القيادة الديمقراطية سبيل لتحقيق الإبداع الإداري في المنظمات الاقتصادية (دراسة استقصائية)

لتحقيق التميز والنجاح بالمؤسسات

القيادة الديمقراطية سبيل لتحقيق الإبداع الإداري في المنظمات الاقتصادية (دراسة استقصائية)
إبراهيم الهادي عيسى

إبراهيم الهادي عيسى

12:47 م, الأربعاء, 10 أبريل 24

تعد الريادة جوهر العملية الإدارية في المؤسسات المختلفة، سواء كانت عامة أو خاصة، لما لها من دور بارز في تحقيق التميز والنجاح.

بينما توفر القيادة نشاطًا إيجابيًا يؤثر من خلاله الرئيس على سلوك موظفيه من أجل تحقيق أهداف إدارة المنظمة التي ينتمون إليها بشكل أكثر فعالية.

وحاجة المنظمات بكافة أحجامها ومستوياتها لقيادة إدارية فعالة ضرورة ملحة لأن تطبيق الخطط والاستراتيجيات المختلفة مرتبط بأداة توجيهية فعالة تدرك الأسلوب العملي لقيادة وتحريك عوامل الإنتاج، بطريقة يعمل على تدفقها لإعطاء النتائج المرجوة. لذلك فإن القيادة من أهم الوظائف الإدارية التي يمارسها المدير، لأن الخطة بعد وضعها تدخل حيز التنفيذ لتخاطبها العقول والأيدي لتنتهي في الفترة والمرحلة المحددة.

لذلك، أصبحت القيادة معيارًا مهمًا لقياس النجاح الإداري في المنظمات، وأصبحت موضوعًا رئيسيًا في دراسات الإدارة التي تحتل مساحة في كتب إدارة الأعمال والإدارة العامة وعلم النفس. لذلك يسعى القادة الإداريون إلى رفع مستوى أداء الموظف من خلال الأساليب والأساليب القيادية المناسبة، حيث أن الأسلوب الذي يتبعه المدير له تأثير فعال على أداء العاملين ومن ثم على مستوى أداء المؤسسة. (يوسفي و يوب، 2018)

لذلك، فإن معالجة آثار القيادة على الموظفين تكمن في أهمية القيادة الإدارية ومدى الحاجة إليها في مؤسسات اليوم، والتي من خلالها يتم تحسين الموارد المتاحة (عيسى، 2018).

فالقيادة الديمقراطية هي احتمالات أفضل للقيادة التحويلية، مما يسمح بالمدخلات أو المدخلات من الجميع، ويشجع المشاركة في تحقيق الأهداف طويلة الأجل، وقد يكون من الصعب على قائد متحمس وجذاب للعمل بشكل تعاوني، ولكنه قد يكون مرضيًا للغاية، وقد يكون الأكثر نجاحًا لمنظمة إدارة تحويلية، بسبب المستوى العالي للملكية البصيرة، ويعتبر القيادة الديمقراطية والقيادة التحويلية أساسًا أسلوبًا واحدًا للقيادة (الدنا، 2015).

العوامل المؤثرة في سلوك القائد:

يتأثر سلوك القائد بالعديد من العوامل، وهي:

  1. شخصية القائد: كالتعليم والخبرة والتدريب والتعليم والمبادئ التي يؤمن بها وطريقة التعامل والإشراف.
  2. طبيعة المنظمة: كالهيكل التنظيمي والسياسات والإجراءات والحوافز والموارد وأساليب العمل.
  3. فريق العمل: من حيث التجانس، غلبة روح الفريق، والتقارب، والخبرات، والتجانس المهني.
  4. طبيعة المهام: سواء كانت بسيطة أو معقدة، مترابطة أو منفصلة.
  5. الموقف: من حيث طبيعة الموقف المحرج، أو هناك ضغط في العمل أو إلحاح لإنجاز شيء ما.
  6. البيئة الخارجية: مثل العملاء والمرؤوسين والسياسات العامة والمنظمات المنافسة (تفريج أمال وهادي نور الهدى، 2020).

ويرى الكاتب أن قيادة المنظمة هي روحها التي تعتمد عليها فعاليتها واستمرار وجودها، وهي المعيار الذي يتحدد على أساسه نجاح أي منظمة، فالقائد الناجح والفعال هو الذي يستطيع السير بالمنظمة رغم كل الصعوبات، ويجب أن يتميز بكمية من المهارات الفنية والشخصية والإدارية ليحصل على مساعدة كافية في مواجهة جميع المشاكل والعقبات التي تواجهه والمنظمة، ويساعده على إحداث التغيير الذي تحتاجه المنظمة للاستجابة للتغيير الفردي والحاجات الاجتماعية.

