى يحمل رقم 88 لسنة 2003 لجعلها أكثر مرونةً عبر تعديل بعضها وإضافة أخرى، وشدد محافظ المركزى على أن هدف السياسة النقدية هو الحفاظ على المستوى العام للأسعار، وأن خفض الفائدة بنسبة %1 على مرتين، الفترة الماضية جاء بعد التأكد من تراجع المخاوف التضخمية.

ووصف محافظ «المركزى» التنسيق مع السياسة المالية بالجيد، وقال إن الدكتور أحمد جلال، وزير المالية يحمل فكرًا تنمويًا لا يقوم على الجباية.

كما صرح بأنه لا يمكن البدء فى سياسة استهداف التضخم قبل تراجع عجز الموازنة إلى مستوى %3، مقارنة بـ%13.5 فى العام المالى الماضى.

وإلى نص الحوار..

●«المال»: الحكومة أعلنت نهاية أغسطس الماضى، عن خطة للتحفيز الاقتصادى بقيمة 22.3 مليار جنيه، لتمويل واستكمال مشروعات استثمارية فى قطاعات البنية الأساسية والمرافق وغيرها، بجانب سداد جزء من مستحقات المقاولين.. أيضاً وافقت الحكومة قبل أسبوعين، على زيادة الحد الأدنى للأجور بالقطاع العام إلى 1200 جنيه وهناك مناقشات لوضع حد أدنى للأجور بالقطاع الخاص ما يعنى أن السياسة النقدية ستتعرض لضغوط خلال الفترة المقبلة بسبب ارتفاعالسيولة الموجودة بالسوق، واحتمالات تفاقم عجز الموازنة.. ما ملامح تحركات السياسة النقدية وكيف سيتعامل البنك المركزى مع هذا الوضع؟

– رامز: خطة التحفيز جزء من موازنة الدولة الاستثمارية لدعم النمو، ولابد من توضيح أن التضخم يأتى عندما يحدث نمو يفوق قدرات السوق، والواقع فى مصر مختلف بالنسبة لهذه النقطة، فقدرتنا على النمو تصل لما بين 5.5 و%6 فى حين تدور معدلات النمو الحالية حول %2.2.

● «المال»: وبالنسبة للتأثير التضخمى للمليارات التى سيتم ضخها فى الأسواق لتمويل تكلفة رفع الحد الأدنى للأجور؟

– رامز: هذا يعتمد على كيفية تدبير وزارة المالية موارد تمويل رفع الحد الأدنى للأجور، بحيث لا تنجم عنها آثار تضخمية.

هشام رامز
محافظ البنك المركزى هشام رامز

● «المال»: ألم تعبر عن قلقك خلال اجتماعات المجموعة الاقتصادية فيما يتعلق بزيادة الحد الأدنى للأجور؟

– رامز: موضوع الحد الأدنى للأجور لم يناقش فى المجموعة الاقتصادية، وإنما فى مجلس الوزراء، وأنا لست عضواً به.

● «المال»: ألا يوجد أى تنسيق بين البنك المركزى والحكومة فيما يتعلق بقرار الحد الأدنى للأجور وتأثيراته الاقتصادية؟

– رامز: الموضوع بالنسبة للحكومة مهم سياسياً واجتماعياً.

● «المال»: لكن ألا يلقى عليك القرار أى أعباء وتحديداً على مستوى استقرار الأسعار؟

–رامز: جزء كبير من الأعباء مرتبط بعجز الموازنة، الذى كلما انخفض، قلت المخاوف التضخمية، والعكس صحيح، لذلك أكدت أن الموارد التى سيتم توفيرها من الحكومة لتمويل الحد الأدنى للأجور هى العنصر المهم.

● «المال»: هل أنت مطمئن لهذه الموارد وأنها لن تكون ذات تأثير سلبى على تفاقم عجز الموازنة إذا ما لجأت الحكومة إلى تمويل الحد الأدنى للأجور عبر الاقتراض على سبيل المثال؟

– رامز: بالطبع مطمئن لهذه الموارد، وهناك اساليب متعددة لتوفيرها مع تلافى الآثار التضخمية.

●«المال»: قام البنك المركزى بخفض عائد الكوريدور بواقع %1 خلال الشهور الثلاثة الماضية على مرتين بمعدل نصف بالمائة فى كل مرة، وأحدث ذلك هبوطا ملموسا فى أسعار العائد على الودائع والمدخرات بالبنوك وصل إلى %2، كما تراجعت أسعار الفائدة على أوراق الدين الحكومى بنسبة تعدت الـ 3 %. إلى اى مدى سينعكس تراجع أسعار الفائدة على خفض عجز الموازنة الفترة المقبلة، وكيف سيؤثر على مستويات التضخم؟

– رامز: خفض البنك المركزى معدل الفائدة لا يهدف بالأساس إلى تقليص عجز الموازنة، لأن قرار «المركزى» فى هذه النقطة يتم اتخاذه بناءً على العلاقة بين التضخم والنمو، وخفض الفائدة هنا معناه أن لجنة السياسة النقدية لا ترى مخاطر تضخمية فى الأجل القصير، ولكن نتيجة الخفض بالتأكيد ستمثل عاملا إيجابيا لدعم النمو وستعمل على تراجع تكلفة الاستدانة وبالتالى خفض عجز الموازنة.

وخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة تم خفض سعر الفائدة الأساسية %1 على مرتين، وهبط العائد على السندات والأذون بمتوسط 3 إلى %4 حسب الأجل، وهذا لم يكن بسبب خفض أسعار الفائدة بالبنك المركزى فقط، ولكن لعوامل وأسباب أخرى كثيرة.

