«القيمة المضافة» على البضائع «كلمة السر» لتعظيم عوائد محور قناة السويس

المقارنة مع الموانئ الدولية يجب أن تخضع لمعايير محلية

«القيمة المضافة» على البضائع «كلمة السر» لتعظيم عوائد محور قناة السويس
جريدة المال

أحمد عاشور

رجب عزالدين

آية رمزي

1:38 م, الأثنين, 15 سبتمبر 14

موانئ روتردام الهولندى، وشنغهاى الصينى، وجبل على الإماراتى، وسنغافورة، تمثل أبرز 4 تجارب شبيهة لمشروع تنمية محور قناة السويس فى العالم، واعتمدت جميعها فى تحقيق التنمية على فكرة كبرى هى تقديم القيمة المضافة للبضائع مع عدم الاكتفاء بتحصيل رسوم مرور السفن.

وأوضح خبراء النقل البحرى، أن القيمة المضافة فى الموانئ السابقة تتنوع بين تغليف بعض البضائع أو تخزيينها أو إعادة شحنها أو تصنيعها بشكل مبدئى حسب احتياجات كل سلعة، مشددين على أن المقارنة مع الموانئ الدولية المشار إليها سلفاً يجب أن تخضع لمعايير محلية، نظراً لاختلاف حجم البضائع المتداول وعدد المستهلكين.

ويتعامل ميناء شنغهاى الصينى، مع أكثر من 30 مليون حاوية نمطية، وهو الميناء الأكثر ازدحاماً على مستوى العالم، ليتفوق بذلك على ميناء سنغافورة الذى يصل بين أكثر من 600 ميناء فى 123 دولة حول العالم.

وأكد الخبراء ضرورة مراجعة الدراسات السابقة التى تم إعدادها لتطوير ميناءى شرق التفريعة والسخنة، ومراعاة متغيرات سوق النقل البحرية العالمية، معولين على أهمية المشروع فى تحقيق التنمية المستدامة للاقتصاد المحلى بشرط تحديث البنية التحتية والطرق والسكك الحديدية بالشكل الذى يتناسب مع حجم البضائع المتوقع مروره عبر “قناة السويس”.

الجدير بالذكر أن ميناء روتردام، ساهم فى جعل هولندا، دولة تجارية ذات أهمية كبرى فى العالم، بسبب تخطيط البلاد لوصل الميناء عبر سكك حديدية بألمانيا تحقيقاً لمبدأ النقل متعدد الوسائط.

وفى هذا السياق، قال هاياكاوا تيتسوشى، ممثل قطاع النقل، المسئول عن التنسيق مع هيئة قناة السويس لدى مكتب وكالة التعاون الدولى اليابانية فى القاهرة،jica ، أن تطوير محور قناة السويس بشكل جيد، يساهم فى تحقيق التنمية المستدامة للبلاد إذا ما تم تنفيذ بعض الشروط، أولها تحديث البنية التحتية، وتوصيل المحور بشبكة طرق إلى جانب سكك حديدية عملاقة.

هاياكاوا تيتسوشى: تطوير المنطقة لابد أن يتضمن إنشاء المناطق الصناعية والفنادق

وأشار إلى أن تطوير المنطقة لابد أن يتضمن إنشاء المناطق الصناعية، والفنادق ويجب ألا يقتصر التطوير على أن تكون منطقة بحرية للسفن فقط.

وأكد أهمية إمداد السفن بالخدمات الملاحية، مع عدم الاكتفاء باستقبالها وإيفادها مجدداً إلى البحر، آملاً أن يتمكن المشروع من تحقيق التنمية الشاملة للمنطقة عبر التوسع فى استثمارات متنوعة فى القطاع الزراعى والصناعى والسياحى.

وقد أدركت هولندا مبكراً أهمية تطوير ميناء روتردام، على مر السنين، اعتمادًا على فكرة القيمة المضافة للبضائع، فقامت ببناء أرصفة جديدة وميناء للأحواض وتدشين يوروبورت تجارية أو بوابة إلى السوق الأوروبية، وإضافة أعداد كبيرة من توربينات الرياح للاستفادة من الظروف الساحلية المكشوفة.

وعوّل تيتسوشى، على ضرورة أن يتم تدشين مكتب للجايكا فى هيئة قناة السويس لمتابعة تنفيذ المشروع بشكل مستمر، وعن قرب، إلى جانب التنسيق مع الهيئة فى المشروعات المشتركة الخاصة بـ”قناة السويس”.