القيادة الديمقراطية:

يعتمد أسلوب القيادة الديمقراطية على العلاقات الإنسانية والمشاركة وتفويض السلطة، حيث تعتمد القيادة الديمقراطية على العلاقات الإنسانية السليمة بين القائد ومرؤوسيه، وتقوم على إشباع احتياجاتهم والتعاون بينهم وحل مشاكلهم (مولخلوي إبراهيم ورزالوي طرايقة بارودي ، 2020).

كما تعتمد على إشراك المرؤوسين في بعض المهام القيادية، مثل حل المشكلات واتخاذ القرارات، وبالتالي فهي تعتمد على تقويض سلطة المرؤوسين الذين تعتقد أنهم قادرون على ممارستها بحكم كفاءتهم وخبرتهم، مما يتيح للقائد الديمقراطي الوقت والجهد. للقيام بمهام قيادية مهمة (العقلا، 2019).

يمكن للقيادة الديمقراطية أن تخلق جوًا نفسيًا وموقفًا مناسبًا يحفز العمال على بذل قصارى جهدهم لتحقيق أعلى مستوى من الإنتاج (الشكرجي، 2015).

  ويمكنه أيضًا التوفيق بين مصالح ورغبات الموظفين ومصالح المنظمة من خلال توسيع الدور الذي يلعبه المرؤوسون، وأن إمكانية تحقيق ذلك لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال المشاركة، والتي تتمثل في أخذ القائد للتوصيات الفردية والجماعية والاقتراحات التي يقدمها المرؤوسون، والتي تسهل تحديد الأهداف والمسؤوليات، واتخاذ القرار، وتمكنه من تحقيق التكامل بين الأنشطة المتعددة للإدارات المنظمة (الجندال، 2021).

ومن أهم صفات القائد الديمقراطي الانتباه لآراء الآخرين والاستفادة منها ومساعدتهم على التعبير عن آرائهم وتزويدهم بالمعلومات والإرشادات التي تشجعهم على مناقشة الأمور وتقييمها بمعايير سليمة، دون مجاملة أو خوف، لذلك يقوم بدور فاعل في تطوير الابتكار وتحقيق المشاركة والتعاون وإظهار قدرات وطاقات المرؤوسين (داود، 2020).

ويرى الكاتب أن القائد الديمقراطي يتمتع برضا مرؤوسيه بقيادته، حيث يسعى لجذبهم إليه وتقاسم المسؤولية، وغالبًا ما يظهر هذا القائد كعضو في المجموعة، ولا يركز فقط على سلطاته وموقعه، ولكنه يركز على عضويته في المجموعة بدرجة أكبر.

أنواع القيادة الديمقراطية:

للقيادة الديمقراطية نوعان رئيسيان:

  1. القيادة الجماعية: حيث يشارك في هذا النوع عدد من القادة وتصدر قراراتهم باتفاقهم.
  2. القيادة الفردية بمساعدة المستشارين: حيث لا يتخذ القائد قرارًا إلا بعد استشارة مساعديه للتعرف على وجهات النظر المختلفة ومعرفة جميع الآراء والحلول ثم اتخاذ قرار نهائيًا بعد تشكيله خلفية واسعة للمعلومات من خلال الاستشارات ومساعدة الآخرين (الشكرجي، 2015).

ويمكن تقسيم القادة الديمقراطيين إلى:

  • الزعيم الديمقراطي الذي يتيح درجة من الحرية للمرؤوسين للمشاركة في عملية اتخاذ القرار، حيث يضع المشكلة التي تواجهه أمام مرؤوسيه ويطالبهم بالمشاركة في اتخاذ القرار المناسب.
  • القائد الديمقراطي الذي يضع حدودًا معينة ويطلب من مرؤوسيه اتخاذ قرارات ضمن هذه الحدود، فهو يحدد المشكلة ويرسم أبعادها ويمنح مرؤوسيه درجة من الحرية في اتخاذ القرار.
  • الزعيم الديمقراطي الذي يتخذ القرار بنفسه، لكنه يحرص على إثارة الحوار والنقاش لمعرفة مدى قبول مرؤوسيه لهذا القرار.
  • القائد الديمقراطي الذي يتخذ القرار ثم يعطي الفرصة لمرؤوسيه للمشاركة في تنفيذ القرار.
  • القائد الديمقراطي الذي يتيح لمرؤوسيه حرية كبيرة في اتخاذ القرار ويقتصر دوره على الموافقة عليه، ويمثل هذا النموذج أقصى قدر من حرية التصرف لمرؤوسيه (سامية، 2015).