وفى جميع الأحوال فإن استقلالية البنك المركزى نقطة مهمة فى اتخاذ القرار، فحينما ارتفعت الأخطار التضخمية قبل 6 شهور قررنا رفع سعر الفائدة بواقع نصف بالمائة، رغم أن ذلك من شأنه زيادة عجزالموازنة، وعندما نجحنا فى السيطرة على الأسعار وغابت المخاطر التصخمية قررنا خفض أسعار الفائدة مرتين.

● «المال»: خفض أسعار الفائدة سيساعد بصورة كبيرة فى انعاش الائتمان وفقا لتصريحات الكثيرين من قيادات القطاع المصرفى، ولكن، كيف تقيّم فترة ركود التمويل التى مرت بها البنوك بعد الثورة، وتركيزها على تمويل الدين الحكومى وتراجع دورها فى تمويل القطاع الخاص فى الفترة الأخيرة؟

– رامز: مرة أخرى.. قرارات الفائدة التى يتخذها البنك المركزى هدفها كما اشرت الحفاظ على استقرار الأسعار ومحاربة التضخم الذى يعد اخطر ما يواجه أى اقتصاد فى العالم، وهذا دور البنك المركزى بأدواته المختلفة، بجانب أدوات أخرى لمحاربة التضخم تمتلكها السياسة المالية مثل السعى لتخفيض عجز الموازنة، وحينما اجد أن التضخم تحت السيطرة أهتم بالنمو.

أما ما يتعلق بتراخى البنوك فى منح الائتمان وتركيزها على تمويل الدين الحكومى، فتقديرى أن هذا اتهام متكرر وغير حقيقى، فلابد أن تضع فى الاعتبار قبل إطلاق الأحكام، أن الطلب على الائتمان يرتبط بمعدلات نمو الاقتصاد الذى يصل حاليا إلى نحو 2.2 %، وهذا دليل على عدم وجود طلب قوى على الائتمان..صحيح أن طاقة الاقتصاد على النمو تصل إلى أعلى من %5، لكن البنوك لا تصنع النمو وانما هى أداة مساعدة.

شىء آخر يجب النظر اليه متعلق بالمصروفات الرأسمالية للشركات، التى شهدت ضعفا طوال العامين الماضيين بسبب حاجتها للاستقرار السياسى والأمنى، وهما عاملان بدأ شعور بالتحسن تجاههما، ولمسنا مؤخراً طلباً متزايداً من الشركات على استيراد السلع الوسيطة والرأسمالية ومعدات لتطوير المصانع، وكان ذلك سببا فى طرح العطاء الاستثنائى الأخير بقيمة 1.3 مليار دولار، والذى استهدف تغطية هذه الطلبات.

ولابد من توضيح أن البنوك لا يمكنها التركيز فقط على تمويل الدين الحكومى، وللعلم لو ركزت البنوك فى الوقت الحالى على الاستثمار فقط فى أدوات الدين ستخسر، على خلفية التراجع الذى شهدته أسعار الفائدة على الأذون والسندات، البنوك ربحها الرئيسى يأتى من فتح الاعتمادات والعمولات على حزمة الخدمات المقدمة لعملائها، وليس من فارق الفائدة فقط كما هو شائع.

هشام رامز محافظ البنك المركزى
هشام رامز محافظ البنك المركزى

●«المال»: بالنسبة لطلبات تغطية الاعتمادات المستندية، هل مازالت هناك طلبات معلقة ضخمة داخل البنوك من خلال الحصر الذى يجريه البنك المركزى؟

–رامز: تمت تغطية جزء كبير من الطلبات، وهناك أخرى تتم تغطيتها، نحن ننظم 3 مزادات دولارية فى الأسبوع، والمزاد الاستثنائى الأخير استهدف تغطية جزء كبير من الطلبات.

● «المال»: نريد تأكيداً على الهدف الأساسى للبنك المركزى.. هل هو استهداف التضخم؟

–رامز: الهدف الأساسى هو استقرار الأسعار عبر محاربة التضخم، وبعد ذلك النمو مهم، ومحاربة البطالة، فكلما قلت المخاوف التضخمية، يمكن خفض أسعار الفائدة، فيكون لها تأثير إيجابى على النمو، وبالتالى تتراجع معدلات البطالة.

● «المال»: خلال المؤتمر الذى عقده بنك الاستثمار «هيرمس» فى لندن قبل أيام، أبدى بعض المستثمرين الأجانب مخاوفهم من صعوبة الدخول والخروج من سوق الأوراق المالية المصرية، خاصة فيما يتعلق بتوفير النقد الأجنبى اللازم للخروج.. هل هذه المخاوف مبررة من وجهة نظرك؟

–رامز: فى مارس الماضى، قام البنك المركزى بتفعيل صندوق ضمان تعاملات المستثمرين الأجانب، وأكدنا أن اى مستثمر يدخل السوق عقب انشاء هذا الصندوق، يضمن حصوله على النقد الأجنبى بسهولة عند التخارج من سوق الأوراق المالية، ومنذ ذلك الوقت لم تظهر أى مشكلات باستثناء بعض العمليات القديمة التى سبقت تفعيل الصندوق، والتى تتم معالجتها تدريجيا…مع الوضع فى الاعتبار أن البنك المركزى قد حدد اولويات تدبير النقد الأجنبى، ووضع فى مقدمتها تغطية الاعتمادات المستندية، وتوفير موارد استيراد السلع الأساسية والأدوية والمواد الغذائية، لأن هذه الأولويات لازمة لتحريك الاقتصاد تلبية المتطلبات الأساسية للمواطنين.