ونشرت «المال» فى حوار الشهر الماضى، مع مسئولى قسم النقل فى الجايكا، أن فبراير المقبل سيشهد الانتهاء من مشروع دراسات توسيع المجرى الملاحى لقناة السويس الذى بدأ منذ عام 2012، لرفع تنافسية القناة، مقارنة بقناة بنما بالإضافة إلى أن الفترة المقبلة ستشهد الاتفاق على مشروع جديد من المتوقع أن يتضمن تدريب بعض الكوادر البشرية.

من جانبه اقترح اللواء محفوظ طه، الخبير البحرى، عدة نقاط أساسية يجب مراعاتها قبل البدء بتنفيذ المشروع ومنها مراجعة وتحديث الدراسات التى سبق إعدادها لمخطط شرق التفريعة الذى أنهى مكتب الاستشارات الألمانى DHV العمل به خلال عام 2008 إلى جانب مراجعة مخطط تطوير ميناء السخنة الذى تم الانتهاء منه منذ 10 سنوات.

اللواء محفوظ طه: المراجعات يجب أن تأخذ فى اعتبارها متغيرات السوق وصناعة النقل البحرى بصفة عامة

وقال إن المراجعات يجب أن تأخذ فى اعتبارها متغيرات السوق، وصناعة النقل البحرى بصفة عامة، والتجارة المحمولة بحراً بصفة خاصة، أو ما يطلق عليها SEA BORN TRADE ، بالإضافة إلى الالتفات إلى المناطق الصناعية التى تنشأ فى ظهير الموانئ مثل المنطقة الصناعية الموجودة قرب ميناء الأدبية، مشدداً على أهمية مراعاة التغيرات التى حدثت وما زالت تحدث على الاقتصاد العالمى.

ولفت إلى أن المشروع يعتمد بشكل أساسى على «البضائع»، ومن ثم يجب أن توضح الدراسات حجم البضائع المتوقع مرورها عبر محور قناة السويس ليتم بعد ذلك تحديد نوعية وعدد الطرق التى يحتاجها المشروع وخطوط السكك الحديدية حتى لا يتم التوسع بإنشاء بنى تحتية غير ذات جدوى خلال الفترة الحالية.

وأشار إلى أن الموانئ، لابد أن تقدم خدمات لوجيستية لها علاقة بالتخزين والنقل على البضائع المنقولة بمقابل مادى يعزز دخل المشروع.

إلا أن «طه» قال إن المقارنة بين تطوير “محور قناة السويس”، والتجارب الدولية الخاصة بموانئ مثل شنغهاى وسنغافورة، يجب أن تخضع لمعايير محلية نظراً لاختلاف حجم البضائع المتداولة بحرياً، والمتوقع مرورها عبر مصر من الصين على سبيل المثال.

فيما أكد اللواء شيرين حسن، رئيس قطاع النقل البحرى، وهيئة ميناء بورسعيد الأسبق، أن الحديث عن أهمية تنفيذ مشروع تنمية محور قناة السويس بصفته مشروعًا لوجيستيًا صناعيًا أساس للتنمية فى محله، ولكنه لم يعد كافياً بعد عام 2008.

وقال إنه بعد عام 2008 تم التوصل إلى خلاصة تجارب الصين، وهونج كونج وسنغافورة وجبل على فى الإمارات، مشيراً إلى ضرورة الحديث عن كيفية الوصول بالمشروع إلى مستويات الدول المشار إليها.

4 نقاط أساسية لإنجاح مشروع تنمية محور قناة السويس

وحدد 4 نقاط أساسية لإنجاح مشروع تنمية محور قناة السويس، أولها إنشاء منطقة صناعية مخصصة للتصدير، وليس منطقة صناعات محلية، لافتاً إلى أن مصر تمتلك مئات المناطق الصناعية على مستوى الجمهورية.

وقال إن إنشاء مناطق صناعية مخصصة للتصدير، يهدف إلى استجلاب الصناعات العالمية مشيراً إلى ضرورة ألا يلتبس الأمر على متخذ القرار بين احتياج بعض المناطق فى الصعيد، وغيرها إلى الصناعات التقليدية، وأهمية أن تتضمن منطقة قناة السويس مناطق صناعية للتصدير.