تقييم القيادة الديمقراطية:

تتفهم القيادة الديمقراطية مشاعر العمال، وتلامس مشاكلهم وتعالجها، وتحاول إشباع احتياجاتهم الإنسانية، مما يولد الرضا والرضا والمعنويات، مما يجعل المنظمات ذات القادة الديمقراطيين أكثر إنتاجية من غيرها، إذ تساعد المشاركة في عملية اتخاذ القرار على ترشيد عملية اتخاذ القرار من حيث تحسين نوع القرار (الشكرجي، 2015).

ويعد إشراك المرؤوسين في وضع الخطط والسياسات والأهداف وفي عملية صنع القرار سماح لهم بالتعبير عن آرائهم والمساهمة باقتراحاتهم مما يؤثر على مستوى أدائهم.

ويؤخذ على القيادة الديمقراطية؛ تخلي القائد عن بعض واجباته القيادية التي كفلتها له منصبه الرسمي، كما يعد أخذ رأي الموظفين غير علمي ويتعارض مع بيروقراطية القادة، فضلًا على أن التركيز على الموظفين لا يؤدي بالضرورة إلى رفع معنوياتهم لأن القائد عندما يصرف انتباهه عن الإنتاج ومسؤوليته عنها يؤثر ذلك على معنويات العمال وإنتاجيتهم.

ويرى الكاتب أن أسلوب القيادة الديمقراطية يعتمد على العلاقات الإنسانية بين القائد ومرؤوسيه، لكن هذه العلاقات لا تؤدي إلى تنازل القائد عن مسؤولياته أو معاملة مرؤوسيه بلطف في جميع المواقف، بل على أساس إشباع الحاجات من الموظفين وخلق التعاون بينهم وحل مشاكلهم والاهتمام بحقوقهم والإصرار على أدائهم للعمل المطلوب منهم.

مصادر قوة تأثير القائد الديمقراطي:

يحتاج القائد إلى عدة مصادر لمساعدته على التأثير في المرؤوسين، من أهمها:

  • قوة التحفيز: تقوم على وعي المرؤوس بأن الامتثال لرغبات القائد سيؤدي إلى الحصول على عوائد معنوية ومادية إيجابية.
  • السلطة الشرعية: هذا النوع من السلطة مستمد من المنصب والوظيفة التي يشغلها القائد في السلم الهرمي للمنظمة، وهي السلطة التي تقوم على أساس قانوني شرعي أو ما يسمى بالسلطة الرسمية التي يتم تفويضها إلى قادة من الجهة الرسمية أو من طبيعة الوظيفة.
  • قوة الخبرة: تقوم على المعرفة والخبرة والموارد والقدرة الفنية والإدارية والسلوكية التي يأخذها الشخص، وتوافر هذه المهارات في القائد سيزيد من احترام وامتثال المرؤوسين له، وكذلك زيادة احترام أقرانه له.
  • قوة الإعجاب: تعتمد على تناسخ المرؤوسين لشخصية القائد، حيث ينالون إعجابهم وتقديرهم له بسبب خصائصه وصفاته الشخصية، أي أن المرؤوس يمكن أن يتأثر بإعجابه للقائد (عيسى، 2018).

وترى الباحثة أنه يمكن للقادة ذوي الرؤية الواضحة خلق المناخ المناسب وخلق الظروف المواتية لتطبيق الإدارة الإلكترونية من خلال اتخاذ قرارات داعمة وتوفير المتطلبات اللازمة لنجاح التطبيق.

القيادة في البيئة التنظيمية:

تُعرّف البيئة التنظيمية بأنها كل ما يحيط بتنظيم المؤسسات والقوى التي تؤثر بشكل مباشر على أدائها، والعمليات التي تقوم بها، بالإضافة إلى مواردها، ويمكن رؤية مدى التأثير من خلال متابعة مدى التغيير في أداء المنظمة ونتائجها، حسب القوى والمؤسسات المحيطة بها، والمنظمات تختلف من حيث بيئة النشاط فيها (الدنا، 2015).

وتواجه بعض المنظمات بيئة ثابتة مع تغيرات طفيفة في القوى المحيطة، بينما تهيمن بيئة ديناميكية نشطة على البعض الآخر، وقد تؤثر بيئة النشاط أيضًا على وجود منافسين جدد، وتجدر الإشارة إلى أن البيئة التنظيمية تشمل جميع العناصر التي تقع خارج حدود المنظمة، وقد تؤثر هذه العناصر على المنظمة ككل أو جزء منها (تفريج أمال وهادي نور الهدى، 2020).