● «المال»: بالنسبة لمستحقات شركات البترول الأجنبية لدى الحكومة، هل يتم إجراء مباحثات مع البنك المركزى لتدبير موارد نقد اجنبى تغطى هذه المستحقات التى تصل إلى نحو 6 مليارات دولار؟

– رامز: بالنسبة للمستحقات على هيئة البترول، الهيئة تضع جدول سداد، وتعود لوزارة المالية لتدبير احتياجاتها بالجنيه المصرى، ثم البنك المركزى لتوفير الدولار، وحتى الآن لم نتسلم جدول سداد هذه المديونيات.والبنك المركزى يدرس الموضوع من مختلف جوانبه لتحديد موقفه من اولويات ضخ النقد الأجنبى، لأن المبلغ سيتم تدبيره من أرصدة الاحتياطى، ما يهمنى هو موقف الاحتياطى وجدول اقساط الديون، وحجم الاستثمارات التى ستضخها الشركات الدائنة بعد سداد المديونية، وحجم الزيادة فى انتاجها وكيف ستسهم هذه الزيادة فى تقليل الطلب على استيراد المواد البترولية…ودراسة تأثير كل العوامل السابقة على رصيد الاحتياطى،لوضع هذه المستحقات ضمن أولويات استخدامات الاحتياطى..باختصار يجب أن يكون لها مردود جيد.

● «المال»: ما خلفيات رد الوديعة القطرية البالغة 2 مليار دولار، البعض رأى فى هذا القرار اعتبارات سياسية؟

–رامز: لا اعرف اذا كان لدى الجانب القطرى اعتبارات سياسية ام لا، لكن بالنسبة للبنك المركزى المصرى فقد تم اتخاذ القرار بشكل فنى بحت دون نظر لاى اعتبارات سياسية.

وما حدث اننا اتفقنا مع الجانب القطرى فى شهر مايو الماضى على تحويل وديعة بقيمة 3 مليارات دولار قدمتها قطر الينا فى الشهر نفسه ودخلت الاحتياطى إلى سندات مدتها 3 سنوات بفائدة 3.5 %، وكان الاتفاق ينص على تحويل شريحة من هذه الوديعة بقيمة مليار دولار إلى سندات فى شهر يونيو، وهذه تم تنفيذها بالفعل، ثم مليار آخر كان يفترض تحويله لسندات فى شهر أغسطس الماضى، والمليار الثالث فى شهر سبتمبر.

بعد ذلك طلب الجانب القطرى تأجيل تحويل الشريحة الثانية إلى شهر سبتمبر مع الشريحة الثالثة، وقبل تنفيذ الاتفاق، طالب الجانب القطرى بمد أجل الوديعة
وعدم تحويلها إلى سندات، ورفضت مد أجل الوديعة، لان الودائع قصيرة الأجل لا يمكننا استخدامها ويتم تحميلها على الدين الخارجى، وابلغتهم انه اذا لم يتم الالتزام بالاتفاق السابق فسنقوم برد الوديعة، فتراجعوا وطلبوا إرسال مندوبين عن البنك المركزى المصرى لانهاء الإجراءات الورقية.

ثم فاجأونا بطلب تحويل الـ2 مليار دولار لسندات خلال فترة 6 شهور على شرائح، رفضنا ذلك الطلب أيضا، ثم قلصوا الفترة إلى 3 شهور، ورفضنا، وتمسكنا بتحويل الوديعة بالكامل إلى سندات فى الموعد المحدد، فعادوا وطلبوا تحويل الوديعة إلى سندات على شريحتين، الأولى مليار دولار فى سبتمبر، والثانية بعدها بشهر، فرفضت وقررت رد الـ 2 مليار دولار.

● «المال»: ما الأسباب التى عرضها الجانب القطرى لتبرير طلب تأجيل تحويل الوديعة إلى سندات فى الموعد المتفق عليه؟

–رامز: ليست لديهم أى اسباب فنية تمنع تنفيذ الاتفاق، بدليل انهم حينما وجدوا اصرارى على تنفيذ الاتفاق طلبوا تحويل مليار دولار بشكل فورى والمليار الثانى بعد شهر، احترام الاتفاق هو احترام لطرفى التعاقد، وانا من جهتى احترم الطرف الآخر، وقطر ساعدتنا فى مرحلة مهمة جدا بلاشك لا أحد يستطيع أن ينكر ذلك، ولكن عدم تنفيذ الاتفاق الآن يرجع اليهم، اما من جانبنا كبنك مركزى، فقد تعاملنا من منطلق فنى بحت، لاننا لسنا جزءاً من السياسة.

● «المال»: متى يظهر تأثير رد الوديعة القطرية على حركة أرصدة الاحتياطى البالغة قيمتها حاليا 18.9 مليار دولار؟

– رامز: تظهر اعتبارا من الشهر الحالى، ولكن دخول الوديعة الكويتية بنفس القيمة ادى لتلاشى تأثير رد وديعة الجانب القطرى.