اللواء شيرين حسن: إنشاء مركز لوجيستى عالمى ضرورة لا بديل عنها

وأضاف أن إنشاء مركز لوجيستى عالمى، ضرورة لا بديل عنها، مشيراً إلى أن البلاد لا يوجد بها مركز لوجيستى عالمى واحد رغم أهميته، وتابع: إن إنشاء مراكز توزيع عالمية داخل منطقة التجارة الحرة يعتبر ثالث مكون أساسى لإنجاح تنفيذ المشروع.

ولفت إلى أن العالم لا يبحث عن مكان تصنيع المنتجات الآن بقدر الماركات العالمية، مستشهداً بتجميع عدد من الماركات المهمة فى دول مثل الصين وكوريا وغيرهما بعد تصميمها فى دولها الأصلية.

وأشار إلى وجود مناطق حرة فى مصر، لكنها غير مزودة بمراكز توزيع، ولذلك لم يحالفها النجاح، لافتاً إلى أن النقطة الرابعة الأساسية لإنجاح المشروع تتمثل فى إنشاء ميناء بحرى عالمى عميق مرتبط بمطار محورى لنقل البضائع، وأوضح أن البلاد لا يوجد بها فى مثل هذا التصور إلا ميناء شرق بورسعيد فى صورته المثالية المخطط لها، وفق قوله.

وأضاف أن عدة محاور فرعية يجب الاهتمام بها بالتوازى مع النقاط الأساسية السابق سردها، وهى: وجود بنية تشريعية مناسبة إلى جانب بنية تحتية لا تعتمد على شبكات الكهرباء والمياه والغاز المصرية الموجودة بالفعل، بل على طرق وكبارى وأنفاق وكهرباء وصرف صحى ومياه وغاز، مع ضرورة ألا تستهلك من المتوفر حالياً والذى يكفى محليًا بالكاد.

المشروعات يجب ألا تؤدى إلى تفاقم العجز الموجود بالفعل فى الموارد

وبرر ذلك بأن المشروعات يجب ألا تؤدى إلى تفاقم العجز الموجود بالفعل فى الموارد، مقترحاً أن تكون مستقلة، وتضيف لما هو موجود من الموارد، لافتاً إلى أن محطة كهرباء بالوظة كانت قد أنشئت من قبل الفرنسيين لتوفر الطاقة لمشروع تنمية محور قناة السويس، إلا أنها الآن جزء من الشبكة المصرية ولم يعد لديها فائض.

وأشار إلى تقديم مجموعة من الشركات المصرية الدعم اللوجيستى والتكنولوجى، وتابع: الحكومة المصرية لم يسبق لها التخطيط لتزويد المستثمرين والشركات العملاقة بما يحتاجون إليه من مقدمى الخدمات.

ولفت إلى أن أى مصنع أو شركة يحتاج إلى شركات أمن ونقل أفراد وتكنولوجيا معلومات وتوظيف وتأمين طبى وإسكان للعمالة ومحاماة، وتابع: ربما تحتاج إلى 28 نشاطًا إضافيًا لا يمكن أن تنجح من دونها.

وحذر حسن من إضافة اجتهادات شخصية إلى المخططات السابقة الخاصة بهذا الإطار، مشيراً إلى أن المقترحات ربما تكون صحيحة، لكنها ليست مناسبة لنوعية المشروع وإصلاحها يحتاج إلى سنوات عديدة.

وقال إنه على الحكومة أن تعى التغير الذى حدث فى مكونات الإنتاج بإضافة عنصرى التكنولوجيا واللوجيستيات إلى العناصر الأساسية، التى تتمثل فى الأرض والثروة والمورد البشرى إلى جانب مراعاة التغيرات التى حدثت فى عالم الصناعة، معبراً عن ثقته فى أن تنفذ الحكومة، بالتعاون مع هيئة قناة السويس “المشروع” كما يجب أن يكون.

وتوقع أن تتم مراعاة ما لم يأخذه الاستشاريون العالميون فى اعتبارهم من خلال مراعاة الموقف السياسى لمصر خلال الفترة الحالية، موضحاً أن الدول التى اختارت مواقف مضادة لسير العملية السياسية، لا يجب الاعتماد عليها فى تنفيذ المشروع.

أعد الملف: محمد فضل وأحمد عاشور وهاجر عمران ورجب عز الدين وآية رمزي