وأصبحت المؤسسات مضطرة إلى مراجعة أساليب إدارتها من أجل التكيف مع البيئة التنافسية التي تؤثر على سلوك العملاء، حيث توفر لهم مجموعة متنوعة من المنتجات وتختار من بينها ما يناسب ذوقهم، في جو تنافسي مناسب في السوق مما يؤهلهم للتفوق على منافسيهم في القطاع الذي ينشطون فيه، ويتطلب التفوق على المنافسين استنادًا إلى ميزة تنافسية حقيقية تعتمد على الهيكل الوظيفي في المؤسسات (الشكرجي، 2015).

ويرى الكاتب أن العالم يشهد حاليًا اهتمامًا كبيرًا بالقدرة التنافسية وطرق العمل زيادتها من خلال الإدارة الرشيدة للمواهب العاملة داخل المؤسسة، فهي لغة العصر والعامل الدافع الذي يتحكم في خطوات الجميع ويحفزهم على العمل وللمزيد من العطاء والإبداع أو لتحقيق التفوق والتميز على أقرانهم ومنافسيهم لتحقيق أعلى مستويات العائد والربح قدرة.

خصائص الديمقراطية في البيئة التنظيمية:

تتلخص خصائص البيئة التنظيمية الديمقراطية فيما يأتي:

  • تعريف البيئة التنظيمية بإطار محدد: يعني أن كل ما يقع داخل وخارج حدود المنظمة يقع في إطار دراسة بيئة منظمة.
  • تبعية البيئة التنظيمية لتأثيرات البيئة: حيث لا يمكن لأي منظمة أن تعيش بمعزل عن البيئة، لأنها تخضع لتأثيراتها وتتفاعل معها، وتساعد في تحديد مستويات الأداء والنمو، وتترك البعض. آثار سلبية عليه.
  • التفرد والتميز: تختلف بيئة العمل لكل منظمة عن بيئة العمل للمنظمات الأخرى، على الرغم من أنها تشترك في العديد من الخصائص معًا، إلا أن مقدار تأثير كل منظمة يختلف عن الأخرى.
  • فاعلية تأثيرات البيئة: حيث يختلف تحليل عوامل البيئة التي تؤثر عليها، يعتمد نجاح المنظمات كليًا على قدرة المنظمة على التحليل العميق للبيئة، سواء كانت البيئة داخلية أو خارجية، بالترتيب لتحديد العوامل ذات التأثير الأقوى على نشاطها.
  • القدرة على التحكم في المتغيرات البيئية: من الصعب السيطرة على التغييرات التي تمر بها المنظمة، لأنها ليست تغيرات فيزيائية مثل: درجة الحرارة أو الجاذبية أو التفاعلات الكيميائية التي يمكن أن تتحكم فيها وتوجهها، ولكن بيئة عمل المنظمة تحكمها العوامل الاجتماعية.
  • والمتغيرات الاقتصادية، والتي يصعب السيطرة عليها بشكل كامل، على الرغم من أن بعضها يمكن التنبؤ به والسيطرة عليه جزئيًا  (الطويل، 2019).

أثر الديمقراطية على تحقيق الإبداع الإداري:

تعمل إدارة الموارد البشرية على ربط الموارد البشرية بالأهداف الإستراتيجية لتحسين مستويات الأداء وتطوير الثقافة التنظيمية مما يسرع من جوانب الإبداع والمرونة، وهذا يعني أن وظيفة إدارة الموارد البشرية هي شريك استراتيجي سواء من خلال تصنيع التنظيم التنظيمي. أو من خلال تنفيذ تلك الاستراتيجيات من خلال ممارسة أنشطة الموارد البشرية المختلفة مثل استقطاب الموظفين واختيارهم وتدريبهم وتعويضهم (العيدروس، 2015).

وبما أن المؤسسات منفتحة على بيئتها وتؤثر فيها وتتأثر بها، فإن التغيير التنظيمي ظاهرة حتمية تخضع لها المؤسسات، ولكن لا يمكن للمؤسسات أن تتجنب التغيير، لذلك يجب أن تقودها، من خلال اتباع مجموعة من المراحل التي تكمل بعضها البعض. وذلك باستغلال أسلوب معين تختاره المنظمة حسب إمكانياتها واستراتيجيتها (سامية، 2015).