● «المال»: ما خريطة المساعدات العربية التى دخلت للاحتياطى مؤخرا؟ وهل يتم التفاوض حاليا على مساعدات جديدة؟

–رامز: بعد 30 يونيو حصلنا على 3 مليارات دولار من الامارات بواقع 2 مليار وديعة لأجل 5 سنوات بدون فائدة ومليار دولار منحة، وقدمت السعودية مليارى دولار وديعة، وحصلنا الأسبوع الماضى على وديعة كويتية بقيمة 2 مليار دولار لأجل 5 سنوات بسعر الليبور سعر الائتمان والخصم بسوق لندن، وبذلك وصل إجمالى ما تم الحصول عليه من مساعدات عربية بعد 30 يونيو إلى 7 مليارات دولار.

هشام رامز
محافظ البنك المركزى هشام رامز

ولا توجد شرائح جديدة نتفاوض بشأنها الآن، لكن هناك خططاً لدعم الاقتصاد من جانب الامارات والسعودية عبر استثمار أموال فى مشروعات البنية الأساسية، وفى صورة مساعدات بترولية.

● «المال»: هل سيتم تحويل جزء من هذه المساعدات إلى سندات على غرار الوديعة القطرية البالغة قيمتها مليار دولار؟

– رامز: الودائع آجالها طويلة بعضها يصل إلى 5 سنوات وجزء منها بدون فائدة، لسنا فى حاجة لتحويلها إلى سندات، فى ظل طول آجل الوادئع.

●«المال»: ماذا عن برنامج السندات البالغة قيمته 12 مليار دولار، والذى كشفت وكالة رويترز للأنباء نهاية مايو الماضى عن نشرة الاكتتاب الخاصة به، وشملت النشرة تكليف بنكى «إتش إس بى سى هولدنجز»، وقطر الوطنى بترتيب البرنامج وإدارته، وتم طرح شريحة من سندات هذا البرنامج فى بورصة «أيرلندا» واكتتبت بها قطر بشكل رئيسى؟

– رامز: لم يكن هناك برنامج بقيمة 12 مليار دولار، وما تم طرحه فى بورصة أيرلندا كان يرتبط بتحويل جزء من الوديعة القطرية إلى سندات بقيمة مليار دولار، وكما أكدت لم يتم استكمال تحويل باقى الوديعة البالغة قيمتها 3 مليارات دولار.

● «المال»: من وقت لآخر يتم الحديث عن اقتراحات لتوسيع نظام المتعاملين الرئيسيين أمام لاعبين جدد، بجانب البنوك التجارية فى تغطية طروحات أدوات الدين التى ينفذها البنك المركزى نيابة عن وزارة المالية، من بين هذه الاقتراحات منافسة بنوك الاستثمار على تغطية جزء من طروحات «المالية» كمتعامل رئيسى؟

– رامز: هذا الموضوع من اختصاص وزارة المالية، وليس البنك المركزى.

●«المال»: لكن البعض يردد أن كل الخطوات التى قامت بها الحكومة فى إطار تعديل قواعد المتعاملين الرئيسيين تم رفضها من جانب «المركزى»، وأنه رفض دخول لاعبين جدد هذه السوق؟

– رامز: لم يحدث أن تلقينا مثل هذه المقترحات.

● «المال»: إذن البنك المركزى لا يمانع فى توسيع سوق المتعاملين الرئيسيين، والسماح بدخول لاعبين جدد مع البنوك التجارية؟

–رامز: أكرر أنه لم تعرض علينا أى مقترحات بهذا الخصوص، وفى حال وصولها سيتم النظر فيها واتخاذ قرار بالقبول أو الممانعة، بناء على المقترح نفسه وبعد دراسته، ولكن حتى الآن لم تعرض علينا أى مقترحات خاصة بتعديل نظام المتعاملين الرئيسيين.

● «المال»: هل تتوقع تحسن التصنيف السيادى لمصر خلال الفترة المقبلة، بعد تعرضه لتخفيضات، وصلت به إلى مستوى «c » طبقا لمؤسستى موديز و«استاندرد آند بورز» و«-B » وفق مؤسسة «فيتش»؟

– رامز: ما حدث مع مصر، أمر لم أره من قبل طوال فترة عملى فى القطاع المصرفى، فكيف تقوم مؤسسات التصنيف بخفض التصنيف السيادى لدولة 6 مرات متعاقبة، دون أن يتزامن مع ذلك قيام موظفى تلك المؤسسات، بزيارة واحدة لهذه الدولة ومقابلة المسئولين بها؟! هذه التخفيضات تمت من مكاتب مؤسسات التصنيف فى دولها، دون زيارة مصر، أو مقابلة المسئولين المصريين، قبل إعداد التقارير، ولذلك فهناك علامات استفهام كثيرة حول هذه التقييمات.

● «المال»: ما تفسيرك لهذا؟

– رامز: إجراء غير مفهوم.

● «المال»: وما تفسيرك كمصرفى بعيداً عن كونك محافظاً للبنك «المركزى»؟

–رامز: شركات التصنيف تأثرت بعد الانهيارات التى مرت بها مؤسسات مالية مرتفعة التصنيف، فبدأت تبادر مع تزايد الحديث عن أى أزمات اقتصادية تتعرض لها دول أو غيرها بخفض فورى للتصنيف.

● «المال»: هل الموضوع مرتبط بعدم مصداقية مؤسسات التصنيف الدولية؟

–رامز: الموضوع غير مرتبط بعدم مصداقية شركات التقييم، لأنه كان يجب أن يتم خفض التصنيف السيادى لمصر عقب الأحداث التى مرت بها بعد ثورة يناير، ولكن الموضوع مرتبط بإجراءات وطريقة خفض التصنيف، فبعد تحسن الأوضاع، على أى أساس سيتم رفع التصنيف دون زيارة ودون اطلاع على الوضع، ومقارنته بالحالة التى كان عليها الاقتصاد وقت خفض التصنيف؟ الامر بالنسبة لى غير مفهوم.