وإدارة البيئة التنظيمية شكل من أشكال تحليل السلوك التطبيقي، وتعمل على تطبيق مبادئ علم النفس في كل من السلوك التنظيمي والتحليل التجريبي للسلوك على المنظمات، لتحسين أداء كل من الفرد والجماعة وتحقيق السلامة للعامل. تشمل جوانب التطبيق تحليل الأنظمة والإدارة وبرامج التدريب وتطوير الأداء. تشبه إدارة البيئة التنظيمية إدارة الموارد البشرية، لكنها تركز أكثر على تحليل السلوك التطبيقي ونظرية النظم (يوسفي و يوب، 2018).

ويشهد عصرنا الحالي تغيرات هائلة في معظم مجالات الحياة، حيث ساهم التقدم العلمي والتكنولوجي في زيادة الوعي بمتطلبات المتغيرات والتطورات الحالية والمستقبلية ومواكبة جميع المستجدات، الأمر الذي تطلب من المؤسسات التكيف والتفاعل بشكل إيجابي مع الظروف المحيطة بهم، حيث يسعون إلى التجديد المستمر في الأساليب والتقنيات لمواجهة التحديات والتكيف معها، بدلًا من الجهل ومحاولة تجنبها.

ولا شك أن التنظيم الإداري -في رأي الباحثة- هو وسيلة المؤسسات لتحقيق ذلك، لما له من دور مهم وفعال في تحسين أداء العاملين في هذه المؤسسات وتزويدهم بالمعرفة اللازمة لإتمام العمل، فضلًا عن دوره المهم في إحداث تغييرات هيكلية في المؤسسات لضمان بقائها واستمراريتها.

وحسب دراسة (دينور، 2014) يعتبر تنظيم بيئة العمل من المكونات الأساسية للتطوير المهني المستمر، وهو الركيزة الأساسية لضمان التحسين المستمر لأداء العاملين في المجالات التخصصية والمهنية والثقافية، على أن يكون نظاميًا ومتسلسلًا، حتى يوفر معلومات محدثة تساعد موظفي المؤسسات على تحقيق فعالية داخل مؤسساتهم، مع ضرورة مراجعة تصميم محتويات البرامج التدريبية الحالية التي تنفذها المؤسسات لتلبية احتياجاتها التدريبية المطلوبة.

وقد أصبحت النظرة الحديثة والمعاصرة للمنظمات قائمة على حقيقة أنها ليست مجرد مكان للعمل والإنتاج، بل مكان للتعلم والتطوير واكتساب الخبرة واكتساب مهارات جديدة، كطبيعة التغييرات أن المنظمات التي تعيشها في الوقت الحاضر، سواء كانت تقنية أو تنظيمية، أصبحت مفروضة عليها بضرورة تكييف قدرات الموظفين مع أحدث التطورات من أجل تحقيق تطلعات المنظمات (الدنا، 2015).

وأصبحت الديمقراطية اليوم حتمية لمواجهة تحديات العصر كوسيلة للبقاء والاستمرار، لذلك يجب عليها القيام بالتخطيط للاستثمار البشري الذي يضمن الإدارة الجيدة للموارد البشرية وتدريبها لرفع مستوى الكفاءة والتطوير والمساهمة في تفعيل وتعزيز التغيير في المؤسسة (تفريج أمال وهادي نور الهدى، 2020).

ونظرًا لأن المنظمات منفتحة على بيئتها، فإنها تؤثر عليها وتتأثر بها، مما يجعل التغيير التنظيمي ظاهرة حتمية تخضع لها المؤسسات، ومع ذلك، لا يمكن للمنظمات تجنب التغيير، لذلك يجب أن تقودهم، من خلال اتباع مجموعة من المراحل التي تكمل بعضها البعض، من خلال استغلال طريقة معينة تختارها المنظمة وفقًا لقدراتها وإستراتيجيتها (العقلا، 2019).

ويرى الكاتب أن هذا ما يجعل من الضروري لعب دور للديمقراطية كوسيلة لتطوير كفاءاتها، وبالتالي جعلها مرنة في أنشطتها، مما يؤدي تطبيق التغيير التنظيمي إلى انتقال مستوى المؤسسات من حالة غير مرضية إلى حالة أفضل استجابة لتغيرات العصر.

أهمية البيئة التنظيمية الديمقراطية في تحقيق الإبداع الإداري:

من أكبر التحديات التي تواجه المؤسسات الوطنية حاليًا مدى قدرتها على التأقلم مع التقلبات أو مسايرة التحولات العالمية، وأهم هذه التحولات على الإطلاق ما تحمله الآونة الحالية من انطلاقات سريعة نحو العولمة، مما جعل لها آثارًا مباشرة وغير مباشرة على كل الاقتصادات (السوقي، 2017).

  • دور طرق تسيير المؤسسات ديمقراطيًا في الإبداع الوظيفي:

أصبحت المؤسسات مضطرة إلى مراجعة أساليب إدارتها من أجل التكيف مع البيئة التنافسية التي تؤثر على سلوك العملاء، حيث توفر لهم مجموعة متنوعة من المنتجات، بحيث يختارون من بينها ما يناسب ذوقهم، في منافسة مناسبة أجواء في السوق تؤهلهم للتفوق على منافسيهم في القطاع الذي ينشطون فيه، ويتطلب التفوق على المنافسين على أساس ميزة تنافسية حقيقية تقوم على الهيكل الوظيفي في المؤسسات (سامية، 2015).

ويرى الكاتب أن العالم يشهد حاليًا اهتمامًا كبيرًا بالقدرة التنافسية وطرق العمل على زيادتها من خلال الإدارة الرشيدة للمواهب العاملة داخل المؤسسة، فهي لغة العصر والعامل الدافع الذي يتحكم في خطوات الجميع ويحفزهم على العمل وعلى المزيد من العطاء والإبداع أو لتحقيق التفوق والتفوق على أقرانهم ومنافسيهم من أجل تحقيق أعلى المستويات العائد والربحية.

وتعمل إدارة الموارد البشرية على ربط الموارد البشرية بالأهداف الإستراتيجية لتحسين مستويات الأداء وتطوير الثقافة التنظيمية مما يسرع من جوانب الإبداع والمرونة، وهذا يعني أن وظيفة إدارة الموارد البشرية هي شريك استراتيجي سواء من خلال تصنيع التنظيم، أو من خلال تنفيذ تلك الاستراتيجيات من خلال ممارسة أنشطة الموارد البشرية المختلفة، مثل استقطاب الموظفين واختيارهم وتدريبهم وتعويضهم (الشكرجي، 2015).

ويرى الكاتب أن إدارة المواهب وسيلة المؤسسات لتحقيق ذلك، لما لها من دور مهم وفعال في تحسين أداء العاملين في هذه المؤسسات وتزويدهم بالمعرفة اللازمة لإتمام العمل، فضلًا عن دورها المهم في إحداث تغييرات هيكلية في المؤسسات لضمان بقائها واستمراريتها.

  • دور البيئة التنظيمية الديمقراطية في خلق تآلف بين العاملين والمؤسسة:

أصبحت النظرة الحديثة والمعاصرة للمنظمات قائمة على حقيقة أنها ليست مجرد مكان للعمل والإنتاج، بل مكان للتعلم والتطوير واكتساب الخبرات وتزويدها بمهارات جديدة، كطبيعة التغييرات التي المنظمات التي تشهدها في الوقت الحاضر سواء كانت تكنولوجية أو تنظيمية، أصبحت مفروضة عليها ضرورة مواءمة قدرات الموظفين مع آخر التطورات من أجل تحقيق ما تطمح إليه المنظمات (الدنا، 2015).

وتعد الدوافع والحوافز من أهم المؤثرات التي تلعب دورًا مهمًا وحيويًا في سلوك الأفراد، حيث يمكنهم من خلالها خلق الرغبة في الأداء، ويمكن القول أن قدرة المنظمات على تحقيق أهدافها تعتمد إلى حد كبير على نجاح الإدارة في توفير الحافز الكافي بين الأفراد وتطوير نظام فعال للتحفيز موجه لإثارة الدوافع التي بدورها تدفع العمال إلى الإنتاج و تحقيق الرضا عن هذا العمل مما يؤدي إلى رفع الروح المعنوية ورفع معدلات الأداء (نور، 2017).

بينما تعد الدوافع عاملًا مهمًا في تحديد سلوك الأداء الفردي في العمل، وبغض النظر عن مدى تساوي أو تقارب خبرات وقدرات الأفراد، فإن أحد أسباب الاختلاف في الأداء يرجع إلى قوة رغبة الفرد أو الدافع وراءه، وأداء العمل الذي يمكن أن نسميه “إدارة المواهب” (الشكرجي، 2015).

ويرى الكاتب أن عملية الإنشاء تتكون من المراحل الست التالية: الإلهام والتوضيح والاستخراج (الاختيار) والترشيح (التنفيذ) والتقييم والتطوير، في أي عمل إبداعي، ويجب ممارسة هذه المراحل عدة مرات دون التقيد بترتيب أو وقت معين.