7 مليارات دولار من الخليج بعد 30 يونيو.. ولا مفاوضات على مساعدات مالية جديدة

● «المال»: هل دعوتم أياً من شركات التصنيف الدولية لزيارة مصر وتقييم الوضع الاقتصادى بهدف مراجعة التصنيف؟

–رامز: الطبيعى أن تطلب مؤسسات التصنيف الحضور للحصول على المعلومة التى سيتم على اساسها مراجعة التصنيف الممنوح للبلاد، وليس العكس.

● «المال»: وهل طلبت المؤسسات تنظيم أى زيارة لمصر فى أى من المرات التى قاموا خلالها بخفض التصنيف؟

–رامز: لم يطلبوا منذ الثورة حتى اليوم، وقاموا بـ 6 تخفيضات دون زيارة مصر، قبل الثورة اعتدنا منهم أن يقوموا بتنظيم لقاءات فى الداخل والاطلاع على الأوضاع، فلا يمكن أن تتعامل فقط مع المعلومة المطبوعة، بل يجب أن ترى الوضع وتتناقش مع المسئولين قبل تغيير التصنيف، هذا ما يحدث مع جميع الدول.


«المال»: بناءً على هذا الوضع وبعد قيامهم بخفض التصنيف الائتمانى لمصر 6 مرات دون زيارة مصر، ماذا تتوقع فى المستقبل القريب بعد اطلاعهم على مؤشرات أخرى مكتوبة عن الاقتصاد المصرى.. وهل تحسنت المؤشرات، أم لم تتحسن بصورة يمكن من خلالها توقع نتيجة المراجعة المقبلة للتصنيف؟

– رامز:
مؤشرات الاقتصاد المصرى بدأت التحسن، وفى طريقها لوضع أفضل، كما بدأت حالة ملموسة من الاستقرار، من الممكن أن تكون لهم نظرة أخرى وأن يقدموا على زيارة مصر، ويتم رفع التصنيف السيادى.

● «المال»: هل الأساس فى مراجعة التصنيف السيادى لمصر هو الاستقرار السياسى؟

–رامز: الاستقرار الأمنى والسياسى والاقتصادى، مؤشرات اقتصادية أفضل، ما يهمنى أنا هو ما أراه وليس ما يقال عنى، نحن نرى ونتأكد من أن المؤشرات الداخلية تتحسن، وبعد ذلك يتحدث الخارج كما يشاء، لا انتظر ما يراه الآخرون.

● «المال»: ما أهم المؤشرات التى تراها تتحسن أو تهتم برؤيتها تتحرك نحو الأفضل؟

–رامز: تراجع عجز الموازنة، عودة الاستثمارات الأجنبية للتدفق على السوق، نشاط حركة السياحة، الاستقرار الأمنى، تحسن حياة المصريين، فهناك بالفعل علامات تحسن بدأت الظهور، من بينها قيام ألمانيا وفرنسا وهولندا برفع حظر سفر السائحين إلى مصر.

هذه علامة ايجابية جدا من الناحيتين الامنية والاقتصادية، لأن السياحة مهمة جدا لمصر ومورد مؤثر فى دعم أرصدة احتياطى النقد الأجنبى، ومع تحسن هذه المؤشرات سيتغير التصنيف السيادى لمصر نحو الأفضل.

● «المال»: كيف تقيم درجة التنسيق بينك وبين وزير المالية.. تاريخياً كان من المعتاد ظهور خلافات بين «المركزى» و«المالية» كلما تعارضت أهداف السياستين النقدية والمالية، فعلى سبيل المثال، نشر موقع «اليوم السابع» تصريحا منسوباً لكم، تقول فيه إنه ليس من مهمة «المالية» اطلاق تصريحات بشأن الوديعة القطرية؟

– رامز: التعاون بينى وبين وزير المالية الحالى الدكتور أحمد جلال جيد جداً، فهو وزير يحمل فكراً تنموياً لا يقوم على الجباية، ووجهة نظرى أن الفكر التنموى مطلوب بقوة خلال الفترة المقبلة، فالعلاقة بين «المالية» و«المركزى» جيدة للغاية الآن.

أما بالنسبة للسياسات فلا خلاف على استقلالية البنك المركزى، ولكن أحيانا قد يحدث خلاف بين السياستين النقدية والمالية، لكن لا يؤدى ذلك لخلاف بين الأشخاص، واعتقادى أن العلاقة الآن جيدة بينهما، وأنا راض عن مستوى التنسيق الآن بينى وبين المالية، ووزارة المالية لديها مسئولياتها، ونحن لدين مسئولياتنا.

● «المال»: «المالية» أعلنت عن استهداف تقليص عجز الموازنة من 14 % حاليا إلى 10 % العام المقبل وتحقيق نمو 3.5 %.. ألا تدفع هذه البيانات «المركزى» لمعاودة دراساته الخاصة باستهداف رقم محدد للتضخم والتى كان قد بدأها فى وقت سابق ثم توقفت؟

– رامز: هناك دول كثيرة تتمتع بمؤشرات اقتصادية قوية ولم تصل لمرحلة استهداف التضخم إلى الآن، ودورنا كبنك مركزى هو محاربة التضخم والحفاظ على مستويات مقبولة للأسعار وليس استهداف التضخم «Inflation target » الذى لا يمكن القيام به فى ظل عجز موازنة يصل إلى %13.5 حالياً، فاستهداف مستويات محددة للتضخم يتطلب عجز موازنة لا يزيد على %3 بأى حال من الأحوال لان الاستهداف يتم بناء على معادلات خاصة بالنمو وعجز الموازنة.