  • أثر البيئة التنظيمية الديمقراطية في إدارة المواهب الوظيفية وخلق الإبداع الوظيفي:

يرتبط نجاح أي منظمة بكفاءة العنصر البشري وقدرته على العمل ورغبته، حيث إن العنصر المؤثر والفعال في استخدام الموارد المادية المتاحة، وتعتمد الإدارة على تعظيم النتائج على ترشيد استخدام المواد المتاحة والموارد البشرية، وقد يكون من الصعب ترشيد استخدام العنصر البشري بسبب تعدد المتغيرات المحددة له، لدرجة تزيد من صعوبة قدرة الإدارة على ترشيد استخدام هذا العنصر، مما جعل المشكلة الرئيسية. تواجه الإدارة في أي منظمة تحديد المتغيرات المحددة لهذا العنصر والتي تنعكس على سلوك هؤلاء الأفراد الذين يمثلون القدرة على العمل للمنظمة (الدنا، 2015).

ويمكن للمدير أن يتنبأ بالاستخدامات السلوكية تجاه التغيير، ومن خلال التنبؤ بردود الأشخاص، ويمكن للمدير تحديد الأساليب التي يكون لدى الأفراد فيها أدنى درجة من مقاومة التغيير، ومن ثم يمكن للمدير اتخاذ قراراته بطريقة صحيحة (تفريج أمال وهادي نور الهدى، 2020).

وهدف تفسير السلوك البشري يتنبأ بالسلوك التنظيمي للموظفين، وقد يكون هذا الهدف هو الهدف الأقل أهمية من وجهة نظر الإدارة، لأنه يحدث بعد الأمر أو الحدث، ولكن بالرغم من ذلك، فإن فهم أي ظاهرة يبدأ بمحاولة الشرح، ثم استخدام هذا الفهم لتحديد سبب السلوك، والاستفادة منه في المستقبل في إدارة المواهب الوظيفية (دينور، 2014).

وتسعى الإدارة بالطبع إلى معرفة السبب لتحديد ما إذا كان يمكن تجنبه في المستقبل، فقد يترك الأفراد العمل لأسباب عديدة، ولكن عندما يتم تفسير ارتفاع معدل ترك الخدمة على أنه نتيجة لانخفاض الأجر أو الروتين، يمكن للمديرين في كثير من الأحيان اتخاذ الإجراءات التصحيحية المناسبة في المستقبل (الطويل، 2019).

وعلى الرغم من أن إدارة المواهب ليست وظيفة يتم أداؤها يوميًا مثل المحاسبة أو التسويق أو التمويل، إلا أنها تتخلل كل وظيفة تقريبًا، على مستوى المؤسسات، وعلى مستوى الأعمال التجارية وعلى مستوى جميع التخصصات، كل فرد يخطط لشغل وظيفة في يجب على أي منظمة، سواء كانت كبيرة أو صغيرة في القطاعين العام والخاص، دراسة وفهم إدارة المواهب لتكون قادرة على التعامل مع الصعوبات وتحقيق المطلوب وتحفيز الآخرين (الدنا، 2015).

وتؤدي عملية إدارة المواهب الديمقراطية إلى اتخاذ قرارات مدروسة، فهي تمثل علميًا جميع جوانب التنظيم الإداري، وهي أهم من عملية التنفيذ وترتبط ارتباطًا وثيقًا بتفكير في العملية الإدارية يجب أن يركز على أسس وأساليب اتخاذ القرار، وكذلك التركيز على أسس وإجراءات تنفيذها، وقد جعل علماء الإدارة اتخاذ القرار الإداري موضوعًا رئيسيًا في دراستهم، وأصبح جزءًا بارزًا في معظم كتب الإدارة العامة وإدارة الأعمال وعلم النفس الإداري (عيسى، 2018).

ويعتبر اتخاذ القرارات الإدارية إحدى الوظائف الأساسية للمدير، وقد وُصفت عمليات اتخاذ القرار بأنها قلب الإدارة، وقد وُصف المدير بأنه “صانع القرار” وأنه قدرته على اتخاذ القرارات وحقه القانوني في جعلها تميزه عن غيره من أعضاء التنظيم الإداري، ومن هنا أصبحت عملية صنع القرار، التي هي محور عملية اتخاذ القرار، محط تركيز العملية الإدارية ومحور العملية الإدارية، ويعتمد مقدار النجاح الذي تحققه أي منظمة إلى حد كبير على قدرة وكفاءة قيادتها في اتخاذ القرارات المناسبة (يوسفي و يوب، 2018).