● «المال»: هذا يعنى أنه لا مجال للحديث عن استهداف معدل محدد للتضخم قبل تراجع عجز الموازنة إلى مستوى %3؟

–رامز: بالطبع، عندما يصل العجز إلى هذا المستوى فإن الإعلان عن معدل مستهدف للتضخم سيكون منطقيا، فليس من المقبول وربما من باب المزاح أن تستهدف معدل تضخم مكون من رقمين وفقا لعجز الموازنة الحالى،وتدعى انك تستهدف التضخم!!

● «المال»: هل تشعر بالاطمئنان لمستويات التضخم خلال الفترة المقبلة، خصوصاً بعد صدور تصريح من وزير المالية بأن مستويات التضخم لن تزيد على %10؟

– رامز: لا أعرف لماذا يتحدث وزير المالية عن التضخم، لكن هذا رأيه الشخصى، أما من الناحية الفنية بالنسبة للبنك
المركزى، فكلما تمت السيطرة على الأسعار يمكن النزول بمعدل التضخم تحت هذا المستوى، ففى 2012 وصلنا بالتضخم إلى مستوى %4.5، وعلاج التضخم ليس بالسياسة النقدية فقط، وإنما أيضا بأدوات السياسة المالية التى من بينها
خفض عجز الموازنة، المسئول عنه وزير المالية، وتصريح وزير المالية يعنى خفضه لعجز الموازنة وهذا امر جيد.

● «المال»: أكدت فى أكثر من تصريح، أهمية قرض صندوق النقد الدولى الذى كان النظام السابق يفاوض عليه
بقيمة 4.8 مليار دولار.. هل ترى أن وقف المفاوضات مع الصندوق فى الوقت الحالى يعد استغناءً عن القرض، أو انتظاراً لظروف اقتصادية أفضل تحسن شروطه؟

– رامز: لدينا أولويات أهم «بكثير» من موضوع قرض صندوق النقد الدولى، تتمثل فى إعادة الاقتصاد للطريق الصحيح. القرض مفيد ولكن حينما تستقر الأوضاع.

● «المال»: تصريحاتك حول قرض الصندوق تضمنت أن القرض يعد شهادة ثقة بأن الاقتصاد المصرى على الطريق الصحيح، وان الحصول عليه سيفتح الباب أمام 10 مليارات دولار أخرى قروضاً ميسرة من مؤسسات التمويل الدولية بناء على شهادة الثقة فى الاقتصاد المصرى؟

– رامز: هل ترى أن العالم الخارجى يسعى إلى تقديم قروض لمصر فى الوقت الراهن؟ حينما ياتى الوقت المناسب، سنعيد التفاوض على القرض، المفاوضات لم تمت، ولكن ننتظر التوقيت الأفضل.

● «المال»: فى مارس ومايو من العام الماضى اتخذ البنك المركزى قرارين بخفض نسبة الاحتياطى الالزامى الذى تدفعه البنوك لضمان ودائعها من 14 إلى %10 لرغبته فى مواجهة نقص السيولة لدى الجهاز المصرفى وخفض تكلفة الأموال، هل لدى البنك المركزى أى نية لمراجعة النسبة الحالية فى ضوء تحسن السيولة؟

– رامز: لا، وصلنا إلى %10 ولا توجد حاجة لمراجعة هذه النسبة.

●«المال»: كان أحد مطالبك الرئيسية قبل عملك فى البنك المركزى هو خفض النسبة، وطالما زادت السيولة فى الجهاز المصرفى، لماذا لا تتم زيادة نسبة الاحتياطى الإلزامى؟ خاصة أن قرار الخفض ارتبط بظروف الاقتصاد وقتها؟

–رامز: البنوك لديها سيولة جيدة، ولا أتبنى سياسة انكماشية حتى اصعد بالنسبة، والوقت غير موات ولا يوجد أى تفكير فى زيادة نسبة الاحتياطى الإلزامى.

● «المال»: إذن البنك يتبنى سياسة توسعية فى الفترة المقبلة، خاصة مع ربط ذلك بالخفض التدريجى الذى شهدته أسعار الفائدة؟

–رامز: ما يهمنى كمحافظ للبنك المركزى هو الحفاظ على استقرار الأسعار. طالما تمت السيطرة على التضخم، استطيع أن اسير بسياستى كما اخطط لها، لا يمكن اعتبار السياسة الحالية توسعية، فأسعار الفائدة ومستويات التضخم تؤكد أن سياسة البنك المركزى متوازنة.

● «المال»: هل ترى أن موقف السيولة جيد فى الجهاز المصرفى؟

–رامز: موقف السيولة جيد جدا، الجهاز المصرفى يتمتع بمراكز مالية قوية،وميزانيات جيدة، ولا يعانى أى مشكلات، وجاهز لتمويل النمو فى أى لحظة.

●«المال»: هناك مناصب لاتزال شاغرة فى الجهاز المصرفى، اهمها نائب ثان لـ محافظ البنك المركزي ، ورئيس مجلس إدارة للمصرف العربى الدولى ونائب لرئيس بنك مصر، هل توجد اسماء مرشحة لتولى هذه المناصب فى الوقت الحالى؟

– رامز: سنقوم بشغل هذه المناصب فى وقت قريب، لكن ليس هناك أى اسماء مطروحةىحاليا، وبالنسبة لمنصب نائب محافظ البنك المركزي سيتم تعيينه فى الوقتى المناسب.

● «المال»: طرح حزب الحرية والعدالة قبل 30 يونيو، مشروع تعديلات على قانون (البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد) رقم 88 لسنة 2003، وذكر البنك المركزى وقتها انه سيدرس التعديلات ويتقدم بمقترحاته عليها.. هل ترى تعديلات مهمة يجب ادخالها على القانون الحالى؟

–رامز: ما يشغلنى دائما هو (استقلالية البنك المركزى)، نحن نحافظ على هذه الاستقلالية دون النظر إلى كل ما هو سياسى، وبغض النظر عن الحزب الذى يحكم. هذه الاستقلالية تضمن الحفاظ على اموال المودعين وتصب فى مصلحة الجهاز المصرفى والاقتصاد المصرى بشكل عام.

وأنا مسئول عن ودائع المصريين والأجانب بجميع فصائلهم، وهذا ما أكدته وقمت بتنفيذه وقت وجود حزب الحرية
والعدالة فى الحكم، وكنت شديد الوضوح فى هذه المسألة، لأن من يضع أمواله بالبنوك يعى أن هذا البنك غير سياسى، وبالتالى يشعر بالاطمئنان تجاه سلامة أمواله، هذا هو الاستقرار، وانظروا إلى لبنان كمثال واضح، تمتعت بجهاز مصرفى قوى وقت معاناتها من حرب أهلية طاحنة، ويرجع ذلك لاستقلال جهازها المصرفى عن التناحر السياسى.

● «المال»: ولكن هذه الاستقلالية، لم تمنع حزب الحرية والعدالة من مباغتة البنوك بفرض ضريبة على المخصصات أثارت استياء الجهاز المصرفى بالكامل؟

– رامز: موضوع ضريبة المخصصات كان سوء تفاهم، وعندما اعترضت على هذه الضريبة، كان رد الفعل سريعاً، وحدث تفاهم حولها.

● «المال»: بعيداً عن المقترحات التى طرحها حزب «الحرية والعدالة»، هل ترى تعديلات تشريعية يجب إجراؤها أم لا؟

–رامز: شخصيا لا اطمح فى البقاء بالبنك المركزى، بالعكس أريد العودة مرة أخرى للقطاع الخاص. لكن بالنسبة لرأيى كمصرفى، ما يدعو للقلق حاليا ما يتحدثون عنه الآن فى لجنة الخمسين لتعديل الدستور عن وضع نص يتيح لأغلبية البرلمان عزل محافظ البنك المركزي.

وأغلبية اعضاء مجلس الشعب سيمثلون حزباً معيناً، ووضع هذا النص، يعنى عمليا أن منصب محافظ البنك المركزي أصبح منصبا حزبيا، وهذا يتعارض بشدة مع استقلالية البنك المركزى.

فى العالم كله لا يمكن عزل محافظ البنك المركزي إلا لو ارتكب جريمة يعاقب عليها القانون، وفى السابق، كان لا يمكن عزل محافظ البنك المركزي المصرى، على غرار ما يتم التعامل به الآن مع منصب رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، هذا إجراء صحيح.

هناك رأى فى لجنة الخمسين يتجه لعزل محافظ «المركزى» بـ %51 من أعضاء البرلمان، التى يمكن أن تمثل حزباً واحداً، هذه كارثة تعنى الغاء استقلالية البنك المركزي ونقل تبعيته إلى مجلس الشعب.

● المال: ألم يتم أخذ رأى «المركزى» فى ذلك النص؟

– رامز: لم يتم أخد رأى «المركزى» فى هذه المادة المقترحة، كما لم يتم ضم ممثل للمصارف أو البنك المركزى فى لجنة الخمسين، رغم أن المناقشات تدور حول كثير من الأمور المرتبطة بالقطاع، من بينها أيضا الحديث عن ضمان الودائع والمدخرات.

هذه المناقشات تتطلب وجود مصرفى فنى فى تشكيل لجنة الخمسين، وليس من المعقول أن يتم تمثيل غالبية قطاعات الدولة فى اللجنة، ويتم استبعاد القطاع المصرفى الذى يعد من أهم القطاعات الواجب تمثيلها.

●«المال»: ما اقتراحك المحدد بالنسبة لاستقلالية البنك المركزى وأسلوب تعيين وعزل المحافظ فى مواد الدستور التى تتم مناقشتها فى لجنة الخمسين؟

–رامز: اقتراحى أن يتم النص على عدم عزل محافظ البنك المركزي قبل استكمال مدته، إلا فى حال ارتكاب جريمة يعاقب عليها القانون كما هو معمول به فى جميع دول العالم، وأن يتم تعيينه بقرار رئيس الجمهورية الذى ترفع اليه التقارير المالية الخاصة بالبنك المركزى، ويحق لمحافظ «المركزى» أن يختلف مع رئيس الجمهورية دون أن يتم عزله.

وبصورة عامة، ليس من المعقول ألا يتم تمثيل الجهاز المصرفى فى لجنة وضع الدستور، أو حتى طلب ممثل عنه فى المناقشات المرتبطة بالمواد الخاصة به، لابد من أخذ رأى القطاع المصرفى ممثلا فى المحافظ أو غيره فى هذه المواد المهمة والخطيرة بالنسبة للاقتصاد، لابد من التأكيد على استقلالية البنك المركزى لانه من النقاط المهمة جدا التى ينظر اليها العالم ويتابعها، ومن ضمن العوامل التى تطمئن الناس وجود جهاز مصرفى قوى يتمتع بالاستقلالية.