ويرى الكاتب أن هدف التحكم في السلوك والتحكم فيه يعد من أهم الأهداف وصعوبة، فعندما يفكر المدير في كيفية جعل الفرد يبذل جهدًا أكبر في العمل، يكون هذا المدير مهتمًا بالتحكم في السلوك والتحكم فيه، ومن وجهة من وجهة نظر المديرين، فإن أكبر مساهمة في السلوك التنظيمي هي تحقيق هدف التحكم والسيطرة على السلوك، مما يؤدي إلى تحقيق هدف الكفاءة والفعالية في أداء المهام.

خاتمة:

تؤثر جودة التصميم المعماري والتصميم الداخلي لبيئة العمل من حيث الإضاءة الاصطناعية والألوان والنباتات، وتوافر عناصر الأمن والسلامة في مكان العمل، بالإضافة إلى الأثاث والمعدات، على مستوى أداء العاملين، حيث أن ذلك يجعلهم يشعرون براحة أكبر أثناء العمل، بالإضافة إلى توفير غرف اجتماعات، وأماكن تخزين، وعدد كافٍ من دورات المياه، وأماكن خاصة للراحة وتناول الطعام تؤدي إلى رفع مستوى أداء الموظفين.

نستنتج مما سبق أن بناء الهيكل التنظيمي مهم في بيئة العمل، حيث يؤثر بشكل مباشر على إنتاجية الشركة وقدرتها على التفرد والتميز والفعالية، ويسهم في رفع مستوى أداء الموظف وجودة الخدمات.

المراجع:

  • أشرف جمال الدنا. (2015). أثر نمط القيادة الديمقراطي على النمو المهني لدى الموظفين في البنوك في فلسطين : دراسة مقارنة على البنوك التجارية والاسلامية. غزة: جامعة فلسطين – مجلة جامعة فلسطين للأبحاث والدراسات.
  • أغادير سالم العيدروس. (2015). أخلاقيات المهنة والسلوك الوظيفي. الجيزة: مركز الخبرات المهنية للإدارة “بميك”.
  • تفريج أمال وهادي نور الهدى. (2020). النمط القيادي وأثره على أداء الموظفين. أدرار: كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية والعلوم الإسالمية – جامعة أحمد دراية – الجزائر.
  • ثناء عبد الكريم عبد الرحيم. (2020). وظائف الإدارة (التنظيم/الهيكل التنظيمي). بابل: جامعة بابل – كلية الإدارة والاقتصاد – قسم إدارة البيئة.
  • جبارة سامية. (2015). القيادة الديمقراطية و دورها في إدارة التوتر التنظيمي في المؤسسة التربوية. باتنة: جامعة باتنة – مجلة العلوم الاجتماعية والإنسانية، العدد: 32.
  • حمزة الجبالي. (2016). مبادئ الإدارة الناجحة والتنمية الإدارية الفعالة. القاهرة: عالم الثقافة للنشر والتوزيع.
  • راضية يوسفي، و آمال يوب. (2018). أثر ممارسة مبادئ القيادة الديمقراطية على الرضا الوظيفي للعاملين من وجهة نظرهم بالمؤسسة الوطنية للرخام بقالمة. قالمة: مجلة دفاتر بوادكس، عدد: 9.
  • صوفيا محمد النور عيسى. (2018). القيادة الإدارية وأثرها على أداء العاملين بالتطبيق على شركة سين للغلال المحدودة. الخرطوم: كلية الدراسات العليا – جامعة النييلين – الخرطوم – السودان.
  • عبد المنعم كمال الصادق محمد نور. (2017). القيادة الإدارية وأثرها في أداء العاملين : دراسة ميدانية – بنك فيصل الإسلامي السوداني. شندي: كلية الدراسات العليا والبحث العلمي – جامعة شندي – السودان.
  • عصام الشكرجي. (2015). القيادة الإدارية وأثرها في إدارة الموارد البشرية. عمان: مركز الكتاب الأكاديمي.
  • محمد داود. (2020). إدارة التميز والإبداع الإداري. عمان: ابن النفيس للنشر والتوزيع.
  • محمد عبد الله هذال الجندال. (2021). التوجه بالإدارة الذاتية وأثرها على التميز التنظيمي : الدور الوسيط للتمكين الإداري. الخرطوم: جامعة الخرطوم – كلية إدارة الأعمال.
  • محمد فراج علي العقلا. (2019). أثر القيادة في تطوير المنظمات في القطاع الخاص : دراسة تطبيقية على شركة سدافكو للألغذية والألبان في المملكة العربية السعودية. الطائف: جامعة الطائف.
  • مولخلوي إبراهيم ورزالوي طرايقة بارودي . (2020). دور القيادة الإدارية في رفع أداء العاملين. عين تموشنت: معهد العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير- جامعة بلحاج بوشعيب – الجزائر.