بالنسبة لى مع اختلاف النظام الحاكم، سواء الحالى أو السابق أو القادم، ليست لى علاقة بمن يحكم، أعمل كالطبيب الذى يعالج أى فرد بصرف النظر عن هويته.

● «المال»: نعود لسؤالنا الأساسى المتعلق بمدى إمكانية اجراء تعديلات على قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى رقم 88 لسنة 2003، هل لديك أى اقتراحات أو مواد ترى ضرورة تعديلها أو إضافتها؟ مثل وضع باب خاص لتنظيم الصيرفة الإسلامية؟

–رامز: هناك الكثير من المواد بحاجة لتطوير أو تغيير، ليس فقط على مستوى الصيرفة الإسلامية، خاصة أن القانون الحالى تم وضعه منذ فترة. ندرس حاليا قانون البنوك بكامل مواده.

● «المال»: ما أهم التعديلات التى ترى ضرورة فى إجرائها على مواد القانون؟

-رامز: نحن ندرس جميع المواد، بعض المخالفات والغرامات فى حاجة لتعديل لأن نصوصها لم تعد مناسبة للوقت الحالى، كما ظهرت ادوات جديدة تعمل بها السوق يجب أن ينظمها القانون، قانون البنوك سيكون أكثر مرونة خلال الفترة
المقبلة.

● «المال»: ما الذى يستهدفه البنك المركزي من القانون هو مراجعة شاملة، قد تصل إلى وضع قانون جديد، ام تعديلات وتطوير للنصوص وإضافة بعض المواد الجديدة؟

– رامز: ليس مراجعة شاملة، وإنما إضافات وتعديلات، القانون قوى، ولا يمكن حاليا الكشف عن ملامح التعديلات لأننا مازلنا فى مرحلة البداية، وفى حال حسم هذه التعديلات والتأكد من أهمية الإسراع فى إجرائها بعد دراسة القانون، سيتم التقدم بها للبرلمان المقبل.

●«المال»: بعد ثورة 25 يناير وضع البنك المركزي قواعد تنظم تحويلات النقد الأجنبى للخارج، من بينها تحديد سقف لتحويلات الأفراد إلى الخارج بـ 100 الف دولار، هل يفكر البنك المركزي فى مراجعة هذه القواعد مع تحسن مصادر الاحتياطى الأجنبى؟

– رامز: بالتأكيد ننظر إلى جميع القرارات، لكن لا يوجد جديد فى الوقت الحالى بشأنها.

●«المال»: هل يخطط «المركزى» لطرح أى مبادرات لتنشيط تمويل قطاعات اقتصادية معينة، على غرار مبادرة دعم تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التى خفض خلالها «المركزى» نسبة الاحتياطى الإلزامى على قيمة ما يوجه من تمويل لهذه المشروعات؟ والمبادرة الأخرى التى طرحت فى مارس الماضى لدعم السياحة وشملت تسهيلات لتمويل أنشطة الفنادق والمشروعات السياحية وترحيل الاستحقاقات القائمة عليها لمدة عام؟

– رامز: الدراسات لا تتوقف، لكن ليست هناك مبادرات جاهزة فى الوقت الحالى يمكن الحديث بشأنها، وفى اعتقادى أن أهم ما قام به البنك المركزى هو تدعيم الشفافية. الآن يتم الاعلان عن جميع قرارات البنك المركزى بشكل لحظى على موقعه الإلكترونى.

● «المال»: «المركزى» يعلن عن التعليمات والقرارات والتطورات الجديدة التى تخص الجهاز المصرفى، لكن لا يتم الإعلان عن العقوبات التى يتم فرضها على البنوك المخالفة للقواعد، رغم أن عدداً ليس بالقليل من البنوك المركزية العالمية تعلن دوريا عن العقوبات التى يتم فرضها على البنوك فى حال مخالفتها للقواعد المصرفية المعمول بها؟

– رامز: ما يتم الاعلان عنه فى العالم عقوبات خاصة بجرائم ضخمة مثل فضيحة التلاعب بأسعار الليبور فى بريطانيا، أما العقوبات التى تفرض بشأن مخالفات بسيطة فلا يتم الكشف عنها لانها متعلقة باطار العمل اليومى الطبيعى للبنوك المركزية.

هشام رامز محافظ البنك المركزي المصري
محافظ البنك المركزى المصري هشام رامز

العقوبات التى نوقعها على البنوك المحلية لم يتم فرضها بسبب جرائم وانما لمخالفات خاصة بالتقارير المالية المقدمة مثلا ويحدث ذلك جراء إهمال أو ضعف فى الانظمة التكنولوجية الخاصة بها وليس عن سوء نية، أما اذا ارتكبت جريمة قانونية فلا شك سيتم الاعلان عن العقوبة.

● «المال»: هل قدمت بعض البنوك طلبات للحصول على الدولار، مبالغًا فيها، للحصول على حصة أعلى من العطاءات
الدولارية التى يطرحها «المركزى»؟

– رامز: لم يحدث ذلك، البنك المركزي يراجع المبالغ التى يحصل عليها كل بنك ويتابع أوجه استخدامها وإنفاقها، وبالتالى لا يمكن لاى بنك المبالغة فى طلباته المقدمة عبر المزاد.